مكتبة الشاعر محي الدين الفاتح

مرجع لفطاحلة الشعراء

المشرف: بانه

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عمران عوض
مشاركات: 419
اشترك في: الثلاثاء 2007.4.3 11:16 am
مكان: السعوديه - الرياض

رد: مع الشعراء

مشاركة بواسطة عمران عوض »

الشاعر : محي الدين الفاتح

كله العالم جاء

كله العالم جاء جئت أنت فإذا العالم جاء كله العالم جاء
المدارات ، خطوط العرض والطول وخط الإستواء
جئت أنت وبحار العالم الخمسة جاءت ومجرات السماء
جئت أنت فإذا المريخ والزهرة جاءت وعطارد ونجيمات الثريا
عشن شكاً أبدياً بين ومض وإنطفاء جئت أنت فأتت كل الفصول
بين صيف وربيع وخريف وشتاء جئت دفئاً وغماماً
جئت برداً وسلاماً ورذاذاً وضياء
جئت أنت خطوك الواثق إيقاع الجياد العربية
شعرك الرحال ليل فى الصحارى المغربية
جئت كنزاً من أساطير القرون الأسيوية
جئت رمزاً لصلاة الحب للرب بقلب العدوية
إننى أبصر فى عينيك تمثالاً ولغزاً عاش مجهول الهوية
إننى أقرأ فى صدرك تاريخاً وعزاً حيث ترتاح القباب الأموية
وإرتعاشات على كتفيك كانت عفوية أرهقتنى ... أغرقتنى ... أحرقتنى ... مزقتنى
أوقدت فى قلبى المشتاق نيران المجوس أشعلت حولى الهواء
صيرتنى مثل خط الإستواء وعيون فى سواد الأبنوس
وصفاء الأبنوس فعلت كيف تشاء جعلتنى كأثينا
غرقت فى صلوات ، دعوات ، وطقوس تطلب الرحمة من عند زيوس
جئت أنت فإذا العالم جاء كله العالم جاء
كلها الارض تغنت والسماء
أنت فى طول وفى عرض وفى عمق المحيط الأطلسى
فى إرتفاعات جبال الهملايا إن فى عينيك سحراً نرجسياً
وملايين المرايا وهوى أندلسى إننى أقرأ فى عينيك آية
وأحاديث وأقوال صحابة إن فى عينيك للعشق رواية
عن يزيد وحبابة وحكايا فى ليال رضعت ثدى سحابة
وغماماً وسلاماً وتحايا وحنيناً وصبابة وحكايات إلى ما لا نهاية
جئت أنت فإذا العالم جاء كله العالم جاء جئت فرحة رسمت فى قلبى الشفاف لوحة
فأنا أبصر طوفاناً ولوحاً والسفينة أنا من كف المسيح أراك مسحة
كفكفت دمع الملايين الحزينة صفحة أفتح فى عينيك أقرأ بعد صفحة
من تراجيديا أثينا إننى أسمع إنشاداً وصيحة
زينت صبح المدينة لرسول الله كانت أغنيات رددتها الفتيات
( أيها المبعوث فينا جئت شرفت المدينة )
جئت فرحة أطلقت فى القلب فرحة أنت يا من عشت فينا جئت شرفت المدينة
جئت أنت فإذا العالم جاء كله العالم جاء
يوم جئت يوم أن كان اللقاء قام قلبى وقعد
وصحت فيه رسالات السماء شده الحسن بحبل من مسد
فتروى بالعطاء كل ما فى داخلى صلى ولله سجد
للرسالات وبعث الأنبياء فرأيت الفجر لما أن ولد
يت لحم جبل الطور إنبثاث النور من غار حراء
يوم جئت أنت حل أنت فى هذا البلد ولذا العالم جاء
وأنا أهواك دوماً للأبد فإذا بالأرض نادت والسماء
قل هو الله أحد قل هو الله أحد قل هو الله أحد
صورة العضو الرمزية
عمران عوض
مشاركات: 419
اشترك في: الثلاثاء 2007.4.3 11:16 am
مكان: السعوديه - الرياض

رد: مع الشعراء

مشاركة بواسطة عمران عوض »

.امراة نخله - محي الدين الفاتح

و أنا طفل يحبو

لا أذكر كنت أنا يوما طفلاً يحبو

لا أذكر كنت أنا شيئاً بل قل شبحا يمشي يكبو

قد أذكر لي سنوات ست

و لبضع شهور قد تربو

أتفاعل في كل الأشياء

أتساءل عن معنى الأسماء

و النفس الطفلة كم تشتط لما تصبو

في يوم ما ... إزدحمت فيه الأشياء

أدخلنا أذكر في غرفة

لا أعرف كنت لها إسماً

لكني أدركها وصفا

كبرت جسماً ... بهتت رسماً ... عظمت جوفاً... بعدت سقفاً

و على أدراج خشبية كنا نجلس صفاً صفا

و الناظرُ جاء ... و تلى قائمة الأسماء

و أشار لأفخرنا جسداً أن كن ألفة ... كان الألفة

أتذكرهُ إن جلس فمجلسه أوسع

إن قام فقامته أرفع

إن فهم فأطولنا إصبع

و لذا فينا كان الألفة

كم كان كثيراً لا يفهم

لكن الناظر لا يرحم

من منا خطأهُ الألفة

كنا نهديه قطع العملة و الحلوى

لتقربنا منه زلفى

مضت الأيام ... و مضت تتبعها الأعوام

أرقاماً خطتها الأقلام

انفلتت بين أصابعنا

و سياط الناظر تتبعنا

و اللحم لكم و العظم لنا

و مخاوفنا تكبر معنا

السوط الهاوي في الأبدان ضرباً... رهباً ... رعباً ... عنفا

الباعث في كل جبان هلعاً ... وجعاً ... فزعاً ... خوفا

و الصوت الداوي في الآذان شتماً ... قذفا

نسيتنا الرحمة لو ننسى يوماً رقماً

أو نسقط في حين حرفا

و المشهد دوماً يتكرر

و تكاد سهامي تتكسر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالا لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



