روايه التضحيه الكبري تأليف إجاثا كريستي

يشمل كل المواضيع المتنوعة والحيوية والمنقولة و الغير مصنفة.

المشرف: بانه

صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

روايه التضحيه الكبري تأليف إجاثا كريستي

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

من اليوم تابعوني حابي أحكي رواية التضحية الكبرى من تأليف أجاثا كريستي الرواية مثيرة وبتمنى تعجبكم لكن الأهم تابعوني .نبدأ >>

قابلت صوفيا ليونيدس لأول مرة في مصر قبيل الحرب العالمية ..

كانت تشغل منصبآ هامآ في أحد المكاتب التابعة لوزارة الخارجية البريطانية وكانت صلتي بها في البداية مجرد صلة عمل ، ولكني ما لبثت بعد فترة قصيرة أن تبينت ما لها من مواهب وصفات مميزة أهلتها للإضطلاع بمسؤليات ذلك المنص الهام رغم أنها لم تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها .
كانت على قدر كبير من الجمال والذكاء ، وكان يطيب لي حديثها فتوثقت بيننا أواصر الصداقة وصرنا نخرج معآ لتناول العشاء ..
وللرقص في بعض الأحيان .
إستمرت هذه الصداقة إلى أن وضعت الحرب أوزارها ،وصدر الأمر بنقلي إلى منصب في الشرق الأقصى ،وحينئذ إكتشفت أنني أحبها،وأنني أتمنى أن أتخذها زوجة لي ..
إكتشفت ذلك ونحن نتناول طعام العشاء معآ في فندق [شبرد]ولم يدهشني هذا الإكتشاف ، فقد كان بمثابة إعتراف بحقيقة أعرفها منذ وقت طويل .
ونظرت إلى صوفيا بعين جديدة ،ولكني لم أر فيها غير ما ألفت رؤيته والإعجاب به ..الشعر الأسود الغزير يتوج رأسها ،والعينين الزرقاوين الصافيتين ، والأنف الصغير ،والذقن البارزة التي تدل على قوة الإرادة .
وكنت قد لاحظت بعد كل الأحاديث الصريحة التي دارت بيننا عن آرائنا وأصدقائنا أن صوفيا لم تذكر كلمة واحدة عن أسرتها ..
كات تعرف كل شيئ عني .. وأنا لا أعرف عنها شيئآ .. ولكني لم أفطن إلى هذه الحقيقة قبل تلك الليلة ... وسألتني صوفيا فيم أفكر فأجبتها :فيك .
_أحقآ ..؟
_إنني لا أعرف متى سأعود إلى إنجلترا ، ومن المحتمل جدآ أن يمر عامان قبل أن نلتقي مرة أخرى ..وقد كنت الآن أفكر في أن أول ما سوف أفعله عقب عودتي ..هو أن أذهب إليك لأطلب يدك .
فإستقبلت النبأ في هدوء ،ولم يخفق لها هدب ،وإستمرت تدخن دون أن تنظر إلى حتى خيل إلي أنها ربما لم تفهم ما أعني .
قلت لها :إنني مصمم على ألا أطلب يدك الآن ..لأن ذلك يكون ضربآ من الغباء أولآ لأنك ربما ترفضين فاذهب حزينآ كسير القلب :وقد يدفعني اليأس إلى أن أربط مصيري بمصير مخلوقة تافهة ..وثانيآ لأنك إذا وافقت فأنني لا أعرف ماذا نستطيع أن نفعل بعد ذلك ..هل نتزوج فورآ ونفترق غدآ ؟أم نعقد خطوبتنا وننتظر إلى ما شاء الله ؟ إنني لا أريدك إذا ما قابلت رجلآ آخر أن تشعري بأنك مرتبطة بي ..نحن نعيش الآن فترة محمومة ،يتزوج فيها الناس بسرعة ،ويطلقون بسرعة وأنا أريد لك أن تعودي إلى ذويك حرة مستقلة ،لكي تنظري حولك في دنيا ما بعد الحرب ، وتقرري ماذا تريدينه منها ..وإذا قدر لنا أن نتزوج ،فإنني أريد لزواجنا أن يدوم ..
_لقد فهمت وجهة نظرك يا تشارلس..وفي إستطاعتك أن تأتي لزيارتي عندما تعود إلى إنجلترا..ذلك إذا لم تكن قد عدلت عن رأيك .
_هذا ما لن يحدث .
_لا تجزم بأمر يا تشارلس.إن أتفه شيئ قد يبدد أعز الأحلام ويطيح بأجمل الأمنيات ..ثم أنك لا تعرف شيئآ عني ..أليس كذلك؟
_الواقع أنني لا أعرف حتى عنوانك في إنجلترا.
_إنني أقيم في ((سونيلي دين)).
وكنت أعلم أن سونيلي هي أبعد ضواحي لندن ، وبها ثلاث ساحات كبيرة للعب الجولف ،يختلف إليها رجال المال والأعمال لممارسة هوايتهم المفضلة .
وإستطردت صوفنيا وهي مستغرقة في التفكير .
_..في بيت صغير مشوه..
ولاحظت دهشتي فقالت تردد أغنية معروفة من أغنيات الأطفال .
_ ((..وكان ثلاثتهم يعيشون في بيت صغير مشوه..)).
هذا البيت الصغير كله أبراج ..ونحن جميعآ نقيم فيه..
_هل لك أسرة كبيرة ؟
_كبيرة !! إنها تتألف من أخ وأخت وأب وأم وعم وزوجة عم ،وجد ..وزوجته ،وشقيقة للجدة .
فصحت مبهوتآ ..
_يا إلهي !!
فضحكت وقالت :والجميع يعيشون في كنف الجد ..وهو رجل في الثمانين من عمره لا يزيد طوله على مائة وخمسين سنتيمتر ..ولكنه رجل يتضاءل أمامه كل الرجال .
_لا بد أنه له شخصية قوية.
_نعم ..إنه يوناني من أزمير ودعى أرستيد ليونيدس .
ثم غمزت بعينها وإستطردت قائلة :وهو واسع الثراء .
_وهل سيكون في الدنيا أثرياء بعد هذه الحرب .
_إن جدي ثري وسيظل ثريآ مهما وضعوا من قيود على رؤوس الأموال .إنه يعرف كيف يقلم أظافر من يحاول أن يقلم أظافره .
وصمتت قليلآ ثم أردفت قائلة :
_إنني أتساءل ..ترى هل ستحبه !!
_وهل تحبينه أنت ؟!
_أكثر من أي إنسان آخر في هذه الدنيا *
إترك ولو تعليق حتى لا أشعر بالملل في المشاركة لأن الرواية طويلة جدآ
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 2 إفتراق ولقاء

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

ومر عامان قبل أن أعود إلى إنجلترا..

.....
عامان طويلان كنت خلالهما أكتب إلى صوفيا وكانت تكتب إلى ..
كنا نتراسل لا كعاشقين يتطارحان الحب . وإنما كصديقين عزيزين يجدان متعة في تبادل الآراء وتسجيل إنطباعاتهما مما يعرض لهما في حياتهما اليومية .. ولكني رغم ذلك كنت أعلم أن مشاعري نحوها لم تتغير ،وكان لدي من الأسباب ما يحملني على الإعتقاد بأن مشاعرها هي أيضآ لم تتغير .
وقد وصلت إلى إنجلترا في يوم غائم من أيام شهر سبتمبر ، وكان النسيم عليلآ ، وأشعة الشمس الغاربة تصبغ أوراق الشجر بلون الذهب .. فأرسلت من المطار البرقية التالتية إلى صوفيا :
"وصلت الآن ،هل تتناولين معي طعام العشاء في التاسعة مساء بمطعم ماريو ؟"
‎‏' تشارلس‏'‏
وبعد ساعتين ، كنت أتصفح جريدة "التايمز"( ركز الآن فمن هنا ستبدأ القصة ) فوقع بصري في صفحة الوفيات على النعي التالي :
"تنعي بريندا ليونيدس ببالغ الحزن والأسى زوجها أرستيد ليونيدس الذي توفي في ( سونيلي دين ) يوم 19سبتمبر :إيلول: عن خمسة وثمانين عامآ " .
وتحت هذا النبأ مباشرة ،قرأت الإعلان التالي :
"ينعي أولاد أرستيد ليونيدس المأسوف عليه عميد الأسرة الذي توفي فجأة بقصره (القبات الثلاث بضاحية سونيلي دين ،والعزاء بكنيسة ' سانت آيلدريد ' )بالضاحية المذكورة " .
وأدهشني هذا " الإزدواج " في نشر النعي ، ورددته إلى خطأ مطبعي من جانب الجريدة ..وأرسلت إلى صوفيا على الفور هذه البرقية ..
( علمت في التو واللحظة نبأ وفاة جدك ، تقبلي عزائي ..متى سأستطيع مقابلتك ؟ ) .

وأجابت صوفيا ببرقية وصلتني في السادسة مساء بعنوان عند أبي ، وقد جاء بها .
"سأكون بمطعم ماريو في الساعة التاسعة "‎‎
‎صوفيا
* * *
كان مجرد التفكير في أنني سأراها كافيآ لأن يشد أعصابي ،فلم أستقر على حال إلى أن دنا موعد اللقاء فذهبت إلى مطعم ماريو في الساعة الثامنة وأربعين دقيقة وتأخرت صوفيا عن الموعد نحو عشرين دقيقة أخرى ،وكان ظهورها مفاجأة لي تختلف عما توقعته ،فقد كانت ترتدي ثوبآ أسود ،وعلى الرغم من أن ذلك كان أمرآ طبيعيآ ،إلا أنه فاجأني إذ لم أتصور قط أن صوفيا ترتدي ثوب الحداد حتى من أجل أعز الناس عليها .
تناولنا بعض أقداح الكوكتيل ،وتناقلنا أنباء أصدقائنا في القاهرة وتحدثنا طويلآ في أمور كثيرة لا أهمية لها ، ولكن الحديث أزال ما كنا نشعر به من حرج ، ولما عبرت لها عن أسفي لموت جدها قالت إن موته لم يكن متوقعآ ،ثم عادت إلى الحديث عن القاهرة وبدأت أشعر بالقلق فقد خيل إلي أن أحاديثنا تفتقر إلى الصراحة والإخلاص وخطر لي أن صوفيا ربما عرفت رجلآ آخر ظفر بقلبها من دوني ..
أو لعلها إكتشفت أنها أساءت فهم حقيقة مشاعرها نحوي .وقد ظللت نهبة الشك والقلق إلى أن حمل إلينا الخادم أقداح القهوة فحينئذ ذاب الجليد دون أي محاولة من جانبي وجدتني أجلس بجوار صوفيا أمام مائدة صغيرة في أحد المطاعم كسابق العهد بنا ..( منتديات عقيل عطارد *** عالم بلا نهاية )
كما لو كنا لم نفترق طوال العامين الآخرين ، فهتفت بإسمها في همس :
_صوفيا !
_تشارلس !!
قالت ذلك بالصوت العذب الذي رجوت أن أسمعه ،فتنهدت بإرتياح وهتفت قائلآ : أخيرآ !!
وإبتسمنا .
فسألتها متى سنتزوج ؟
فتلاشت الإبتسامة عن شفتيها وأجابت :
_لا أعلم يا تشارلس ..بل لست على يقين من أنني سأقترن بك يومآ ما .
_لماذا يا صوفيا ؟هل ترين أنني تغيرت وأنك بحاجة إلى بعض الوقت لكي تألفيني ؟هل تحبين شخصآ آخر ؟
فهزت رأسها ببطء وأجابت : كلا .
وإنتظرت مزيدآ من الإيضاح فقالت على الفور :
_بسبب موت جدي .
_ماذا تعنيين ؟ أن موته لا يغير شيئآ .. وإذا كنت تفكرين في موضوع المال فإن ..فقاطعتني :
_كلا ..لست أعني ذلك .
وإستطردت بعد قليل وعلى شفتيها إبتسامة يائسة :
_أنا أعلم جيدآ أنك ستقترن بي حتى ولو لم أكن أملك درهمآ واحدآ ..ومع ذلك فإن جدي لم يفقد أمواله وقد ترك ثروة كبيرة .
_إذن ؟!
_المسألة هي أنه لم يمت كما يموت سائر الناس ..وأنا أعتقد أنه قتل .
_وماذا يحملك على هذا الإعتقاد يا صوفيا ؟
_أنا لست الوحيدة التي تعتقد ذلك .. لقد رفض الطبيب توقيع شهادة الوفاة .. وسيجري تشريح الجثة . وهذا دليل على أن هناك بعض الشك .
ولم يكن في نيتي مناقشتها فإنها من الذكاء بحيث تعرف ما تقول .. قلت لها :
_هذا الشك ربما لا يقوم على أساس . وحتى لو كان على أساس فما علاقته بنا ؟
_ هل أنت واثق مما تقول .. هل نسيت أنك تعمل في السلك الدبلوماسي . وأن إختيار الزوجة عامل أساسي له تأثيره على مستقبل الرجل الدبلوماسي ؟ أنا أعرف الإجابة التي تتحير على شفتيك وتريد أن تنطق بها .. ولكني أرجوك ألا تفعل ..إنها إجابة يمليها واجب الأدب والمجاملة .. وربما كانت بالنسبة إليك تعبر بصدق عن حقيقة شعورك وتفكيرك .. وأنا أقرك عليها من حيث المبدأ . ولكني إمرأة تعتز بكبريائها .ولا تريد لزواجها أن يتعرض للقيل والقال..أو أن يتطلب منك تضحية أو شبه تضحية ..وعلى كل حال فإنه من المحتمل جدآ أن ينتهي الأمر بسلام .
_هل تعنين أن الطبيب ربما كان مخطئآ ؟
_على فرض أنه لم يخطيئ وكان هناك قاتل من الخارج فإن الأمر سوف ينتهي بسلام .
ولم أفهم ما تعني فمضت تقول :
_كان رهيبآ ما ذكرته الآن ..أليس كذلك ؟ولكني أرى أن الصراحة أجدى وأفضل .
وأدركت السؤال الذي يتحير على شفتي ، وأجابت عليه قبل أن أنطق به ، فقالت :
_كلا يا تشارلس ،لا أستطيع أن أزيدك إيضاحآ ،بل ربما أكون قد قلت لك فعلآ أكثر مما ينبغي .. إنني ما جئت الآن إلا لكي أقول لك أننا لن نستطيع أن نقطع برأي في أمر زواجنا قبل أن يماط اللثام عن سر مصرع جدي .
_ألا تزيدينني إيضاحآ يا صوفيا ؟
_كلا يا تشارلس ..فلست أريدك أن ترى الأمور من وجهة نظري .يجب أن تنظر إلينا بلا تحيز ..كأي إنسان غريب لا صلة له بنا من قريب أو بعيد .
_وكيف أستطيع ذلك ؟
فتألقت عيناها الزرقاوان وقالت :ستعرف من أبيك .
وكنت ونحن في القاهرة قد ذكرت لصوفيا أن أبي يعمل نائبآ لمدير [إسكتلنديارد] وكان لا يزال يشغل هذا المنصب .
وأزعجتني عبارتها الأخيرة ،وسألتها :
_هل الأمر بهذا السوء؟
_أطن ذلك ..هل ترى الرجل الذي يجلس وحيدآ أمام المائدة بالقرب من الباب ؟يبدو أنه أحد رجال الشرطة .
_يخيل إلى ذلك ..
_إنه كان على رصيف محطة [سويتلي دين ]عندما ركبت القطار إلى لندن .
_هل تعقبك ؟
_نعم ..وأكبر الظن أننا جميعآ تحت المراقبة .لقد ألمحوا لنا بأن من الأفضل ألا نغادر البيت ولكني جازفت لكي أراك .
وصمتت لحظة ثم إستطردت قائلة :
_لقد خرجت من نافذة الحمام وهبطت على أنابيب الماء ..
_يا إلهي ؟؟
_ولكن البوليس كان ساهرآ .. ولا شك أنهم قرأوا البرقية التي بعثت بها إلى .. مهما يكن الأمر فها نحن هنا معآ ..وذلك هو المهم .( منتديات عقيل عطارد***عالم بلا نهاية )ولكن من سوء الحظ أنه يجب من الآن أن يلعب كل منا دوره على إنفراد ، أنت من جانبك وأنا من جانبي ..وأقول من سوء الحظ لأننا ما زلنا متحابين .
_أصغي إلي يا صوفيا ،أننا،أنت وانا _قد عشنا معآ حربآ عالمية ،ورأينا معآ الموت عن قرب ،فلا معنى الآن لأن يؤدي موت رجل عجوز ..بهذه المناسبة ..كم كان عمره؟
_خمسة وثمانون عامآ ..
_تمامآ ..كما ذكرت صحيفة التايمز ..لقد بلغ من السن عتيا ..ومات بسب الشيخوخة .
_ذلك ما يجب أن يقرره أي طبيب يعرف واجباته .
_لو أنك عرفت جدي ..لأدهشك أن يموت لأي سبب كان.. *

في إنتظار الحلقة القادمة3 ..
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 3 تحليلات الجريمة

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

كنت دائمآ أهتم بالتحقيقات البوليسية التي يشرف عليها أبي ،ولكني لم أتوقع أن يثير أحد هذه التحقيقات إهتمامي لأسباب شخصية ...
.

