الطـبّ النـــبوي

المشرف: بانه

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]
فصل في تدبيره لأمر النوم واليقظة

مَن تدبَّر نومه ويقظَته وجدَه أعدلَ نوم، وأنفعَه للبدن والأعضاء والقُوى، فإنه كان ينام أوَّلَ الليل، ويستيقظ في أول النصف الثاني، فيقومُ ويَستاك، ويتوضأ ويُصَلِّى ما كتبَ اللهُ له، فيأخذُ البدن والأعضاء والقُوَى حظَّها من النوم والراحة، وحظَّها من الرياضة مع وُفورِ الأجر، وهذا غايةُ صلاح القلب والبدن، والدنيا والآخرة. ولم يكن يأخذ من النوم فوقَ القدر المحتاج إليه، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه، وكان يفعلُه على أكمل الوجوه، فينامُ إذا دعتْه الحاجةُ إلى النوم على شِقِّه الأيمن، ذاكرا الله حتى تغلبه عيناه، غيرَ ممتلئ البدنِ من الطعام والشراب، ولا مباشرٍ بجنبه الأرضَ، ولا متخذٍ للفُرش المرتفعة، بل له ضِجَاع من أُدم حشوهُ ليف، وكان يَضطجع على الوِسادة، ويضع يده تحت خدِّه أحيانا. ونحن نذكر فصلا في النوم، والنافع منه والضار

فنقول: النوم حالة للبدن يَتبعُها غوْر الحرارةِ الغريزية والقُوى إلى باطن البدن لطلب الراحة، وهو نوعان: طبيعي، وغيرُ طبيعي.

فالطبيعي: إمساك القُوى النفسانية عن أفعالها، وهى قُوَى الحِسِّ والحركة الإرادية، ومتى أمسكتْ هذه القُوَى عن تحريك البدن اسْتَرخى، واجتمعتْ الرطوباتُ والأبخرةُ التى كانت تتحلَّل وتتفرَّق بالحركات واليقظة في الدماغ الذي هو مبدأ هذه القُوَى، فيتخدَّرُ ويَسترخِى، وذلك النومُ الطبيعي.

وأمَّا النومُ غيرُ الطبيعي، فيكونُ لعَرض أو مرض، وذلك بأن تستولىَ الرطوباتُ على الدماغ استيلاءً لا تقدِرُ اليقظةُ على تفريقها، أو تصعد أبخرةٌ رَطبة كثيرة كما يكون عقيبَ الامتلاء مِن الطعام والشراب، فتُثقِلُ الدماغ وتُرخيه، فَيتخدَّرَ، ويقع إمساكُ القُوَى النفسانية عن أفعالها، فيكون النوم.

وللنوم فائدتان جليلتان، إحداهما: سكونُ الجوارح وراحتُها مما يَعرض لها من التعب، فيُريح الحواسَّ مِن نَصَب اليقظة، ويُزيل الإعياء والكَلال.

والثانية: هضم الغذاء، ونُضج الأخلاط لأن الحرارة الغريزية في وقت النوم تَغور إلى باطن البدن، فتُعين على ذلك، ولهذا يبرد ظاهره ويحتاج النائم إلى فضل دِثَار.

وأنفعُ النوم: أن ينامَ على الشِّق الأيمن، ليستقرَّ الطعام بهذه الهيئة في المَعِدَة استقرارا حسنا، فإن المَعِدَة أميَلُ إلى الجانب الأيسر قليلا، ثم يَتحوَّل إلى الشِّق الأيسر قليلا ليُسرعَ الهضم بذلك لاستمالة المَعِدَة على الكَبِد، ثم يَستقرُّ نومُه على الجانب الأيمن، ليكون الغِذاء أسرعَ انحدارا عن المَعِدَة، فيكونُ النوم على الجانب الأيمن بُداءة نومه ونهايتَه، وكثرةُ النوم على الجانب الأيسر مضرٌ بالقلب بسبب ميل الأعضاء إليه، فتنصبُّ إليه المواد.

وأردأُ النومِ النومُ على الظهر، ولا يَضرُّ الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم، وأردأُ منه أن ينامَ منبطحا على وجهه، وفى المسند وسنن ابن ماجه، عن أبى أُمامةَ قال: مرَّ النبي على رجُلٍ نائم في المسجد منبطح على وجهه، فضرَبه برجله، وقال: «قُمْ أوِ اقْعُدْ فإنَّهَا نومةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ».

قال أبقراط في كتاب التَّقدِمة: وأما نومُ المريض على بطنه من غير أن يكون عادتُه في صحته جرتْ بذلك، فذلك يدلُّ على اختلاط عقل، وعلى ألمٍ في نواحى البطن، قال الشُرَّاح لكتابه: لأنه خالف العادة الجيدة إلى هيئة رديئة من غير سبب ظاهر ولا باطن.

والنومُ المعتدل ممكِّنٌ للقُوَى الطبيعية من أفعالها، مريحٌ للقوة النفسانية، مُكْثرٌ من جوهر حاملها، حتى إنه ربَّما عاد بإرخائه مانعا من تحلُّل الأرواح. ونومُ النهار ردئٌ يُورث الأمراضَ الرطوبية والنوازلَ، ويُفسد اللَّون، ويُورث الطِّحال، ويُرخى العصبَ، ويُكسل، ويُضعف الشهوة، إلاَّ في الصَّيفِ وقتَ الهاجِرة، وأردؤه نومُ أول النهار، وأردأُ منه النومُ آخره بعدَ العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصُّبْحَةِ، فقال له: قم، أتنام في الساعة التى تُقسَّمُ فيها الأرزاق؟

وقيل: نوم النهار ثلاثة: خُلقٌ، وحُرق، وحُمق. فالخُلق: نومة الهاجرة، وهى خُلق رسول الله . والحُرق: نومة الضحى، تُشغل عن أمر الدنيا والآخرة. والحُمق: نومة العصر. قال بعض السَّلَف: مَن نام بعد العصر، فاختُلِسَ عَقلُه، فلا يلومنَّ إلا نفسه. وقال الشاعر:

أَلاَ إنَّ نَوْمَاتِ الضُّحَى تُورِثُ الْفَتَى خَبَالا وَنَوْمَاتُ الْعُصَيْرِ جُنُونُ

ونوم الصُّبحة يمنع الرزق، لأن ذلك وقتٌ تطلبُ فيه الخليقةُ أرزاقَها، وهو وقتُ قسمة الأرزاق، فنومُه حرمانٌ إلا لعارض أو ضرورة، وهو مضر جدا بالبدن لإرخائه البدن، وإفسادِه للفضلات التى ينبغي تحليلُها بالرياضة، فيُحدث تكسُّرا وَعِيّا وضَعفا. وإن كان قبل التبرُّز والحركة والرياضة وإشغالِ المَعِدَة بشيء، فذلك الداء العُضال المولِّد لأنواع من الأدواء.

والنومُ في الشمس يُثير الداءَ الدَّفين، ونومُ الإنسان بعضُه في الشمس، وبعضُه في الظل رديء، وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبى هريرة، قال: قال رسولُ الله : «إذا كان أحدكم في الشَّمْسِ فَقَلَصَ عنه الظِّلُّ، فصار بَعْضُهُ في الشَّمْسِ وبَعْضُهُ في الظِّل، فَلْيَقُمْ».

وفي سنن ابن ماجه وغيره من حديث بُريدَةَ بن الحُصَيب، «أنَّ رسولَ الله نهى أنْ يقعُدَ الرَّجُلُ بين الظِّلِّ والشمس»، وهذا تنبيه على منع النوم بينهما.

وفي الصحيحين عن البَرَاء بن عازِبٍ، أنَّ رسول الله قال: «إذا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فتوضَّأْ وُضُوءَكَ للصَّلاة، ثم اضطَّجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ، ثم قل: اللَّهُمَّ إنِّى أسْلمتُ نَفْسِى إليكَ، ووَجَّهْتُ وجْهىِ إليكَ، وفَوَّضْتُ أمرى إليكَ، وألجأْتُ ظَهْرى إليكَ، رَغبةً ورَهبةً إليكَ، لا ملجأَ ولا مَنْجا منك إلاَّ إليكَ، آمَنتُ بكتابِكَ الذي أنْزَلْتَ، ونبيِّكَ الذي أرْسلتَ. واجعلْهُنَّ آخر كلامِكَ، فإن مِتَّ مِن ليلتِك، مِتَّ على الفِطْرة».

وفي صحيح البخاري عن عائشة أنَّ رسولَ الله ، «كان إذا صلَّى ركعتى الفجرِ يعنى سُنَّتَها اضْطَّجَعَ على شِقِّه الأيمنِ».

وقد قيل: إنَّ الحكمة في النوم على الجانب الأيمن، أن لا يستغرقَ النائم في نومه، لأن القلب فيه ميلٌ إلى جهة اليسار، فإذا نام على جنبه الأيمن، طلب القلبُ مُستقَرَّه من الجانب الأيسر، وذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله في نومه، بخلاف قراره في النوم على اليسار، فإنه مُستقَرُّه، فيحصُل بذلك الدَّعةُ التامة، فيستغرق الإنسان في نومه، ويَستثقِل، فيفوتُه مصالح دينه ودنياه.

ولما كان النائمُ بمنزلة الميت، والنومُ أخو الموت ولهذا يستحيل على الحىِّ الذي لا يموت، وأهلُ الجنَّة لا ينامون فيها كان النائم محتاجا إلى مَن يحرُس نفسه، ويحفظُها مما يَعْرِضُ لها من الآفات، ويحرُسُ بدنه أيضا من طوارق الآفات، وكان ربُّه وفاطرُه تعالى هو المتولى لذلك وحدَه. علَّم النبي النائمَ أن يقولَ كلماتِ التفويضِ والالتجاء، والرغبة والرهبة، ليَستدعىَ بها كمال حفظِ الله له، وحراسته لنفسه وبدنه، وأرشده مع ذلك إلى أن يَستذكِرَ الإيمانَ، وينامَ عليه، ويجعلَ التكلُّمَ به آخرَ كلامه، فإنه ربما توفاه الله في منامه، فإذا كان الإيمانُ آخِرَ كلامه دخل الجنَّة، فتضمَّن هذا الهَدْىُ في المنام مصالحَ القلب والبدن والروح في النوم واليقظة، والدنيا والآخرة، فصلواتُ الله وسلامُه على مَن نالتْ به أُمتُه كُلَّ خير

وقوله: «أسلَمتُ نفْسى إليكَ» ؛ أي: جعلتُها مُسلَّمَةً لك تسليمَ العبدِ المملوك نفسَه إلى سيده ومالكه.