**********

و غدت تُخرسنا الأجراس

و تكتم فينا الأنفاس

و تبعثرنا فكراً حائر

للناظر منا يترأى وهماً في العين له الناظر

في الفصل على الدرب و في البيت

يشقينا القول كمثل الصمت

الصوت إذا يعلو فالموت

فانفض بداخلنا السامر

و انحسرت آمال الآتي

من وطأة آلام الحاضر

لكني أذكر في مرة

من خلف عيون الرقباء

كنا ثلة ... قادتها الحيرة ذات مساء

للشاطئ في يوم ما

إذ قامت في الضفة نخلة

تتعالى رغم الأنواء

تتراقص في وجه الماء

فإذا من قلتنا قلة

ترمي الأحجار إلى الأعلى

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

حجراً ... ثمراً ... حجراً ... ثمراً

مقدار قساوتنا معطاء

يا روعة هاتيك النخلة

كنا نرنو كانت تدنو و بنا تحنو

تهتز و ما فتأت جزلى

من ذاك الحين و أنا مفتون بالنخلة

و الحب لها و ليوم الدين

مطبوع في النفس الطفلة



**********

مضت السنوات و لها في قلبي خطرات

صارت عندي مثلاً أعلى

يجذبني الدرس إذا دارت القصة فيه عن النخلة

و يظل بقلبيي يترنم

الوحي الهاتف يا مريم

أن هزي جزع النخلة

في أروع لحظة ميلاد

خُطت في الأرض لها دولة

و مضت الأيام ... جفت صحف رفعت أقلام

فإذا أيام الدرس المرة مقضية

و بدأنا نبحث ساعتها عن وهم يدعى الحرية

كانت حلم راودني و النفس صبية

تتعشق لو تغدو يوما نفساً راضية مرضية

تتنسم أرج الحرية

وكدت أساق إلى الإيمان

أن الإنسان قد أوجد داخل قضبان

و البعض على البعض السجان

في سجن يبدو أبديا

فالناظر موجود أبداً في كل زمان و مكان

فتهيأ لي أن الدنيا تتهيأ أخرى للطوفان

و أنا إذ أمشي أتعثر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالاً لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



************

أعوام تغرب عن عمري و أنا أكبر

لأفتش عن ضلعي الأيسر

و تظل جراحي مبتلة

تتعهد قلبي بالسقيا

أتطلع لامرأة نخلة

تحمل عني ثقل الدنيا

تمنحني معنى أن أحيا

أتطلع لامرأة نخلة

لتجنب أقدامي الذلة

و ذات مساء و بلا ميعاد كان الميلاد

و تلاقينا ما طاب لنا من عرض الأرض تساقينا

و تعارفنا ... و تدانينا ... و تآلفنا ... و تحالفنا

لعيون الناس تراءينا

لا يُعرف من يدنو جفنا منا و من يعلو عينا

و تشاركنا ... و تشابكنا

كخطوط الطول إذا التفت بخطوط العرض

كوضوء سنته اندست في جوف الفرض

كانت قلباً و هوانا العرق فكنت الأرض

و أنا ظمأن جادتني حباً و حنان

اروتني دفاً و أمان

كانت نخلة تتعالى فوق الأحزان

وتطل على قلبي حبلى

بالأمل الغض الريان

و تظل بأعماقي قبلة

تدفعني نحوالإيمان

كانت لحناً عبر الأزمان

يأتيني من غور التاريخ

يستعلي فوق المريخ

صارت تملأني في صمتي

و إذا حدثت أحس لها ترنيمة سعد في صوتي

أتوجس فيها إكسيرا

أبداً يحيني من صمتي

و بذات مساء و بلا ميعاد أو عد

إذ كان لقاء الشوق يشد من الأيدي

فتوقف نبض السنوات

في أقسى أطول لحظات

تتساقط بعض الكلمات

تنفرط كحبات العقد

فكان وداع دون دموع كان بكاء

لا فارق أجمل ما عندي

و كان قضاء أن تمضي

أن أبقى وحدي

لكني باق في عهدي

فهواها قد أضحى قيدي

و بدت سنوات تلاقينا من قصر في عمرهلال

لقليل لوح في الآفاق

كظلال سحاب رحال

كندى الأشجار على الأوراق

يتلاشى عند الإشراق

لكنا رغم تفرقنا

يجمعنا شيءٌ في الأعماق

نتلاقى دوماً في استغراق

في كل حكايا الأبطال

نتلاقى مثل الأشواق

تستبق بليل العشاق

نتلاقى في كل سؤال يبدو بعيون الأطفال

و لئن ذهبت سأكون لها و كما قالت

فبقلبي أبداً ما زالت

ريحاً للغيمة تدفعها حتى تمطر

ماءً للحنطة تسقيها حتى تثمر

ريقاً للوردة ترعاها حتى تزهر

أمناً للخائف و المظلوم

عوناً للسائل والمحروم

فلن ذهبت فلقد صارت

عندي جرحاً يوري قدحاً

يفلق صبحاً يبني صرحاً

لأكون بها إيقاعاً من كل غناء

لو يصحو ليل الأحزان

و خشوعاً في كل دعاء

يسعى لعلو الإيمان

ترنيماً في كل حداء

من أجل نماء الإنسان

من أجل بقاء الإنسان

من أجل إخاء الإنسان
صورة العضو الرمزية
أود
مشاركات: 151
اشترك في: الاثنين 2007.1.8 1:47 pm
مكان: الوطن الكبير

الشـــــــــــــاعر : محى الدين الفاتح

مشاركة بواسطة أود »

[align=center] .