.ولم أكن قد رأيت أبي منذ عودتي ،فإنه لم يكن بالبيت عندما وصلت إليه وإغتسلت وإستبدلت ثيابي وإنطلقت للقاء صوفيا .
ولما عدت من هذا اللقاء أنبأني جلوفر_كبير الخدم_بأن أبي في مكتبه ..فذهبت إليه ،ووجدته منهمكآ في قراءة أوراق أمامه،ولم يكد يراني حتى إنبعث واقفآ وهتف مرحبآ .
_تشارلس!!هأنتذآ أخيرآ !!
كان ذلك أول لقاء بيننا منذ خمس سنوات .وعلى الرغم من أن ترحيبه بعودتي لم يتجاوز هذه الكلمات الثلاث،إلا أن تأثره لم يكن أقل من تأثري .
كان قل منا يحب الآخر ويفهمه تمامآ.
قال هو يسكب الشراب في كأس :
_لدي هنا بعض الويسكي ..فاشرب منه كفايتك ..يؤسفني أنني لم أكن بالبيت لكي أستقبلك عند عودتك ..ولكني مثقل بالعمل ..ولم أكن بحاجة إلى القضية المزعجة الجديدة التي منيت بها اليوم ..
فسألته :هل تعني قضية أرستيد ليونيدس ؟
فتفرس في وجهي لحظة ،ثم قطب جبينه وسأل :
_ماذا حملك على أن تقول ذلك يا تشارلس ؟
_ألست على صواب ؟
_كيف علمت ؟
_من أحد المصادر .
فظل يحملق في وجهي إنتظارآ لمزيد من الإيضاح فقلت :
_من مصدر موثوق به .
_ما هذا المصدر ؟
_قد لا يسرك أن تعرفه ..ولكن لا مناص من أن أفضي إليك بالحقيقة ..إنني تعرفت على صوفيا ليونيدس في القاهرة وأحببتها وأعتزم الإقتران بها .وقد قابلتها الليلة وتناولنا طعام العشاء معآ .
_هنا؟في لندن؟كيف فعلت ذلك؟لقد طلبنا إلى أفراد الأسرة_بأدب طبعآ _ألا يبرحوا البيت .
_أعلم ذلك .ولكنها خرجت من نافذة الحمام وهبطت على أنابيب الماء .
فإرتسمت على شفتيه إبتسامة وقال :
_يخيل إلى أنها فتاة ذكية .(ههه جدع )
_هو ذلك ..ولكن البوليس لم يغفل عنها ،فقد تبعها أحد رجالك إلى المطعم ..ومن المحقق أنه سيذكرني في تقريره إليك..وسيقول أن صوفيا ليونيدس هربت من البيت وقابلت شابآ أسود الشعر والعينين طوله 175سنتيمترآ..يرتدي ثوبآ رماديآ ...إلخ.
فرمقني أبي بنظرة فاحصة وقال :
_حدثني يا تشارلس..هل أنت جاد في مشروع الزواج ؟
_نعم ..يا أبي ..
فأطرق برأسه مفكرآ ولزم الصمت.
سألته:هل يضايقك ذلك؟
_إنه ما كان يضايقني لو أنني علمت به منذ أسبوع .فالأسرة كريمة .والفتاة سترث ثروة طائلة..أما في الظروف الحالية..
_ماذا؟
_من المحتمل أن لا تجري الأمور على ما تهوى لو..
_لو..؟
_لو ثبت أن القاتل من غير أفراد الأسرة ..
وأثارت هذه العبارة فضولي..فلقد سمعتها مرتين في تلك الليلة .
سألته :ماذا تعني ؟
فرمقني مرة أخرى بتلك النظرة الفاحصة وقال:
_ماذا تعرف بالضبط عن القضية ؟
_لا شيئ.
_لا شيئ ؟ألم تحدثك الفتاة عنها؟
_كلا ..قالت أنها تفضل أن أنظر إليها بلا تحيز .كأي غريب لا صلة له بالأسرة .
_ليتني أعلم لماذا ..
_أليس السبب واضحآ ؟
فلم يجب ،ونهض عن مكتبه ،وراح يذرع أرض الغرفة جيئة وذهابآ وهو مطرق برأسه ،ثم سألني فجأة:
_ماذا تعلم عن هذه الأسرة يا تشارلس؟
_أعلم أنها تتألف من الجد ومجموعة من الأولاد والأحفاد والأقارب والأنسباء..ولكني لا أعرف تمامآ صلة كل منهم بالآخر.حبذا لو زدتني معرفة بهم.
فعاد إلى مقعده أمام المكتب وقال:
_حسنآ..سأبدأ من البداية..لقد جاء أرستيد ليونيدس إلى إنجلترا وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
_كان يونانيآ من أزمير..
_آه.أتعلم ذلك؟
_نعم ،هذا تقريبآ هو كل ما أعلمه عنه.
وفي هذه اللحظة ،فتح باب الغرفة ،وأطل منه جلوفر ليعلن قدوم المفتش تافرنر..فقال أبي:
_إنه المفتش المنوط بتحقيق القضية .سأسمح له بالدخول ..لقد تحرى عن الأسرى وأصبح يعرف عنها أكثر مما أعرف.
فسألته عما إذا كان البوليس المحلي في ضاحية (سوينلي دين)هو الذي طلب معونة إسكتلنديارد.
فأجاب:كلا..إن سوينلي دين تقع في نطاق علمنا ،لأنها من ضواحي لندن .
وكنت أعرف المفتش قافرنر منذ سنوات عديدة ،فشد على يدي بحرارة،وهنأني بالخروج سالمآ من الحرب ..فقال له أبي:
_كنت أحدث تشارلس عن أرستيد ليونيدس .فأرجوك أن تصحح معلوماتي إذا أخطأت .
ثم إلتفت إلى وقال:جاء ليونيدس إلى لندن سنة 1884م ،وإفتتح مطعمآ صغيرآ في حي (سوهو)وحالفه التوفيق فادخر بعض المال،وإفتتح مطعمآ آخر ثم مطعمآ ثالثآ..وهكذا حتى أصبح يمتلك سبعة أو ثمانية مطاعم تعمل كلها بنجاح.
فقال تافرنر:
ومن عجب أنه لم يقع طوال هذا الوقت في أي خطأ .
وإستطرد أبي قائلآ:
_كان رجل أعمال بالغريزة،وما لبث أن حول إهتمامه إلى مطاعم لندن غير المعروفة.فراح يبتاعها ويعيد تنظيمها ..ثم بدأ يهتم بتجارة المواد الغذائية على نطاق واسع.
فقال تافرنر:
_كان إهتمامه موزعآ في مجالات كثيرة ..كتجارة الملابس المستعملة،والمجوهرات المقلدة..
فسألته:
_هل كان محتالآ؟
فهز المفتش رأسة وأجاب:
_كلا..كان فطنآ ذكيآ يعرف كيف ينفذ من ثغرات القانون ولكنه لم يرتكب قط ما يوقعه تحت طائلة العقاب.
(**منتديات عقيل عطارد**)
كان إذا بدأ عملآ،إستغل قصور القوانين التي تحكمه،فإذا تدارك المشرعون هذا القصور،ترك هذا العمل إلى عمل آخر ..وهكذا..وإستطاع بذلك أن يجنى أرباحآ طائلة حلال سنى الحرب.
فقلت:
_يخيل إلى أنه كان شخصية مقيتة.
فأجاب أبي :
_بل كان على العكس من ذلك ..صحيح أنه كان من حيث المطهر قزمآ دميمآ..ولكنه يتمتع بشخصية جذابة حببته إلى النساء.وقد وفق في زواجه إذ إقترن بإبنة رجل محترم من تجار الفقراء.
_زواج مصلحة طبعآ..
_بل زواج حب،أنها قابلته ذات ليلة بينما كانت تشرف على إعداد مأدبة لمناسبة خطوبة إحدى صديقاتها فأحبته وصممت على الإقتران به رغم معارضة ذويها..ذلك لأنه كان لبقآ ظريفآ..بينما كانت هي تعاني من السأم والملل في بيت أسرتها .
_وهل كان الزواج سعيدآ؟
إلى أبعد حدود السعادة..رغم أن أصدقاءهما قاطعوهما..إذ لم يكن المال قد أزال الفوارق بين الطبقات بعد،ولكنها لم يعبأ بقطيعة الأصدقاء..وشيدا بيتهما في "سوينلي دين"وعاشا سعيدين..ورزقا بأولاد كثيرين.
_كما في الأساطير!!
_لقد كان ليونيدس موفقآ غاية التوفيق حين وقع إختياره على سوينلي دين ولم يكن في هذه الضاحية،سوى ساحة واحدة للجولف ولكنها أخذت تزدهر،وتتخذ طابع الضواحي الراقية..وكان أهلها يتألفون من السكان الأصليين الذين يقيمون فيها منذ وقت طويل ويعنون أسذ العناية بحدائقهم..ومن رجال المال والأعمال الذين يتوقون إلى التعامل مع ليونيدس ،وهكذا أتيحت لليونيدس وزوجته فرصة لإختيا من يروقهم من الأصدقاء..وعاشا في سعادة تامة إلى أن أصيبت الزوجة بإلتهاب رئوي وتوفيت في سنة 1905م.
_وتركت لزوجها ثمانية أولاد..أليس كذلك؟
_لقد مات أحد هؤلاء الأولاد وهو طفل وقتل إثنان في الحرب العالمية الأولى،وتزوجت إحدى الفتيات وهاجرت إلى إستراليا حيث توفيت ..وقتلت فتاة أخرى في حادث سيارة،وماتت فتاة ثالثة منذ عام أو عامين..ولم يبق على قيد الحياة سوى الإبن الأكبر ويدعى روجر وهو متزوج ولم يرزق بأولاد وإبن آخر يدعى"فيليب"وهو متزوج من ممثلة معروفة وله منها إبنتان،إحداهما هي صوفيا التي حدثتني عنها،والثانية تدعى جوزيفين..وولد يدعى أوستاش.
_وهل يقيمون جميعآ في بيت "القباب الثلاث"؟
_نعم.كان روجر يقيم في لندن..ولكن قنبلة سقطت على بيته على بداية الحرب فهدمته..فإنتقل إلى بيت "القباب الثلاث".
وفي هذا البيت تقيم أيضآ الآنسة أديث دي هافيلاند"شقيقة الزوجة الأولى لأرستيد ليونيدس..وكانت أديث تكره أرستيد وتحتقره،فلما ماتت أختها،رأت من واجهها أن تقبل دعوة أرستيد حين دعاها للإقامة عنده والإشراف على تربية الأولاد.
فقال المفتش تافرنر:
_كانت تحترم واجباتها ولكنها لم تكن من أولئك الذين يغيرون آراءهم في الناس،فظلت تحتقر ليونيدس وتدين وسائله وأساليبه.
فقلت:
_صفوة القول أن البيت حافل بالناس..فمن تظنه القاتل؟
فهز المفتش كتفه وأجاب:
_إنني لم أقطع برأي بعد..ذلك سابق لأوانه..
_أراهن على أنك تعرف القاتل..أذكره لنا بصفة خاصة أيها الصديق ..نحن لسنا في المحكمة.
_نعم ..نحن لسنا في المحكمة ومن المحتمل ألا نذهب إليها أبدآ.
_هل معنى ذلك أن العجوز لم يقتل؟
_بل أنه قتل..ولكن جرائم القتل بالسم تتشابه كلها في تعذر إقامة الدليل ..وأن تكن القرائن كلها تشير إلى شخص بعينه.
فصحت:
_هو ذا إعتراف صريح بأنك تعرف القاتل.
_قلت أن هناك قرائن قوية..ولكن لا يوجد دليل..أنا لست على يقين.
فنظرت إلى أبي ملتمسآ معونته فقال ببطء:
_جرت العادة في جرائم القتل أن يكون أوضح الحلول هو في الغالب أصوبها ولعلك لا تعلم يا تشارلس أن ليونيدس إتخذ لنفسه زوجة أخرى منذ عشرة أعوام .
_وهو في الخامسة والسبعين من عمره ؟
_نعم ..وكانت الزوجة الجديدة في الرابعة والعشرين من عمرها.
فلم أتمالك من أن أصفر بشفتي دهشة وقلت:
_وأي نوع من النساء هي؟
_فتاة صغيرة محترمة وجميلة كانت تعمل مضيفة في أحد مشارب الشاي.
_هل هي التي تحوم حولها أقوى الشبهات؟
فأجاب تافرنر:
_طبعآ..إنها في الرابعة والثلاثين..أخطر فترة في حياة المرأة،وهي مولعة بالترف..وفي البيت شاب في مقبل العمر يعمل مدرسآ للأولاد..ولم يشترك في الحرب بدعوى أنه مريض بالقلب ،أو ما يشبه ذلك.
_وما نوع السم الذي إستخدم في الجريمة؟
هل هو الزرنيخ.
_كلا..إننا لم نتلق بعد تقرير معمل تحاليل المواد السامة..ولكن الطبيب يعتقد أن السم الذي إستخدم في الجريمة هو "الإيزيرن".
_إنه سم غير مألوف..وأعتقد أنه ليس من الصعب معرفة الشخص الذي إشتراه.
_هذه ليست المشكلة..فصاحب "الإيزيرن"هو ليونيدس نفسه..وكان يستخدمه كقطرة لعينيه.
فقال أبي:
_كان ليونيدس مريضآ بالسكر.وكان يحقن بالأنسولين بإنتظام ..والأنسولين يباع عادة في قنينة صغيرة صغيرة لها سدادة من المطاط ،والطريقة المتبعة هي أن تملأ الحقنة بمادة الأنسولين من خلال السدادة ..ثم يحقن المريض .
_فهمت ..كانت القنينة التي إستخدمت في يوم الحادث مليئة بالإيزيرن بدلآ من الأنسولين ..أليس كذلك؟
_تمامآ.
_ومن الذي يحقن ليونيدس؟
_زوجته الشابة.
وهنا فقط فهمت ماذا كانت صوفيا تعني حين قالت أن الأمر سوف ينتهي بسلام إذا كان القاتل من خارج الأسرة.
سألت:
_وهل الأسرة على وفاق مع زوجة ليونيدس؟
_كلا..إنهم لا يتبادلون الحديث إلا نادرآ.
كان كل شيئ يبدو واضحآ ،فالقرائن كلها تأخذ بتلابيب الزوجة الشابة ..ورغم ذلك كانت تبدو على المفتش تافرنر دلائل الشك والتردد.فسألته:
_يخيل إلى أن هناك ما يقلقك.
فأجاب:
_نعم..فثمة شيئ يتعذر علي فهمه..إذا كانت الزوجة هي الجانية حقآ..فلماذا لم تبادر إلى إستبدال قنينة الإيزيرن بأخرى تحتوي على أنسولين؟كان من السهل عليها أن تفعل ذلك.
_هل يوجد أنسولين بالبيت؟
_يوجد كثير من القناني المليئة والفارغة ..ولو قد فعلت لما لاحظ أحد شيئآ ..ذلك لأن الإيزيرن لا تظهر له أعراض أو آثار على جثة الميت،وكل ما حدث في هذه القضية أن الطبيب فحص محتويات القنينة التي حقن منها ليونيدس لكي يتحقق مما إذا كان أنسولين.
فقلت:
_يخيل إلى أن الزوجة الشابة أما ذكية جدآ..أو غبية جدآ..
_هل تعني..
_أعني أنها ربما إعتمدت على أنكم لن تعتقدوا أن القاتل يمكن أن يكون على هذه الدرجة من الغباء بحيث لا يبادر إلى إستبدال القنينة التي تحتوي على السم بأخرى تحتوي على الأنسولين..هل هناك إحتمالات أخرى يا مستر تافرنر أعني هل تحوم الشبهات حول أي شخص آخر؟
فتصدى أبي للإجابة على هذا السؤال وقال:
_من الناحية العملوة..جميع أفراد الأسرة تحوم حولهم الشبهات.فإن البيت لم يخل قط من رصيد الأنسولين يكفي لأسبوعين..ولم يكن أيسر من ملء إحدى القناني بالإيزيرن ووضعها مع قناني الأنسولين ..والإنتظار حتى تستخدم في أحد الأيام.
_وهل صيدلية البيت في متناول الجميع؟
_إنهم لا يغلقون صندوق العقاقير..وقناني الأنسولين مرتبة به في صف واحد..والصندوق نفسه موضوع في الحمام .
_والدافع إلى الجريمة؟
فتنهد أبي وأحاب:
يا عزيزي تشارلس..إن ليونيدس كان واسع الثراء.صحيح أنه أعطى ذويه كثيرآ من المال..ولكن يحتمل أن يكون أحدهم أو بعضها قد طمع في المزيد.
_ويحتمل أن يكون هذا الطامع هو أرملته.
_ولكن صديقها..هل هو غني .
فأجاب تافرنر:
_إنه أفقر من فأر الكنيسة.
ولفت نظري هذا التشبيه،وتذكرت فجأة أغنية الأطفال التي رددت صوفيا مقطوعة منها.
"كان هناك رجل مشوه..
"يسير في طريق مشوه..
"فوجدا بيتآ مشوهآ،على حافة قناة مشوهة..
"وبالبيت كانت قطة شوهاء..قد إصطادت فأرآ مشوهآ..
"فعاش ثلاثتهم معآ..في البيت المشوه؟"
سألت تافرنر:
_ماذا كان إنطباعك عن مسز ليونيدس الشابة؟ما رأيك فيها؟
ففكر تافرنر طويلآ قبل أن يجب:
_ليس من السهل معرفة إمرأة من هذا الطراز ..إنها هادئة جدآ..وديعة جدآ..ولكن من المعتذر معرفة ما يدور بخلدها..كل ما أستطيع أن أقوله ..هو أنها مولعة بالترف والحياة الرغدة..وقد ذكرني مرآها بقطعة خاملة مدللة..ولكن هذه الأوصاف لا تقدم ولا تؤخر..إن ما نحتاج إليه هو الدليل
(**منتديات عقيل عطارد**)
وكنت أرى هذا الرأي ..
أن ما نحتاج إليه،هو الدليل على أن مسز ليونيدس الشابة سممت زوجها .
كانت صوفيا تريد هذا الدليل..وكذلك تافرنر..وأنا فإذا وضعنا أيدينا على هذا الدليل..ظهرت الحقيقة وإستقامت الأمور.
والمشكلة هي أن صوفيا لم تكن واثقة من شيئ..
_وكذلك تافرنر..وأنا*
صورة العضو الرمزية
السنبلاية
مشاركات: 16000
اشترك في: الأحد 2010.3.28 1:46 pm
مكان: ود مدنى

رد: الحلقة 3 تحليلات الجريمة

مشاركة بواسطة السنبلاية »

صرحة القصة ممتعة .. و هااا انا موجودة هنا لانتظر البقيقة ..

تحياااتى ..
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 4 القباب الثلاث

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة ٤القباب الثلاثة
في اليوم التالي،ذهبت مع تافرنر إلى البيت ذي القباب الثلاث..كان موقفي عجيبآ ..أو على الأقل ،غير مألوف

