و بَعدَ أن أغلق المحــادَثــة المُضنية كــانت حَوجَتَهُ إلى الإسترخـــاء ضرورة قُصوى أملَتهــا عليهِ أنفـــاسِهِ المتواصِلة بَينَ شَهيقٍ عَميـــــــق و زَفيـــــر كَخِوارِ ثَورٍ يترىئى لِنــاظِرَيهِ مَنظَرُ الزَبحِ , و على كُلٍ لَم يَجِد ضــالَتَهُ إلا في تِلكُم الغُرفــة المَركونـــة في مكانٍ قَصي كعادة بيوت السودانيين , إذ حُكِمَ عليهــا بالنَفي و الحِرمــان مِن الصَخبــاء و ضَجيجُ أهلِ البيتِ , و بالفِعــل تَحَرَك يُجَرجَرُ رِجليهِ إلى تِلكُم الغُرفــة و إختار الإرتِماء إلى وَحشتهـــا عَلَهـــا تؤآنِس وَحشَتَهُ و مــا أن وَصَلهـــا قــابلَتهُ بالأشواق و الحَنين و هيّ مَن شــآرَكَتهُ أيــامُ الدِراسة في مُعــاناتِهِ و سَهَرِهِ .. و يبدو أن قُلوب البَشَرِ أحياناً تَكونُ أشدُ قَسوَةً مِن الجمــادات و لكِن بطَبعِهِ الحَنين بــادَلها الحُب و الأشواق و بعد السلام و طراطيش الكَلام ســألُهــا أن هيئ لــي نَفسِك فــاليَومُ جِئتُكِ و كُلي أملٌ في ان تَكوني فـــالُ الخَيرِ على نَفسي كما في ســابِقِ عَهدِك أيــامُ الدِراسة و كَم أتمنى إن لَم تُغَيرُكِ الأيــام و لا فعـــائِلُ البَشَر التي أدهَشَت بــاقي المَخلوقــات , و كما عادتُهــا لَم تتمَنَع و لَن تتصَنَع و ضمتهُ إليهــا انّي ملجــأُك و أنيسَتُك و كــاتِمَةُ أسرارِك الأمينة فخُذ ما تتمنى مِن الراحــةُ بين جَنَبــاتي و أن إرتَكِن إلى ذات السَرير الذي كُنتَ تستَلقي فيهِ إبان زنقــة الإمتِحـــانات فهوَ لَن يَخونُكَ أبداً , و كــانَ لهُ أن إستلقى على ظَهرِهِ و بدأ في التَفكيـــر العَميق و مـــا بَينَ تمنيـــاتِهِ في أن يُجَرِب حَقيقة الحُب و مـــا بَينّ حَديث و وَصية والِدِهِ حينمــا كانَ يُغــادِرُهُم لأوّلَ مرةٍ إبان دُخولِهِ الجامِعة أن ( يا وَلَدي كان دايرني أكون عــافي مِنَك و رَضيــان عَليــك أبعِد لي مِن البنات , الحُب , السياسة و أيي مَنشَط بيصَفِقوا ليك فيهو الناس و رَكِز فقط على دِراستَك .... ) ... و هُنـــا جُلّ مـــا يَهُمنـــا البَنـــات و الحُب ..