هذة القصيدة للاستاذ محى الدين الفاتح محى الين وتعتبر من اجمل القصائد السودانية


و أنا طفل يحبو

لا أذكر كنت أنا يوما طفلاً يحبو

لا أذكر كنت أنا شيئاً بل قل شبحا يمشي يكبو

قد أذكر لي سنوات ست

و لبضع شهور قد تربو

أتفاعل في كل الأشياء

أتساءل عن معنى الأسماء

و النفس الطفلة كم تشتط لما تصبو

في يوم ما ... إزدحمت فيه الأشياء

أدخلنا أذكر في غرفة

لا أعرف كنت لها إسماً

لكني أدركها وصفا

كبرت جسماً ... بهتت رسماً ... عظمت جوفاً... بعدت سقفاً

و على أدراج خشبية كنا نجلس صفاً صفا

و الناظرُ جاء ... و تلى قائمة الأسماء

و أشار لأفخرنا جسداً أن كن ألفة ... كان الألفة

أتذكرهُ إن جلس فمجلسه أوسع

إن قام فقامته أرفع

إن فهم فأطولنا إصبع

و لذا فينا كان الألفة

كم كان كثيراً لا يفهم

لكن الناظر لا يرحم

من منا خطأهُ الألفة

كنا نهديه قطع العملة و الحلوى

لتقربنا منه زلفى

مضت الأيام ... و مضت تتبعها الأعوام

أرقاماً خطتها الأقلام

انفلتت بين أصابعنا

و سياط الناظر تتبعنا

و اللحم لكم و العظم لنا

و مخاوفنا تكبر معنا

السوط الهاوي في الأبدان ضرباً... رهباً ... رعباً ... عنفا

الباعث في كل جبان هلعاً ... وجعاً ... فزعاً ... خوفا

و الصوت الداوي في الآذان شتماً ... قذفا

نسيتنا الرحمة لو ننسى يوماً رقماً

أو نسقط في حين حرفا

و المشهد دوماً يتكرر

و تكاد سهامي تتكسر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالا لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



**********

و غدت تُخرسنا الأجراس

و تكتم فينا الأنفاس

و تبعثرنا فكراً حائر

للناظر منا يترأى وهماً في العين له الناظر

في الفصل على الدرب و في البيت

يشقينا القول كمثل الصمت

الصوت إذا يعلو فالموت

فانفض بداخلنا السامر

و انحسرت آمال الآتي

من وطأة آلام الحاضر

لكني أذكر في مرة

من خلف عيون الرقباء

كنا ثلة ... قادتها الحيرة ذات مساء

للشاطئ في يوم ما

إذ قامت في الضفة نخلة

تتعالى رغم الأنواء

تتراقص في وجه الماء

فإذا من قلتنا قلة

ترمي الأحجار إلى الأعلى

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

حجراً ... ثمراً ... حجراً ... ثمراً

مقدار قساوتنا معطاء

يا روعة هاتيك النخلة

كنا نرنو كانت تدنو و بنا تحنو

تهتز و ما فتأت جزلى

من ذاك الحين و أنا مفتون بالنخلة

و الحب لها و ليوم الدين

مطبوع في النفس الطفلة



**********

مضت السنوات و لها في قلبي خطرات

صارت عندي مثلاً أعلى

يجذبني الدرس إذا دارت القصة فيه عن النخلة

و يظل بقلبيي يترنم

الوحي الهاتف يا مريم

أن هزي جزع النخلة

في أروع لحظة ميلاد

خُطت في الأرض لها دولة

و مضت الأيام ... جفت صحف رفعت أقلام

فإذا أيام الدرس المرة مقضية

و بدأنا نبحث ساعتها عن وهم يدعى الحرية

كانت حلم راودني و النفس صبية

تتعشق لو تغدو يوما نفساً راضية مرضية

تتنسم أرج الحرية

وكدت أساق إلى الإيمان

أن الإنسان قد أوجد داخل قضبان

و البعض على البعض السجان

في سجن يبدو أبديا

فالناظر موجود أبداً في كل زمان و مكان

فتهيأ لي أن الدنيا تتهيأ أخرى للطوفان

و أنا إذ أمشي أتعثر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالاً لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