كنت في بداية الحرب أعمل في المخابرات بإدارة مكافحة الجاسوسية،وكان في إستطاعتي عند الضرورة أن أزعم أنني شرطي،أما الآن فإن الموقف يختلف تمامآ.
كان أبي قد قال لي في الليلة السابقة:
_إذا أردنا أن ننجح في حسم هذه القضية .فيجب علينا أن نبدأ من الداخل..وأن نعرف كل شيء عن أفراد الأسرة،وإذا كان هناك إنسان يستطيع موافاتنا بالمعلومات التي نريدها فهو أنت.
فلم أتمالك نفسي من الشعور الإستياء وأجبت:
_معنى ذلك أن أعمل جاسوسآ؟
_إنني أحب صوفيا.وأعتقد أنها تحبني..فكيف أستغل هذا الحب للتسلل بين أفراد الأسرة والبحث عن أسرارهم !!
فهز أبي كتفيه وقال بشيء من الضيق:
_لا تنظر إلى الأمور بطريقة أصحاب الحوانيت الصغيرة.هل ترتاب في أن تكون صديقتك قد قتلت جدها؟
_أنا واثقآ من أنها لم تقتله .
_ذلك رأيي أيضآ ..ولكن ثمة شيء مؤكد..هو أنك لن تقترن بهذه الفتاة طالما أن القضية لم تحل،وطالما أن الشك يحوم حول كل فرد من أفراد الأسرة ..
وهذه الجريمة من الجرائم التي قد لا تصل يد العدالة إلى مرتكبها..ومن المحتمل أن تتحول ريبتنا في الأرملة وصديقها إلى يقين..ولكننا نجد أنفسنا رغم ذلك عاجزين عن عمل شيء..لأننا لا نملك الدليل .
نحن حتى هذه اللحظة لا نستطيع أن نوجه إليها أي إتهام هل فهمتني ؟
_نعم..ولكن..
غير أنه لم يكلف نفسه عناء الإصغاء إلي ومضى يقول :
_أليس من الأفضل في هذه الحالة أن تعرض الموقف على صوفيا بوضوح وتستطلع رأيها ؟
*منتديات عقيل عطارد*
* * *
وهكذا ذهبت مع المفتش تافرنر والضابط لام لزيارة البيت ذي القباب الثلاث .وإخترقت بنا السيارة ساحة الجولف المترامية أمام البيت .
*منتديات عقيل عطارد*
***
كانت صوفيا قد وصفت البيت بأنه مشوه ،وقد وجدت عندما وقع بصري من ذلك أصدق وصف له ..
لم يكن بيبآ ذا ثلاث قباب كما أسموه..فقد أحصيت إحدى عشرة قبة ..يتألف منها منظر عجيب..
كان البيت أشبه بنبات شيطاني برزت أغصانه في كل إتجاه بلا نظام قال المفتش تارفرنر وهو يتأمل البيت :
_بيت غريب..أليس كذلك؟ولكنه مؤثث كأفخم القصور العصرية .
ولم يتسع لي الوقت للإجابة ،فقد رأيت صوفيا تخرج من الباب الرئيسي،وما أن وقع بصرها علي حتى هتفت:
_أنت؟
فأجبت:
_نعم..هل أستطيع التحدث إليك؟
فترددت لحظة قبل أن تتخذ قرارآ ،ثم أومأت إلي أن أتبعها:
وسارت بي في الجديقة إلى مقعد خشبي بين الأشجار وهناك جلست،ودعتني إلى الجلوس بجوارها،وقالت وهي تنظر بعيدآ:
_حسنآ؟؟
ولم يكن في صوتها ما يشجع...
ولكني تحدثت إليها في صراحة وإسهاب،وأصفت إلي بإهتمام،حتى إذا فرغت من حديثي ،تنهدت وقالت:
_إن أباك رجل حكيم.
_هذه فكرته..وأنا شخصيآ لا أقره عليها.
_إنها فكرة وجيهة..ولعلها الوسيلة الوحيدة للوصول إلى نتيجة.
إن أباك يفهم وجهة نظري أكثر مما تفهمها أنت يا تشارلس أنه ليهمني جدآ أن أعرف الحقيقة.
_من أجل مستقبلنا؟إنها لن تقدم أو تؤخر بالنسبة إلينا.
_ليس من أجل مستقبلنا فقط يا تشارلس..إنني لم أجسر على مصارحتك بالحقيقة أمس..الحقيقة هي أنني لم أشعر بالخوف.
_الخوف؟
_نعم..الخوف إن القاتل على ما يعتقد البوليس،ويعتقد أبوك،وتعتقد أنت هو بريندا ..زوجة جدي.
_جميع القرائن.
_هذا صحيح..ولكني عندما أقول أن"بريندا هي القاتل"..أشعر بأنني لا أعبر عما أعتقده ..وإنما أعبر عما أتمناه.
_هل تظنين أن..
_أنا لا أظن شيئآ..ولكني أشعر في قرارة نفسي بأن بريندا،ليست المرأة التي تجازف بإرتكاب جريمة كهذه.إنها أعقل وأبعد نظرآ من أن تفعل ذلك.
_على فرض أنك على صواب..فما قولك في لورانس بروان؟الشاب الوثيق الصلة بها.
_لورانس؟أنه أخوف من أرنب.
_من أدراك؟
_الواقع...أن أحدآ لا يستطيع أن يجزم بشيئ..فنحن كثيرآ ما نخدع بالظواهر .ولكني مع ذلك لا أعتقد أن بريندا قد إرتكبت الجريمة ..إنها خلقت لتعيش في حريم أحد الأثرياء..فهي تحب الترف والحياة الناعمة ..تحب الجلوس طوال الوقت على أريكة مريحة..وتحب أكل الحلوى وإرتداء الثياب الجميلة والمجوهرات الثمينة ،وقراءة القصص والإختلاف إلى الملاهي ودور السينما..هذه هي الحياة المثالية بالنسبة إليها ..وأستطيع أن أضيف إلى ذلك أنها كانت تحب جدي رغم فارق اكسن بينهما..ولا بد أنه كان يشعرها بأنها المحظية المفضلة في حريم السلطان..كان رجلآ عجيبآ دا قدرة مذهلة على إجتذاب قلوب النساء ولا أظن أن الشيخوخة قد أضعفت مواهبه في هذا الصدد.
_قلت منذ لحظة أنك تشعرين بالخوف..لماذا؟
فأجابت بصوت خافت:
_لأن هذه هي الحقيقة..والأمر الذي أريدك أن تعرفه هو أننا أسرة غريبة تتألف من أفراد قساة القلوب..ولكنها قسوة تختلف عن حيث الشدة والنوع بإختلاف الأشخاص..
ولا بد أنها لاحظت من قسمات وجهي مبلغ دهشتي مما سمعت فإستطردت قائلة:
_سأوضح لك ما أعني ..إليك مثلآ جدي ..لقد حدثنا ذات يوم كيف أنه قتل بخنجره رجلين في أزمير لمجرد الظن بأنهما تعمدا إهانته..قال لنا ذلك ببساطة كما لو كان قتل رجلين مسألة تافهة لا تستحق الندم أو التكفير.
كذلك كانت جدتي إمرأة جامدة العاطفة..نشأت بين صيادي الثعالب الذين لا يعرفون الرحمة فيما يتصل بالشرف ولا يتورعون عن قتل أقرب الناس إليهم برصاصة من بنادقهم لأتفه الأسباب..فورثت صفاتهم وتبعت بطباعهم.
_ألست تبالغين في رسم هذه الصورة القاتمة لذويك؟
_كلا..إن الإنسان يستطيع أن يكون شريفآ ومجردآ من الرحمة في ذات الوقت،ولكن أمي تختلف عن الآخرين إنها لطيفة ولكنها أنانية إلى يثير فزعي في بعض الأحيان.
أما كليمنسي،زوجة روجر،فإنها لا تعيش إلا لأبحاثها العلمية المعقدة،وتتمتع ببرود غير طبيعي وغير إنساني،على عكس زوجها..فإنه رجل لطيف دمث الخلق ولكنه إذا غضب تحول إلى شيطان مريد.
وأما أبي..وصمتت لحظة ..ثم قالت:
_وأما أبي..فإنه يعرف كيف يتحكم في مشاعره بحيث لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يدور بخلده أو يعتمل في قرارة نفسه ولكنه يثير قلقي ومخاوفي في كثير من الأحيان.
_هل أفهم من هذا أن كل فرد في أسرتك يستطيع إرتكاب جريمة قتل؟
_نعم..وأنا مثلهم؟
_أنت؟؟
_ولم لا؟إنني أشعر أحيانآ بأنني أستطيع أن أقتل إنسانآ.
وصمتت قليلآ ثم أردفت:
_فضحكت على الرغم مني،وإبتسمت صوفيا وقالت:
_ربما كنت حمقاء..المهم أننا يجب أن نميط اللثام عن الحقيقة وأن نعرف من الذي قتل جدي.
آه..حبذا لو كانت بريندا هي القاتلة.
وفجأة.إتجه تفكيري إلى بريندا.وشعرت نحوها بالعطف والإشفاق..*
(**منتديات عقيل عطارد**)
الحلقة القادمة5
‎إشتباه في تسمم
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

رد: الحلقة 3 تحليلات الجريمة

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

إن شاء الله / بس خليكي متابعة
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 5 إشتباه في تسمم

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة 5 إشتباه في تسمم

رأيت سيدة طويلة القامة تقبل نحونا بخطى سريعة فقالت صوفيا في همس

_وها هي الخالة أديث.
وإقتربت الخالة فنهضت واقفآ،وقالت صوفيا تقدم كلا منا إلى الآخر .
_أقدم إليك تشارلس هيوارد يا خالتي..هذه خالتي مس دي هافيلاند يا تشارلس.
كانت أديث دي هافيلاند تناهز السبعين ..قد خط الشيب شعرها،ولوحت الشمس بشرتها.
وسألتني وهي تحملق في وجهي بفضول:
_كيف حالك يا مستر هيوارد؟لقد سمعتهم يتحدثون عنك،ويبدو أنك قادم من الشرق هل أبوك بخير؟
_نعم..شكرآ لك.
_إنني عرفته وهو طفل..وكنت كذلك أعرف والدتك أنك قريب الشبه منها..هل جئت لمساعدتنا أو لعكس ذلك؟
فأحسست بالحرج وأجبت:
_أرجو أن أكون ذا فائدة لكم..
فأومأت برأسها علامة الرضى وقالت:
_هذا حسن ..إن البيت يعج برجال الشرطة ..إنهم يبحثون في كل مكان..ولبعضهم وجوه بغيضة ونظرات شريرة.
_إن"ناني" تبحث عنك..لتعدي السمك فصاحت صوفيا:
_يا إلهي!! كدت أن أنسى..سأذهب إليها فورآ..
وإنطلقت مسرعة في الطريق إلى البيت وسرنا في أثرها ببطء.
قالت العجوز:
_لو لا ناني لضعنا جميعآ..إنها الإخلاص مجسدآ،وهي تضطلع بكافة الأعمال،تغسل الثياب وتطهو الطعام وتدير شئون البيت..إنها خادمة لا مثيل لها في هذه الأيام..وأنا التي إخترتها..منذ أعوام كثيرة.وإنحنت بسرعة لتلتقط حشرة علقت بذيل ثوبها..ثم إعتدلت وقالت:
_أود أن أصارحك يا تشارلس هيوارد بأن هذا الحادث قد ضايقني كثيرآ،إنني لا أطالبك بأن تذكر لي وجهة نظر البوليس ؛لأنه لا يحق لك أن تذكرها،ولكني من ناحيتي لا أتمالك من الشعور بالألم كلما فكرت في أن أرستيد قد مات مسمومآ،بل وأتألم لمجرد التفكير في أنه مات..أنا لم أكن أحبه،ولكني لا أستطيع أن أتصور أنه مات.لقد أصبح البيت بدونه خاويآ.
ولاحظت أن أديث دي هافيلاند تريد أن تفضو ببعض ذكرياتها فلزمت الصمت:
قالت:
_لقد جئت إلى هذا البيت منذ أكثر من أربعين عامآ..جئت عقب وفاة أختي..وتلبية لرغبة أرستيد..كانت أختي قد تركت له سبعة أولاد لا يزيد عمر أصغرهم عن عام فلم أشأ أن أترك أمر تربية هؤلاء الصغار لهذا الرجل اليوناني أفلم أكن على حق؟صحيح أن أختي مارشيا قد أخطأت بزواجها من هذا الأجنبي،ولكني كنت أشعر دائمآ أن هذا الرجل الفظ الدميم لا بد قد سحرها بطريقة ما،وإحقاقآ للحق أقول أنه أطلق يدي وترك لي حرية العمل فهيأت للأولاد الخدم المربيات والطعام الجيد ولم أطعمهم قط ذلك الأرز المقيت المطهو بالتوابل الذي يحبه أبوهم.
_وهل بقيت معهم حتى بعد أن كبروا؟
_نعم،وقد يبدو ذلك عجيبآ ولكن هذا ما حدث،وأعتقد أنني بقيت حبآ في الحديقة،وأيضآ من أجل فيليب.إن الرجل الذي يقترن بممثلة .لا يستطيع أن يزعم أنه له زوجة وبيتآ..وإني لأتساءل لماذا تلد الممثلات؟إنهن يتركن أولادهن وينطلقن للتمثيل في دبلين أو جلاسجو..أو في أقصى الأرض.ولكني أعتقد أن فيليب قد أحسن صنعآ حين قرر الإقامة هنا مع كتبه.
_ما هي مهنته؟
_إنه يكتب..ولا أعلم لماذا ،فلا أحد يقرأ كتبه التي يسجل فيها أحداثآ تاريخية لا تهم أحدآ..هل قرأت له؟
فأجبت سلبآ.فاستطردت قائلة:إن مصيبة فيليب أنه يملك أموالآ طائلة .ولو كان بحاجة إلى قوت يومه لبحث عن عمل جاد.
_وهل يربح كثيرآ من كتبه؟
_ذلك أعجب ما في الأمر،فبعض الناس يعتقدون أنه حجة في حقبة من حقبات التاريخ..بيد أنه ليس بحاجة إلى أرباحه من الكتب،فقد أراد أرستيد الإفلات من الضرائب وخاصة ضريبة التركات فمنح أولاده مبالغ طائلة تؤمن مستقبلهم..وكان نصيب فيليب بضع مئات من آلاف الجنيهات.أما أخاه روجر فقد أسند إليه أرستيد إدارة الشركة المتحدة للمواد الغذائية ،وأما صوفيا وجوزيفين وأوستاش فإن لكل منهم إيرادآ لا بأس به من ربع الأسهم والسندات التي أودعت بأسمائهم.
_هل معنى ذلك أن موت الجد لا يفيد شخصآ بذاته؟
_هل تهزل؟!
_إنه يفيدهم جميعآ..ويعود على كل منهم بمزيد من المال.
_من تظنيه قد سمم أرستيد ليونيدس يا مس دي هافيلاند ؟هل لديك فكرة؟
فأجابت دون تتردد:ليست لدي أية فكرة..وذلك ما يضايقني ..لأنني لا أحب أن أتصور أن بين أفراد الأسرة قاتلآ..ولكنني أعتقد أن رجال البوليس يشتبهون في بريندا المسكينة.
_أرى أنك تتكلمين بلهجة من يعتقد أن هذا الإشتباه في غير موضعه.
_الواقع أنني لا أعلم شيئآ..فقد كنت دائمآ أنظر إلى بريندا كإمرأة غيبة ضحلة.وما هكذا في تصوري تكون المرأة التي تقتل بالسم.
ومع ذلك فإن الإنسان حين يرى إمرأة في الرابعة والعشرين من عمرها تقترن برجل تجاوز الثمانين لا يسعه إلا الإعتقاد بأن المرأة تسعى وراء المال..ومن المحتمل بطبيعة الحال أن تكون بريندا قد قالت لنفسها عقب الزواج أن زوجها لن يعيش طويلآ..وأنها ستصبح عما قريب أرملة ثرية.
ولكن أرستيد كان قوي البنية،صلب العود،فلم يهزمه مرض السكر وكان من المتوقع أن يعيش حتى يبلغ المائة عام.
فمن المحتمل أن تكون بريندا قد سئمت الإنتظار.
_إذا صح ذلك..
فلم تدعني مس دي هافيلاند أتم عبارتي وقاطعتني قائلة:
_إذا صح ذلك..كان لنا ما نرجوه جميعآ..صحيح أن الناس سيتكلمون،ولكن بريندا في الواقع ليست من صميم الأسرة.
_أليست لديك أية نظرية أخرى؟
_كلا..
(منتديات عقيل عطارد)
ترى هل قالت مس دي هافيلاند كل ما عندها؟
أظن أنها تعرف أكثر مما ذكرت..ومن يدري..فلعلها هي التي سمعت أرستيد ليونيدس.
ولم لا.لقد رأيتها منذ لحظة تنتزع الحشرة من ذيل ثوبها بحزم وقسوة..مما ذكرني بقول صوفيا، أن كل من بالبيت ذي القباب الثلاث قادر على إرتكاب جريمة قتل.بشرط أن تكون هناك أسباب وجيهة تبرر الجريمة.
ترى ماذا كان لدي أديث دي هافيلاند من أسباب؟
كان لابد لي أن أعرف المزيد من هذه العانس العجوز لكي أستطيع الإجابة على هذا السؤال *
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 6 الزوجة الغادرة

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة 6 الزوجة الغادرة

‎كان باب البيت مفتوحآ،فدخلنا،وإجتزنا بهوآ فسيحآ ثمين الأثاث ينتهي-لا بسلم كما هو مألوف-وإنما بجدار ضخم في وسطه باب...