وتوجيهُ وجهه إليه: يتضمَّن إقبالَه بالكلِّية على ربه، وإخلاص القصد والإرادة له، وإقراره بالخضوع والذل والانقياد، قال تعالى: {فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ. وذكر الوجهَ إذ هو أشرفُ ما في الإنسان، ومَجْمَعُ الحواس، وأيضا ففيه معنى التوجُّهِ والقصدِ من قوله:

أسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنبا لَسْتُ مُحْصِيَهُ رَبّ الْعِبَادِ إلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ


صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]
وتفويض الأمر إليه: ردُّهُ إلى الله سبحانه، وذلك يُوجب سُكون القلب وطمأنينتَه، والرِّضى بما يقضيه ويختارُه له مما يحبه ويرضاه، والتفويضُ من أشرف مقامات العبودية، ولا عِلَّة فيه، وهو من مقامات الخاصة خلافا لزاعمى خلاف ذلك.

وإلجاءُ الظَّهر إليه سبحانه: يَتضَمَّنُ قوةَ الاعتماد عليه، والثقة به، والسكونَ إليه، والتوكلَ عليه، فإنَّ مَن أسند ظهره إلى ركن وثيقٍ، لم يخف السقوطَ.

ولمَّا كان للقلب قوَّتان: قوة الطلب، وهى الرغبة، وقوة الهرب، وهى الرهبة، وكان العبد طالبا لمصالحه، هاربا من مضارِّه، جمع الأمرين في هذا التفويض والتوجُّه، فقال: «رغبةً ورهبةً إليك».

ثم أثنى على ربه، بأنه لا مَلجأ للعبد سواه، ولا منجا له منه غيره، فهو الذي يلجأ إليه العبدُ ليُنجِيَه من نفسه، كما في الحديث الآخر: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبمُعَافَاتِكَ من عُقُوبَتِكَ، وأعوذُ بِكَ مِنْكَ»، فهو سبحانه الذي يُعيذ عبدَه ويُنجيه من بأسه الذي هو بمشيئته وقُدرته، فمنه البلاءُ، ومنه الإعانةُ، ومنه ما يُطلب النجاةُ منه، وإليه الالتجاءُ في النجاة، فهو الذي يُلجأ إليه في أن يُنجىَ مما منه، ويُستعاذُ به مما منه، فهو ربُّ كل شيء، ولا يكون شيء إلا بمشيئته: {وَإن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إلاَّ هُوَ}[41]، { قُلْ مَن ذَا الذي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللهِ إنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً }[42]

ثُمَّ ختم الدعاءَ بالإقرار بالإيمان بكتابه ورسوله الذي هو مَلاكُ النجاة، والفوز في الدنيا والآخرة، فهذا هديه في نومه.

لَوْ لَمْ يَقُلْ إنِّي رَسُولٌ لَكَا نَ شَاهِدٌ في هديه يَنْطِقُ

فصل وأمَّا هديه في يقظته، فكان يَستيقظ إذا صاح الصَّارخُ وهو الدِّيك، فيحمَدُ اللهَ تعالى ويُكبِّره، ويُهلِّله ويدعوه، ثم يَستاك، ثم يقوم إلى وضُوئه، ثم يَقِفُ للصلاة بين يَدَى ربه، مُناجيا له بكلامه، مُثنيا عليه، راجيا له، راغبا راهبا، فأىُّ حفظٍ لصحةِ القلب والبدن، والرُّوح والقُوَى، ولنعيم الدنيا والآخرة فوقَ هذا.

فصل وأمَّا تدبيرُ الحركة والسكون، وهو الرياضة، فنذكرُ منها فصلا يُعلم منه مطابقةُ هديه في ذلك لأكملِ أنواعِه وأحمدِها وأصوبِها، فنقول:

من المعلوم افتقارُ البدن في بقائه إلى الغذاء والشراب، ولا يَصير الغذاءُ بجملته جزءامن البدن، بل لا بد أن يبقى منه عند كل هضم بقية ما، إذا كثُرتْ على ممر الزمان اجتمع منها شيء له كميةٌ وكيفية، فيضُرُّ بكميته بأن يسد ويُثقلَ البدن، ويُوجبَ أمراضَ الاحتباس، وإن استفرغ تأذَّى البدن بالأدوية، لأن أكثرها سُمِيَّة، ولا تخلو من إخراج الصالح المنتفَع به، ويضر بكيفيته، بأن يسخن بنفسه، أو بالعَفِن، أو يبردُ بنفسه، أو يضعف الحرارة الغريزية عن إنضاجه.

وسدد الفضلات لا محالةَ ضارةٌ، تُرِكَتْ أو استُفرِغَتْ، والحركةُ أقوى الأسباب في منع تولُّدِها، فإنها تُسخِّن الأعضاء، وتُسيل فضلاتِها، فلا تجتمعُ على طول الزمان، وتُعوِّدُ البدنَ الخفةَ والنشاط، وتجعلُه قابلا للغذاء، وتُصلِّب المفاصِل، وتُقوِّى الأوتارَ والرباطاتِ، وتُؤمن جميعَ الأمراض المادية وأكثر الأمراض المِزاجية إذا استُعمِلَ القدرُ المعتدل منها في وقته، وكان باقى التدبير صوابا.

ووقتُ الرياضة بعدَ انحدار الغذاء، وكمال الهضم، والرياضةُ المعتدلة هي التى تحمرُّ فيها البَشْرة، وتربُو ويَتَنَدَّى بها البدنُ، وأما التى يلزمُها سيلانُ العرق فمفرِطةٌ، وأىُّ عضو كثرتْ رياضتُه قَوِىَ، وخصوصا على نوع تلك الرياضة، بل كلُّ قوة فهذا شأنُها، فإنَّ مَن استكثَر من الحفظ قويتْ حافِظتُه، ومَن استكثرَ من الفكر قويتْ قُوَّتُه المفكِّرة، ولكل عضو رياضةٌ تخصُّه، فللصدرِ القراءةُ، فليبتدئ فيها من الخِفية إلى الجهر بتدريج، ورياضةُ السمع بسمعِ الأصوات، والكلام بالتدريج، فينتقل من الأخف إلى الأثقل، وكذلك رياضةُ اللِّسان في الكلام، وكذلك رياضةُ البصر، وكذلك رياضةُ المشى بالتدريج شيئا فشيئا.

وأمَّا ركوبُ الخيل، ورمىُ النُّشَّاب، والصراعُ، والمسابقةُ على الأقدام، فرياضةٌ للبدن كلِّه، وهى قالعة لأمراض مُزمنةٍ، كالجُذام والاستسقاء والقولنج.

ورياضةُ النفوس بالتعلُّم والتأدُّب، والفرح والسرور، والصبر والثبات، والإقدام والسماحة، وفِعْل الخير، ونحو ذلك مما تَرْتاض به النفوسُ، ومن أعظم رياضتها: الصبرُ والحب، والشجاعة والإحسان، فلا تزالُ تَرتاض بذلك شيئا فشيئا حتى تَصيرَ لها هذه الصفاتُ هيآتٍ راسخةً، ومَلَكاتٍ ثابتةً.

وأنت إذا تأمَّلت هديه في ذلك، وجدتَه أكملَ هَدْىٍ حافظٍ للصحة والقُوَى، ونافعٍ في المعاش والمعاد.

ولا رَيْبَ أنَّ الصلاة نفسَها فيها من حِفظِ صحة البدن، وإذابةِ أخلاطه وفضلاته، ما هو من أنفع شيء له سوى ما فيها مِن حفظِ صحة الإيمان، وسعادةِ الدنيا والآخرة، وكذلك قيامُ الليل مِن أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأُمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن والروح والقلب، كما في الصحيحين عن النبي ، أنه قال: «يَعقِدُ الشَّيْطَانُ على قافِيَةِ رأسِ أحَدِكُم إذا هو نامَ ثلاثَ عُقَدٍ، يَضربُ على كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طويلٌ، فارقُدْ، فإنْ هو استيقَظ، فذكَرَ اللهَ انحلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ، انحلَّتْ عُقْدَةٌ ثانيةٌ، فإنْ صَلَّى انحلَّتْ عُقْدُهُ كُلُّهَا، فأصبحَ نشيطا طَيِّبَ النفْسِ، وإلاَّ أصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ».

وفي الصوم الشرعي من أسبابِ حفظ الصحة ورياضةِ البدن والنفس ما لا يدفعُه صحيحُ الفطرة.

وأما الجهادُ وما فيه من الحركات الكلية التى هي من أعظم أسباب القوة، وحفظ الصحة، وصلابةِ القلب والبدن، ودفعِ فضلاتهما، وزوالِ الهم والغم والحزن، فأمر إنَّما يعرفه مَن له منه نصيبٌ، وكذلك الحجُّ، وفعلُ المناسك، وكذلك المسابقةُ على الخيل، وبالنِّصال، والمشىُ في الحوائج، وإلى الإخوان، وقضاءُ حقوقهم، وعيادة مرضاهم، وتشييعُ جنائزهم، والمشىُ إلى المساجد للجُمُعات والجماعات، وحركةُ الوضوء والاغتسال، وغير ذلك.

وهذا أقلُّ ما فيه الرياضةُ المعينة على حفظِ الصحة، ودفع الفضلات، وأما ما شُرع له من التوصُّل به إلى خيرات الدنيا والآخرة، ودفع شرورهما، فأمرٌ وراء ذلك.

فعلمتَ أنَّ هديه فوق كل هَدْىٍ في طبِّ الأبدان والقلوب، وحفظِ صحتها، ودفع أسقامهما، ولا مزيدَ على ذلك لمن قد أحضر رشده.. وبالله التوفيق.


صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]
فصل في الجماع والباه وهدي النبي فيه

وأما الجِماعُ والباهُ، فكان هديه فيه أكملَ هَدْىٍ، يحفَظ به الصحة، وتتمُّ به اللَّذةُ وسرور النفس، ويحصل به مقاصدُه التى وُضع لأجلها، فإن الجِمَاع وُضِعَ في الأصل لثلاثة أُمور هي مقاصدُه الأصلية:

أحدها: حفظُ النسل، ودوامُ النوع إلى أن تتكاملَ العُدة التى قدَّر الله بروزَها إلى هذا العالَم.

الثاني: إخراجُ الماء الذي يضر احتباسُه واحتقانُه بجملة البدن.

الثالث: قضاءُ الوَطر، ونيلُ اللَّذة، والتمتعُ بالنعمة، وهذه وحدَها هي الفائدةُ التى في الجنَّة، إذ لا تناسُلَ هناك، ولا احتقانَ يستفرِغُه الإنزالُ.