************

أعوام تغرب عن عمري و أنا أكبر

لأفتش عن ضلعي الأيسر

و تظل جراحي مبتلة

تتعهد قلبي بالسقيا

أتطلع لامرأة نخلة

تحمل عني ثقل الدنيا

تمنحني معنى أن أحيا

أتطلع لامرأة نخلة

لتجنب أقدامي الذلة

و ذات مساء و بلا ميعاد كان الميلاد

و تلاقينا ما طاب لنا من عرض الأرض تساقينا

و تعارفنا ... و تدانينا ... و تآلفنا ... و تحالفنا

لعيون الناس تراءينا

لا يُعرف من يدنو جفنا منا و من يعلو عينا

و تشاركنا ... و تشابكنا

كخطوط الطول إذا التفت بخطوط العرض

كوضوء سنته اندست في جوف الفرض

كانت قلباً و هوانا العرق فكنت الأرض

و أنا ظمأن جادتني حباً و حنان

اروتني دفاً و أمان

كانت نخلة تتعالى فوق الأحزان

وتطل على قلبي حبلى

بالأمل الغض الريان

و تظل بأعماقي قبلة

تدفعني نحوالإيمان

كانت لحناً عبر الأزمان

يأتيني من غور التاريخ

يستعلي فوق المريخ

صارت تملأني في صمتي

و إذا حدثت أحس لها ترنيمة سعد في صوتي

أتوجس فيها إكسيرا

أبداً يحيني من صمتي

و بذات مساء و بلا ميعاد أو عد

إذ كان لقاء الشوق يشد من الأيدي

فتوقف نبض السنوات

في أقسى أطول لحظات

تتساقط بعض الكلمات

تنفرط كحبات العقد

فكان وداع دون دموع كان بكاء

لا فارق أجمل ما عندي

و كان قضاء أن تمضي

أن أبقى وحدي

لكني باق في عهدي

فهواها قد أضحى قيدي

و بدت سنوات تلاقينا من قصر في عمرهلال

لقليل لوح في الآفاق

كظلال سحاب رحال

كندى الأشجار على الأوراق

يتلاشى عند الإشراق

لكنا رغم تفرقنا

يجمعنا شيءٌ في الأعماق

نتلاقى دوماً في استغراق

في كل حكايا الأبطال

نتلاقى مثل الأشواق

تستبق بليل العشاق

نتلاقى في كل سؤال يبدو بعيون الأطفال

و لئن ذهبت سأكون لها و كما قالت

فبقلبي أبداً ما زالت

ريحاً للغيمة تدفعها حتى تمطر

ماءً للحنطة تسقيها حتى تثمر

ريقاً للوردة ترعاها حتى تزهر

أمناً للخائف و المظلوم

عوناً للسائل والمحروم

فلن ذهبت فلقد صارت

عندي جرحاً يوري قدحاً

يفلق صبحاً يبني صرحاً

لأكون بها إيقاعاً من كل غناء

لو يصحو ليل الأحزان

و خشوعاً في كل دعاء

يسعى لعلو الإيمان

ترنيماً في كل حداء

من أجل نماء الإنسان

من أجل بقاء الإنسان

من أجل إخاء الإنسان




[/size][/font][/color][/align]
صورة العضو الرمزية
أود
مشاركات: 151
اشترك في: الاثنين 2007.1.8 1:47 pm
مكان: الوطن الكبير

رد: الشـــــــــــــاعر : محى الدين الفاتح

مشاركة بواسطة أود »

وهذه قصيدة اخرى لمحى الدين الفاتح بعنوان :

إليكِ أحـنُ يَا طَابت



إليكِ أحنُ يا طابتْ

و في نفسي لواعِجُ شوقيَ المسعورِ لا ابتلت و لا غابتْ

إليكِ أعودُ يا أغرودة الصبحِ

إلى ساحاتكِ النشوى و ساعاتِ اللقاء السمحِ

و نسماتٍ تهب مع قدوم الفجر

ترقصُ من طلاوتها حقولُ القطنِ و القمحِ

إليكِ أعودُ يا طابتْ

و لي قلبٌ يرَى في كلِ أغنية ملامحَ ليلك الأخضرْ

أحن إليكِ يا طابت

لحلقاتِ وقيت العصر

ينظمها سعيد صاحب المتجرْ

سعيد ذلك الأسمرْ

يقال أتى قديماً من شمال القطر

يرافق زوجهُ عرفة

و يحملُ من بلادِ التمرِ حفنة صبرْ

و قلباً يرفضُ الأحزانَ و الآلام

سعيد رجلٌ طيب

كطيبةِ حَيــكِ الغربي يا طابتْ

كطيبةِ تيفرا الشاعر و مندامتْ

كطيبة شيخـُـنا المادح محمد زينْ

ضريرٌ شيخـُـنا المادح محمد زينْ

كفيفٌ غيرَ أن الله قد خصّاهُ إحساساً يفوقُ العينْ

يقيمُ الظهرَ في الموعدْ

يُصلي الفجرَ في المسجدْ

و يعزف مشية الصافي

و يُدركُ فرضَ حاج ياسينْ

يلاعبُ شلة الصبيانِ تدورُ تقيم طوالَ الليلْ

تدورُ تفتشُ الساعاتُ عظمَ شليلْ

أحن إليكِ يا طابتْ

لعـَـمِ حسنْ

أحن إلى إشارتِه و قد أضحى كجزء من عُمامتهِ

أحن إليهِ يطردُ من حقولِ القمحِ ألفَ و ألفَ عصفور

تطير تدور شقشاقةْ

أحن لأرجُلِ الأغنام فوقَ الأرض صفاقةْ

أحن لدفقة الأمطار تغسلُ بالمنى قدمي

ثم تسيل رقراقةْ

لأمي كل ثانية و صورتها على الليل طراقةْ

تحن لصوتها أذني تفتش بنتها الصغرى

تصيح تقول إشراقةْ

فكم نفسي أنا يا حبي الأول و الآخر مُشتاقةْ

إليكِ أحنُ يا طابتْ

إلي أبتي سلاماتي

أنا في كلِ أغنية أحنُ إليكِ تدفعني إشتياقاتي

أنا في كل أمسية أحنُ إليكِ ملتفحاً جراحاتي

أنا في كل أغنية أحنُ إليكِ منتعلاً عذاباتي

أنا في كل أغنية إليكِ عزيزتي آتي

إليكِ عزيزتي آتي

صورة العضو الرمزية
أود
مشاركات: 151
اشترك في: الاثنين 2007.1.8 1:47 pm
مكان: الوطن الكبير

رد: الشـــــــــــــاعر : محى الدين الفاتح

مشاركة بواسطة أود »