قالت مس دي هافيلاند:هذا الباب يؤدي إلى الجناح الخاص بأرستيد وزوجته أما فيليب وماجدا فيقيمان في الطابق الأول..
وإنحرفنا يسارآ في دهليز طويل ينتهي بسلم يؤدي إلى الطابق الأول،ودخلنا قاعة إستقبال أنيقة ذات أثاث رصين وستائر ثمينة وتزينها أصص الزهور وصور بعض الممثلين والممثلات.
قالت مس دي هافيلاند:أعتقد أنك تود أن ترى فيلين.
فسألت نفسي ،هل أود حقآ أن أراه؟إنني جئت لمقابلة صوفيا وقد قابلتها ،ووافقت على الخطة التي رسمها أبي ..ثم هرعت إلى المطبخ.لشد ما أحتاج إليها الآن،لترشدني إلى ما ينبغي عمله.هل أقابل فيليب ليونيدس بصفتي صديق إبنته؟أو أقابله كشخص يريد التعرف به"لسبب إخترعه"؟أو بصفتي من أعوان البوليس؟لقد ألقت على السؤال تأدبآ..وهي تعلم أن إجابتي لن تجدى شيئآ.
قالت:إنه في قاعة المكتبة..فهلم بنا إليه.
وإجتزنا دهليز آخر،ودخلنا من باب لنجد الكتب من الأرض إلى السقف،وثمة كتب في كل مكان.فوق الموائد وعلى المقاعد،وعلى الأرض،ولكنها لا توحي إلى الناظر بوجود فوضى.
وكان جو الغرفة رطبآ،وقد إفتقدت فيه رائحة كنت أتوقعها ،هي رائحة التبغ،من المحقق أن فيليب ليونيدس لم يكن يدخن.
(منتديات عقيل عطارد
‎عالم بلا نهاية‏)‏
كان جالسآ أمام مكتبه فنهض واقفآ حالما دخلنا ،ورأيت رجلآ يناهز الخمسين من عمره طويل القامة على جانب كبير من الوسامة.
لقد أجمع الذين حدثوني عن أرستيد ليونيدس على أن الرجل كان دميمآ غاية الدمامة فلم أتوقع أن أرى لإبنه هذا الوجه الوسيم بقسماته الجميلة وإستدارته المنتظمة..وأنفه المستقيم وجبينه المرتفع ،في إطار من شعر غزير وخطه الشيب،وقدمتني إليه أديث دي هافيلاند فشد على يدي بحرارة وسألني ببساطة عن صحتي ،ولكني أحسست رغم ذلك بأن أمري لا يهمه،وأزعجني ذلك إلى حد ما..
قالت مس دي هافيلاند تحدثه:أين إذن رجال البوليس؟ألم يأتوا لمقابلتك؟
فأجاب وهو ينظر إلى بطاقة على مكتبه:إنني في إنتظار قدوم المفتش تافرنر بين لحظة وأخرى .
وأين هو الآن؟
_لا أعلم يا خالتي،ربما كان في الطابق الأول.
_مع بريندا؟
_أؤكد لك أنني لا أعلم.
ولم يكن في مظهر فيليب ليونيدس ما يوحى بأنه يمكن أن يتورط في إرتكاب جريمة.
وسألته العانس العجوز:هل إستيقظت ماجدا؟
_لا أعلم،إنها قلما تستيقظ قبل الساعة الحادية عشر.
_يخيل إلى أنني أسمع صوتها.
والواقع أنني سمعت صوتها ثاقبآ يقترب بسرعة،ثم رأيت سيدة تدخل الغرفة.أو على الأصح"تقتحمها"كانت تدخن من خلال مبسم طويل عضت عليه بأسنانها،وتضم بيدها على جسدها غلالة رقيقة وردية اللون.بينما إنسدل شعرها الأشقر الطويل على كتفيها.
نظرت إلينا بيعنين زرقاوي واسعتين.وإنطلقت تتكلم بسرعة وبصوت أجش لا يخلو من عذوبة،وهي تنطق بالألفاظ نطقآ سليمآ.
قالت:
_كلا يا عزيزي..لم أعد أطيق هذا..إن أعصابي تتمزق كلما فكرت فيما سوف تكتبه الصحف.صحيح أنها لم تنشر شيئآ بعد،ولكنها ستبدأ حتمآ عما قريب..ثم أنني لا أعلم ماذا يجب أن أرتدي خلال التحقيق،لا بد من ثوب محتشم،لا يكون أسود اللون،أظن أنه ينبغي أن أبتاع ثوبآ خاصآ لهذه المناسبة.ولكن رجال البوليس سوف يتعقبونني إذا خرجت،ومن يدري ماذا سيعتقدون!؟إنني أعجب لك يا فيليب ..كيف تستطيع مواجهة الأمور بمثل هذا الهدوء؟ألا تعلم أنه محظور علينا أن نغادر البيت؟أي عار أكبر من هذا !! يا إلهي !! كم أشعر بالحزن كلما فكرت في ذلك العجوز العزيز المسكين،وكيف كان يغمرنا بعطفه رغم أفاعيل تلك المرأة الشريرة ورغم سعيها بالوقيعة بيننا وبينه؟لو قد نجحت مؤامرتها وغادرنا البيت لحققت كل أهدافها،تصور رجلآ مسكينآ في الثمانين من عمره وحيدآ في براثن مخلوقة كهذه !! إن من حق أسرته أن تجزع وأن تخشى العواقب وبهذه المناسبة،أظن أن الوقت المناسب لظهور المسرحية التي وضعت عن "أديث تومسون"..تلك الزوجة الغادرة التي إتفقت مع عشيقها على قتل زوجها،إن جريمة بريندا ستكون إعلانآ هائلآ للمسرحية،ودور أديث تومسون يناسبني تمامآ..يزعم البعض أنني أصلح لأدوار الكوميديا،ولكني أعرف كيف سأستغل النص في هذه المسرحية،سألعب الدور في هدوء وبساطة إلى أن..
وفجأة ،لوحت بساعديها..فتسببت هذه الحركة في سقوط سيجارتها على المكتب ،فتناول فيليب السيجارة في هدوء وأطفأها وألقى بها في سلة المهملات.
وإستطردت" ماجدا "قائلة بلهجتها المسرحية:
_إلى أن تحين اللحظة التي سأجعل فيها فرائص النظارة ترتعد من الرعب.
وإنقلبت سحنتها ذعرآ وإتخذ وجهها صورة تختلف تمامآ عن صورته الطبيعية.صورة إمرأة ملك عليها الهلع كل حواسها.
ثم إنبسطت أسارير وجهها ونظرت إلى وسألتني أما كذلك يجب أن تؤدي الدور؟فأجبتها بالإيجباب رغم أنني لم أكن أعرف شيئآ عن المسرحية أو عن أديث تومبسون.ولكني كنت شديد الحرص على كسب مودة والدة صوفيا.
قالت:
_إن أديث تومبسون تشبه بريندا إلى جد كبير..يا إلهي !! كيف لم أفطن من قبل إلى هذه الحقيقة ذات الدلالة الخطيرة.لعل من الخير أن ألفت إليها نظر مفتش البوليس.
فقال فيليب:
_هل من الضروري أن تقابلي مفتش البوليس يا ماجدا ؟ إنني سأفضي إليه بكافة المعلومات التي يريدها.
ولكنها صاحت محتجة :
_بل مس الضروري جدآ أن أقابله وأتحدث إليه أيها العزيز..إنك تفتقر إلى الخيال وتفوتك ملاحظة التفصيلات الصغيرة الهامة..ويجب أن يعرف المفتش بكل دقة و وضوح جميع الأمور التافهة التي لاحظها بعصنا وبدت في حينها غامضة مبهمة .
ودخلت صوفيا في هذه اللحظة وسمعت أمها فقالت :
_ماذا تقولين يا أماه ؟لا شك أنك لا تريدين أن تسردي على المفتش مجموعة من الأكاذيب !!
_ولكن يا صوفيا ..يا حبيبتي.
_إنني أعرف ما يدور بخلدك ..وأعرف الدور الرائع الذي أعددت نفسك لتمثيله ..ولكني أؤكد لك أنك على خطأ ..
_ماذا تعرفين أنت عن..
_إنني أعرف ما يجب أن تفعليه ،تكلمي بإيجاز..وإحتفظي بمعلوماتك لنفسك،وكوني على حذر..وأحمي الأسرة.
فبدأ على وجه ماجدا من دلائل الحيرة ما يبدو على وجوه الأطفال ،وقالت :
_إذن أنت تعتقدين حقآ أن ..
_نحن لا نعرف شيئآ .مؤكدآ ..هذا هو المبدأ .
ورأت صوفيا الإبتسامة التي إرتسمت على شفتي أمها فإستطردت قائلة:
_لقد أعددت لك قدحآ من الكاكاو..إنه في إنتظارك على المائدة في قاعة الإستفبال.
_أحسنت صنعآ أيتها العزيزة..إنني أكاد أموت جوعآ.
وسارت ماجدا إلى الباب ،وهناك نظرت وراءها وقالت،وأنا لا أعلم هل كانت توجه الحديث إلى،أم إلى صفوف الكتب خلفي:
_أنت لا تعلم مبلغ سعادة الأم حين تكون لها إبنة تحبها .
وخرجت،فتنهدت مس دي هافيلاند وقالت:
_الله وحده يعلم ماذا ستقول لمفتش البوليس،فقالت صوفيا:
_إطمئني..سيكون كل شيئ على ما يرام.
_إنها خليقة بأن تحكي أي شيئ.
_كلا يا خالتي..إنها ستطيع تعليمات المخرج..والمخرج في هذه المسرحية هو أنا.
قالت ذلك وخرجت لتلحق بأمها،ولكنها ما لبثت أن عادت على الأثر لتعلن إلى أبيها أن المفتش تافرنر يرغب في مقابلته.
وإستطردت قائلة:
_وأرجو ألا تجد غضاضة في أن يشهد تشارلس هذا اللقاء بينك وبين المفتش.
ودهش فيليب ليونيدس ،ولكنه أجاب بأن الأمر سيان عنده.
وبعد لحظة،دخل تافرنر بجسمه الضخم،وخطواته الثابتة..وكانت مس دي هافيلاند أول من تكلمت.قالت:
_هل أنت بحاجة إلي يا سيدي المفتش؟
_ليس الآن يا آنسة..ولكن فيما بعد إذا سمحت لي ببعض دقائق من وقتك.
_بكل تأكيد..وسوف تجدني في االطابق الأول.
وخرجت،وجلس تافرنر،وعاد فيليب ليونيدس إلى مقعده خلف المكتب.قال المفتش:
_أعلم أنك رجل كثير المشاغل يا مسيو ليونيدس ،ولكني لن أنقل عليك طويلآ،لقد رأيت من واجبي أن أنبئك بأن شكوكنا قد تحققت،وأن أباك لم يمت موتة طبيعية ،وأنما مات مسمومآ بجرعة كبيرة من المادة المعروفة بإسم الإيزيرين.
فأومأ فيليب برأسه علامة الموافقة..
_ولم يبد عليه شيئ من دلائل الإنفعال.
قال المفتش:
_هل ما ذكرته لك الآن يوحى إليك بأية فكرة؟
_كلا..وإعتقادي هو أن أبي ذهب ضحية خطأ مؤسف.
_أتعتقد ذلك حقآ؟
_إن الأمر واضح .وحدوثه محتمل،ولا تنس أن أبي كان في العقد الثامن من عمره ،وأن قوة إبصاره ضعفت كثيرآ.
_تعني أنه ربما خلط بين الأنسولين والإيزيرين وسكب محتويات قنينة إحدى المادتين في قنينة المادة الأخرى هل ترى ذلك ممكنآ؟
فصمت فيليب ليونيدس ولم يجب.
قال تافرنر:
_إننا عثرنا بقنينة الإيزيرين ولم نجد عليها أية بصمات،وهذا أمر يبعث على الدهشة،إذا كان ينبغي أن نجد عليها بصمات أبيك أو بصمات زوجته ..أو خادمة.
فرفع فيليب ليونيدس رأسه وقال:
_الواقع أن هذا صحيح..ولكن هل فكرت في أمر الخادم؟
_هل تريد أن تقول أن الخادم جونسون ربما يكون هو القاتل؟إنني أوافقك على أنه كان بوسعه أن يرتكب الجريمة ..ولكن ماذا يدفعه إلى إرتكابها..؟لقد كان أبوك يعطيه منحة سنوية تزداد عامآ بعد عام.
وكان يصارحه بأن هذه المنحة تعوضه عما كان ينبغي أن يوصى له به بعد موته.ومن هذا يتبين لك أنه كان من مصلحة جونسون أن يعيش أبوك أطول مدة ممكنة .لأن المنحة السنوية التي يحصل عليها تزداد عامآ بعد عام.يضاف إلى ذلك أن التفاهم كان تامآ بين أبيك وخادمه.وأنه ليس في ماض الخادم ما يثير الريبة فهو خادم مخلض يعرف عمله وواجباته.
وصمت قليلآ ثم إستطرد قائلآ:
_إننا لا نرتاب في جونسون.
فأطرق فيليب ليونيدس برأسه ولم يتكلم.
قال المفتش :هل تستطيع أن تذكر لي يا مستر ليونيدس ماذا فعلت يوم أن مات أبوك؟
طبعآ أيها المفتش..أنا لم أبرح هذه الغرفة طول النهار..فيما عدا وقت تناول الطعام.
_ألم تر أباك في ذلك اليوم؟
_لقد ذهبت إليه بعد الإفطار لأحييه تحية الصباح كما تعودت أن أفعل كل يوم.
_هل وجدته بمفرده؟
_كانت زوجته معه في الغرفة.
_هل كان يبدو كما تعودت أن تراه؟
فأجاب فيليب بشيئ من السخرية أن أباه لم يكن يبدو وكأنه يتوقع إغتياله في ذلك اليوم.
_هل كان أبوك يقيم في جناح مستقل تمامآ؟
_نعم..ولا سبيل للوصول إلى هذا الجناح إلا عن طريق الباب الموجود بالبهو.
_هل يغلق هذا الباب بالمفتاح؟
_كلا.
_أبدآ؟
_أبدآ..على قدر ما أعلم.
_إذن فالمرور مباح من وإلى الجناح الخاص بأبيك؟
_نعم.
_كيف علمت نبأ الوفاة؟
_جاء أخي روجر _الذي يقيم في الجناح الغربي من الطابق الأول_ جاء إلى مكتبي وهو يعدو وقال لي أن أبو يشعر بإنهيار ويتنفس بصعوبة وأنه يبدو في حالة سيئة.
_وماذا فعلت؟
_إتصلت تليفونيآ بالطبيب،وذلك ما لم يفكر فيه أحد .ولكني لم أجده ،فتركت له رسالة بأن يحضر بأسرع ما يستطيع.ثم صعدت إلى الطابق الأول،ووجدت أبي في حالة سيئة فعلآ وقد توفي قبل حضور الطبيب.
وكان يتكلم وليس في صوته أي أثر للإنفعال.كمن يروي حادثآ لا صلة له به من قريب أو من بعيد.
_وأين كان باقي أفراد الأسرة؟
_كانت زوجتي في لندن وقد عادت بعد قليل،وأظن أن صوفيا كذلك لم تكن في البيت،أما جوزيفين أوستاش فكانا في غرفتهما.
_أرجو ألا تستاء يامستر ليونيدس إذا أنا سألتك عن مدى تأثير موت أبيك على مركزك المالي.
_أنا أعلم جيدآ يا سيدي المفتش أن هذه أمور يهمك أن تعرفها.لقد حرص أبي منذ سنوات عديدة على أن يؤمن مستقبلنا ويكفل لكل منا إستقلاله المالي.فجعل من أخي المدير والمساهم الرئيسي في أكبر وأهم شركاته،وهي الشركة المتحدة للمواد الغذائية،وأعطاني من المال والسندات ما يوازي نصيب أخي في الشركة،أي نحو مائة وخمسين ألفآ من الجنيهات.أستطيع التصرف فيها كما أريد .
_وهل بقيت له بعد هذه المنح والهبات ثروة جسيمة ؟
_كلا ..إنه لم يحتفظ لنفسه إلا بإيراد متواضع..يكفي _على حد قوله_لإثارة إهتمامه بالحياة.
وإبتسم لأول مرة وإستطرد قائلآ:
_بعد ذلك زاول كثيرآ من الأعمال المختلفة وأثرى مرة أخرى ..بل أصبح أكثر ثراء مما كان في أي وقت مضى.
_عندما قررت أنت وأخوك الإقامة هنا ..هل كان ذلك بسبب بعض المتاعب المالية؟
_كلا ..إننا قررنا ذلك لأن الإقامة هنا تطيب لنا ،ولأن أبي قال مرارآ وتكرارآ أنه يسعده أن نعيش معه تحت سقف واحد.وبصرف النظر عن حبي الخالص لأبي..فقد كان لدي من الأسباب الشخصية ما حملني على الإقامة مع الأسرة،فجئت إلى هنا في سنة 1937م ،ولحق بي أخي في سنة 1941م عندما هدمت القنابل بيته في لندن .
_هل لي أن أسألك يا مستر ليونيدس عما إذا كانت لديك أية فكرة عن مضمون وصية أبيك؟
_إنني أعرف جيدآ ما جاء بالوصية..لقد أعاد كتابتها في سنة 1945م عقب إنتهاء الحرب.جمعنا في مكتبه فيما يشبه المجلس العائلي،وطلب إلى محاميه مستر جيتسكيل أن يتلو علينا الوصية وأعتقد أن هذا المحامي قد أبلغك مضمونها..لقد أوصى فيها لأرمتله بمائة ألف جنيه خالية الضرائب ،وقسم ما تبقى من ثروته إلى ثلاثة أقسام،أحدها لي والآخر لأخي،والثالث لأولادي الثلاثة..صوفيا وجوزيفين وأوستاش.
_ألم يوص بشيئ للخدم أو للمؤسسات الخيرية؟
_كلا..ولكنه كان يعطي للخدم منحآ سنوية تتزايد عامآ بعد عام.
_معذرة عن هذا السؤال يا مستر ليونيدس ،هل أنت حاليآ في أي مأزق مالي؟
_أنت تعلم يا سيدي المفتش أن الضرائب باهظة..ولكن إيرادي يكفيني ويزيد،وقد كان أبي سخيآ معنا كل السخاء،وعند الضرورة لم يكن يحجم عن معونتنا .
ثم أردف قائلآ بصوت هاديئ:
_في إستطاعتي أن أثبت لك بالدليل أيها المفتش أنه ليست لدي أية أسباب مالية تجعلني أتمنى موت أبي.
_يؤسفني يا مستر ليونيدس أن أكون قد أشعرتك بأنني أفترض غير ذلك..ومن سوء الحظ أن مقتضيات التحقيق تلجئني إلى إلقاء أسئلة شخصية جدآ كالسؤال الذي سألقيه عليك الآن خاصآ بالعلاقة بين أبيك وزوجته هل كانت العلاقة بينهما حسنة؟
_كانت حسنة جدآ على قدر ما أعلم.
_هل كانا يتشاجران؟
_لا أظن ذلك.
_هل كان بينهما فارق كبير في السن؟
_نعم.
_هل وافقت على زواج أبيك من زوجته الثانية؟
_إنه لم يستطلع رأيي.
_هذه ليست إجابة يا مستر ليونيدس.
_ما دمت تصر.فأنني أعترف لك بأنني كنت أنظر إلى هذا الزواج على أنه خطأ .
_هل قلت ذلك لأبيك؟
_إنني لم أعلم بأمر الزواج إلا بعد أن أصبح حقيقة.
_أظن أن النبأ كان صدمة لك؟
فصمت فيليب ليونيدس ولم يجب،وقال تافرنر:
_وهل غضبت من أبيك بسبب هذا الزواج؟
_إنه كان حرآ يفعل ما يشاء.
_وهل كنت دائمآ على علاقة طيبة مع زوجة أبيك؟
_دائمآ.
وإنتقل تافرنر إلى موضوع آخر..وقال:
_هل تستطيع أن تحدثني عن مستر لورانس براون؟
_لا أظن ..أن أبي هو الذي إستخدمه.
_ولكنه إستخدمه لتعليم أولادك يامستر ليونيدس.
_هذا صحيح..لقد أصيب أوستاش بشلل الأطفال.ومن حسن الحظ أنها كانت إصابة خفيفة..ولكن أرى من الأفضل ألا يتابع دراسته في المدارس العامة..وإقترح أبي أن نعهد به وبأخته جوزيفين إلى مدرس خاص.وكان من المعتذر الحصول على مثل هذا المدرس في زمن الحرب.لإنخراط الجميع في سلك الجندية..وأخيرآ وجدنا لورانس براون..الذي قدم إلينا شهادات طيبة رضي عنها أبي وخالتي..التي تكلفت بتربية الأولاد.فإستخدمناه..ويجب أن أقرر إحتقاقآ للحق أنه مدرس كفء حي الضمير.
_هل يقيم معكم في هذا البيت؟
_كلا..فليس في البيت متسع له.
_هل لاحظت في أي وقت _ ومعذرة عن هذا السؤال _ وجود علاقة خاصة بين لورانس وزوجة أبيك؟
_كلا.
هل سمعت كلامآ عن وجود مثل هذه العلاقة ؟
_أنا لم أتعود إستراق السمع على الأبواب أيها المفتش.
_صدقت..إذن أنت لا تعرف شيئآ في هذا الصدد؟
_كلا..
_فقال تافرنر وهو ينهض:
_حسنآ ..لم يبق لي إلا أن أشكرك يا مستر فيليب ليونيدس .
وخرج فتبعته..وما أن وصلنا إلى الدهليز حتى قال:
_هو ذا زبون صعب المراس *

**منتديات عقيل عطارد**
الحلقة القادمة 7 "بريندا" ،فكن إنتظارها.
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 7 بريندا / الجزء الأول

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة 7 بريندا / الجزء الأول

(من*هنا*سنقوم*بتجزئة**بعض*الحلقات*في*هذه*الرواية*وذلك*لطول*بعض*منها*،*و*أرجو*عدم*إزعاجك*فستجزأ*هذه*الحلقة*لثلاثة*أجزاء*حتى*تستطيع**المتابعة***بلاملل*،هذه*هي*الجزء*الأول*من*الحلقة*7،لنبدأ..)*
‎قال*المفتش*تافرنر*مستطردآ:والآن*..هلم*بنا*نتجاذب*أطراف*الحديث*مع*مسز*فيليب*ليونيدس*دي*مسرح*ماجدا*ويست*.*.