وفضلاءُ الأطباء: يرون أنَّ الجِمَاع من أحد أسباب حفظ الصحة. قال جالينوس: الغالبُ على جوهر المَنِىِّ النَّارُ والهواءُ، ومِزاجُه حار رطب، لأن كونه من الدم الصافى الذي تغتذى به الأعضاءُ الأصلية، وإذا ثبت فضلُ المَنِىِّ، فاعلم أنه لا ينبغي إخراجُه إلا في طلب النسل، أو إخراجُ المحتقن منه، فإنه إذا دام احتقانُه، أحدث أمراضا رديئة، منها: الوسواسُ والجنون، والصَّرْع، وغيرُ ذلك، وقد يُبرئ استعمالُه من هذه الأمراض كثيرا، فإنه إذا طال احتباسُه، فسد واستحال إلى كيفية سُمِّية تُوجب أمراضا رديئة كما ذكرنا، ولذلك تدفعُه الطبيعةُ بالاحتلام إذا كثر عندها من غير جِمَاع.

وقال بعض السَّلَف: ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثا: أن لا يدعَ المشىَ، فإن احتاج إليه يوما قدَر عليه، وينبغي أن لا يدَع الأكل، فإن أمعاءه تضيق، وينبغي أن لا يدَع الجِمَاعَ، فإن البئر إذا لم تُنزحْ، ذهب ماؤها.

وقال محمد بن زكريا: مَن ترك الجِمَاعَ مدةً طويلة، ضعفتْ قُوى أعصابه، وانسدَّت مجاريها، وتقلَّص ذَكرُه. قال: ورأيتُ جماعة تركوه لنوع من التقشف، فبرُدَتْ أبدانُهُم، وعَسُرَتْ حركاتُهُم، ووقعتْ عليهم كآبةٌ بلا سبب، وقَلَّتْ شهواتُهُم وهضمُهُم.. انتهى.

ومن منافعه: غضُّ البصر، وكفُّ النفس، والقدرةُ على العِفَّة عن الحرام، وتحصيلُ ذلك للمرأة، فهو ينفع نفسه في دنياه وأُخراه، وينفع المرأة، ولذلك كان يتعاهدُه ويُحبُه، ويقول: «حُبِّبَ إلىَّ مِن دُنْيَاكُمُ: النِّسَاءُ والطِّيبُ».

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادةٌ لطيفة، وهي: «أصبرُ عن الطعام والشراب، ولا أصبرُ عنهنَّ».

وحثَّ على التزويج أُمَّته، فقال: «تَزَوَّجوا، فإنِّى مُكاثرٌ بِكُمُ الأُمَمَ».

وقال ابن عباس: خيرُ هذه الأُمة أكثرُها نِساءً.

وقال: «إنِّي أتزوَّجُ النساءَ، وأنامُ وأقومُ، وأَصُومُ وأُفطِرُ، فمن رَغِبَ عن سنتي فليس مني».

وقال: «يا معشرَ الشبابِ ؛ مَن استطاعَ منكم الباءَةَ فلْيَتَزَوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصرِ، وأحْفَظُ للْفِرْج، ومَن لم يستطعْ، فعليه بالصومِ، فإنه له وِجاءٌ»

ولما تزوج جابر ثيِّبا قال له: «هَلاَّ بِكْرا تُلاعِبُها وتُلاعِبُكَ».

وروى ابن ماجه في سننه من حديث أنس بن مالك قال، قال رسولُ الله : «مَن أراد أنْ يَلْقَى اللهَ طاهرا مُطَهَّرا، فَلْيَتَزَوَّج الحَرَائِرَ». وفى سننه أيضا من حديث ابن عباس يرفعه، قال: «لم نَرَ للمُتَحابَّيْن مِثْلَ النِّكاحِ».

وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله : «الدُّنيا مَتَاعٌ، وخَيْرُ متاع الدُّنْيا المرأةُ الصَّالِحَةُ».

وكان يُحرِّض أُمته على نكاح الأبكار الحسان، وذواتِ الدين، وفى سنن النسائي عن أبى هريرةَ قال: سُئل رسولُ الله : أي النساءِ خير؟ قال: «التى تَسُرُّهُ إذا نَظَرَ، وتُطِيعُهُ إذا أَمَرَ، ولا تُخَالِفُه فيما يَكَرَهُ في نفسِها ومالِهِ».

وفي الصحيحين عنه، عن النبي ، قال: «تُنكَحُ المرأةُ لمالِها، ولِحَسَبِها، ولِجَمَالِها، ولِدِينِهَا، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّين، تَرِبَتْ يَدَاكَ».

وكان يَحثُّ على نكاح الوَلُود، وَيَكرهُ المرأة التى لا تلد، كما في سنن أبي داود عن مَعْقِل بن يَسار، أنَّ رجلا جاء إلى النبي ، فقال: إنى أصَبتُ امرأةً ذاتَ حَسَبٍ وجمالٍ، وإنَّها لاَ تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُها؟ قال: «لا»، ثم أتاه الثانيةَ، فَنَهَاه، ثم أتاه الثالثةَ، فقال: «تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فإنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمْ».

وفي الترمذي عنه مرفوعا: «أَرْبَعٌ من سُنن المُرْسَلِينَ: النِّكاحُ، والسِّواكُ، والتَّعَطُّرُ والحِنَّاءُ». رُوى في «الجامع» بالنون و والياء، وسمعتُ أبا الحجَّاج الحافظَ يقول: الصواب: أنه الخِتَان، وسقطت النونُ من الحاشية، وكذلك رواه المَحَامِلىُّ عن شيخ أبى عيسى الترمذي.

وممَّا ينبغي تقديُمُه على الجِماع ملاعبةُ المرأة، وتقبيلُها، ومصُّ لِسانها، وكان رسول الله ، يُلاعبُ أهله، ويُقَبلُها

وروى أبو داود في سننه: أنه «كان يُقبِّلُ عائشةَ، ويمصُّ لِسَانَها».

ويُذكر عن جابر بن عبد الله قال: «نَهَى رسولُ الله عن المُواقعةِ قبلَ المُلاَعَبَةِ».

وكان ربما جامع نساءَه كُلَّهن بغُسل واحد، وربما اغتَسَلَ عند كل واحدة منهن، فروى مسلم في «صحيحه» عن أنس أنَّ النبي كان يَطوفُ على نسائه بغُسْلٍ واحد.

وروى أبو داود في سننه عن أبي رافع مولَى رسول الله ، أنَّ رسولَ الله طاف على نسائه في ليلة، فاغتَسَلَ عند كلِّ امرأةٍ منهنَّ غُسلا، فقلتُ: يا رسول الله ؛ لو اغتسلتَ غُسلا واحدا، فقال: «هذا أزكى وأطْهَرُ وأطْيَبُ».

وشُرع للمُجامِع إذا أراد العَودَ قبل الغُسل الوضوء بين الجِمَاعَيْن، كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبى سعيد الخدرىِّ، قال: قال رسول الله : «إذا أتى أحدُكُم أَهْلَهُ، ثم أرادَ أن يعودَ فلْيَتَوَضأ».

وفي الغُسْلِ والوضوء بعد الوطء من النشاطِ، وطيبِ النفس، وإخلافِ بعض ما تحلَّل بالجِماع، وكمالِ الطُهْر والنظافة، واجتماع الحار الغريزى إلى داخل البدن بعد انتشاره بالجِماع، وحصولِ النظافة التى يُحبها الله، ويُبغض خلافها ما هو مِن أحسن التدبير في الجِماع، وحفظ الصحة والقُوَى فيه.

فصل وأنفعُ الجِماع: ما حصلَ بعد الهضم، وعند اعتدال البدن في حرِّه وبرده، ويُبوسته ورطوبته، وخَلائه وامتلائه. وَضَرَرُه عند امتلاء البدن أسهلُ وأقل من ضرره عند خُلوِّه، وكذلك ضررُه عند كثرة الرطوبة أقلُّ منه عند اليبوسة، وعند حرارته أقلُّ منه عند برودته، وإنما ينبغي أن يُجامِعَ إذا اشتدتْ الشهوةُ، وحصَلَ الانتشارُ التام الذي ليس عن تكلُّفٍ، ولا فكرٍ في صورة، ولا نظرٍ متتابع.

ولا ينبغي أن يستدعىَ شهوةَ الجِماع ويتكلفها، ويحمل نفسه عليها، وليُبادْر إليه إذا هاجتْ به كثرةُ المَنِىِّ، واشتد شَبَقُهُ، وليحذرْ جِماعَ العجوز والصغيرةِ التى لا يُوطأُ مثلُها، والتى لا شهوة لها، والمريضةِ، والقبيحةِ المنظرِ، والبَغيضة، فوطءُ هؤلاء يُوهن القُوَى، ويُضعف الجِماع بالخاصِّية، وغلط مَن قال من الأطباء: إن جِماع الثيِّب أنفعُ من جِماع البكر وأحفظُ للصحة، وهذا من القياس الفاسد، حتى ربما حذَّر منه بعضُهم، وهو مخالف لِما عليه عقلاءُ الناسِ، ولِما اتفقتْ عليه الطبيعةُ والشريعة.

وفي جِماع البِكر من الخاصِّية وكمالِ التعلُّق بينها وبين مُجامعها، وامتلاءِ قلبها من محبته، وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره، ما ليس للثَيِّب. وقد قال النبي لجابر: «هلاَّ تَزوَّجتَ بِكرا»، وقد جعل الله سبحانه من كمالِ نساء أهل الجنَّة من الحُور العين، أنَّهن لم يَطْمِثْهُنَّ أحدٌ قبلَ مَن جُعِلْنَ له، من أهل الجنَّة. وقالت عائشةُ للنبي : أرأيْتَ لو مَرَرْتَ بشجرةٍ قد أُرْتِعَ فيها، وشجرةٍ لم يُرْتَعْ فيها، ففي أيِّهما كنتَ تُرتِعُ بعيرَك؟ قال: «في التى لم يُرْتَعْ فيها». تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرَها.

صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

وجِماعُ المرأة المحبوبة في النفس يَقِلُّ إضعافُهُ للبدن مع كثرةِ استفراغه للمَنِىِّ، وجماع البغيضة يُحِلُّ البدن، ويُوهن القُوَى مع قِلَّةِ استفراغه، وجِماعُ الحائض حرامٌ طبعا وشرعا، فإنه مضرٌ جدا، والأطباء قاطبةً تُحَذِّر منه.

وأحسنُ أشكالِ الجِماع أن يعلوَ الرجلُ المرأةَ، مُستفرِشا لها بعدَ المُلاعبة والقُبلة، وبهذا سُميت المرأة فِراشا، كما قال : «الولَدُ لِلفِراش»، وهذا من تمام قَوَّامية الرجل على المرأة، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [43]، وكما قيل:

إذَا رُمْتُهَا كَانَتْ فِرَاشَا يُقِلُّنِى وَعِنْدَ فَرَاغِى خَادِمٌ يَتَمَلَّقُ

وقد قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [44]، وأكملُ اللِّباس وأسبَغُه على هذه الحال، فإن فِراش الرجل لباسٌ له، وكذلك لِحَافُ المرأة لباسٌ لها، فهذا الشكلُ الفاضلُ مأخوذٌ من هذه الآية، وبه يَحسن موقعُ استعارةِ اللِّباس من كل من الزوجين للآخر.