وهذة قصيدة اخرى بعنوان

الشـــــرقُ أنـتِ



عِــزي عَـلـَي فإني لن أقول كفى

ما شق شقُ فؤاد كان مؤتلفا

فأنتِ أنتِ به إن دق إن وقفَ

لا الوجد فيه تداعى لا الغرام غفا

إن إنصرفتِ أراهُ فيكِ منصرفا

غيبي و عودي و غيبي لن أقول كفى

*********

و يوم أزمعت يا صبح الرحيل صباح

الليلُ حل و لو أن الزمان ضُحى

ما أن تـَـوَجه شرقاً نورُ وجهكِ لاح

مِـني الفؤادُ طحى و الشرق فيكِ صحى

فالشرقُ منذ قديم العهد مهدُ عطاء

هدي و عشق و أسمار تسيح غناء

منه الرسالات منه الكتبُ و الأفياء

و البدر تـَـم و أسرابُ السحاب ملاء

بصادق الغيثِ و البرقِ المشع رخاء

ما أتلف الوعد يوماً أن تلهف جاء

ما ضَيع العهد يوماً ما تقاعس لا

*********

و الشرقُ كانت له أنفاســـه نُــزُلا

بالوحي بالريح فتق أرضـنا رُسُلا

و الشرق كل جميل قد جرى مثلا

و الشرق بابلُ بل بغدادُ بل كسلا

و الشرق أنتِ فأنتِ السِحرُ في كسلا

**********

ما جـِئتـُـها كنت ما المشكاة و المصباح

عاد الأصيل أصيلاً و الصباحُ صبـاح

أنتِ عُدتي و عَهـدي بالخريفِ دنــــــا

و بارَكت كسلا منه هواطله

بخواطري جبل التاكا اقتـَربت منهُ الأعالي

و قد سالت أسافله

و القاش لـَف السواقي عند مئزرها

و قد تناهت لأيديها جداوله

كم أجمل الموز في صدري فإن له

صدراً كصدرِ ما خفت محامِله

أنا البعيـدُ الذي طالت حبائلـُـه

شوقٌ بــه قلقٌ لا بد قاتــلـــــه

القلب دُر و ما قلت بلابلــــــه

عمري رهينٌ بما تملليه يا قدري

ما بنت أنتِ فما سمعي و ما بصري

"ما سرتُ إلا و طيف منكِ يصحبني

سري أمامي و تأويبا على أثري"

أنتِ المحيط الذي شطت سواحله

أنتِ الحديث الذي ما مل قائــــله

ما كل سامعه ما طال طائله

أنتِ الغرام الذي يُحيي و إن قتلا

فالعشق فيكِ ثناء فيك يا كسلا

**********

حتى إذا القاش بالأشواق عاد ملي

و صفق الموج يزجي الشاطئين سلام

و النجم ملا أعناق الجبال حُــلي

و انسال طلا علي جسر الظلام جام

و الرأسُ دار و وجه البدر دار جَـلي

و الليلُ أيقظ في ذاتِ الصدورِ هُـيام

و الدف أوحى بأن يا خيل ارتحلي

عودي للوراء قليــلاً ثـُم دلي أمـــام

و الشعر ثار أذا ما الصدر صار عَـلي

و الكف نام و قامات السيوف قيام

و الفجرُ هَـل مع الصبح المطل طلي

لحن يناغم من همس العيون كلام

إن العيون التي أَودَعتـُـها أمــلي

لها سهامٌ لها عند السلام زحـــام

حتى إذا القاش عادكِ فأبسطي و صلي

حَبلٌ بقلبي موصولٌ إلى مكرام

بل خلي عنكِ فما عاد الفؤادُ خَلي

منذ أن تعلق بين الجسر و الجبل

عـِـزي عَـلي فإني لن أقول كفى

ما شَـق شق فؤاد كان مؤتلفا

فأنتِ أنتِ به إن دق إن وقفَ

لا الوجدُ فيه تداعى لا الغرام غَـفا

أنى إنصرفت أراهُ فيكِ منصرفا

غيبي و أوبي و غيبي لن أقول كفى
عبد الواحد الأنصاري
مشاركات: 1
اشترك في: الأحد 2008.11.16 11:17 am
مكان: السعودية

رد: مكتبة الشاعر محي الدين الفاتح

مشاركة بواسطة عبد الواحد الأنصاري »

حصل لي شرف الاجتماع بالشاعر الكبير محيي الدين الفاتح ضمن فعاليات الوفد الثقافي السعودي في معرض الخرطوم الدولي للكتاب.

وقد لمست فيه شخصية إبداعية فذة، واطلاعا قلما نجد له نظيرا في الإخوة العرب.

وحق للسودان أن تفخر بقامة إبداعية مثل هذه.
صورة العضو الرمزية
لؤلؤة
مشاركات: 58
اشترك في: الجمعة 2009.5.22 10:35 am
مكان: السودان

رد: مكتبة الشاعر محي الدين الفاتح

مشاركة بواسطة لؤلؤة »

فعلا شاعر راااااائع
وطبعا امرأة نخلة اروعههههههههههههههههم تسلم
صورة العضو الرمزية
عمران عوض
مشاركات: 419
اشترك في: الثلاثاء 2007.4.3 11:16 am
مكان: السعوديه - الرياض

رد: مكتبة الشاعر محي الدين الفاتح

مشاركة بواسطة عمران عوض »