فسألته*:هل*هي*ممثلة*جيدة*؟
_إنها*من*أولئك*الائي*يستطعن*النجاح..قامت*ببطولة*مسرحية*أو*مسرحيتين*في*حي*"*الويست*إند*"*وأحرزت*بعض*الشهرة*في*المسرحيات*الكلاسيكية*يبدو*أن*لها*معجبين*في*المسارح*التي*يختلف*إليها*المتحذلقون..والمؤسف*في*أمرها*أنها*ليست*بحاجة*إلى*التمثيل*كمصدر*للرزق*.ففي*إستطاعتها*دائمآ*أن*تختار*الدور*الذي*تيريده*.وأن*تسهم*في*تمويل*المسرحية*التي*تعتقد*أن*بها*دورآ*يصلح*لها*ثم*يظهر*في*النهاية*أن*الدور*لا*يلائمها*إطلاقآ..صفوة*القول*أنهم*يعدونها*هاوية*لا*محترفة*..صحيح*أنها*موهوبة..ولكن*المخرجين*لا*يحبونها*لإعتدادها*بنفسها*وثروتها*.
وما*أن*غادرنا*قاعة*الإستقبال*حتى*لحقت*بنا*صوفيا*وقالت*للمفتش*أن*أمها*على*إستعداد*لإستقباله*.
ودخلنا*الغرفة*التي*تفدمتنا*إليها*..فرأيت*إمرأة*كدت*أن*لا*أعرفها*تجلس*على*أريكة*فخمة*في*أحد*أركان*الغرفة*.
كانت*ترتدي*تاييرآ*رماديآ*أنيفآ*،يطل*منه*قميص*بنفسجي*يتدلى*فوق*صدرة*عقد*ثمين*من*اللؤلؤ*.
ومرت*لحظة*قبل*أن*أعرف*من*هذه*السيدة*الأنيقة*الوادعة*تلك*المرأة*الصاخبة*التي*رأيتها*قبلآ*في*مكتب*فيليب*ليونيدس*.
قالت*بصوت*فهمت*من*نبراته*أنها*مصممة*على*الإحتفاظ*بهدوئها*حتى*النهاية*مهما*كلفها*ذلك*.
_تفضلا*بالجلوس*..هل*تدخن*أيها*المفتش؟إن*هذه*القضية*تقلقني*حتى*لأشعر*في*بعض*الأحيان*أنني*في*حلم..بماذا*أستطيع*أن*أفيدك*أيها*المفتش*؟
فأجاب*تافرنر*:
_أسمحي*لي*أولآ*يا*سيدتي*بأن*أسألك*أين*كنت*عندما*توفي*مستر*أرستيد*.
_كنت*قادمة*بالسيارة*من*لندن،فقد*تناولت*طعام*الغداء*مع*صديقة*لي*بمطعم*"*أيفي*"*ثم*شهدنا*عرضآ*للأزياء*،وغادرت*لندن*بعد*ذلك*..وعندما*وصلت*إلى*هنا*علمت*أن*مستر*أرستيد*قد*توفي*.
وإرتجف*صوتها*في*العبارة*الأخيرة*بالقدر*اللازم*تمامآ*.
_هل*كنت*تحبينه*؟
_بل*كنت*أعبده*.
وإرتفع*صوتها*قليلآ*،فدقت*صوفيا*على*إطار*صورة*فوق*الموقد*،وكانت*النتيجة*أن*ماجدا*خفضت*صوتها*وهي*تقول*:
_نعم..كنت*أحبه*..كلنا*كنا*نحبه،قد*كان*لطيفآ*معنا*جميعآ.
_هل*كنت*على*وفاق*مع*زوجته*؟
_مع*بريندا*؟نحن*لم*نكن*نراها*إلا*قليلآ*..
_لماذا؟
_لم*تكن*لنا*صلة*بها،مسكينة*بريندا*.
_لا*بد*أنها*مرت*بأوقات*عصيبة*.
وهنا*نقرت*صوفيا*بأصبعها*على*الصورة*مرة*أخرى*.
قال*المفتش:
_أحقآ؟ماذا*تعنين؟
فهزت*ماجدا*رأسها*وقالت*وعلى*شفتيها*إبتسامة*حزينة*:
_لا*أعلم*.
_هل*كانت*سعيدة؟
_أظن*ذلك.
_هل*كانت*تتشاجر*مع*زوجها*؟
_الحق*أنني*لا*أعلم*يا*سيدي*المفتش.
_أعتقد*أنها*كانت*على*صلة*وثيقة*بلورانس*براون..أليس*كذلك؟
فإعتدلت*ماجدا*في*جلستها*فجأة*وقالت*بكبرياء:
_يخيل*إلي*أنه*ليس*من*حقك*أن*تلقي*عكي*مثل*هذه*الأسئلة*أيها*المفتش،لقد*كانت*لبريندا*صلات*وثيقة*بجميع*الناس،فهي*سيدة*مجتمع*من*الطراز*الأول.
_ومستر*لورانس*براون،هل*هو*شخص*لطيف؟
_إنه*شاب*هاديء*دمث*الخلق..
_هل*أنت*راضية*عنه*كمدرس؟
_كل*ما*أعلمه*هو*أن*فيليب*راض*عنه*كل*الرضى*.
وهنا*لجأ*تافرنر*إلى*أسلوب*أكثر*صراحة*.قال:
_معذرة*عن*هذا*السؤال*ولكن*هل*كانت*هناك*مغازلات*بين*لورانس*براون*ومسز*بريندا**ليونيدس؟
فإنبعث*ماجدا*واقفة*كسيدة*عظيمة*غضبى*وصاحت*:
_أنا*لم*أر*شيئآ*وليس*من*حقك*أن*تستجوبني*في*هذا*الموضوع*.
لقد*كانت*بريندا*زوجة*حماي.
فكدت*أن*أصفق*إعجابآ.
أما*المفتش*فإنه*نهض*بدوره*وهو*يقول*:
_هذا*سؤال*ربما*يحسن*بي*أن*ألقيه*على*الخدم.
فصمتت*ماجدا*ولم*تجب،وشكرها*تافرنر*وحياها*بإيماءة*من*رأسه*وإنصرف*.
وصاحت*صوفيا*على*الأثر*:
_*برافو**!!*أحسنت*يا*أماه.حقآ*لقد*كنت*رائعة.
فأجابت*ماجدا:
_نعم..هكذا*كان*يجب*أن*ألعب*هذا*الدور.
ونظرت*صوفيا*إلي*وقالت:أما*كان*يحسن*بك*أن*ترافق*المفتش*؟
_ولكن*يا*صوفيا..
ولم*أتم*عبارتي..لم*يكن*بإستطاعتي*أن*أسألها*على*مسمع*من*أمها*عن*الدور*الذي*ينبغي*أن*أقوم*به*في*ذلك*البيت*.
إن*ماجدا*ليونيدس*لم*تعرني*حتى*تلك*اللحظة*أي*إهتمام.
وسواء*كنت*مخبرآ*صحفيآ*أو*خطيبآ*لإبنتها*أو*مرشدآ*مغمورآ*يعمل*في*خدمة*البوليس،فأنني*كنت*بالنسبة*إليها*مجرد*"*جمهور*"يشهد*تمثيلها*ويصفق*لها*أو*لا*يصفق*.
وأومأت*صوفيا*إلي*برأسها*،فنزلت*على*إرادتها*.
وهرولت*في*أثر*تافرنر*ولحقت*به*في*البهو*وهو*يمر*بالباب*المؤدي*إلى*السلم*.
قال*لي*أنه*في*طريقه*لمقابلة*روجر..الأخ*الأكبر..فقررت*أن*أصارحه*على*الفور*بمشكلتي*.
قلت*له:
_حدثني*يا*تافرنر..ماذا*أفعل*أنا*هنا*؟
فنظر*إلى*في*دهشة*وقال*:
_ماذا*تفعل*هنا*؟
_نعم*..إذا*سئلت*عن*صفتي*هنا*فبماذا*أجيب؟
_هل*هذا*ما*يقلقك؟
ثم*إستطرد*بعد*لحظة*تفكير:
_هل*سئلت؟
_كلا..
_إذن*لا*تفكر*في*الأمر*ولا*تدلي*بأي*إيضاح*.هذه*هي*الطريقة*المثلي.وخاصة*في*بيت*كهذا..كل*إنسان*لديه*من*الهموم*،*والمتاعب*ما*يصرفه*عن*التفكير*في*إستجواب*الآخرين*.
أن*أحدآ*لن*يسألك*شيئآ*ما*دمت*تتظاهر*بأن*من*حقك*أن*تكون*هنا*،والآن*هلم*بنا*.

إنتظر*الجزء*الثاني*من*الحلقة*7

"**منتديات*عقيل*عطارد
‎عالم*بلا*نهاية*‏"‏
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 7 بريندا الجزء الثاني

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

نواصل الجزء الثاني من الحلقة
7

...والآن هلم بنا..
وما أن شرعنا في إرتقاء السلم حتى قال:
_لا شك أنك لاحظت أن جميع الأسئلة التي ألقيتها عليهم لا أهمية لها ..وأنني لا يعنيني ماذا كان يفعل هذا أو ذاك عندما لفظ العجوز أنفاسه الأخيرة .
فسألته في دهشة :
_إذن لماذا تستجوبهم ؟
_لأن إستجوابهم يهييء لي فرصة لمعرفة أسباب الخلاف بينهم،والآن ثرثرتهم قد تتضمن معلومات تفيدنا.
ثم إستطرد قائلآ بصوت خافت:
_قلبي يحدثني بأن ماجدا ليونيدس تستطيع إذا شاءت أن تدلى إلينا بحقائق على جانب عظيم من الأهمية .
إن ما يحيرني في هذا البيت هو أن كل إنسان فيه يملك القدرة والوسيلة لإرتكاب الجريمة..وأنا لذلك لا أبحث عن المجرم..وإنما أبحث عن الدافع إلى الجريمة .
***
‎‏*‏‏*‏‏* ‏
وتوقفنا في نهاية السلم أمام باب مغلق ،وقرع المفتش الباب ففتحه عملاق ضخم الجسم ،عريض الكتفين مشوش الشعر.
كان دميم الوجه..دمامة تثير العطف .
وذكر تافرنر إسمه..فقال الرجل:
_تفضلا بالدخول..لقد كنت أهم بالخروج ،ولكن لا ضرورة لذلك الآن..تعاليا إلى قاعة الإستقبال وسأخطر كليمنسي بقدومكما..آه ..
أنت هنا أيتها العزيزة ؟هذا هو المفتش تافرنر..أظن أنه لا توجد سجائر هنا !! صبرآ لحظة .سأحضر بعض السجائر وأعود فورآ .
وغادر المكان..وأحسسنا بنعمة السكون بعد الجلبة الشديدة التي أحدثها.
وكانت زوجته تقف على مقربة من النافذة ..فنطرت إليها ولم أتمالك نفسي من الإحساس بأنها شخصية تثير الفضول .
كذلك أثار فضولي جو الغرفة التي دخلناها ..
كانت الجدران عارية من كل زخرف،خالية من اللوحات والزهور فيما عدا لوحة فوق الموقد عليها رسوم هندسية متشابكة ،أما الأثاث فكان قليلآ،بضعة مقاعد،ومائدة مغطاة بالزجاج،وخزانة صغيرة للكتب.
ولكن كان هناك كثير من الضوء ..والفراغ والهواء .
كان الفارق بين قاعة الإستقبال في شقة ماجدا بأثاثها الفخم ولوحاتها وآنيتها وزهورها وبين قاعة الإستقبال في شقة كليمنسي بهدوئها وبساطتها المحببة كالفارق بين المرأتين..فالأولى لها ثلاثون شخصية مختلفة ..أما الثانية فلها شخصية واحدة هي شخصيتها الحقيقية التي لا ترضى بأن تتقمص شخصية سواها.
كانت كليمنسي تناهز الخمسين من العمر لها شعر شعر قصير قد خطه الشيب ،وعينان جميلتان تشعان ذكاء وحيوية ،وكانت ترتدي ثوبآ أحمر من الصوف يبرز نحول جسدها وطول قامتها.
دعتنا إلى الجلوس وسألت تافرنر عما إذا كان هناك جديد فأجاب :
_نعم يا سيدتي..ثبت أن الوفاة نجمت عن تسمم بمادة الإيزيرن.فقالت بنفس الصوت الهاديء وهي مستغرقة في التفكير :
_إنها إذن جريمة قتل..ألا يحتمل أن يكون الحادث قد وقع قضاء وقدرآ.
_كلا بالتأكيد .
_هل لي أن أرجوك بالترفق بزوجي أيها المفتش ..؟
هذا النبأ سيثيره ..وهو شديد الحساسية وكان يحب أباه جبآ جمآ.
_هل كانت علاقتك بأبيه طيبة يا سيدتي ؟
_كانت طيبة جدآ.
ثم أضافت في هدوء:
_ولكني لم أكن أحبه.
_لماذا؟
_لم أكن أقر أهدافه.ولا وسائله للوصول إلى هذه الأهداف.
_ومسز بريندا ليونيدس؟
_بريندا ؟لم أكن أراها كثيرآ.
_هل تعتقدين بأنه يمكن أن تكون هناك علاقة ما بينها وبين لورانس براون؟
_لا أعتقد ذلك..ولو كانت هناك علاقة لما علمت بها.
كانت نبرات صوتها توحا بأن الأ٨ر لا يهمها ..ودخل روجر ليونيدس في هذه اللحظة كالعاضفة قال :
_تأخرت قليلآ لأنني تلقيت محادثة تليفونية..ماذا عندك من الأنباء أيها المفتش؟هل عرفتم كيف مات أبي؟
_مات مسمومآ بمادة الإيزيرين.
_يا إلهي !! إذن فإن تلك المرأة لم تستطع الإبتظار!!لقد أنقذها من الوحل فكان جزاؤه منها القتل ..كلما فكرت في..
_هل لديك من الأسباب ما يحملك على إتهامها؟
فجرى بأصابع يديه في شعر رأسه وأجاب وهو يذرع أرض الغرفة:
_أسباب؟إذا لم تكن هي فمن سواها؟إنني لم أثق فيها قط ولم أشعر نحوها بأي عطف..لا أحد منا يحبها..لقد جمدنا في أماكننا،أنا وفيليب يوم أنبأنا أبي بما فعل،كان جنونآ أن يتزوج في تلك السن.
إن أبي كان رجلآ مدهشآ أيها المفتش..وقد ظل يحتفظ وهو في السبعين بذكاء ويقظة إبن الأربعين .
إنني أدين له بكل ما أملك في هذه الدنيا..ولم يحدث قط أنه إمتنع عن مساعدتي عند الضرورة.
قال ذلك وتهالك في أحد المقاعد..فوضعت زوجته يدها على كتفه بلطف وقالت:
_أهدأ وتمالك نفسك يا روجر..
_كيف أهدأ حين أفكر في..
_يجب علينا جميعآ أن نحتفظ بهدوئنا يا روجر ..إن المفتش تافرنر لا يبغى إلا مساعدتنا.
فنهض روجر من مقعده فجأة وصاح:
_هل تعلمين ماذا أريد أن أفعل ؟أريد أن أخنق هذه المرأة بيدي لو كانت أمامي الآن لدققت عنقها .
إنتهت الجزء الثاني
_ إنتظر الجزء الثالث >>
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 7 بريندا الجزء الثالث

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

مكملة الحلقة 7الجزء 3
...لو كانت أمامي الآن لدققت عنقها >>

الجزء الثالث
_روجر !!
كان صوتها حازمآ فنكس روجر رأسه وقال:
_معذرة أيتها العزيزة.
ثم نظر إلينا وأردف:
_معذرة..فقد إستبد بي الغضب..
وغادر الغرفة مرة أخرى،فشيعته كليمنسي بإبتسامة غامضة وقالت :
_إنه رغم صخبه وهياجه لا يؤذي ذبابة .
فأجاب تافرنر في أدب أنه واثق من ذلك ،ثم ألقى عليها بضعة أسئلة فأجابته بدقة وإيجاز..قالت عن تحركات روجر يوم وفاة أبيه أنه قضى ساعات الصباح في مقر إدارة الشركة المتحدة للمواد الغذائية بلندن،وعاد بعد الظهر ،حيث إجتمع بأبيه فترة قصيرة كما إعتاد أن يفعل كل يوم .أما هي فإنها ذهبت كالعادة إلى مقر عملها بمعهد " لامبرت " ولم تعد إلا في الساعة السادس مساء .
_هل رأيت أرستيد ليونيدس في ذلك اليوم ؟
_كلا،رأيته لآخر مرة في اليوم السابق ،حين تناولنا القهوة معه بعد العشاء.
_ألم تريه يوم وفاته؟
_كلا..ولكني ذهبت إلى شقته في ذلك اليوم للبحث عن غليون روجر ،ووجدت الغليون على مائدة الردهة حيث نسيه روجر ،فلم أشأ أن أرعج العجوز ؛لأنه إعتاد أن يغفو حوالي السادسة .
_متى علمت أن حاله قد ساء ؟
_جاءت بريندا وأنبأتنا ..كان ذلك في حوالي الساعة السادسة والنصف .
وكان تافرنر ينظر إلى كليمنسي طول الوقت ولا يحول عينيه عن وجهها،وأخيرآ ألقى عليها بضعة أسئلة عن طبيعة عملها في معهد لامبرت،فقالت أنها تقوم ببعض البحوث عن تحطيم الذرة..
وقبل أن ينصرف تافرنر،طلب أن يلفى نظرة على الشفة ،فدهشت كليمنسي ولكنـﮩًـا أجابته إلى ما طلب .
كان المخدع بفراشيه الصغيرين ستائره البيضاء يذكر الناظر بغرف النوم في الأديرة،وكان الحمام لا يقل عنه تقشفآ .أما المطبخ فكان نظيفآ جدآ وقد نظم بحيث يوفر ما يبذل فيه من جهد .
ووصلنا إلى آخر باب في الشقة ففتحته كليمنسي وهي تقول :
_هنا مكتب زوجي .
فتنهدت بإرتياح إذ أسعدني بعد جولتي في تلك الشقة المتواضعة التي يعبر مظهرها عن التقشف أن أجد نفسي أخيرآ في غرفة تعكس شخصية صاحبها .
كان المكتب مغطى بالأوراق ،والغلايين القديمة مبعثرة بين الملفات والجدران مزينة بصورة جماعية لطلاب ولاعبي كريكيت وعسكريين وبلوحات بالألوان المائية تمثل المآذن وغروب الشمس ،والسفن الشراعية..والغرفة في مجموعها تترك في نفس الزائر إنطباعآ بأنها لرجل يسعد الإنسان أن يتخذه صديقآ .
وأفسح روجر مكانآ على مكتبه لكي يقدم لنا شرابآ وقال :
_كنت بسبيل معالجة هذه الفوضى وتنظيم الأوراق.
وتناولت الكأس التي قدمها إلي ،وإعتذر tafirner‏ وقال : إنه يفضل ألا يتناول شرابآ ،وإستطرد روجر قائلآ :
_أرجو المعذرة مرة أخرى عما بدر مني .أيام سوري ..فإنني لم أتمالك نفسي .
( أظنك قد مللت من الحلقة لكن لا داعي للقلق كدنا في التخلص منها ) .
ونظر حوله بخوف :ولكنه إطمأن حين لم ير كليمنسي وقال:
_إنها إمرأة رائعة !!أنتما تعرفان طبعآ من أعني ..لقد ظلت طوال هذه المحنة محتفظة بثباتها ورباطة جأشها ،وليس في إستطاعتي أن أعبر عن مبلغ إعجابي بها..إنها مرت بأيام عصيبة قبل أن تتزوج .كان زوجها الأول شابآ ممتازآ ولكنه مريض بالسل الرئوي..وكان يقوم بأبحاث علمية هامة عن " التيلور "ويعمل كثيرآ ويربح قليلآ ولكنه رفض أن يترك معمله..فساعدته بكل ما تملك من قوة،وبذلت بغير حساب .وأنهكت قواها لتجنبه التعب والألم،وهي تعلم عن يقين أنه يسير إلى القبر بخطى حثيثة ..ولم تشك ولم تتذمر،وظلت إلى آخر لحظة تقول له أنها سعيدة ..ولما مات إنهارت تمامآ .
ولما تزوجنا ،رجوتها أن تكف عن العمل وتستريح،ولكننا كنا في حالة حرب،وكان شعورها بواجبها الوطني قويآ،فلم تستجب إلى رجائي ،وإستمرت في عملها حتى الآن،إنها زوجة عظيمة ،وطالما قلت لنفسي أن يوم لقائي بها كان بغير شك أسعد يوم في حياتي..إنني على إستعداد لأن أفعل أي شيء من أجلها .
فقال تافرنر عبارة لبقة تناسب الموقف ،ثم عرج بمهارة على موضوع الزيارة وسأله:
_كيف علمت أن أباك في حالة سيئة؟
_جاءت بريندا وأنبأتني فأسرعت إلى أبي وكنت قد تركته منذ نحو 1/2ساعة في أحسن حال.فوجدته يـﮩًـذي ووجهه أزرق،فإنطلقت إلى أخي الذي إتصل بالطبيب في الحال..ولم يكن في إستطاعتي عمل شيء..وغنى عن الذكر أنه لم يتطرق إلى أذهاننا في ذلك الوقت أن في الأمر ما يبعث على الإرتياب.
وبعد لحظة كنت وتافرنر نغادر الشقة فقال لي :
_ليس بين الأخوين أي تشابه.
ثم أردف بعد قليل :
_يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أن هذا الرجل لا يمكن أن يسمم أحدآ.أما زوجته فإنها من الطراز الذي لا يصده عن أهدافه أي إعتبار .
فقلت:ولكني لا أظن أنها تقتل إنسانآ لمجرد أنها تختلف معه في الرأي..صحيح أنها إعترفت بأنها تبغض العجوز،ولكن كم عدد الجرائم التي ترتكب بسبب البغض وحده؟
فأجاب تافرنر:
_عددها قليل..أنا شخصيآ لم أصادف جريمة إرتكبت لهذا السبب.ولذلك مازلت أصر على أن المتهمة ـﮩًـي بريندا..والله وحده يعلم ما إذا كنا سنستطيع العثور على دليل يدينها *
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 8 كثيرآ من الفضول