وفيه وجه آخرُ، وهو أنها تَنعطِفُ عليه أحيانا، فتكونُ عليه كاللِّباس، قال الشاعر:

إذَا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى جِيدَها تَثَنَّتْ فَكَانَتْ عَلَيْهِ لِبَاسَا

وأردأُ أشكاله أن تعلُوَهُ المرأةُ، ويُجامِعَها على ظهره، وهو خلافُ الشكل الطبيعي الذي طبع الله عليه الرجل والمرأة، بل نوعَ الذكر والأُنثى، وفيه من المفاسد، أنَّ المَنِىَّ يتعسَّرُ خروجُه كلُّه، فربما بقى في العضو منه فيتعفنُ ويفسد، فيضر.

وأيضا: فربما سال إلى الذَّكر رطوباتٌ من الفَرْج.

وأيضا: فإنَّ الرَّحِم لا يتمكن من الاشتمال على الماء واجتماعِهِ فيه، وانضمامِهِ عليه لتَخْلِيقِ الولد.

وأيضا: فإنَّ المرأة مفعولٌ بها طبعا وشرعا، وإذا كانت فاعلة خالفتْ مقتضى الطبع والشرع.

وكان أهل الكتاب إنما يأتون النساء على جُنوبهن على حَرْفٍ، ويقولون: هو أيسرُ للمرأة.

وكانت قريش والأنصار تَشْرَحُ النِّساءَ على أقْفَائِهن، فعابَتِ اليهودُ عليهم ذلك، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [45].

وفي الصحيحين عن جابر، قال: كانت اليهود تقولُ: إذا أتى الرجلُ امرأتَه من دُبُرِها في قُبُلِها، كان الولدُ أَحوَلَ، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [46].

وفي لفظ لمسلم: «إن شاء مُجَبِّيَة، وإن شاء غير مُجَيِّبَة، غَيْرَ أنَّ ذلك في صِمامٍ واحدٍ».

والمُجَبِّبَة: المُنْكَبَّة على وجهها، والصمام الواحد: الفَرْج، وهو موضع الحرْثِ والولد.

وأما الدُّبرُ: فلم يُبَحْ قَطُّ على لسان نبي من الأنبياء، ومَن نسب إلى بعض السَّلَف إباحة وطء الزوجة في دُبُرها، فقد غلط عليه.

وفي سنن أبى داود عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله : «ملعونٌ مَن أتى المرأةَ في دُبُرِها».

وفي لفظ لأحمد وابن ماجه: «لا يَنْظُرُ اللهُ إلى رَجُلٍ جَامَعَ امرأتَه في دُبُرِها».

وفي لفظ للترمذي وأحمد: «مَن أتى حائضا، أو امرأةً في دُبُرِها، أوْ كاهنا فَصَدَّقَهُ، فقد كَفَرَ بما أُنْزِلَ على محمد ».

وفي لفظ للبيهقي: «مَنْ أتى شيئا مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ في الأدبار فقد كفر».

وفي مصنف وكِيع: حدثنى زمْعة بن صالح، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن يَزيد ؛ قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله : «إنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيى من الحقِّ، لا تأتُوا النِّسَاءَ في أعجازِهِنَّ»، وقال مَرَّة: «في أدبارِهِنَّ».

وفي الترمذي: عن على بن طَلْق، قال: قال رسول الله : «لا تأتوا النِّسَاءَ في أعجازِهِنَّ، فإن الله لا يستحى من الحقِّ».

وفي الكامل لابن عَدي: من حديثه عن المحامِلي، عن سعيد بن يحيى الأموي، قال: حدَّثنا محمد بن حمزَةَ، عن زيد بن رَفيع، عن أبى عُبيدة، عن عبد الله بن مسعود يرفعه: «لا تأتوا النِّسَاءَ في أعْجَازِهِنَّ».

وروينا في حديث الحسن بن على الجوهرىِّ، عن أبى ذرٍّ مرفوعا: «مَنْ أتى الرِّجَال والنِّسَاءَ في أدْبَارِهنَّ، فقد كَفَرَ».

وروى إسماعيل بن عيَّاش، عن سُهيل بن أبى صالح، عن محمد ابن المُنْكَدِر، عن جابر يرفعه: «اسْتَحْيُوا مِنَ الله، فإنَّ اللهَ لا يَسْتَحيى مِنَ الحقِّ، لا تأْتُوا النِّسَاءَ في حُشُوشِهِنَّ».

ورواه الدارقطني من هذه الطريق، ولفظه: «إنَّ الله لا يَسْتَحيى مِنَ الحق، لا يَحلُّ مَأْتَاك النِّسَاءَ في حُشُوشِهِنَّ».

وقال البغوي: حدثنا هُدْبَةُ، حدثنا همَّام، قال: سُئِل قتادة عن الذي يأتى امرأته في دُبُرِها ؛ فقال: حَدَّثنى عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جده، أنَّ رسولَ الله قال: «تلك اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرى».

وقال أحمد في مسنده: حدَّثنا عبد الرحمن، قال: حدَّثنا همَّام، أُخبِرنا عن قتادَةَ، عن عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جده، فذكره.
صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

وفي المسند أيضا: عن ابن عباس: أنزلت هذه الآية: {نِسَاءُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [47] في أُناسٍ من الأنصار، أتَوْا رسولَ الله ، فسألوه، فقال: «ائْتِها على كُلِّ حال إذا كان في الفَرْج».

وفي المسند أيضا: عن ابن عباس، قال: جاء عمرُ بنُ الخطاب إلى رسول الله ، فقال: يا رسول الله: هلكتُ. فقال: «وما الذي أهلكَكَ»؟ قال: حَوَّلْتُ رَحْلى البارِحَةَ، قال: فلم يَرُدَّ عليه شيئا، فأوحى الله إلى رسوله: {نِسَاءُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [48] أَقْبِلْ وأَدْبِرْ، واتَّقِ الحَيْضَةَ والدُّبُرَ».

وفي الترمذي: عن ابن عباس مرفوعا: «لا يَنْظُرُ اللهُ إلى رَجُلٍ أتى رَجُلا أو امرأةً في الدُّبُرِ».

وروينا من حديث أبى على الحسن بن الحسين بن دُومَا، عن البَراء بن عازِب يرفعه: «كَفَرَ باللهِ العظيم عشرةٌ من هذه الأُمة: القاتِلُ، والسَّاحِرُ، والدُّيُّوثُ، وناكحُ المرأةِ في دُبُرِها، ومانِعُ الزكاةِ، ومَن وَجَدَ سَعَةً فماتَ ولم يَحُجَّ، وشاربُ الخَمْرِ، والسَّاعِى في الفِتَنِ، وبائعُ السِّلاحِ من أهلِ الحربِ، ومَن نكَح ذَاتَ مَحْرَمٍ منه».

وقال عبد الله بن وهب: حدَّثنا عبد الله بن لَهيعةَ، عن مِشرَح بن هاعانَ، عن عقبةَ بن عامر، أنَّ رسولَ الله قال: «مَلْعُونٌ مَن يأتى النِّسَاءَ في محاشِّهِنَّ» ؛ يعنى: أدْبَارِهِنَّ.

وفي مسند الحارث بن أبى أُسامة من حديث أبى هريرة، وابن عباس قالا: خطبنا رسولُ الله قبل وفاته، وهى آخِرُ خُطبةٍ خطبها بالمدينة حتى لحق بالله عَزَّ وَجَلَّ، وعظنا فيها وقال: «مَن نَكَحَ امرأَةً في دُبُرِها أو رجلا أو صَبِيَّا، حُشِرَ يَوْمَ القيامة، وريحُهُ أنْتَنُ مِنَ الجِيفةِ يتأذَّى به النَّاسُ حتى يَدْخُلَ النَّار، وأَحْبَطَ اللهُ أجرَهُ، ولا يَقْبَلُ منه صَرْفا ولا عدلا، ويُدْخَلُ في تابوتٍ من نارٍ، ويُشَدُّ عليه مَساميرُ من نارٍ»، قال أبو هريرة: هذا لمن لم يتب.

وذكر أبو نعيم الأصبهاني، من حديث خزيمة بن ثابت يرفعه، «إنَّ الله لا يَسْتَحي مِنَ الحَق، لا تأتوا النِّساَء في أَعْجاَزِهِنَّ».

وقال الشافعي: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع، قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب، عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح، عن خزيمة بن ثابت، أن رجلا سأل النبي عن إتيان النساء في أدبارهن، فقال: «حلال»، فلما ولى، دعاه فقال: «كيف قُلتَ، في أيِّ الخُرْبَتَينِ، أو في أي الخَرْزَتَينِ، أو في أيِّ الخَصْفَتَينِ أمنْ دُبُرهاَ في قُبُلهَا؟ فَنَعَم. أم مِنْ دُبُرِهاَ في دُبُرِهاَ، فلا، إنَّ الله لا يَسْتَحيِي مِنَ الحَق، لا تأتوا النِّساَء في أَدبارهِنَّ».

قال الربيع: فقيل للشافعي: فما تقول؟ فقال: عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أثنى على الأنصاري خيرا، يعني عمرو بن الجلاح، وخزيمة ممن لا يشك في ثقته، فلست أرخص فيه، بل انهي عنه.

قلت: ومن هاهنا نشأ الغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة، فإنهم أباحوا أن يكون الدُّبر طريقا إلى الوطء في الفرج، فيطأ من الدبر لا في الدبر، فاشتبه على السامع «من» ب «في» ولم يظن بينهما فرقا، فهذا الذي أباحه السلف والأئمة، فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه.

وقد قال تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} [49] قال مجاهد: سألتُ ابن عَبَّاس عن قوله تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} [50]، فقال: تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها يعني في الحيض. وقال علي بن أبي طلحة عنه يقول: في الفرج، ولا تعدُه إلى غيره.

وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دُبرها من وجهين: أحدهما: أنه أباح إتيانها في الحرث، وهو موضع الولد لا في الحُشّ الذي هو موضع الأذى، وموضع الحرث هو المراد من قوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} [51] الآية قال: {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [52] وإتيانُها في قبلها مِن دبرها مستفادٌ من الآية أيضا، لأنه قال: أنى شئتم، أي: من أين شئتم من أمام أو من خلف. قال ابن عباس: فأتوا حرثكم، يعني: الفرج.

وإذا كان الله حرَّم الوطءَ في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظنُّ بالحشِّ الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.

وأيضا: فللمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دُبرها يفوِّتُ حقها، ولا يقضي وطَرَها، ولا يُحَصِّل مقصودها.