.
آخـــر الأنباءِ أنــت ِ


آخر الأنباء أنت

سورة الأشياء في عيني أنت

مسحة الروح على الأشياء أنت

خاتم الأسماء أنت

أنت مهر الكلمات

و تضاعيف اللغات

و انعتاق الحرف إذ فيه سكنت

أنت نبض فقع الإيقاع

في خطو الأغاني

و غذاها من مزاج القلب و الروح

فعادت بالأماني

أن زمان الصحو آت

مطمئن القسمات

وافر الأشواق موفور المعاني



تنضح البئر بما فيها فما كان تكون

وطن البوح العيون

و أنا اشترت من عينيك

كل سلالة الدنيا

و تاريخ الضياء

و حكايات الحنين

لا إبتدأ كان فيها و لا إنتهاء

أيها النبع الذي ما جف

ما خف ما كف عطاء

إن تكن قد صرت نفسي

أحايين عطاش

ما استقق بعض رشاش

و إذا ازور ما شئت و ما كنت أشاء

لا أظن السهم طاش

حسبي الزورة كانت في الدلاء

يهدأ البحر

و يبدأ زبد البحر جفاء

من عيون وعدها الحسنى

و مراها الألق

و فؤاد رحمة دق و تحنانا نطق

و لسان كلما قال صدق

كمت عمرا

فوق رهن العمر لي

فتسامي مل صحوي و منامي... أملي

و سعت نفسي ما أسعى إلى الكون و ما الكون وسع

نولي الليل و صبحي مغزلي

طبقا إرتاد من طبق

من مغان كاسيات عاريات في أزار بابلي

و أغان آسيات من شجون الموصلي

و معان ساهرات تشتكي حمل الحلي

لزمان في ضحي عينيك بالحسن انعتق

شاع صوتي

و لشيء قر في قلبي أندي و انطلق

و تدلي من عل

فسقي ما كان منشقا خلي

طمر الجرح و أفضى

لغرام شب في جنبي نشرا و عبق



زمليني

إن حبا لك في قلبي كطوق في زحل

ليس لي عنه حول

دثريني

من رضا عينيك بالوشي الترابي السماوي

الذي تنجاب في عطفية أصداء الأمل

و نداءات الأزل

أول الأنباء أنت

سورة الأشياء في عيني أنت

خاتم الأسماء أنت

آخر الأنباء أنت
صورة العضو الرمزية
عمران عوض
مشاركات: 419
اشترك في: الثلاثاء 2007.4.3 11:16 am
مكان: السعوديه - الرياض

رد: مكتبة الشاعر محي الدين الفاتح

مشاركة بواسطة عمران عوض »