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة 8 كثيرآ من الفضول
فتحت إحدى الوصفيات الباب المؤدي إلى الجناح الآخر وصعدت تافرنر بنظرة تجمع بين الخوف والإحتقار وسألته ‏

_هل تريد مقابلة سيدتي ؟
_نعم .
فقادتنا إلى قاعة إستقبال فسيحة وإختفت .
كان أثاث القاعة يمتاز بألوانه المرحة .وقد وضعت على الجدار فوق المدفأة صورة لفتت نظري..ليس فقط لأنها بريشة أحد كبار الفنانين ،وإنما كذلك لأنها تمثل شخصآ غير عادي،تمثل عجوز ثاقب النظرات ،يشع وجهه نشاطآ وحيوية .
قال فارنر :هذه اللوحة رسمها الفنان الكبير أوجستوس جون ،كانت للعجوز شخصيته المميزة،أليس كذلك ؟
_نعم .
كانت إجابتي المختصرة لا تعبر تعبيرآ كافيآ عما يدور بخلدي فلقد فهمت الآن فقط وأنا أتأمل الصورة ماذا عنيت أديث دي هافيلاند حين قالت أن البيت بدون العجوز يبدو خاويآ .
قال تافرنر:
_وها هي صورة زوجته الأولى بريشة الفنان " سارجنت " .
فإقتربت لأتأمل الصورة .
كانت موضوعة بين نافذتين،وتعبر عن الخشونة التي تتميز بها لوحات " سارجنت " ولكنها كانت صورة جيدة لسيدة من أغنياء الريف ،جميلة ولكن ليس ثمة ما يميزها..ولا يمكن أن يتصورها الإنسان زوجة لهذا الطاغية القصير القامة الذي تطل صورته من فوق المدفأة .
ودخل الضابط " لام "في تلك اللحظة وقال :
_لقد فرغت من إستجواب الخدم..إنهم لا يعرفون شيئآ .
ثم جلس في أحد الأركان وأخرج ورقة وقلمآ ،وإستعد لتسجيل ما سوف يدور من حديث بين المفتش والزوجة الثانية لأرستيد ليونيدس .
وفتح الباب ،ودخلت بريندا .
ورأيت أمامي سيدة صغيرة الجسم ،رقيقة ،قد صبغت شفتيها وصففت شعرها الأسود ببساطة وبلا تعقيد ،وعلى الرغم من ذلك خيل إلي أنها كانت تبكي قبل قدومها .
وكانت ترتدي ثوب حداد يلائمها تمامآ .وتزين صدرها بعقد من اللؤلؤ ..ويدها اليسرى بخاتم من الزمرد، ويدها اليمنى بخاتم آخر من الياقوت .
لاحظت كل ذلك بسرعة ،ولاحظت أيضآ أنها ترتعد خوفآ .
وحياها تافرنر وقال أنه آسف لأن يزعجها مرة أخرى،فأجابته بصوت باهت :
_أظن أن لا سبيل لك غير ذلك ..
قال :
_لا أحسبني يا سيدتي بحاجة إلى أن أقول لك أن من حقك الإستعانة بمحاميك إذا شئت .
_أنا لا أحب مستر جيتسكيل ، ولا أريد أن أراه.
_بوسعك الإستعانة بأي محام آخر يقع عليه إختيارك .
_وهل ذلك ضروري؟أنا لا أحب رجال القانون..إنهم يربكونني ،فقال تافرنر وعلى شفتيه إبتسامة لا معنى لها :
_على رسلك ..هل نبدأ ؟
فجلست على أحد المقاعد وسألت:
_هل وجدتم شيئآ ؟
وراحت أصابعها تعبث بقماش ثوبها بحركة عصبية .
قال تافرنر :بوسعنا أن نؤكد بصفة قاطعة أن زوجك مات مسمومآ بمادة الإيزيرين.
_تعني أنه قتل بالمادة التي يضع منها قطرات في عينيه؟
_يبدو أنك حقنته آخر مرة بالإيزيرين بدلآ من الأنسولين .
_ولكني لم أكن أعلم أيها المفتش ..أقسم لك أنني لم أكن أعلم .
_إذن لابد أن يكون أحدهم تعمد إستبدال الأنسولين بالإيزيرين.
_هل تعتقد أن ذلك حدث عمدآ؟ أم خطأ؟أم على سبيل الدعابة ؟
_نحن لا نعتقد بأنها كانت دعابة يا سيدتي .
_إذن لا بد أنه أحد الخدم..إنني لا أرى تفيسرآ آخر .
_هل أنت واثقة يا سيدتي ؟ فكري جيدآ،ألم يكن هناك من يحقد على مستر ليونيدس ؟ألم يحدث خلاف بينه وبين أحد .
_لا أظن .
_سبق أن قلت أنك ذهبت إلى السينما بعد ظهر ذلك اليوم .
_ نعم..وقد عدت حوالي الساعة السادسة والنصف.وهو موعد الحقنة.ولكني ما كدت أحقنه كالعادة حتى فتر لونه وأصيب بإنهيار فذعرت وأسرعت إلى Rojar‏ ‏.إنني قصصت عليك كل ذلك فهل يجب أن أكرره .
وإرتفع صوتها غضبآ وضيقآ وهي تنطق بالعبارة الأخيرة فقال تافرنر:
_أنا آسف يا سيدتي..هل أستطيع مقابلة مستر براون ؟
_تعني لورانس؟ لماذا؟إنه لا يعرف شيئآ على الإطلاق .
_أريد مقابلته على كل حال .
فنظرت إليه بإرتياب وأجابت :
_إنه في قاعة الدرس يلقي على أوستاش درسآ في اللغة اللاتينية هل أدعوه إلى هنا ؟
_كلا ..أفضل أن أذهب إليه بنفسي .

""" منتديات عقيل عطارد
‎عالم بلا نهاية‏" "‏‏"‏

_وغادر تافرنر الغرفة ،وتبعته مع الضابط ( لام ) .وسرنا في دهليز إنتهى بنا إلى غرفة فسيحة تطل على الحديقة وهناك رأينا رجلآ يناهز ال٣٠ ،يجلس جنبآ إلى جنب مع مراهق نحو السا١٦دسة من عمره .
ورفع الإثنان رأسيهما حينما دخلنا ،وإتجهت عينا أوستاش إلي ،بينما إستقرت عينا لورانس براون على تافرنر،ولم أر في عيني إنسان من الجزع ما رأيته في عيني هذا الشاب في تلك اللحظة ..كان يبدو وكأنه يوشك أن يموت خوفآ.
نهض واقفآ وقال :
_طاب يومك أيها المفتش ..
_طاب يومك ..هل أستطيع أن أقول لك كلمتين .
_بلا شك يا سيدي .
فنهض أوستاش وقال بصوت رقيق:
_هل أغادر الغرفة أيها المفتش ؟
فقال له لورانس :
_سنستأنف الدراسة بعد قليل يا ostache‏ ‏.
فإنصرف الفتى وهو يمشي ببطء ،ويعرج في مشيته .( هل تتذكر أيها القاريء لما يعرج ؟ ) .
قال تافرنر:
_لقد أثبتت التحاليل حقيقة هامة يا مستر براون .هي أن مستر ليونيدس مات بمادة الإيزيرين .
_إذن فقد مات مسمومآ حقآ ؟كنت أرجو أن..
_أنعم ..لقد إستبدل أحدهم بالإيزيرين مادة الأنسولين التي كان يحقن بها .
_لا أستطيع أن أتصور ذلك !! هذا أمر لا يمكن تصوره .
_السؤال الذي أريد أن ألقيه عليك هو :من صاحب المصلحة في قتل مستر ليونيدس؟
_لا أحد..لا أحد إطلاقآ.
_بهذه المناسبة.ألا تريد أن يشترك محاميك في هذا الحديث ؟
_ليس لي محام..ولا أريد أن يكون لي..إنني لا أخفي شيئآ.
_هل تعلم أننا سنسجل أقوالك ؟
_إنني بريء.أقسم لك أنني بريء .
_أنا لم أقل شيئآ يوحي بعكس ذلك .
وصمت تافرنر قليلا ثم قال :
_كانت مسز ليونيدس أصغر كثيرآ من زوجها ..أليس كذلك ؟
_أظن ذلك ..أعني ..نعم .
_لا بد أنها كانت تشعر بالوحدة في بعض الأحيان .
( عالم بلا نهاية )

فمر لورانس بلسانه على شفتيه الجافتين ولم يجب ..وإستطرد تافرنر قائلآ :
_لا شك أنه كان من بواعث إرتياحها أن تجد على مقربة منها شابآ في مثل سنها ؟
_نيفا ..أعني ..لست أعلم .
_أما أنا فيخيل إلي أنه من الطبيعي جدآ أن تتوثق أواصر الصداقة بينكما .
فقال لورانس محتجآ بقوة :
_أنا أعرف جيدآ ما يدور بخلدك ..ولكنك مخطيء.أن مسز ليونيدس تعطف علي وأنا لا أكن لها إلا الإحترام،ولم أشعر نحوها قط بأية عاطفة أخرى،وهذا الدور الذي تلمح إليه فظيع للغاية ولست أتصور أنني أستطيع أن أقتل أحدآ بالسم أو بسواه ،إن عقيدتي الدينية تمنعني من أن أقتل ،وهذا هو السبب في أنني لم أنخرطفي سلك الجندية،وبدلآ من حمل السلاح عملت وقادا بالمستشفيات كنت أشعل المدافيء والسخانات وهو عمل مضن لم أقو على مواصلته فسمحت لي السلطات بالإشتغال بالتدريس ،وأنا هنا أبذل قصارى جهدي مع أوستاش وجوزيفين.
جوزيفين تلميذة ذكية جدآ ولكنها متعبة ،والجميع في هذا البيت يعاملونني بكل رفق ،وهانتذآ تأتي الآن وتتهمني بإرتكاب جريمة قتل !!
فإنبسطت أسارير تافرنر قليلآ وقال :
_أنا لم أتهمك !
_ولكنك تطن ذلك ،الجميع هنا يظنون ذلك،إنني أقرأ الإتهام في عينيك،ولكني لست في حالة تساعدني على الكلام،إنني أشعر بوعكة .
وأسرع إلى خارج الغرفة ،فتحول تافرنر إلي ببطء وقال :
_ما هي إنطباعاتك ؟
_إنه في أشد حالات الخوف .
_أعلم ذلك ..ولكن هل هو القاتل ؟
فقال الضابط ( لام ) :
_إذا أردت رأيي فإنه ليس قاتلآ ..ولا يمكن أن تواتيه القدرة على القتل .
فقال تافرنر :
_ذلك رأيي أيضآ ..فهو لا يستطيع أن يقتل ( ولو بعوضة ! ) ..بل ولا يستطيع أن يصوب مسدسآ..ولكن الجريمة التي نحن بصددها لا تكلف القاتل جهدآ ..بحسبه أن يستبدل قنينة بأخرى لكي يساعد عجوزآ متهدمآ على الخروج من هذه الدنيا بأقل قدر من الألم .
فقال الضابط :
_كنوع من القتل بدافع الشفقة .
_ وبعد فترة إنتظار معقولة .يقترن بالأرملة الشابة التي تملك نحو مائة ألف جنيه وترث مبلغآ مماثلآ ..عدا ما لديها من مجوهرات .
وصمت تافرنر قليلآ ثم قال :
_كل هذا مجرد ظن ..لقد تعمدت أن ألقي الذعر في قلبه ،ويبدو أنني نجحت،ولكن ذلك لا يثبت شيئآ ،فالإنسان يمكن أن يخاف وهو بريء ،والواقع أنني لا أرتاب فيه بقدر ما أرتاب في المرأة ..ولكني مازلت أتساءل ..لماذا لم تتخلص من القنينة .أو على الأقل لماذا لم تغسلها لإزالة كل أثر للإيزيرين بها ؟
ثم إلتفت إلى لام ( الضابط ) وسأله :
_ألم يلاحظ الخدم وجود صلة بين سيدتهم ولورانس .
_قالت لي الوصيفة أنها واثقة من وجود عاطفة متبادلة بينهما .
_ما الذي جعلها تعتقد ذلك ؟
_نظراته إلى السيدة وهي تقدم له أقداح القهوة .
_وهل هذا دليل يقدم للمحكمة ؟ ألا يوجد شيء آخر ؟
كلا .
_لو كانت بينهما صلة لما غاب عن الخدم ملاحظتها .إنني أكاد أقتنع بأن هذه الصلة لا وجود لها .
ثم إلتفت إلي وقال :
_إذهب إليها الآن وإستدرجها إلى الحديث فإنني أود أن أعرف إنطباعاتك عنها .
فخرجت وأنا أشعر بقليل من الحماسة وكثير من الفضول *
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

لورانس الجزء الأول+الثاني

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

‎* وجدت بريندا ليونيدس جالسة حيث كانت حين تركتها..سألتني حالما وقع بصرها علي :أين المفتش ألن يعود ؟

_ليس الآن .
_من أنت ؟
هذا هو السؤال الذي كنت أتوقعه منذ الصباح وقد كان جوابي أقرب ما يكون إلى الحقيقة .
_إنني أعمل مع البوليس ولكني صديق للأسرة .
_الأسرة ؟أولئك الوحوش ! إنني أمقتهم جميعآ .
ونظرت إلي ،وشفتاها ترتجفان وإستطردت قائلة :
_لماذا كان ينبغي ألا أتزوج أباهم ؟ ولماذا ضايقهم هذا الزواج ؟إنهم جميعآ أثرياء إلى أبعد حدود الثراء من المال الذي أخذوه من أبيهم والذي ما كانوا يستطيعون أن يربحوه بكدهم وعرق جبينهم !! ثم ألم يكن من حقه أن يتزوج رغم تقدمه في السن ؟على أنه لم يكن عجوزآ بحال ..إن العجز أنواع ..وقد كنت أحبه .
ونظرت إلي في تحد وإستطردت قائلة :
_نعم كنت أحبه .ولعلك لا تصدق ذلك ،ولكنها الحقيقة ،كان هناك رجال كثيرون أستطيع أن أختار من بينهم زوجآ لي..ولكني كنت أريد بيتآ..وشخصآ يدللني ويقول لي كلامآ لطيفآ.وقد قال لي أرستيد هذا الكلام،وعرف كيف يسليني ويضحكني .
كلا ..إن موته لم يسرني،إنني جد حزينة.
وإعتدلت في جلستها وإرتسمت على ركن فمها إبتسامة غريبة وقالت:
_لقد كنت سعيدة هنا .كنت أشعر بالطمأنينة والأمان،وأذهب إلى أشهر صانعي الثياب.وكان أرستيد يقدم لي أجمل الهدايا وأثمنها ،ونظرت إلى الخواتم التي تزين يديها وقالت:
_أي ذنب جنيت؟كنت لطيفة معه وقد أسعدته.
_هل تدري كيف عرفته ؟
ولم تنتظر إجابتي مضت تقول :
_كنت أعمل في أحد المطاعم .فجاء وطلب بيضآ مسلوقآ،وعندما أحضرت له ما طلب .كانت الدموع في عيني فقال لي " إجلسي ..وحدثيني ما خطبك " فأجبته ،مستحيل .لو فعلت ذلك لطردوني ، فقال : سوف يدهشني أن يطردوك ..لأنني صاحب هذا المطعم " .فنظرت إليه ،ووجدته قزمآ عجوزآ لا يساوي شيئآ..ولكني إكتشفت فيما بعد أنه صاحب سلطة ليست لسواه.وبإختصار.رويت له قصتي..ومن المحتمل أنك تعرفها .إذ لا شك أنهم حدثوك عني،وقالوا لك أنني مخلوقة تافهة..ولكنهم كاذبون..فأنني على جانب كبير من الثقافة وكان أبي يملك متجرآ كبيرآ ..ولم يحدث قط أنني تسكعت مع الفتيان ولكن " تيري " كان يختلف عن غيره من الشباب.كان من أصل إيرلندي،وقد سافر مع الجيش إلى مكان بعيد ولم يكتب إلي وإنقطعت أنباؤه،ومن تحصيل الحاصل أن أقول لك أنني كنت قد تورطت معه،وأصبحت في مركز أية فتاة تخلى عنها عشيقها.
سمع أرستيد قصتي..وكان رائعآ..قال لي:أن كل شيء يمكن إصلاحه..وأنه يشعر بوحدة شديدة،وأننا سنتزوج دون إنتظار ..ولم أصدق أذني ..وخيل إلي أنني أحلم،وعلمت على الأثر أنه مستر ليونيدس المشهور الذي يملك كثيرآ من المطاعم والملاهي والأندية الليلية .وبعد فترةد وجيزة تزوجنا في إحدى الكنائس الصغيرة ،ورحلنا إلى أوروبا لقضاء شهر العسل .
_والطفل ؟
_لم يكن هناك طفل .كنت مخطئة .
وإبتسمت وإستطردت قائلة:أقسمت أن أكون له خير زوجة..وبررت بقسمي،قدمت له الطعام الذي يريده ..وإرتديت الثياب التي تعجبه ،وفعلت كل ما يمكنني لإسعاده،وكان سعيدآ فعلآ،ولكننا لم نستطع قط التخلص من أفراد أسرته .أولئك الأمعات التوافه الذين يعيشون على حسابه ،إليك مثلآ تلك العجوز مس دي هافيلاند ،أما كان يجب عليها أن ترحل ؟ قلت ذلك لأرستيد فأجاب :" إنها تقيم هنا منذ وقت طويل . و تعتبر هذا البيت بيتها " .
* * *
(** منتديات عقيل عطارد **)
تحتويـٍ على معلومات فضائية وفلكية ودراسات عن المجموعة الشمسية والمجرات وكل ما بداخل الكو نًـ وعلم الفلك وريادتہا .
* * *
كان في صوتها وفي نظرتها إلى شيء جعلني أشعر نحوها بالشفقة والعطف .حتى كدت أن أدين السلوك اللا إنساني لتلك الأسرة التي تحاول أن تلصق جريمة القتل بهذه المرأة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة .
قالت :
_في إعتقادهم أنني إذا لم أكن قتلت .فالقاتل هو لورانس .
_حدثيني عنه قليلآ يا مسز .
_كنت دائمآ أرثي له.فهو معتل الصحة ،ولم يشترك في الحرب ليس لأنه جبان ؛ وإنما لأنه شديد الحساسية .وقد بذلت قصاري جهدي لكي أجعله يشعر بالسعادة هنا..إنه يشرف على تثقيف تلميذين فظيعين ..أوستاش..الذي لا يدع فرصة تمر دون أن يسخر منه و يحاول إذلاله ..وجوزيفين هل رأيتها ؟
_كلا ..
_إنها تذكرني بالحية .وهي غريبة الأطوار،حتى تشعر أحيانآ بالخوف منها .
ولكن جوريفين لم تكن تهمني..فعدت إلى الحديث عن لورانس وسألتها :
_من هو ؟ ومن أين جاء ؟
_إنه لا شيء..مثلي..فماذا نستطيع ضدهم..خاصة وأن المفتش في صفهم .
_لا ينبغي أن تنظري إلى الأمور على هذا النحو .
_لماذا لا يكون القاتل واحدآ منهم؟ أو شخصآ من الخارج؟
_أو أحد الخدم ؟
_يجب أن نفكر في الدافع إلى الجريمة.
_الدافع؟ وما هو الدافع بالنسبة إلي ..أو إلى لورانس ؟
فقلت بشيء من الحرج :
يمكن أن يقال أن بينكما صلة عاطفية وأنك تأملين الإقتران به يومآ ما .
فقالت بحدة :
_كيف يجرأون على مثل هذا التفكير ؟ لم يحدث قط أن دار بيني وبينه حديث يدعوهم إلى هذا الظن ..كنت لطيفة معه لأنني كنت أتألم له.نحن صديقان ولا شيء غير ذلك ،هل تصدقني ؟
_صدقتها .وصدقت أنهما كانا مجرد صديقين كما قالت ،ولكني شعرت في قرارة نفسي بأنها مولعة به..ربما دون أن تدري .
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 9 لورانس الجزء الثاني

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الجزء الثاني الحلقة 9.
...ربما دون أن تدري ..>> نواصل .