وأيضا: فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يخلق له، وإنما الذي هيئ له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدُّبُر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا.

وأيضا: فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهي عنه عقلاءُ الأطباء منِ الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطءُ في الدُّبُر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كلَّ المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي.

وأيضا: يضر من وجه آخَر، وهو إحواجُه إلى حركات متعبةٍ جدا لمخالفته للطبيعة.

وأيضا: فإنه محل القذر والنَّجْوِ، فيستقبلُه الرَّجل بوجهه، ويُلابسه.

وأيضا: فإنه يضرُّ بالمرأة جدا، لأنه واردٌ غريب بعيدٌ عن الطباع، مُنافر لها غايةَ المنافرة.

وأيضا: فإنه يُحِدثُ الهمَّ والغم، والنفرةَ عن الفاعل والمفعول.

وأيضا: فإنه يُسَوِّدُ الوجه، ويُظلم الصدر، ويَطمِسُ نور القلب، ويكسو الوجه وحشةً تصير عليه كالسِّيماء يعرِفُها مَن له أدنى فراسة.

وأيضا: فإنه يُوجب النُّفرة والتباغض الشديد، والتقاطع بين الفاعل والمفعول، ولا بُدَّ.

وأيضا: فإنه يُفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكادُ يُرجَى بعده صلاح، إلا أن يشاءَ الله بالتوبة النصوح.

وأيضا: فإنه يُذهبُ بالمحاسن منهما، ويكسوهما ضِدَّها. كما يُذهب بالمَوَدَّة بينهما، ويُبدلهما بها تباغضا وتلاعُنا.

وأيضا: فإنه من أكبر أسباب زوال النِعَم، وحُلول النِقَم، فإنه يوجب اللَّعنةَ والمقتَ من الله، وإعراضه عن فاعله، وعدم نظره إليه، فأىُّ خير يرجوه بعد هذا، وأىُّ شر يأمنُه، وكيف حياة عبد قد حلَّتْ عليه لعنة الله ومقته، وأعرض عنه بوجهه، ولم ينظر إليه.

وأيضا: فإنه يُذهب بالحياءِ جملةً، والحياءُ هو حياة القلوب، فإذا فقدها القلبُ، استحسَن القبيح، واستقبحَ الحسن، وحينئذٍ فقد استَحكَم فسادُه.

وأيضا: فإنهُ يُحيل الطباعَ عما رَكَّبَها الله، ويُخرج الإنسانَ عن طبعه إلى طبع لم يُركِّب الله عليه شيئا من الحيوان، بل هو طبع منكوس، وإذا نُكِسَ الطبعُ انتكس القلب، والعمل، والهدى، فيستطيبُ حينئذٍ الخبيثَ من الأعمال والهيئات، ويفسد حاله وعملُه وكلامه بغير اختياره.

وأيضا: فإنه يُورِث مِنَ الوقاحة والجُرأة ما لا يُورثه سواه.

وأيضا: فإنه يُورث مِنَ المهانة والسِّفال والحقَارة ما لا يورثه غيره.

وأيضا: فإنه يكسو العبدَ مِن حُلَّة المقت والبغضاء، وازدراءِ الناس له، واحتقارِهم إيَّاه، واستصغارِهم له ما هو مشاهَدٌ بالحسِّ، فصلاة الله وسلامه على مَن سعادةُ الدنيا والآخرة في هديه واتباعِ ما جاء به، وهلاكُ الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به.

فصل والجِماع الضار: نوعان ؛ ضارٌ شرعا، وضارٌ طبعا.

فالضار شرعا: المحرَّم، وهو مراتبُ بعضُها أشدُّ من بعض. والتحريمُ العارض منه أخفُّ من اللازم، كتحريم الإحرام، والصيام، والاعتكاف، وتحريم المُظاهِرِ منها قبل التكفير، وتحريمِ وطء الحائض... ونحو ذلك، ولهذا لا حدَّ في هذا الجِمَاع.

وأما اللازمُ: فنوعان ؛ نوعٌ لا سبيل إلى حِلَّه ألبتة، كذواتِ المَحارم، فهذا من أضر الجِمَاع، وهو يُوجب القتل حدا عند طائفة من العلماء، كأحمد ابن حنبلٍ رحمه الله وغيرِه، وفيه حديث مرفوع ثابت.

والثاني: ما يمكن أن يكون حلالا، كالأجنبية، فإن كانت ذاتَ زوج، ففي وطئها حَقَّان: حقٌّ للهِ، وحقٌّ للزوج. فإن كانت مُكرَهة، ففيه ثلاثةُ حقوق، وإن كان لها أهل وأقاربُ يلحقهم العارُ بذلك صار فيه أربعةُ حقوق، فإن كانت ذات مَحْرَم منه، صار فيه خمسةُ حقوق. فمَضَرَّةُ هذا النوع بحسب درجاته في التحريم.

وأما الضار طبعا، فنوعان أيضا: نوعٌ ضار بكيفيته كما تقدَّم، ونوعٌ ضار بكميته كالإكثار منه، فإنه يُسقط القُوَّة، ويُضر بالعصب، ويُحدث الرِّعشةَ، والفالج، والتشنج، ويُضعف البصر وسائرَ القُوَى، ويُطفئُ الحرارةَ الغريزية، ويُوسع المجارىَ، ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية.

وأنفعُ أوقاته، ما كان بعد انهضام الغذاء في المَعِدَة وفى زمانٍ معتدلٍ لا على جوع، فإنه يُضعف الحار الغريزى، ولا على شبع، فإنه يُوجب أمراضا شديدةً، ولا على تعب، ولا إثْرَ حمَّام، ولا استفراغٍ، ولا انفعالٍ نفسانى كالغمِّ والهمِّ والحزنِ وشدةِ الفرح.

وأجودُ أوقاته بعد هَزِيع من الليل إذا صادف انهضامَ الطعام، ثم يغتسل أو يتوضأ، وينامُ عليه، وينامُ عقبه، فَتَراجَعُ إليه قواه، وليحذرِ الحركة والرياضة عقبه، فإنها مضرة جدا.
صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

فصل في هديه في علاج العشق

هذا مرضٌ من أمراض القلب، مخالفٌ لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكَّنَ واستحكم، عزَّ على الأطباء دواؤه، وأعيا العليلَ داؤُه، وإنَّما حكاه اللهُ سبحانه في كتابه عن طائفتين من الناس: من النِّسَاء، وعشاقِ الصبيان المُرْدان، فحكاه عن امرأة العزيز في شأن يوسفَ، وحكاه عن قوم لوط، فقال تعالى إخبارا عنهم لمَّا جاءت الملائكةُ لوطا: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إنَّ هَؤُلآءِ ضيفىَ فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُواْ اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ * قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ *قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِى إن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}[53].

وأمَّا ما زعمه بعضُ مَن لم يقدرسولَ الله حقَّ قدره أنه ابتُلِىَ به في شأن زينب بنت جَحْش، وأنه رآها فقال: «سُبحانَ مُقَلِّبِ القُلُوبِ». وأخذتْ بقلبه، وجعل يقول لزيد بن حارثةَ: «أمْسِكْها» حتى أنزل الله عليه: {وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِى في نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ}[54]، فظنَّ هذا الزاعمُ أنَّ ذلك في شأن العشق، وصنَّف بعضهم كتابا في العشق، وذكر فيه عشق الأنبياء، وذكر هذه الواقعة، وهذا من جهلِ هذا القائل بالقرآن وبالرُّسُل، وتحمِيلهِ كلامَ الله ما لا يحتمِلُه، ونسبتِه رسولَ الله إلى ما برَّأَه الله منه، فإنَّ زينبَ بنت جحش كانت تحتَ زيدِ بن حارثةَ، وكان رسولُ الله قد تبنَّاه، وكان يُدعى «زيد بن محمد»، وكانت زينبُ فيها شَممٌ وترفُّع عليه، فشاور رسولَ الله في طلاقها، فقال له رسولُ الله : «أَمْسِكْ عليكَ زوجَكَ واتَّقِ الله»، وأخفى في نفسه أن يتزوَّجَها إن طلَّقها زيد، وكان يخشى من قالةِ الناس أنه تزوَّج امرأة ابنه، لأن زيدا كان يُدعى ابنَه، فهذا هو الذي أخفاه في نفسه، وهذه هي الخشية من الناس التى وقعت له، ولهذا ذكر سبحانه هذه الآية يُعَدِّدُ فيها نعمه عليه لا يُعاتبه فيها، وأعلمه أنه لا ينبغي له أن يخشى الناسَ فيما أحلَّ الله له، وأنَّ اللهَ أحق أن يخشاه، فلا يتحرَّج ما أحَلَّه له لأجل قول الناس، ثم أخبره أنه سبحانه زوَّجه إيَّاها بعد قضاء زيدٌ وطرَه منها لتقتدىَ أُمَّتُه به في ذلك، ويتزوج الرجل بامرأةِ ابنه من التبنِّى، لا امرأةِ ابنه لِصُلبه، ولهذا قال في آية التحريم: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ}[55]، وقال في هذه السورة: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ}[56]، وقال في أولها: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ، ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ} [57]، فتأمَّلْ هذا الذبَّ عن رسول الله ، ودَفْع طعنِ الطاعنين عنه، وبالله التوفيق.

نعم.. كان رسولُ الله يُحِبُّ نساءه، وكان أحبَّهن إليه عائشةُ رضي الله عنها، ولم تكن تبلُغُ محبتُه لها ولا لأحد سِوَى ربه نهايةَ الحب، بل صح أنه قال: «لو كنتُ مُتَّخِذا من أهل الأرض خليلا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلا»، وفى لفظ: «وإنَّ صَاحِبَكُم خَلِيلُ الرَّحْمَن».

فصل وعشقُ الصُّوَر إنما تُبتلى به القلوبُ الفارغة مِن محبة الله تعالى، المُعْرِضةُ عنه، المتعوِّضةُ بغيره عنه، فإذا امتلأَ القلبُ من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفَع ذلك عنه مرضَ عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حقِّ يوسف: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[58]، فدلَّ على أن الإخلاص سببٌ لدفع العشق وما يترتَّبُ عليه من السوء والفحشاء التى هي ثمرتُه ونتيجتُه، فصرفُ المسبب صرفٌ لسببه، ولهذا قال بعضُ السَّلَف: العشقُ حركة قلب فارغ، يعنى فارغا مما سوى معشوقه. قال تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغا}[59]، إن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ أي: فارغا من كل شيء إلا من موسى لفرطِ محبتها له، وتعلُّقِ قلبها به

والعشق مُرَكَّب من أمرين: استحسانٍ للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهُما انتفى العشقُ، وقد أعيتْ عِلَّةُ العشق على كثير من العقلاء، وتكلم فيها بعضهم بكلام يُرغَب عن ذكره إلى الصواب.