.
ودقت الأجراس

كانت تشير ساعتي الأنيقة

تلك التي تحمل اسم أجمل الساعات في سويسرا

وفقاً لمقتضى الصناعة الدقيقة

كانت تشير بالساعة والدقيقة

إلى تمام النصف بعد الثامنة صبيحة الأول من يناير المجيد

في عودةٍ حميدةٍ جديدة

تباركت أعيادنا السعيدة

* * * *

خرجت في الصباح حين كانت الإذاعة

تضجُّ بالكلام والنشيدْ

وكان صاحبي الذي أزور عائداً لتوّه من بلد الآمال والأحلامْ

وحسب ما أذكر لم يغب فيها سوى عام وبعض عامْ

لكنّه يا نضّر الرحمن وجهه ونضّر الحقائب الكبيرة العديدة

اللون هادئٌ والوجه مشرقٌ والجلد أملسٌ والثوب من رخامْ

وبعد أن تلونا كل ما نحفظ من أجندة السلامْ

ومن لوازم استمرار حالة الكلامْ

جلست أرمق العائد من غربته السعيدة

يلبس لحيةً أنيقةً جديدة

مسبحة من الصندل في اليمينْ

في اليسار قد تلوّن المنديلْ

يا روعة الألوان في المنديلْ

تلك التي تدفع عن أنوفنا الغبار والزكامْ

من روائح الفقر التي تفوح من غوابر الأيامْ

ويا دعاء ابراهيم واسماعيل إذ يمتد من دجلة حتى النيلْ

الآن قد عرفت سرّ هذه البلاغة

مسبحةٌ ولحيةٌ كناية عن بلد الرسولْ

وحلّة زاهيةٌ كناية عن بلد الريال والبترولْ

* * * *

مشتاقين بالأكثر .. ومرحباً وكيف الحال والأحوالْ

أعدنا غير مرّة مراسم السلامْ

وبعد ربع ساعةٍ تبخّر الكلامْ

لكنّ صاحبي الذي أزور عاد مفتحاً منقحاً بعد انقضاء عامْ

مدّ لي ببسمةٍ رشيقةٍ وكوب قهوةٍ ونسخةٍ من الجريدة

وقال أنه ولما لم يجد صحيفة الأيامْ

هناك في مطار جدّة الكبير

اضطر واشترى من الخرطوم

رغم ما يصاحب الشراء هذه الأيامْ

من زمر الآهات والآلامْ

بالرغم من جهوده التي قدرت لكي يوفر الجريدة

مشاركاً بماله سودان يناير في فرحته الأكيدة

دفعتها إليه قائلاً لقد قرأتها .. قال لا إنها جريدة الصباح إنها جديدة

قرأتها جديدة .. قرأتها حفظتها

قرأتها بالأمس قبل الأمس قبل شهر قبل عامْ

ومنذ أن عرفت أحرف القراءةْ

ومنذ أن أسقط كل مفردات الطهر والبراءةْ

من ذلك اليوم الذي نسميه استقلالْ

قرأت كلّ ما يمكن أن يقالْ .. في أي احتفالْ

وما يكتب كل يومٍ في الجريدة .. حفظته كمثل ما قصيدة

من قولهم يا أيها الأحرارْ

إلي قولهم أعاده الله على بلادنا بالخير واليمن والبركاتْ

وكلّ يوم أعيدها من غير أن أقرأها

ومن سجلّ الذاكرة أمسك بها إليكْ .. أعيدها عليكْ

الصفحة الأولى عليها صورة الرئيسْ

وخبر الوفد الذي يهنئ الرئيسْ

وكلمة الأيامْ .. في احتفال هذا العامْ

الصفحة الثانية العالم في سطورْ

بيروستريكا موسكو .. ردود فعل واشنطن

وقمة تعقد في باريسْ

الصفحة الثالثة التحقيق عن أزمة البترول

والصابون والسكر واللحوم والكبريت والدقيقْ

مع قصيدة عنوانها نفديك يا سودان بالنفس والنفيسْ

وصفحة التهاني .. وصفحة الإعلانِ .. وفي دوائر البوليسْ

في صفحة الثقافة فكرة عن التناصي في شعر أودونيسْ

وأين تقضي سهرة الخميسْ

ومسرحية بقاعة الصداقة عنوانها قد قتلوا العريسْ

وكان صاحبي يغوص في مقعده الوثير حين مال للشمال ثم قالْ

نسيت أهم ما يمكن أن يقالْ ..نسيت أن فتية المريخ قد تفوقوا على الهلالْ

بالهدف الذي أحرزه كمالْ

من كرةٍ مرتدةٍ في شكل موزة بعد الفرصة التي أهدرها كدوسْ

ولما لم أكن من الذين يفهمون مثل هذه اللغةْ

أخفيت جهلي في صعوبة بالغةْ

وكان أن أشرت بالموافقةْ

وقلت في انصراف محاولاً أن أحول الكرة عن ملعب القدم

أذكر أنني في ذات عام

في قرية قد ساقني إليها عمل التدريس

فكرت أن أقوم باحتفال في شكل كرنفال

جهزت حزمة من الأشرطة التي تعج بالنشيد .. القديم والجديدْ

من كان اسمها أم درمان إلى وطن الجدودْ

وكان لا بدّ من لافتة تدعو إلى السلامْ

وكان لابدّ من الأعلامْ

وعلم كبير يزرع في الفناءْ .. يكمل المساحة المزينة

حراً يرفرف فوق أرضنا الفضاءْ

فتشت بطن السوق ظهر السوق قلبت كل السوق

لم أجد قماشة ملوّنة ما كان في يديّ غير عودْ

وعدت في يدي عود .. ومن خلال أسفٍ شديدْ

حدثني الناظر أنّ في زمانهم ذاك الذي غير بعيدْ

كانت لهم حكومة رشيدة تعرف بالتحديدْ .. وقت العيدْ

تستورد القماش للأعلام قبل شهرٍ أو يزيدْ

لكنه الذي مضى ولن يعاد وقد مضى السداد والرشادْ

ومنذ أن تقلّص الإيرادْ .. ما عاد في بلادنا تجارة ولا صناعة ولا اقتصادْ

وصاح صاحبي وإن يكن قد قالها فقد صدق

لأنني من كثرة الفساد وقسوة الحكم على العبادْ

وغير آسفٍ هجرت هذه البلادْ

هاجرت حيث لا صفوف للرغيف لا زحامْ

الوقت بين النوم والصلاة والدوامْ

والشراب والكساء والشراء والطعامْ

وكل شئ عندنا تمامْ

وكل يوم قبل أن أنام أحقن مصل الصمت في أوردة الكلامْ

حتى نسيت معظم الكلامْ

ولم يعد يهمّني في داخل السودانْ

غير أن أشجّع المريخ وأنعم بالغناء من زيدانْ

الحمد لله الذي أخرجني من قلب هذه المشكلة

وواضعاً شريط تسجيل على المسجلة

أضاف صاحبي بهذه المناسبة "في الليلة ديك" أغنيتي المفضّلة

فهل سمعتها

قلت بلى سمعتها مليون ألف مرّة

مفروضة عليّ في الأفراح والأتراح

والمواصلات والمرطبات والليالي الحالمة

أضاف في ابتسامةٍ طرية وناعمة

وهل سمعت أنها أغنية الدجاجة المفضّلة

رددت في سرّي " في الليلة ديك " أغنية الدجاجة المفضّلة

دجاجة عاشقة من دجاج آخر الزمانْ

زمان من لا يفهم في السودانْ

غير أن يشجع المريخ أو زيدانْ

وعندها استعدت ملئ خاطري دجاجنا القديم

دجاجنا الذي لم يعرف الأنوارْ

دجاجنا الذي ما مرّ بالمطارْ

وقفزت في خاطري حكاية الدجاجة الصغيرة الحمراءْ

يا ليت ما يقرأه الصغار لو يفهمه الكبارْ

تلك التي تعرف ما ينزل من السماءْ

وعندما يخضرّ وجه الأرض من معزوفة الأمطارْ

دجاجة صغيرة .. لا دجاج هذا العالم الملئ بالأخبارْ