وبهذه الفكرة في ذهني ،إنطلقت لمقابلة صوفيا وكنت في طريقي إلى قاعة الإستقبال حين رأيتها تطل من أحد الأبواب .
قالت لي:
_إنني أساعد " ناني " في إعداد الطعام .
فهممت بمرافقتها إلى المطبخ ،ولكنها أمسكت بيدي ،وقادتني إلى قاعة الإستقبال ،ولم يكن بها أحد .
سألتني :
_هل قابلت بريندا ؟ ما رأيك فيها ؟
_بصراحة..أنا أرثي لها .
فنظرت إلي بإحتقار وقالت :
_أرى أنها طوتك تحت جناحها .
_الواقع أنني فهمت وجهة نظرها .
_ماذا تعني ؟
_أجيبيني بصراحة يا صوفيا ،هل يومآ منذ جاءت بريندا إلى هذا البيت أن إحتضنتها الأسرة أو عاملتها برفق على الأقل ؟
_كلا..لم يحدث..ولكن لماذا كان يجب أن نترفق بها ؟يبدو من كلامك يا تشارلس أن بريندا أقنعتك بتمثيلها .
_الحق أنني لا أعرف ماذا دهاك يا صوفيا.
_دهاني أنني صريحة وأقول كل ما يدور بخلدي..قلت أنك فهمت وجهة نظر بريندا..حسنآ..دعني أوضح لك وجهة نظري أنا لا أحب التيات الائي يخترعن القصص لإثارة شفقة العجائز بهدف الإقتران بهم..إن لي كل الحق في أن أمقت المغامرات التي من هذا الطراز .
ولست أرى سببآ يدعوني إلى التظاهر بحبهن .
_هل تعتقدين أنها كذبت على جدك ؟
_بشأن الطفل ؟ ربما .
_ألا تغفرين لها أنها إستولت على جدك ؟
فإنفجرت ضاحكة وقالت :
_أؤكد لك أنها لم تستول عليه.لا أحد إستطاع أن يستولى عليه.لقد أراد بريندا.وظفر بها، كان يعرف جيدآ ما هو فاعل ،فسارت الأمور وفقآ لخطته،وكان الزواج من وجهة نظره عملية ناجحة مثل جميع عملياته .
_وهل كان من عملياته الناجحة إختيار لورانس براون مدرسآ للأولاد ؟
ولاحظت صوفيا ما في سؤالي من سخرية فقطبت ما بين حاجبيها وقالت :
_ولم لا ..لعله أراد أن تكون بريندا سعيدة وألا تشعر بالملل،ولعله قال لنفسه أن الثياب والمجوهرات لا تكفي لإسعادها ويجب أن يكون في حياتها شيء من الرومانسية التي لا خطر منها .ومن المحتمل أن يكون قد رأى أنه رجلآ خجولآ من طراز لورانس براون هو الشخص المطلوب كطرف في علاقة مع بريندا تجمع بين الصداقة والحب ،وتمنع بريندا من التورط في مغامرات فعلية مع آخرين في الخارج.
لقد كان جدي بارعآ في مثل هذه التدابير،طبيعي أنه لم يكن يتوقع أن ينتهي هذا التدبير بجريمة .
وصمتت قليلآ ثم قالت :
_إن معرفتي ببراعة جدي تجعلني أكاد أرتاب في أن بريندا هي التي قتلته ، إذ لو أنها دبرت لإرتكاب الجريمة بنفسها أو بالإشتراك مع لورانس لعلم جدي بذلك .
_وهذا يعيدنا إلى نقطة البداية.
_لندع الحديث في هذا الموضوع يا تشارلس..سأذهب الآن لإعداد الطعام .
_ألا تريدين أن أساعدك ؟
_بل إبق هنا..إن " ناني " تجن إذا رأت رجلآ في المطبخ .
قالت ذلك وغادرت الغرفة ،فتهالكت على أحد المقاعد..وإنصرفت إلى التفكير .
* * * * *
لقد عرفت وجهة نظر بريندا..وعرفت كذلك وجهة نظر صوفيا..التي هي أيضآ وجهة نظر الأسرة كلها،وخلصت مما سمعت أن آل ليونيدس لا يغفرون للأجنبي الذي يندس بينهم بوسائل يعتقدون أنها ملتوية .
ولعلهم في ذلك على حق .
ولكن للموضوع ناحية إنسانية يصرون جميعآ على تجاهلها ،ذلك أنهم كانوا طوال حياتهم في رغد من العيش ،فهم لا يفهمون معنى طموح عند الذين لم يملكوا في حياتهم شيئآ .
وقد أرادت بريندا أن تظفر بكل ما حرمت منه :
_المال والترف .والأمان والبيت.وكان لها ما أرادت ..في مقابل بذلته لإسعاد زوجها العجوز .
لقد شعرت بالعطف عليها حين سمعت قصتها .فهل يجب الآن أن أسترد هذا العطف وأنكره عليها ؟
إنها مشكلة معقدة ذات وجهين ..فأيهما أصح ؟
وكنت قد قضيت ليلة مسهدة وإستيقظت مبكرآ في الصباح لأرافق تافرنر..وكان جو قاعة الإستقبال دافئآ معطرآ ،والمقعد الذي أجلس فيه وثيرآ..فأغمضت عيني وما لبثت أن أستغرقت في نوم عميق *
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الرجل الغامض !؟

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة 10 الرجل الغامض !؟ الجزء الأول
إستيقظت من نومي في هدوء حتى كدت أن لا أصدق أنني نمت ،ورأيت فوق رأسي بقعة بيضاء خيل إلي أنها لشبح في الفضاء وإنقضت بضع ثوان قبل أن أستجمع حواسي .

وأدرك أن هذه البقعة البيضاء لم تكن إلا وجهآ مستديرآ لفتاة صغيرة نحيلة لها شعر كستنائي معقود خلف رأسها وعينان سوداوان جاحظتان .
قالت الفتاة وهي تنظر إلي بحدة :
_طاب يومك.
مغمغمت:أنا أدعى جوزيفين .
وكنت توقعت حالما رأيتها أنها جوزيفين ..شقيقة صوفيا .كانت في نحو الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمرها،دميمة جدآ،وتشبه جدها شبهآ عظيمآ..وخيل إلي أنها ربما قد ورثت ذكاءت أيضآ .
قالت :أنت صديق صوفيا،ألست كذلك ؟
فصمت ،ولم أجب.
قالت :
_ولكنك جئت مع المفتش تافرنر..لماذا؟
إنه أحد أصدقائي .
_أحقآ ؟إنه لا يعجبني..ولذلك لن أقول له شيئآ .
_وماذا كان بوسعك أن تقولي له؟
_إنني أعرف أشياء كثيرة .
وجلست على طرف أحد المقاعد وإستمرت تتفرس في وجهي بإلحاح حتى بدأت أشعر بالضيق .
قالت :
_إن جدي قتل ..هل تعلم ذلك؟
_ نعم .
_مات مسمومآ بمادة الإيزيرين .
ونطقت بكلمة " إيزيرين " ببطء ووضوح ثم إستطردت قائلة :
_إنها مسألة مثيرة..فما قولك ؟
_أعتقد ذلك ..
_إنها أثارتني ..أنا وأوستاش..فنحن نحب القصص البوليسية..وطالما تمنيت أن أصبح بوليسآ سريآ.وها قد تحققت أمنيتي.أنا الآن أبحث عن أدلة .
كان كل شيء فيها يثير النفور.
قالت :
_ذلك الرجل الذي جاء مع المفتش تافرنر.هل هو أيضآ من رجال الشرطة؟يقولون في القصص البوليسية أن الشرطي إذا إرتدى الملابس المدنية فيمكن معرفته من حذائه الضخم،ولكن حذاء هذا الرجل من النوع اللامع الجميل .
_كيل شي يمكن أن يتغير..وسوف يحدث تغيير هنا أيضآ..إذ يحتمل أن نذهب للإقامة في لندن،كانت أمي تتمنى ذلك منذ وقت طويل ،أما أبي فتستوي عنده الإقامة في أي مكان طالما أن كتبه على مقربة منه..وفيما مضى لم يكن في إستطاعتنا الإنتقال إلى لندن،لأن أبي خسر مبالغ طائلة في جيزابيل .
_جيزابيل ؟
_نعم..هل شهدتها ؟
_هل هي مسرحية؟كلا..لم أشهدها ؛لأنني لم أكن في إنجلترا .
_إنها لم تمثل طويلآ..ويمكن أن يقال أنها سقطت.وفي إعتقادي أن أمي لا تصلح لدور " جيزابيل " فما رأيك أنت ؟
وكنت قد رأيت ماجدا في غلالة رقيقة ،ثم رأيتها مرة أخرى في تايير أنيق ،ولم أجد في المرتين ما يذكرني بجيزابيل،ولكني رأيت من الحكمة أن أجبيب جوزيفين بأنني لا أستطيع أن أبدي رأيآ في هذا الموضوع ، فقالت :
_كان من رأي جدي دائمآ أن المسرحية لن تحقق ربحآ ،وقال إنه لا يمكن أن يجازف بتمويل دراما دينية لأن الجمهور لا يقبل على هذا النوع من المسرحيات.ولكن أمي كانت مفتونة بدورها..على أن المسرحية لم تعجبني‎(dislike‎)‎
لأنها قدمت جيزابيل في صورة إمرأة شريرة،خلافآ لما ورد في الكتاب المقدس،ولكن النهاية لم تكن رديئة ،فقد ألقوا بجيزابيل من النافذة..ومما يدعو للأسف أنه لم يكن هناك كلاب يلتهمها،وقد قالت أمي أنه لم يكن في إستطاعتهم تقديم الكلاب على خشبة المسرح،ولكني أعتقد أنه كان بوسعهم إستخدام كلاب مدربة .
ثم راحت تردد ما جاء في الكتاب المقدس في هذا الصدد:
( وإلتهمت الكلاب جسدها كله فيما عدا راحة يدها ) .
لماذا لا تلتهم الكلاب راحة يدها ؟
_الحق أنني لا أعلم .
_لابد أنها كانت كلابآ ذات ذوق خاص،إن كلابنا تأكل كل شيء ( حتى الحلوى ) .
وراحت تفكر في هذا السر ،فقلت لكي أواصل الحديث معها :
_يؤسفني أن المسرحية سقطت .
_كانت أمي تقرأ ما كتته النقاد عن المسرحية فتبكي أو تثور غضبآ ،وبلغ غضبها ذات صباح أنها قذفت بصفحة الطعام في وجه وصيفتها جلاديس ،وقد ضحكت يؤمنذ حتى دمعت عيناي .
_يخيل إلي أنك تحبين المواقف الدرامية .
_هل تعرف أنهم قاموا بتشريح جثة جدي لمعرفة سبب وفاته ؟
_نعم ..هل حزنت لوفاته يا جوزيفين ؟
_كلا.كلا لم أكن أحبه كثيرآ.فهو الذي منعني من تعلم رقصات البالية .
هل كنت تريدين تعلم الرقص ؟
_نعم ،وقد وافقت أمي..ووافق أبي أيضآ ولكن جدي قال إنني لن أصلح لشيء.
وهزت كتفيها،وقالت لتغير مجرى الحديث ؟
_هل يعجبك بيتنا ؟
_لست واثقآ من ذلك .
_من المحتمل أن يباع..إلا إذا أصرت بريندا على البقاء فيه .ومن المحتمل جدآ كذلك أن يعدل العم روجر والعمة كليمنسي الآن عن الرحلة التي كانا يعتزمان القيام بها .
_هل كانا يعتزمان القيام برحلة ؟
_نعم ،كانا يعتزمان السفر بالطائرة يوم الثلاثاء إلى مكان ما في أوروبا،بل وقد إبتاعت العمة كليمنسي فعلآ حقيبة صغيرة جميلة من تلك الحقائب الخفيفة التي تستخدم للسفر بالطائرات .
_إنني لم أسمع أي حديث عن هذه الرحلة .
_لا أحد يعلم بأمرها.كان مقررآ أن تظل سرآ لا يذاع إلا بعد رحيلهما..وكان في نيتهما أن يكتبا بشأنها رسالة لجدي .
_ولكن لماذا سيعدلان عن الرحلة ؟هل تعرفين السبب ؟
فنظرت إلي بخبث وقالت :
_أظن أنني أعرف..أنا لست على يقين ولكني يخيل إلي أن العم روجر إرتكب بعض الإختلاسات .
_لماذا تقولين ذلك ؟
فإقتربت جوزيفين مني وقالت في همس :
_في يوم وفاة جدي،ذهب إليه العم روجر في غرفته ومكث معه وقتآ طويلآ تحدثا خلاله كثيرآ،وإتهم العم روجر نفسه بالضعف والغباء ،وقال إنه لا يستحق الثقة التي وضعها فيه جدي .
فنظرت إليها بشيء من القلق وقلت لها :
_ألم يقل لك أحد يا جوزيفين أن الإنصات وراء الأبواب لا يتفق مع الخلق الكريم ؟
فإبتسمت وأجابت :
_طبعآ ..ولكن كيف يعرف الإنسان حقائق الأمور إذا لم يسترق السمع وراء الأبواب ؟سل المفتش تافرنر يجبك بأنه لا يجد غضاضة في ذلك .
ولم تدع لي فرصة للكلام وإستطردت قائلة :
_وإذا لم يكن تافرنر يسترق السمع بنفسه ،فإن زميله ذا الحذاء اللامع يفعل ذلك ..كلاهما يبحثان في كل مكان ..يفتحان الأدراج ويقرآن الرسائل وينبشان أسرار الجميع ..ولكنهما ليسا من الذكاء بحيث يعرفان أين يجب أن يبحثا ،أنا وأوستاش نعرف أشياء كثيرة ،وأنا أعرف أكثر ولكني لا أطلعه على معلوماتي،لأنه يزعم أن النساء لا يصلحن لأعمال البوليس السري..وأنا أعتقد غير ذلك ،وسوف أسجل معلوماتي في دفتر أقدمه لرجال البوليس بعد أن يعترفوا بعجزهم وأقول لهم :إنني أعرف المجرم .
_هل تقرأين الكثير من القصص البوليسية يا جوزيفين ؟
_أقرأ المئات .
_وتظنين أنك تعرفين من قتل جدك ؟
_لدي فكرة لم تنضج بعد ،إذ لا أزال أفتقر إلى الأدلة .
وصمتت قليلآ ثم قالت :
_يعتقد المفتش تافرنر أن بريندا سممت جدي بالإتفاق مع لورانس،أليس كذلك يا صغيرتي ؟
إنه إحتمال وجيه وخاصة إذا وضعنا في الإعتبار أن بريندا ولورانس يتبادلان الحب ..
_لا يجب أن تقولي مثل هذا الكلام يا جوزيفين .
_ولم لا ؟ أليست هذه هي الحقيقة ؟
_لا أحد يعلم ذلك ؟
_ولكنهما يتبادلان الرسائل الغرامية .
_كيف علمت ؟
_أنا أعلم لأنني قرأتها..وجدتها تفيض بالعبارات العاطفية.وذلك يستغرب من شخص مثل لورانس أنه جبان إلى حد أنه خاف من الإشتراك في الحرب ،وعندما كانت الصواريخ تمرق فوق البيت ؛كان يرتجف فزعآ ويفر لونه فأغرق أنا وأوستاش في الضحك .
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

رد: الحلقة 10 الرجل الغامض !؟

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

لو سمحتو خلونا نشوف ردودكم م شايف أي رد يعني ما في متابعات
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 10 الرجل الغامض !؟ الجزء الثاني