فنقول: قد استقرت حكمة الله عَزَّ وجَلَّ في خلقه وأمره على وقوع التناسب والتآلف بين الأشباه، وانجذابِ الشيء إلى مُوافقه ومجانسه بالطبعِ، وهُروبه من مخالفه، ونُفرته عنه بالطبع، فسِرُّ التمازج والاتصال في العالم العُلوى والسُّفلى، إنما هو التناسبُ والتشاكلُ، والتوافقُ، وسِرُّ التباين والانفصال، إنما هو بعدم التشاكل والتناسب، وعلى ذلك قام الخلق والأمر، فالمِثْلُ إلى مثلِه مائلٌ، وإليه صائرٌ، والضِّدُّ عن ضده هارب، وعنه نافرٌ، وقد قال تعالى: {هُوَ الذي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إلَيْهَا} [60]، فجعل سُبحانه عِلَّةَ سكون الرَّجل إلى امرأته كونَها مِن جنسه وجوهره، فعِلَّةُ السكون المذكور وهو الحب كونُها منه، فدل على أن العِلَّة ليست بحُسن الصورة، ولا الموافقة في القصد والإرادة، ولا في الخلق والهُدَى، وإن كانت هذه أيضا من أسباب السكون والمحبة.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «الأرْواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدةٌ، فما تَعارَفَ منها ائْتلَف، وما تَناكَرَ منها اخْتَلَفَ». وفى مسند الإمام أحمد وغيره في سبب هذا الحديث: أنَّ امرأة بمكةَ كانت تُضِحكُ الناسَ، فجاءت إلى المدينة، فنزلتْ على امرأة تُضِحكُ الناسَ، فقال النبي : «الأرواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ»... الحديثَ.

وقد استقرتْ شريعتُه سُبحانه أنَّ حُكم الشيء حُكْمُ مثله، فلا تُفَرِّقُ شريعته بين متماثلين أبدا، ولا تجمعُ بين مضادَّين، ومَن ظنَّ خِلاف ذلك، فإمَّا لِقلَّة علمه بالشريعة، وإما لِتقصيره في معرفة التماثُل والاختلاف، وإمَّا لنسبته إلى شريعته ما لم يُنزلْ به سلطانا، بل يكونُ من آراء الرجال، فبحكمتِه وعدلِه ظهر خَلقُه وشرعُه، وبالعدل والميزان قام الخلقُ والشرع، وهو التسويةُ بين المتمائلَيْن، والتفريق بين المختلفَيْن.

وهذا كما أنه ثابت في الدنيا، فهو كذلك يومَ القيامة. قال تعالى: {احْشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ *مِن دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ }[61].

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعدَه الإمامُ أحمد رحمه الله: أزواجهم أشباهُهم ونُظراؤهم.

وقال تعالى: {وَإذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[62] أي: قُرِن كلُّ صاحب عملٍ بشكله ونظيره، فقُرِن بين المتحابِّين في الله في الجَنَّة، وقُرِن بين المتحابِّين في طاعة الشيطان في الجحيم، فالمرءُ مع مَن أَحَبَّ شاء أو أبَى، وفى «مستدرك الحاكم» وغيره عن النبي : «لا يُحِبُّ المَرءُ قَوْما إلاَّ حُشِرَ مَعَهُم».

والمحبة أنواع متعددة ؛ فأفضلها وأجلُّها: المحبةُ في الله ولله ؛ وهى تستلزِمُ محبةَ ما أحبَّ اللهُ، وتستلزِمُ محبةَ الله ورسوله.

ومنها: محبة الاتفاق في طريقةٍ، أو دين، أو مذهب، أو نِحْلة، أو قرابة، أو صناعة، أو مرادٍ ما.

ومنها: محبةٌ لنَيْل غرض من المحبوب، إمَّا مِن جاهه أو من ماله أو مِن تعليمه وإرشاده، أو قضاء وطر منه، وهذه هي المحبة العَرَضية التى تزول بزوال مُوجِبها، فإنَّ مَن وَدَّك لأمر، ولَّى عنك عند انقضائه.

وأمَّا محبةُ المشاكلة والمناسبة التى بين المحب والمحبوب، فمحبةٌ لازمة لا تزولُ إلا لعارض يُزيلها، ومحبةُ العشق مِن هذا النوع، فإنها استحسانٌ روحانى، وامتزاج نفسانى، ولا يَعرِض في شيء من أنواع المحبةِ من الوَسْواس والنُّحول، وشَغْلِ البال، والتلفِ ما يعرضُ مِن العشق.

فإن قيل: فإذا كان سببُ العشق ما ذكرتم من الاتصال والتناسب الروحانى، فما بالُه لا يكون دائما مِنَ الطرَفين، بل تجدُه كثيرا من طرف العاشق وحده، فلو كان سببُه الاتصالَ النفسى والامتزاجَ الروحانى، لكانت المحبةُ مشتركة بينهما.

فالجواب: أنَّ السبب قد يتخلَّفُ عنه مسبِّبه لفوات شرط، أو لوجود مانع، وتخلُّف المحبة من الجانب الآخر لا بد أن يكون لأحد ثلاثة أسباب:

الأول: عِلَّةٌ في المحبة، وأنها محبة عَرَضية لا ذاتية، ولا يجب الاشتراكُ في المحبة العَرَضية، بل قد يلزمها نُفرةٌ من المحبوب.

الثاني: مانعٌ يقوم بالمحِب يمنع محبة محبوبه له، إما في خُلُقه، أو خَلْقِهِ أو هديه أو فعله، أو هيئته أو غير ذلك.

الثالث: مانعٌ يقوم بالمحبوب يمنعُ مشاركته للمحبِ في محبته، ولولا ذلك المانعُ، لقام به من المحبة لمحبه مثلَ ما قام بالآخر، فإذا انتفتْ هذه الموانعُ، وكانت المحبة ذاتيةً، فلا يكون قَطُّ إلا من الجانبين، ولولا مانعُ الكِبْر والحسد، والرياسة والمعاداة في الكفار، لكانت الرُّسُلُ أحبَّ إليهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم، ولما زال هذا المانعُ من قلوب أتباعهم، كانت محبتُهم لهم فوقَ محبة الأنفس والأهل والمال.


صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

فصل في هديه في علاج الفزع والأرق المانع من النوم

روى الترمذي في جامعه عن بُريدةَ قال: شكى خالدٌ إلى النبي ، فقال: يا رسول الله ؛ ما أنام الليل مِن الأرَقِ، فقال النبي : «إذا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَواتِ السَّبْع وَمَا أظَلَّتْ، ورَبَّ الأرَضِينَ، وَمَا أَقَلَّتْ، وربَّ الشَّيَاطينِ وما أضَلَّتْ، كُنْ لَى جارا مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ كُلِّهِمْ جميعا أنْ يَفْرُطَ علىَّ أحدٌ مِنْهُمْ، أَوْ يَبْغىَ عَلَىَّ، عَزَّ جَارُك، وجَلَّ ثَنَاؤُكَ، ولا إلهَ غَيْرُك».

وفيه أيضا: عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده أنَّ رسولَ اللهِ ، كان يُعَلِّمُهم مِنَ الفَزَعِ: «أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التامَّةِ مِنْ غَضِبهِ، وعِقَابِهِ، وَشرِّ عِبَادِه، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وأعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحضُرُونِ»، قال: وكان عبد الله بن عَمْرو يُعَلِّمُهنَّ مَن عَقَلَ من بنيه، ومَن لم يَعْقِلْ كتبه، فأعلقه عليه، ولا يخفى مناسبةُ هذه العُوذَةِ لعلاج هذا الداءِ.
فصل في هديه في علاج داء الحريق وإطفائه

يُذكر عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسولُ اللهِ : «إذَا رَأيتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّروا، فإنَّ التكبيرَ يُطفِئُهُ».

لما كان الحريقُ سببهُ النارُ، وهى مادةُ الشيطان التى خُلِقَ منها، وكان فيه من الفساد العام ما يُنَاسب الشيطان بمادته وفعلِه، كان للشيطان إعانةٌ عليه، وتنفيذ له، وكانت النارُ تطلبُ بطبعها العلوَ والفسادَ، وهذان الأمران وهما العلوُّ في الأرض والفسادُ هما هَدْىُ الشيطان، وإليهما يدعو، وبهما يُهلِكُ بنى آدم، فالنار والشيطان كل منهما يُريد العلو في الأرض والفسادَ، وكبرياءُ الرب عَزَّ وجَلَّ تَقمَعُ الشيطانَ وفِعلَهُ.

ولهذا كان تكبيرُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ له أثرٌ في إطفاء الحريق، فإنَّ كبرياء الله عَزَّ وجَلَّ لا يقوم لها شيء، فإذا كبَّر المسلمُ ربَّه، أثَّر تكبيرُه في خمودِ النار وخمودِ الشيطان التى هي مادته، فيُطفىءُ الحريقَ، وقد جرَّبنا نحن وغيرُنا هذا، فوجدناه كذلك.. والله أعلم.
فصل في هديه في حفظ الصحة

لما كان اعتدالُ البدن وصحته وبقاؤه إنما هو بواسطة الرطوبة المقاوِمةِ للحرارة، فالرطوبة مادته، والحرارةُ تُنضِجُهَا، وتدفع فضلاتِها، وتُصلحها، وتلطفها، وإلا أفسدتْ البدن ولم يمكن قيامُه، وكذلك الرطوبةُ هي غِذاءُ الحرارة، فلولا الرطُوبة، لأحرقتْ البدن وأيبَسَتْه وأفسدته، فقِوامُ كُلِّ واحدة منهما بصاحبتها، وقِوام البدنِ بهما جميعا، وكُلٌ منهما مادة للأُخرى، فالحرارة مادة للرطوبة تحفظها وتمنعها من الفساد والاستحالة، والرطوبة مادة للحرارة تغذُوها وتحمِلُها، ومتى مالتْ إحداهما إلى الزيادة على الأُخرى، حصل لمزاج البدن الانحرافُ بحسب ذلك، فالحرارةُ دائما تُحَلِّلُ الرطوبة، فيحتاجُ البدن إلى ما به يُخلَف عليه ما حلَّلتْه الحرارة لضرورة بقائهِ وهو الطعامُ والشرابُ، ومتى زاد على مقدار التحللِ، ضعُفتِ الحرارةُ عن تحليل فضلاته، فاستحالتْ موادَّ رديئة، فعاثتْ في البدن، وأفسدتْ، فحصلت الأمراضُ المتنوعة بحسب تنوُّع موادِّها، وقبولِ الأعضاء واستعدادِها، وهذا كُلُّه مستفَادٌ من قوله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}[37]، فأرشدَ عِباده إلى إدخالِ ما يُقِيمُ البدنَ من الطعام والشراب عِوَضَ ما تحلَّل منه، وأن يكون بقدر ما ينتفعُ به البدنُ في الكمِّية والكيفية، فمتى جاوز ذلك كان إسرافا، وكلاهما مانعٌ من الصحة جالبٌ للمرض، أعنى عدم الأكل والشرب، أو الإسراف فيه.