أذكر كيف كنت معجباً بقولها

بل كنت معجباً بفعلها

حقيقة الفول فولها وكله لها

لأنها ووحدها قد زرعت وحصدت وجمعت

وطبخت وطاب أكلها

هتفت ملء خاطري لها

ولتسقط الأرانب ولتسقط الفئرانْ

مع دجاج آخر الزمانْ

* * * * *

سألت صاحبي وكان داخلاً بعد غيبة قصيرة

اثر سلام خارج الديوانْ

سألته هل أجد كتيباً عن سيرة الرسولْ

أجاب لا

وهل أجد كتيباً عن قصة البترولْ

أجاب لا

وقبل أن أزيد

أضاف أنه قد غادرت عيونه الكتاب

منذ أن غادرت أرجله الفصول للبحث عن كفيل

وقبل أن ينتصف النهارْ

حملت أقدامي لبيتنا الذي يرشق ملء السمع والأبصارْ

إنجاز يناير مثل كل بيت بصورة التلفاز ملء وجهه

وصيحة المذياع ملء الصوت

بالصحف الكبيرة الكثيرة الحروف الصفحات والأشعارْ

تلك التي تحجب أن ترى وراءها شيئاً من الأشياءْ

أدرت موجة المذياع في يناير السودانْ

ما زلت سيداتي سادتي أواصل الأنباء

من إذاعة أم درمانْ

السيد الرئيس يخاطب الجمهور في المساءْ

سيادة الرئيس يلتقي بلجنة تمثل النساءْ

وفي الصباح كان قد تلقى التهنئة

من جلالة الملوك من فخامة الرؤساءْ

بلادنا تواصل احتفالها وا .. وا .. وا

نفس الذي يبثه التلفاز أو ترصده الجريدة

وزاد فاصلاً من النشيد .. وصلةً من الغناءْ

وهامشاً من التعليق عن إزالة العناءْ

وهامشاً آخر عن مسيرة العالم في إعادة البناءْ

بيروستريكا إعادة البناءْ

وحينما أغلقت من جريدتي الصفحاتْ

وصورة التلفاز والأصواتْ

وجدتني أثقب المكان بالنظراتْ

ما احتجتُ أن أكون واحداً من الذين يوصفون بالبكاءْ

لكي أرى أن الذي أحاط بي من شعر رأسه إلى بواطن القدم

مستوردٌ في زمن الأفراح والبكاءْ

في زمن الصياح والسكونْ .. مستوردٌ في زمن التعقل المجنونْ

الورق .. التلفاز .. ما ألبس والمذياع والنيونْ

الشاي والسكر والساردين والرغيف

والمشط وعلبة الدخان والأخبار والأفكارْ

والأحزابُ والكتاب في رواية عن مالك الحزينْ

وقاعة الدروس والكرت والفرشاة والسبورة السوداء والحيطانْ

والعلوم والآداب والفنونْ

والعلم الذي يخفق في ألوانه الثلاثة

بل إنها تلك التي اقتضت ضرورة التطوير أن تصير أربعة

وبارك الله لنا النسمة التي تهزه ذات اليسار تارةً وتارةً إلى اليمينْ

يا نسمةً من وطني العزيزْ

من ترى يا وطني يخرج منا الإنجليزْ

وبعد تمكن المساءْ في لبسةٍ صوفيةٍ خرجت علها تقي من وطأة الشتاءْ

أنيقة فيها براعة الإنجليز مصنوعة كما البينسون للسودانْ

لبرده القارس قرب خطّ الاستواءْ

فالعالم الجديد دائماً يموت في التطويرْ

ويكره الجمود مثلما يبارك التغييرْ

كما يقول عندنا الإعلام في الصباح والمساءْ

في الصيف في الشتاءْ .. بيروستريكا إعادة البناءْ

ما زلت سيداتي سادتي أواصل الأنباء من إذاعة أم درمانْ

كعادة الذين يؤمنون بالتعدد الحزبي والفكري

قد كان في المدينة الصغيرة عشرون إحتفالْ

أمسية تحت شعار " المجد للشهداءْ وليلة الفداءْ "

وجلسة للشعر والشعراءْ

ومسرح عن نهضة النشيد والغناءْ .. ومسرح العرائسْ

وحلقة موضوعها هوية السودان والبحث عن انتماءْ

وحلقة موضوعها دور الشباب في إعادة التعميرْ

وأنها انتصار ذلك المعسكر الذي تقوده أمريكا

لكن آخرين في المدينة الصغيرة يحكون أنها انتصار روسيا

لكن لم استمع فيها عن موقع السودان في إعادة البناءْ

ما زلت سيداتي سادتي أمارس الأنباءْ

لربما كان الذي يدعونه بيروستريكا

رقية جديدة لربما تقاوم الغناءْ

أم عودة للأرض والإنسان بعد عصر التيه في الفضاءْ

أو أنها شئٌ من الحياءْ

من حامض الهزيمة الذي غرر باللسانْ

من انطفاء النجمة الحمراءْ في سماء أقرب الجيرانْ

أم أنها نهاية الأسطورة التي خطها الشقاءْ

لمارد الهلاك مفجر الدموع والدماءْ

من عيون قادة الإصلاح من أوردة "الكولاك"

أم أنها تهدئة لخاطر الذين صفقوا وصدقوا الضجيج والضوضاءْ

ورددوا الأغنية القديمة البلهاءْ

ستالين لم يمت "بيروستريكا"

أم إنعتاق العالم الجديد من أسورة الجليد والحديد والشتاءْ

أم أنها جميع هذه الأشياء أو أنها لا شئ من جميع هذه الأشياءْ

أو سمّ ما تريد من أسماءْ

فكر كما تحب أو أترك الأمر كما تشاءْ

أو أنها حقيقة الدب في نيابه حين شاخ دقّ عنقه كما يحب

ما كان إلا حشوة من الورقْ

وحين أوغل المساء في نيابه وفوز الشفقْ

الدب دب في النيران إحترقْ

بيروستريكا وصفة ناجعة جديدة

موديل فكرة دقيقة مستوردة

تخرج هذا العالم المكبوت من حصونه الشهيرة

لذا فكل الناس في سودان يناير يبحثون عن حلولْ

تطوعالمعلوم والمجهولْ .. ويهتفونْ

لم تدق هذه الأجراس لم تدمدم الطبولْ

فالبعض دائماً يقولْ

الحل في العروبة .. وآخر يقول إنها أكذوبة

الحل في أفرقة السودانْ

وآخر يقول الوجهة المطلوبة

سودنة السودانْ

والبعض يقترح حسم قضية الهوية بعيداً عن عالم الأديانْ

وآخر ينادي الحل ميمنة .. الحل عند القوة المهيمنة

وغيره الحل ميسرة .. ما أكثر الحلول عندنا يا مسخرة

وهكذا .. هكذا جرى

لكنما المدهش الحل عند البعض في إعادة البناءْ

معذرة يا سادتي آنساتي

أن أقطع الأنباءْ "موافقون"

فقط علينا أولاً أن نجد البناءْ

ثم يتم الهدم كي نعيد ذلك البناءْ

ما رأيكم يا سادتي آنساتي ما رأيكمْ

لو أنني قلت لكم لأني أعلم أنكمْ

وإن تعددت آراؤكمْ .. فقد توحدت همومكمْ

ما رأيكم لو أنني قلت لكمْ

الحل في حكاية الدجاجة الصغيرة الحمراءْ

وعاشت الدجاجة الصغيرة الحمراءْ لأنها

قد زرعت وحصدت وجمعت وطبخت فطاب أكلها

فالفول فولها وكله لها

فالفعل فعلها .. والقول قولها

وعاشت الدجاجة الصغيرة الحمراءْ

وعاشت وحدة السودانْ

ولتسقط الأرانب ولتسقط الفئرانْ

من أجل نماء السودان

من أجل بناء السودان
أضف رد جديد

العودة إلى ”وثائق و شعراء“