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

...أنا وأوستاش في الضحك...
نواصل<<
وكان من الممكن أن يستمر حديثنا أكثر من ذلك لولا أن سمعنا في هذه اللحظة صوت وقوف سيارة بباب البيت فأسرعت جوزيفين إلى النافذة وأطلت منها فسألتها :
_من القادم ؟
_مستر جيتسكيل ..محامي جدي..
_وأظن أنه جاء من أجل الوصية .
وبدا عليها الإنفعال،وأسرعتإلى قاعة الإستقبال،ربما لتواصل تحرياتها .
وجاءت ماجدا على الأثر ولشد ما كانت دهشتي حين رأيتها تقبل على وتتناول يدي بين يديها وتهتف قائلة :
_حمدآ لله على أنك مازلت هنا !! فما أحوجنا إلى رجل في هذا البيت !!
وتركت يدي،وجلست على مقعد،ونظرت إلى وجهها في إحدى المرايا،ثم راحت تنقر بأناملها على حافة المائدة .
وأطلت صوفيا برأسها من الباب وقالت :
_جاء مستر جيتسكيل .
فقالت ماجدا :
_أعلم ذلك .
وعادت صوفيا بعد قليل برفقة رجل قصير القامة فنهضت ماجدا لإستقباله .
قال جيتسكيل :
_طاب يومك يا سيدتي.لقد جئت لمقابلة زوجك إذ يبدو أن هناك سوء تفاهم بشأن الوصية ..فقد فهمت من رسالة بعث بها إلى أنه يعتقد أن الوصية عندي ،ولكني أظن مما سمعته من مستر أرستيد ليونيدس نفسه أن الوصية في خزانته.. فهل تعلمين أين هي ؟
ففتحت ماجدا عينها في دهشة وقالت :
_أنا؟كلا طبعآ !! لا تقل لي تلك المرأة البغيضة قد أعدمتها .
فرفع المحامي سبابته محذرآ وقال :
_كلا يا سيدتي..كلا..لماذا تلقين الإتهامات جزافآ؟كل ما في الأمر أننا نريد أن نعرف أين إحتفظ مستر ليونيدس بوصيته .
_إنه أرسلها إليك ..أنا متأكدة..لقد قال لنا ذلك بنفسه .
_فلم يكف جيتسكيل نفسه عناء تكذيبها ، وقال :
_لقد فحص رجال البوليس أوراق مستر ليونيدس سأتحدث في الأمر إلى المفتش تافرنر .
وإنصرف فصاحت ماجدا :
_إنها أعدمت الوصية...لا شك عندي في ذلك .
فقالت صوفيا :
_كلا يا أماه ..إنها لا تقدم على مثل هذه الحماقة .
_حماقة ؟ألا تعلمين أنه في حالة عدم وجود وصية فإن التركة كلها تؤول إليها ؟
_صه..هو ذا جيتسكيل .
ودخل المحامي برفقة المفتش ..ودخل فيليب في أثرهما .
قال المحامي :
_لقد فهمت مما صرح لي به مستر ليونيدس أنه أودع الوصية خزانة البنك .
فهز تافرنر رأسه وأجاب :
_إنني إتصلت تليفونيآ بالبنك وقيل لي أن مستر ليونيدس لم يودع به سوى بعض الأسهم والسندات وليست هناك أية أوراق خاصة .
_ربما كان روجر أو الخالة أديث يعلمان شيئآ ..هل لك أن تستدعيهما يا صوفيا ؟
وجاء روجر وأكد أن أباه أرسل الوصية إلى المحامي بالبريد غداة فقال المحامي :
_إذا لم تكن الذاكرة قد خانتني ،فإنني أرسلت مشروع الوصية إلى مستر ليونيدس يوم 24 نوفمبر الماضي فوافق عليه،وبعد بضعة أيام قدمت إليه الوصية لتوقيعها، ولما لم يردها إلي ، إتصلت به بعد نحو أسبوع لأسأله عما إذا كان يريد أن يدخل عليها بعض التعديلات ولكنه أجاب بأنه وافق على كل ما جاء بها ووقع عليها بإمضائه وأودعها خزانة البنك الذي يتعامل معه .
فقال روجر :
كل هذا صحيح ، فقد حدث في نهاية نوفمبر الماضي أن دعانا أبي للإجتماع به ذات مساء وتلا علينا وصيته .
فإلتقت تافرنر إلى فيليب رسالة :
_هل حدث ذلك يا مستر ليونيدس ؟
_نعم .
_وماذا كان مضمون الوصية يا مستر جيتسكيل ؟
فقال روجر دون أن يدع فرصة للمحامي :
_كان مضمونها بسيطآ وواضحآ..كانت شقيقتان أليكترا و جويس
قد توفيتا فعاد إلى أبي كل ما وهبه لهما فلم يبق من الورثة سواي أنا وفيليب فأوصى أبي بمبلغ خمسين ألف جنيه خالية الضرائب للخالة أديث و بمبلغ مائة ألف جنيه لبريندا التي أوصى لها كذلك بهذا البيت وقسم الباقي إلى ثلاثة أقسام متساوية ،أحدهما لي والثانية لفيليب والثالث يوزع بالتساوي بين أولاد فيليب الثلاثة ،صوفيا ،وجوزيفين ، وأوستاش ، على أن ينال الآخيران ) جوزيفين و أوستاش ( نصيبهما متى بلغا سن الرشد ( أظن أنني لم أخطيء يا مستر جيتسكيل ؟
فأجاب المحامي :
_الواقع أن هذا هو ملخص الوصية التي كتبتها وفقآ لتعليمات مستر ليونيدس .
فقال روجر :
_لقد تلاها أبي علينا ،وطلب إلينا أن نبدي ملاحظاتنا عليها ،ولكن لم تكن ثمة ملاحظات .
فقالت مس دي هافيلاند مستدركة :
_بل كانت هناك تعليقات بريندا.
فقالت ماجدا بسرور واضح :
_نعم ..لقد قالت أنها لا تطيق سماع الحديث عن موت عزيرها أرستيد..وأنها لا تريد جنيهآ واحدآ من أمواله إذا مات .
فقالت دي هافيلاند بإحتقار :
_كان تعليقآ مبتذلآ لا ينم عن البيئة التي نشأت فيها .
لم يكن ثمة شك في أنها تمقت بريندا كل المقت .
فسأل تافرنر :
_وماذا حدث بعد قراءة الوصية ؟
فقال روجر :
_وقع أبي على الوصية .
_متى وكيف ؟
فنظر روجر إلى زوجته مستنجدآ..فقالت كليمنسي :
_هل تريد أن تعرف كل التفصيلات عن توقع الوصية ؟
_نعم ..إذا تفضلت .
) منتديات عقيل عطارد (
_وضع مستر أرستيد الوصية على المكتب وطلب إلى أحدنا وأعتقد أنه روجر _ أن يدعو خادمه الخاص جونسون ،ولما جاء جونسون الوصيفة ،وحينئذ وقع مستر أرستيد الوصية وطلب إلى الخادم والوصيفة أن يوقعا تحت إمضائه بصفتهما شاهدين .
فقال جيتسكيل :
_هذا إجراء قانوني لا غبار عليه .
فقال تافرنر :
_وبعد ذلك ؟
_وبعد ذلك شكرهما وطوى الوصية ووضعها في غلاف وقال إنه سيبعث بها إلى مستر جيتسكيل في اليوم التالي .
فأحال تافرنر بصره بين الحاضرين وسأل :
_هل تم توقع الوصية على هذا النحو ؟

نواصل في الجزء الثالث الحلقة 10
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 10 الرجل الغامض !؟الجزء الثالث

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الجزء الثالث الحلقة10>>
..هل تم توقيع الوصية على هذا النحو >>
فأومأ الجميع برؤوسهم علامة الإيجاب ،فقال محدثآ كليمنسي :
_قلت إنه وضع الوصية أمامه على المكتب،هل كنت على مقربة منه وقتئذ ؟
_كنت منه على بعد ثلاثة أو أربعة أمتار .
_حينما قرأ مسيو ليونيدس الوصية..هل كان جالسآ أمام مكتبه ؟
_نعم .
_وبعد أن قرأ الوصية،هل نهض وإبتعد عن المكتب قبل أن يوقع عليها ؟
_كلا ..
_هل كان بوسع الخادمين قراءة الوصية وهما يوقعان عليها ؟
_كلا ،فقد وضع مستر أرستيد على السطور المكتوبة قطعة ورق بيضاء .
فقال فيليب :
_فعل ذلك لسبب..هو أن مضمون الوصية لا يعنيهما.
فأخرج المفتش من جيببه غلافآ مستطيلآ قدمه إلى المحامي وهو يقول :
_ألق نظرة على ما في هذا الغلاف وأنبئني بما تراه .
فأخرج المحامي من الغلاف ورقة بسطها وألقى عليها نظرة سريعة وإرتسمت على وجهه دلائل الدهشة..وهتف :
_هذا عجيب .هل لي أن أسألك أين وجدت هذه الورقة ؟
_في خزانة مستر ليونيدس ..وبين أوراقه .
فسأل روجر:
_ماذا في هذه الورقة ؟
فأجاب المحامي :
_إنها الوصية التي أرسلتها إلى أبيك لتوقيعها..ومن عجب أنه لم يوقع عليها..رغم ما قررتموه جميعآ .
فقال المفتش:
_لعلها صورة من الوصية.
_إن الصورة عندي في مكتبي .
فصاح روجر :
_ولكن هذا مستحيل .
فسأله تافرنر :
_هل كان أبوك قوي البصر ؟
_إنه يستعمل العوينات في القراءة والكتابة .
_هل إستعملها في ذلك المساء .؟
_نعم..ثم خلعها بعد التوقيع .
فقالت كليمنسي مؤكدة:نعم..ذلك ما حدث تمامآ .
_هل أنتم جميعآ على يقين من أن أحدآ لم يقترب من المكتب قبل توقيع الوصية ؟
فقالت صوفيا :
_لم يقترب أحد من المكتب،ولم يبرح جدي مكانه لحظة واحدة .
( عالم بلا نهاية )
_هل كان المكتب في مكانه الحالي ؟ألم يكن قريبآ من أحد الأبواب أو إحدى النوافذ ؟
_كلا ..كان في مكانه حيث رأيته .
فقال تافرنر :
_ليس ثمة شك في أن مستر ليونيدس قد وقع بإمضائة على الوصية التي قرأها عليكم.وما أريد معرفته الآن هو كيف إستبدلت الوصية التي تحمل توقيعه وتوقيعي الشاهدين .بهذه الوصية الخالية من التوقيعات .
فقال روجر :
_ألا يحتمل أن يكون بعضهم قد عمل على إزالة التوقيعات ؟
_إن عملية الإزالة لا بد أن تترك أثرآ..ومن المرجح أن هذه الورقة ليست الوصية التي أرسلها مستر جيتسكيل إلى مستر أرستيد ليونيدس والتي تلاها هذا الأخير (المفتش )عليكم .
فصاح المحامي :
_هذا مستحيل ..أقسم أنها نفس الوصية الأصلية،إن في أعلى الورقة إلى اليسار صورة صغيرة لطائرة..وها هي الصورة ذا .
فقالت مس دي هافيلاند :
_المهم،هو أن يعرف موقفنا الآن .
فقال جيتسكيل :
_إن هذه الوصية تجب سائر الوصايا التي كتبها أرستيد ليونيدس من قبل..ويوجد أكثر من شاهد على أنها تتضمن رغباته..وأنها الوثيقة التي أعتقد أنه وقع عليها .
فرغباته إذن معروفة..ولكننا نجد أنفسنا الآن حيال مشكلة قانونية وفي غاية الدقة .
فنظر تافرنر إلى ساعته وقال :
_أخشى أن أعوقكم عن الطعام .
فقال فيليب :
_لماذا لا تتناول الغداء معنا أيها المفتش ؟
_شكرآ لك يا عزيزي..ولكني على موعد مع الدكتور جراي .
_وأنت يا مستر جيتسكيل..ألا تتناول الطعام معنا ؟
_بكل سرور يا فيليب .
فتناولوا الطعام في منتديات عقيل عطارد في قسم الأطعمة والأغذية .(ههههه أمزح معكم ) .
ونهض الجميع،فهمست في أذن صوفيا بأنني أوثر الرحيل فقالت لي :أن ذلك أفضل .
وهكذا غادرت الغرفة لهرولآ لألحق بالمفتش تافرنر *
صورة العضو الرمزية
حبيب نورسين
مشاركات: 40
اشترك في: الثلاثاء 2016.6.28 9:45 am
مكان: الخرطوم

الحلقة 11 الدافع المجهول الجزء الأول

مشاركة بواسطة حبيب نورسين »

الحلقة ‏11 الدافع المجهول الجزء الأول

‎دخلت مكتب أبي في " إسكتلند‏
يارد "حينما كان المفتش تافرنر يعرض عليه نتيجة أبحاثة .

كان يقول وعلى وجهه دلائل الإمتعاض:
_وها أنت ترى أنني سبرت أغوارهم،وعرفت ما في سرائرهم وماذا كانت النتيجة ؟لا شيء لم أهتد إلى القاتل..ولا إلى الدافع إلى الجريمة ،وكل ما عرفته عن المرأة وعشيقها،أنها كانت تحدجه بنظرات والهة وهي تقدم له أقداح القهوة .
فقلت له:
_يبدو أنني أعرف ما هو أهم من ذلك يا تافرنر .
_حقآ ؟حدثني إذن بما تعرف .
_فجلست وأشعلت لفافة تبغ وأفرغت ما في جعبتي :
وقلت :
_كان روجر وزوجته يتأهبان للسفر إلى الخارج يوم الثلاثاء القادم..وقد شجر خلاف شديد بين روجر وأبيه في يوم وفاة هذا الأخير على أثر إكتشاف الأب بعض الأخطاء الخطيرة في الشركة التي يديرها الإبن وقد إعترف الإبن بذنبه .
فهتف تافرنر وقد إحمر وجهه:
_من أين علمت بكل هذا بحق الشيطان ؟إذا كنت قد إستجوبت الخدم فإن .
_إنني لم أتصل بالخدم..وهذه المعلومات قد إستقيتها من بوليس سري خاص .
_ماذا تقول ؟
_ويبدو _كما في القصص،أن البوليس السري الخاص تفوق على رجال البوليس الرسميين ،وأنه فيما أعتقد يعرف أكثر مما ذكره لي،ففتح تافرنر فمه ليتكلم ولكنه لم ينطق بحرف .
كانت هناك أسئلة كثيرة تتحير على شفتيه ولا يعلم بأيها يبدأ.
وأخيرآ قال :
_إذن روجر هو ضالتنا .
فحدثته بكل ما ذكرته لي جوزيفين،وأعترف بأنني فعلت ذلك على كره مني،فقد كنت أعطف على روجر ولا أود أن أطلق رجال الشرطة في أثره .
ولكني كنت أعلم أنه لو صح ما قالته جوزيفين..فإن التحقيق لا بد أن يأخذ إتجاهآ آخر.إذ سيجد البوليس في إختلاس روجر لأموال الشركة المتحدة للمواد الغذائية وفي إكتشاف الأب هذا الإختلاس تفسيرآ للجريمة خاصة وأن روجر كان ينوي مغادرة إنجلترا قبل أن تظهر الحقيقة ،قال أبي :
_يجب أولآ أن نعرف حقيقة مركز الشركة .
فقال تافرنر :
_إذا كانت الشركة تواجه متاعب مالية،فإن ذلك ينهي الموضوع،وتكون الجريمة قد حدثت على النحو التالي :دعا العجوز إبنه رودجر ووجه إليه الإتهام،فإنهار الإبن وإعترف،وكانت بريندا وقتئذ في السينما فخرج روجر من غرفة أبيه وذهب إلى الحمام،وأفرغ إحدى زجاجات الأنسولين،وملأها بمادة الإيزيرين،وربما يكون قد طلب إلى زوجته أن تفعل ذلك فإنها روت لنا أنها ذهبت إلى شقة العجوز بدعوى البحث عن غليون نسيه زوجها هناك،إنها إمرأة قوية الإرادة،رابطة الجأش ومن الممكن جدآ أن ترتكب هذه الجريمة .
فأطرقت برأسي موافقآ وإستطرد تافرنر قائلآ:
_والرإي عندي أنها أقدر من زوجها على القيام بهذا الدور.ثم أن روجر ليس الرجل الذي يفكر في الإيزيرين كوسيلة لإرتكاب الجريمة ،فالسم كان دائمآ لعبة المرأة .
فقال أبي :
_إنني لا أستبعد أن تكون فعلت ذلك في محاولة يائسة لإنقاذ زوجها .
وفي اليوم التالي دعاني أبي إلى مكتبه وهناك وجدت المفتش تافرنر ووجهه يتهلل بشرآ.وإبتدرني أبي بقوله :
_إن الشركة المتحدة للمواد الغدائية تواجه متاعب مالية خطيرة،وأضاف تافرنر :
_وقد يعلن إفلاسها بين لحظة وأخرى. فقلت :
_الواقع أنني قرأت ضمن أنباء الدوائر المالية ،أن سعر أسهم الشركة هبط أمس هبوطآ شديدآ .
فقال تافنرنر :
_إننا قمنا بحرياتنا بحذر شديد حتى لا نثير فزع حملة الأسهم أو إنتباه روجر ليونيدس ،فعلمنا أن مركز الشركة سيء إلى أقصى حد وأنها تدهورت بإطراد خلال السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة .
_سوء إدارة روجر ليونيدس ؟
_طبعآ ..إنه رئيس مجلس الإدارة .
_وهل إختلس شيئآ من أموال الشركة ؟
_كلا..نحن لا نعتقد أنه إختلس مالآ..إنه قد يكون قاتلآ ولكنه ليس محتالآ..ولعل أبرز صفاته أنه مغفل لا يحسن الحكم على الأمور أو الأشخاص..كان يعمل على التوسع حيث يجب الإنكماش وبالعكس..وقد وضع ثقته فيمن لا يستحقها ،ومنح سلطات واسعة لأشخاص لا يحسنون إستخدامها،صفوة القول أنه كان يفعل دائمآ ما لا يجب أن يفعله .
كانت الشركة عندما تسلم إدارتها منجمآ للذهب،ولكنه أضاعها بغبائه وعجزه،وقد علمت أنه إحتفظ بعدد كبير من الموظفين الذين لا يصلحون للعمل..لمجرد أنه يعطف عليهم شخصيآ أو لأنهم قضوا في الشركة مدة طويلة..كما علمت أنه بدد أموالآ طائلة في مشروعات غيره مثمرة.
_وهل أقدم على عمل يضعه تحت طائلة القانون؟
_ كلا .
_إذن لماذا إرتكب جريمة القتل ؟
_لأنه لم يكن هناك ما ينقذ الشركة من الإفلاس إلا أن يحصل قبل يوم الأربعاء القادم على مبلغ كبير من المال .
_كالمبلغ الذي سيرثه ؟
_تمامآ .
_ولكنه لن يحصل على نصيبه من الميراث فورآ .
_إنه بحاجة إلى الثقة والضمان .فإذا أذيع أنه سيرث فإن ذلك يكفي .
فقال أبي :
_ألم يكن أيسر عليه أن يذهب إلى أبيه ليطلب معونته ؟
فقال تافرنر :
_أعتقد أنه ذهب إلى أبيه لهذا الغرض ،وأن الحديث الذي دار بينهما هو ذلك الحديث الذي سمعته جوزيفين ومن المرجح أن العجوز رفض،ولعله وجد أن لا فائدة من محاولة إسترداد الخسائر،كان رجلآ حصيفآ يضن بماله أن يضيع سدى .
وهنا تذكرت ما قالته جوزيفين عن رفض العجوز تمويل مسرحية ماجدا ،لأنه قدر لها السقوط،وأثبتت الأيام سلامة تقديره .
لقد كان العجوز كريمآ مع أولاده وذويه،ولكنه كان أحرص من أن يبدد أمواله في مشروعات مقضى عليها بالفشل .
ويبدو أن الشركة المتحدة للمواد الغذائية كانت بحاجة إلى مئات الألوف من الجنيهات لكي تقف على قدميها.ولكن العجوز رفض تقديم هذا المبلغ فلم يجد روجر وسيلة لتجنب الإفلاس إلا أن يقتل أباه .
هذا إذن هو " الدافع " الذي كنا نبحث عنه .
ونظر أبي إلى ساعته وقال :
_لقد دعوته للحضور..وسيصل بين لحظة وأخرى.
_من ؟روجر ؟
_نعم روجر .
وتذكرت أسطورة العنكبوت الذي دعا الذبابة لدخول غرفته ،كان كل شيء معدآ لإقتناص الفريسة،فأبىي يتحرق شوقآ للقاء المتهم وفي أحد الأركان ضابط على إستعداد لتسجيل كل ما يقال ..وأخيرآ جاء روجر ..
قال والكلمات تقتتل في فمه كالعادة .
_هل طلبتم مقابلتي ؟هل وجدتم أدلة جديدة ؟ آه_ معذرة يا تشارلس .الحق أنني لم أرك ..شكرآ لك على حضورك..ولكن حدثني يا سير آرثر .
ولكن أبي كان يجلس جلسة رسمية ..وقد بادره بالعبارات التقليدية التي توجه عادة إلى كل متهم ..من أنه سيحاسب على كل كلمة ينطق بها.وعن حقه في الإمتناع عن الإجابة إلى أن يحضر محاميه .
وهز روجر كتفيه ببساطة.وقال إنه يعرف الإجراءات البوليسية.وأنه ليس بحاجة إلى محام . فقال أبي :
_لقد دعوتك يا مستر ليونيدس.لا لأنهي إليك معلومات جديدة ،وإنما لأطلب إليك الإدلاء بما لديك من معلومات حبستها عنا .
فبهت روجر وقال :
_ولكني أنبأتكم بكل شيء .
_لا أظن ذلك ..هل قابلت أباك بعد ظهر اليوم الذي توفي فيه ؟
_نعم ،تناولت الشاي معه،وقد قلت لكم ذلك .
_صحيح أنك قلت ذلك.ولكنك لم تذكر شيئآ عن الحديث الذي دار بينك وبينه .
_كان حديثآ عاديآ .
_عن أي شيء ؟
_عن أحداث اليوم..وعن المنزل..وصوفيا .
إنتهت الجزء الأول من الحلقة 11>>
صورة العضو الرمزية
مسلمة وافتخر
مشاركات: 9423
اشترك في: الخميس 2008.11.13 5:16 pm
مكان: حيث اكون نفسى

رد: الحلقة 11 الدافع المجهول الجزء الأول

مشاركة بواسطة مسلمة وافتخر »

جميلة
بس يا حبذا لو ختيت كل البارتات في بوست واحد بيكون اسهل نتابع معاك القصة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى المواضيع العامة والمشاركات المتنوعة“