فحفظ الصحة كله في هاتين الكلمتين الإلهيتين، ولا ريب أنَّ البدن دائما في التحلل والاستخلاف، وكُلَّما كثر التحلُّل ضعفت الحرارة لفناء مادتها، فإنَّ كثرةَ التحلل تُفنى الرطوبة، وهى مادة الحرارة، وإذا ضعفت الحرارة، ضعفَ الهضم، ولا يزال كذلك حتى تَفنى الرطوبةُ، وتنطفئ الحرارة جملةً، فيستكملُ العبدُ الأجلَ الذي كتب اللهُ له أن يَصِلَ إليه.فغايةُ علاج الإنسان لنفسه ولغيره حراسةُ البدن إلى أن يصل إلى هذه الحالة، لا أنه يستلزمُ بقاءَ الحرارة والرطوبة اللَّتين بقاءُ الشباب والصحة والقوَّة بهما، فإنَّ هذا مما لم يحصُلْ لبَشَر في هذه الدار، وإنما غايةُ الطبيب أن يحمىَ الرطوبةَ عن مفسداتها من العفونة وغيرها، ويحمىَ الحرارة عن مُضعِفاتها، ويعدل بينهما بالعدل في التدبير الذي به قام بدنُ الإنسان، كما أنَّ به قامت السمواتُ والأرضُ وسائرُ المخلوقات، إنما قوامُها بالعدل

ومَن تأمَّل هَدْىَ النبي وجده أفضلَ هَدْى يُمكن حِفظُ الصِّحة به، فإنَّ حفظها موقوفٌ على حُسن تدبير المطعم والمشرب، والملبس والمسكن، والهواء والنوم، واليقظة والحركة، والسكون والمَنكَح، والاستفراغ والاحتباس، فإذا حصَلتْ هذه على الوجه المعتدل الموافق الملائم للبدن والبلد والسِّنِّ والعادة، كان أقربَ إلى دوام الصحة أو غلبتها إلى انقضاء الأجل

ولمَّا كانت الصحةُ والعافيةُ من أجَلِّ نِعَم الله على عبده، وأجزل عطاياه، وأوفر مِنحه، بل العافيةُ المطلقة أجَلُّ النِّعَمِ على الإطلاق، فحقيق لمن رُزق حظا مِن التوفيق مراعاتها وحِفظها وحمايتُها عمَّا يُضادها.

وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله : «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كثيرٌ مِنَ الناس: الصِّحَّةُ والفَرَاغُ».

وفي الترمذي وغيره من حديث عُبَيْد الله بن مِحصَن الأنصارى، قال: قال رسول الله : «مَن أصْبَحَ مُعَافىً في جَسَدِهِ، آمنا في سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فكأنما حِيزَتْ لَهُ الدُّنيا». وفى الترمذي أيضا من حديث أبى هريرة، عن النبي أنه قال: «أوَّلُ ما يُسْألُ عنه العَبْدُ يومَ القيامَةِ مِنَ النَّعِيم، أن يُقال له: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، ونُرَوِّكَ مِنَ الماءِ البارد». ومن هاهنا قال مَن قال مِن السَّلَف في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[38] قال: عن الصحة

وفي مسند الإمام أحمد: أنَّ النبي قال للعباس: «يا عباس، يا عَمَّ رسول اللهِ ؛ سَلِ اللهَ العافِيةَ في الدُّنْيَا والآخِرَة».

وفيه عن أبى بكر الصِّدِّيق، قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: «سَلُوا اللهَ اليَقينَ والمُعافاةَ، فما أُوتِىَ أحدٌ بَعْدَ اليقينِ خَيرا من

العافية»، فجمع بين عافيتى الدِّينِ والدنيا، ولا يَتِمُّ صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه.

وفي سنن النسائي من حديث أبى هريرة يرفعه: «سَلُوا اللهَ العَفْوَ والعافيةَ والمُعافاة، فما أُوتِىَ أحدٌ بَعْدَ يقينٍ خيرا من مُعافاةٍ». وهذه الثلاثة تتضمَّن إزالة الشرور الماضية بالعفو، والحاضرة بالعافية، وَالمستقبلة بالمعافاة، فإنها تتضمن المداومةَ والاستمرارَ على العافية.

وفي الترمذي مرفوعا: «ما سُئِلَ اللهُ شيئا أحبَّ إلَيْهِ من العافيةِ».

وقال عبد الرحمن بن أبى ليلى: عن أبى الدرداء، قلت: يا رسول الله ؛ لأن أُعافَى فأشكُر أحبُّ إلىَّ من أن أُبتَلى فأصبر، فقال رسول الله : «ورسولُ اللهِ يُحِبُّ مَعَكَ العافِيَةَ».

ويُذكر عن ابن عباس أنَّ أعرابيا جاء إلى رسول الله ، فقال له: ما أسألُ الله بعد الصلواتِ الخمس؟ فقال: «سَلِ اللهَ العافيةَ»، فأعاد عليه، فقال له في الثالثة: «سَلِ اللهَ العَافِيةَ في الدُّنيا والآخرَة».

وإذا كان هذا شأنَ العافية والصحةِ، فنذكُرُ من هديه في مراعاة هذه الأُمور ما يتبيَّنُ لمن نظر فيه أنه أكملُ هَدْى على الإطلاق ينال به حفظَ صحةِ البدن والقلب، وحياة الدُّنيا والآخرة، والله المستعانُ، وعليه التُّكلان، ولا حَوْلَ ولا قُوَّة إلا بالله.

صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

فصل في هديه في المطعم والمشرب

فأما المطعمُ والمشرب، فلم يكن مِن عادته حبسُ النفسِ على نوع واحد من الأغذية لا يتعدَّاه إلى ما سواه، فإنَّ ذلك يضر بالطبيعة جدا، وقد سيتعذَّر عليها أحيانا، فإن لم يتناول غيرَه، ضعفَ أو هلكَ، وإن تناول غيره، لم تقبله الطبيعة، واسْتضرَّ به، فقصرها على نوع واحد دائما ولو أنه أفضل الأغذية خطرٌ مُضر.بل كان يأكل ما جرت عادةُ أهل بلده بأكله مِنَ اللَّحم، والفاكهة، والخُبز، والتمر، وغيره مما ذكرناه في هديه في المأكول، فعليك بمراجعته هناك

وإذا كان في أحد الطعامين كيفيةٌ تحتاجُ إلى كسرٍ وتعديلٍ، كسَرها وعدلها بضدها إن أمكن، كتعديل حرارة الرُّطَبِ بالبطيخ، وإن لم يجد ذلك، تناوَله على حاجة وداعيةٍ من النفس من غير إسراف، فلا تتضرر به الطبيعة

وكان إذا عافت نفسُه الطعامَ لم يأكله، ولم يُحمِّلْها إيَّاه على كُره، وهذا أصل عظيم في حفظ الصحة، فمتى أكل الإنسان ما تعافه نفسه، ولا تشتهيه، كان تضرُّره به أكثر من انتفاعه. قال أنس: ما عابَ رسولُ الله طعاما قَطُّ، إن اشتهاه أكلَه، وإلا تركه، ولم يأكلْ منه. ولمَّا قُدِّمَ إليه الضَّبُّ المشوىُّ لم يأكلْ منه، فقيل له: أهو حرامٌ؟ قال: «لا، ولكنْ لم يكن بأرضِ قَوْمى، فأجِدُنى أعافُه». فراعى عادتَه وشهوتَه، فلمَّا لم يكن يعتادُ أكله بأرضه، وكانت نفسُه لا تشتهيه، أمسَكَ عنه، ولم يَمنع مِن أكله مَن يشتهيه، ومَنْ عادتُه أكلُه.

وكان يحبُّ اللَّحم، وأحبُّه إليه الذراعُ، ومقدم الشاة، ولذلك سُمَّ فيه.وفى الصحيحين: «أُتِىَ رسولُ الله بلحم، فرُفِع إليه الذراع، وكانت تُعجبُه».وذكر أبو عُبيدة وغيره عن ضباعَة بنت الزُّبير، أنها ذَبحتْ في بيتها شاةً، فأرسل إليها رسولُ الله أنْ أطعِمِينا من شاتكم، فقالت للرسول: ما بقىَ عندَنا إلاَّ الرَّقبةُ، وإنى لأستحى أنْ أُرسلَ بها إلى رسول الله ، فرجع الرسولُ فأخبره، فقال: «ارْجِعْ إليها فقلْ لها: أَرْسِلى بِهَا، فإنَّها هاديةُ الشَّاةِ وأقْرَبُ إلى الخَيْر، وأبعدُها مِنَ الأذَى» ولا ريب أن أخفَّ لحمِ الشاة لحمُ الرقبة، ولحمُ الذراع والعَضُد، وهو أخفُّ على المَعِدَة، وأسرعُ انهضاما، وفى هذا مراعاةُ الأغذية التى تجمع ثلاثةَ أوصاف ؛ أحدها: كثرةُ نفعها وتأثيرها في القُوَى. الثاني: خِفَّتُها على المَعِدَة، وعدمُ ثقلها عليها. الثالث: سرعةُ هضمها، وهذا أفضل ما يكون من الغِذاء. والتغذِّى باليسير من هذا أنفعُ من الكثير من غيره.

وكان يُحب الحَلْواءَ والعسلَ، وهذه الثلاثة أعنى: اللَّحم والعسل والحلواء من أفضل الأغذية، وأنفعها للبدن والكَبِد والأعضاء، وللاغتذاء بها نفعٌ عظيم في حفظ الصحة والقوة، ولا ينفِرُ منها إلا مَن به عِلَّةٌ وآفة. وكان يأكُلُ الخبز مأدُوما ما وَجَدَ له إداما، فتارةً يَأدِمُه باللَّحم ويقول: «هُوَ سَيِّدُ طعامِ أهلِ الدُّنيا والآخرةِ» رواه ابن ماجه وغيره «وتارة بالبطيخ، وتارةً بالتمر،فإنه وضع تمرة على كِسْرة شعير، وقال: «هذا إدامُ هذه». وفى هذا من تدبير الغذاء أنَّ خبز الشعير بارد يابس، والتمر حار رطب على أصح القولين، فأَدمُ خبزِ الشعير به من أحسن التدبير، لا سِيَّما لمن تلك عادتُهم، كأهل المدينة، وتارةً بالخَلِّ، ويقول: «نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ»، وهذا ثناءٌ عليه بحسب مقتضى الحال الحاضر، لا تفضيلٌ له على غيرِه، كما يظن الجُهَّالُ، وسببُ الحديث أنه دخَلَ على أهله يوما، فقدَّموا له خبزا، فقال: «هَل عِنْدَكُم مِن إدَامٍ»؟ قالوا: ما عِندَنا إلاَّ خَل. فقال: «نِعْمَ الإدامُ الخَلُّ». والمقصود: أنَّ أكل الخبز مأدوما من أسباب حِفظ الصحة، بخلاف الاقتصار على أحدهما وحده. وسُمِىَ الأُدمُ أُدما: لإصلاحه الخبزَ، وجعلِه ملائما لحفظ الصحة. ومنه قوله في إباحته للخاطب النظرَ: «إنه أحْرَى أنْ يُؤدَمَ بيْنَهما»، أي: أقربُ إلى الالتئام والموافقة، فإنَّ الزوجَ يدخل على بصيرة، فلا يندَم.