و أصبَحَ في مَضجَعِهِ مُحاوِلاً إيجاد إجابات مَنطِقية لوصية والِدِهِ المُعقدة المعــاني و هوَ مَن إمتَثَلّ لهـــا فنــالَ مــا أراد الحمدُ لله و إستطرَد في ذِكراه إحدى الزَميلات و كُلّ ما يَعرِفُ عَنهــا إسمُها رَزان و تَدرُس بقِسم الهَندَسَةِ المِعمارية بالمستوى الثــاني و كانَ يَعلمُ حينهــا بأنّ شيئاً غيرُ طَبيعياً يجذُبُهُ تِجاهها و هي تُبادِلُهُ نفسَ ذلِكُم الشعور و الإحساس و لكِنها فقط تمَنت أن يُبادِرُهــا بأبسَط شئ ألا و هوَ السلام و التحــايا و البـــاقي حَتماً ستــأتي بِهِ الأقدارُ حَتماً و لكِن الإمتِثال لوَصية والِدِهِ جعلهُ يَختــار المُعــاناة أمام سِهــام عَينيهــا حينما يتقابلان في الكفتيريا أو في الطَريق إلى رئاسة الأقســام , و إمتدَت رِحــلة البَحث عن ( لِماذا مَنعني والدي مِن البنات و الحُب ) كــانت كَثيراً مــا تُشغِلَ بالِهِ و الآن عَلهُ يستَريـــح مِن هذا التِسفار المُضني بإختيــار شَريكــة يتطَلَعُ في لَهفة لِسمــاع أخبار موافقَتَهـــا على شراكتِهِ عُشّ الزوجيـــة الذي كانَ يَرسِمَ لهُ في خيالاتِهِ تصوراتٍ تتعدى حُدو كُلّ شئ تَقليدي و بِكُلِ تــأكيد فهوَ يحمِلُ شَخصية مُتمَرِدة و كَثيراً ما يُقــاتِل لأجل إثبات بــانّ التقاليد هدامة و يَجِب تَركُ ما لا يُليق بِنا مِنها و الإستفادةُ مِن المُفيد فيهــــا ... و أخيراً إسترَقَتهُ أيدي النَوم و هوَ يُدندِن و يُهديهـــــــا
مِن بعدِ مــا عَزّ المزار ..
والليل سها و ملت نجومه الإنتِظــار ..
والشوق شرِب حُزن المواويل وإنجَرَح خاطر النهار ..
وبفيت أعاين في الوجوه ..
وأسأل عليك وسط الزحام قبال أتوه ..
إمكن ألاقي البشبهك ..
ما الليل براح والشوق تعالي بيندهك ..
شايلاه وين النيل معاك ..
عصفورة جنحاته النجوم وأنا بي وراك ..
بسأل عليك مدن مدن ..
وأعصر سلافة الليل حزن ..
بسأل عليك في المنفى في مرفأ السفن ..
إمكن طيوفك أخريات الليل تمر ..
تملا البراحات للحزين طول العمر ..
ما نحنا بينا الأمنيات والتضحية ..
بينا المعزات والعزابات في الحياة ..
بين الهوى إخلاص على قلبي إنكوى ..
وكلام كتير قلناه آخر الليل سوى ..
إنو راح نتلاقا لو طال النوى ..
لكن كلامنا الكان وكان ..
خايف يكون شـالو الهـوى ..
كــان يُحَدِثُ نَفسَهُ بالحُب و المشــاعِريــات و أن حيـــاة الجَفاف العــاطِفي و سِنينها التي إعتَرَت حياتِهِ قَد وَلَت أيامَها و أنهُ لزمانُ الفَتح القَلبي ( The Conquest) و لَكِنهُ كان يُدرِك أنهُ سوفَ ستَكثُر الآلام العِشقية حتى تَكتَمِل الحِكمة مِن الإندِماج العاطِفي و الروحــي و لكِنهُ قَبِلَ التَحدي على نَفسِهِ و وعَدها بــان يُقَدِم مِن التَضحيات و التنــازُلات مــا لَم يَفعَلُهُ قَط معَ شَخصٌ آخَر , و بدأ يَشعُر ببرودة الشِتاء في عِز صَيف الخُرطوم تِلكُم المَدينة الصــآخِبة تَعصِف بِقَلبِهِ حتى الإرتِجــاف كيفَ لا و الحَديثُ الآن عَن الحُب و الإلتِهاب المَشاعِري و خَفقــان القَلب للمَحبوبة و الشَريكة التي رَسَم لهــا أُمنيات و حُب بِهِ مِن الطاقات ما لهُ القُدرة في أن يُذيب جَليد القُطبين القــابِعَين بيَن شَخصيتيهِمــا , و على كُلٍ الحَديث عَن الحُب و حِكمة الإندِماج بَين الشَريكين و الوُصول لِما يُعرَف بالرضى و القناعة عما يُمَثِلهُ الطَرَف الآخَر تُضجِع أفئِدة المُحِبين في بدايةِ الطَريق و لكِن كما و أسلَفنا فجمــالُ النِهايات و حَلاوة تَحقيق الغــايات بِكُلِ تــاكيد لهي كَفيلة بــان تَمحو آثــار غُبار الحُزن مِن على قــارِعَة طَريق العــاشِقين , و لَم يَنسى بــأن يَرسِم اللوحة الأولية لقواعِد التوافُق النِسبي بَينَ الشَريكين التي ستُمخِرُ بِكِلَيهُما نَحو بَر الأمان الأُسَري و الإستِقرارية الإجتماعية و لكِن كَيفَ البِدايات التي دائِماً ما تَكونُ صَعبة و مُضنية كَيفَ لا و هُمـــا تَربيا في بيئات تَربوية مُختَلِفة و كُلٌ مِنهُما تَشَبَع بِمَوروثــات ثَقافية و أخلاقية مُختَلِفة عن الآخَر و لكِن الشئ الأكيد بــأن لا قواعِد و لا مبــادِئ أساسية في الحُب ...
إذاً فَهو مُتعَطِش ليروي ظمــآهِ مِن حَنانِهــا و إنسانيتِهِ المُرهَفة و شَخصيتِها الملائِكية سَيَرسِمــان ملامِح التوصُل في مُقبِل الأيام ليملأُهـــا الحُزن المُدقع و الأمل الجَميــل في غَدٍ مُشرِق و ذو ألوان نَرجِسية و مــا اللَيلُ إلا قِطعَةٌ كَونية تُغطي على أحزان العــاشِقين الحُنـــان و أُهديهــــــــــــــــــــا هاهُنــــــــــا ...
كان نفسى قولك من زمان
بالكاتمو فى سرى ومكتم
فى حشاى مدسوس سنين
كان نفسى قولك من زمان
بالشايلو فى عينى معزة وفى القلب
ريدا يخاف الغربة والشوق والحنين
زاملنى زى خاطر الفرح
وكتين يقاسم الهم عذاب
وقتين مدامعى تكون جزا
وتفتح مباهج الليل ظنون
*****************************
كان نفسى قولك من زمان
سطوة محاسنك عندى ما كسرة جفون
وكت العيون تعبرنى زى خاطر المسا
سطوة محاسنك ما الرخام الفى الحرير
وكت الثغير يفجعنى بى حرفاً قسا
سطوة محاسنك عندى وكتين كبريائك ينهزم
لى طيبتى بى لفظة حنان
وكتين مشاعرك تنسجم فى عمرى
تنفح قلبى بى رعشة امان
سطوة محاسنك عندى وكتين شوقى يصبح فى هواك
.. ليل عزة ما بتعرف هوان
***************************
كان نفسى قولك من زمان
عينيك وحاتك غربتى وأهلى
وبلادى الفيها ضائع لى زمن..
عينيك وحاتك شوقى لى زولا ولوف..
من بعدو ساب عينى سهن
وأنا كنت دايرك من زمان
أشرح حكايتى معاك الِـف
أحكيك وأزيد القول ولف
وأتمنى لو قلبك عرف كان من زمان
من قبل مافى قلبى يتحكر
زمان الفرقة فى جرح لأسى
من قبل ما حرف الحقيقة الحلوة يتبدل عسى
ويصبح امانى كتيرة فى خاطر الحنان
كان نفسى اقولك من زمان
...و لكِن كَيفَ البِدايات التي دائِماً ما تَكونُ صَعبة و مُضنية كَيفَ لا و هُمـــا تَربيا في بيئات تَربوية مُختَلِفة و كُلٌ مِنهُما تَشَبَع بِمَوروثــات ثَقافية و أخلاقية مُختَلِفة عن الآخَر و لكِن الشئ الأكيد بــأن لا قواعِد و لا مبــادِئ أساسية في الحُب ... إذاً فَهو مُتعَطِش ليروي ظمــآهِ مِن حَنانِهــا و إنسانيتِهِ المُرهَفة و شَخصيتِها الملائِكية سَيَرسِمــان ملامِح التوصُل في مُقبِل الأيام ليملأُهـــا الحُزن المُدقع و الأمل الجَميــل في غَدٍ مُشرِق و ذو ألوان نَرجِسية و مــا اللَيلُ إلا قِطعَةٌ كَونية تُغطي على أحزان العــاشِقين الحُنـــان و أُهديهــــــــــــــــــــا هاهُنــــــــــا ...
لقد شدت انتباهى هذهـ الجزئية ..
فيها من الحكمة ما يكفى بأن لا يكون هنالك قواعد اساسية للحب ..!!