وكان يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها، ولا يَحتمِى عنها، وهذا أيضا من أكبر أسباب حفظ الصحة، فإنَّ الله سبحانه بحكمته جعل في كل بلدةٍ من الفاكهة ما ينتفِعُ به أهلُها في وقتِهِ، فيكونُ تناولُه من أسباب صحتِهم وعافيتِهم، ويُغنى عن كثير من الأدوية، وقَلَّ مَن احتَمى عن فاكهة بلده خشيةَ السُّقم إلا وهو مِن أسقم الناس جسما، وأبعدِهم من الصحة والقوة.وما في تلك الفاكهة من الرطوبات، فحرارةُ الفصل والأرض، وحرارةُ المَعِدَة تُنضِجُهَا وتدفع شرها إذا لم يُسْرِفْ في تناولها، ولم يُحمِّلْ منها الطبيعةَ فوق ما تَحْتَمِله، ولم يُفسد بها الغذاء قبل هضمه، ولا أفسَدَها بشرب الماء عليها، وتناولِ الغذاء بعد التحلِّى منها، فإن القُولَنْج كثيرا ما يَحدث عند ذلك، فمَن أكل منها ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، كانت له دواءً نافعا.
فصل في هديه في هيئة الجلوس للأكل

صحَّ عنه أنه قال: «لا آكُلُ مُتَّكِئا»، وقال: «إنما أجْلِسُ كما يَجْلِسُ العبدُ، وآكُلُ كما يأكُلُ العبدُ».

وروى ابن ماجه في سننه أنه نَهى أن يأكلَ الرجلُ وهو منبطحٌ على وجهه.وقد فُسِّر الاتكاءُ بالتربُّع، وفُسِّر بالاتكاء على الشيء، وهو الاعتمادُ عليه، وفُسِّر بالاتكاء على الجنب. والأنواعُ الثلاثة من الاتكاء، فنوعٌ منها يضرُّ بالآكل، وهو الاتكاء على الجنب، فإنه يمنعُ مجرَى الطعام الطبيعي عن هيئته، ويَعوقُه عن سرعة نفوذه إلى المَعِدَة، ويضغطُ المَعِدَةَ، فلا يستحكم فتحُها للغذاء، وأيضا فإنها تميل ولا تبقى منتصبة، فلا يصل الغذاء إليها بسهولة. وأما النوعان الآخران: فمن جلوس الجبابرة المنافى للعبودية، ولهذا قال: «آكُلُ كما يأكُلُ العبد» وكان يأكل وهو مُقْعٍ، ويُذكر عنه أنه كان يجلس للأكل مُتَورِّكا على ركبتيه، ويضعُ بطنَ قدمِه اليُسْرى على ظهر قدمه اليمنى تواضعا لربه عَزَّ وجَلَّ، وأدبا بين يديه، واحتراما للطعام وللمؤاكِل، فهذه الهيئة أنفعُ هيئات الأكل وأفضلُها، لأنَّ الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله سبحانه عليه مع ما فيها من الهيئة الأدبية، وأجودُ ما اغتذى الإنسان إذا كانت أعضاؤه على وضعها الطبيعي، ولا يكون كذلك إلا إذا كان الإنسان منتصبا الانتصابَ الطبيعي، وأردأ الجلسات للأكل الاتكاءُ على الجنب، لما تقدم من أن المَرِىء، وأعضاء الازدراد تضيقُ عند هذه الهيئة، والمَعِدَةُ لا تبقى على وضعها الطبيعي، لأنها تنعصر مما يلى البطن بالأرض، ومما يلى الظهر بالحجاب الفاصل بين آلات الغذاء، وآلات التنفس

وإن كان المراد بالاتكاء الاعتماد على الوسائد والوطاء الذي تحت الجالس، فيكون المعنى أَنى إذا أكلت لم أقعد متكئا على الأوْطِية والوسائد، كفعل الجبابرة، ومَن يُرِيد الإكثار من الطعام، لكنى آكُلُ بُلْغةً كما يأكل العبد.

فصل وكان يأكُلُ بأصابعه الثَّلاث، وهذا أنفعُ ما يكون من الأكلات، فإنَّ الأكل بأصبع أو أُصبعين لا يَستلذُّ به الآكل، ولا يُمريه، ولا يُشبعه إلا بعدَ طول، ولا تفرحُ آلاتُ الطعام والمَعِدَةُ بما ينالها في كل أكلة، فتأخذَها على إغماضٍ، كما يأخذ الرجل حقَّه حبَّةً أو حبَّتَين أو نحوَ ذلك، فلا يلتذُّ بأخذه، ولا يُسَرُّ به، والأكل بالخمسة والراحةِ يُوجب ازدحامَ الطعام على آلاته، وعلى المَعِدَةُ، وربما انسدَّت الآلات فمات، وتُغصبُ الآلاتُ على دفعه، والمَعِدَةُ على احتماله، ولا يجد له لذةً ولا استمراءً، فأنفعُ الأكل أكلُه وأكلُ مَن اقتدى به بالأصابع الثلاث.

فصل ومَن تدبَّر أغذيته وما كان يأكلهُ، وجَده لم يجمع قَطُّ بين لبن وسمك، ولا بين لبن وحامض، ولا بين غذائين حارَّين، ولا بارِدين، ولا لَزِجَين، ولا قابضين، ولا مُسهلين، ولا غليظين، ولا مُرخيين، ولا مستحيلين إلى خلط واحد، ولا بين مختلفَين كقابض ومسهل، وسريع الهضم وبطيئه، ولا بين شَوىٍّ وطبيخ، ولا بين طَرىٍّ وقَديد،ولا بين لبن وبيض، ولا بين لحم ولبن، ولم يكن يأكل طعاما في وقت شدة حرارته، ولا طبيخا بائتا يُسخَّن له بالغد، ولا شيئا من الأطعمة العَفِنَةِ والمالحة، كالكَوامخ والمخلَّلات، والملوحات. وكل هذه الأنواع ضار مولِّدٌ لأنواع من الخروج عن الصحة والاعتدال.وكان يُصلح ضرر بعض الأغذية ببعض إذا وَجد إليه سبيلا، فيكسرُ حرارةَ هذا ببرودة هذا، ويُبوسةَ هذا برطُوبة هذا، كما فعل في القِثَّاء والرُّطَب، وكما كان يأكل التمر بالسَّمن، وهو الحَيْسُ، ويشربُ نقيع التمر يُلطِّف به كَيْمُوساتِ الأغذية الشديدة وكان يأمر بالعَشاء، ولو بكفٍّ من تمر، ويقول: «تَرْكُ العَشاءِ مَهْرَمةٌ»، ذكره الترمذي في جامعه، وابن ماجه في سننه

وذكر أبو نُعيم عنه أنه كان ينهى عن النوم على الأكل، ويذكر أنه يُقسى القلب، ولهذا في وصايا الأطباء لمن أراد حفظ الصحة: أن يمشىَ بعد العَشاء خُطواتٍ ولو مِائة خطوة، ولا ينام عَقِبه، فإنه مضر جدا، وقال مسلموهم: أو يُصلِّى عقيبَه ليستقرَّ الغِذاء بقعرِ المَعِدَة، فيسهلَ هضمه، ويجودَ بذلك. ولم يكن من هديه أن يشربَ على طعامه فيُفسده، ولا سِيَّما إن كان الماء حارا أو باردا، فإنه رديء جدا. قال الشاعر:

لا تَكنْ عِنْدَ أَكْلِ سُخْنٍ وَبَرْدٍ وَدخُولِ الْحَمَّامِ تَشربُ مَاءَ

فَإذَا ما اجْتَنَبْتَ ذلكَ حَقّا لَمْ تَخَفْ ما حَيِيتَ فيالْجَوْفِ داءَ

ويُكره شرب الماء عقيبَ الرياضة، والتعبِ، وعقيبَ الجِمَاع، وعقيبَ الطعامِ وقبله، وعقيبَ أكل الفاكهة، وإن كان الشربُ عقيبَ بعضِها أسهلَ مِن بعض، وعقب الحمَّام، وعند الانتباه من النوم، فهذا كُلُّهُ منافٍ لحفظ الصحة، ولا اعتبار بالعوائد، فإنها طبائع ثوانٍ.

صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

فصل في هديه في الشراب

وأما هديه في الشراب، فمن أكمل هَدْىٍ يحفظ به الصحة، فإنه كان يشرب العسلَ الممزوجَ بالماء البارد، وفى هذا مِن حفظ الصحة ما لا يَهتدى إلى معرفته إلا أفاضلُ الأطباء، فإنَّ شُربه ولعقَه على الرِّيق يُذيب البلغم، ويغسِلُ خَمْل المَعِدَة، ويجلُو لزوجتها، ويدفع عنها الفضلات، ويُسخنها باعتدال، ويفتحُ سددها، ويفعل مثل ذلك بالكَبِد والكُلَى والمثَانة، وهو أنفع للمَعِدَة من كل حلو دخلها، وإنما يضر بالعَرَض لصاحب الصَّفراء لحدَّتِه وحِدَّة الصفراء، فربما هيَّجها، ودفعُ مضرَّته لهم بالخلِّ، فيعودُ حينئذ لهم نافعا جدا، وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرِها، ولا سِيَّما لمن لم يعتد هذه الأشربة، ولا ألِفَها طبعُه، فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمةَ العسل، ولا قريبا منه، والمحكَّمُ في ذلك العادة، فإنها تهدم أُصولا، وتبنى أُصولا

وأما الشراب إذا جَمَعَ وصْفَىْ الحلاوة والبرودة، فمن أنفع شيء للبدن، ومن أكبر أسباب حفظ الصحة، وللأرواح والقُوى، والكبد والقلب، عشقٌ شديدٌ له، واستمدادٌ منه، وإذا كان فيه الوصفانِ، حصَلتْ به التغذيةُ، وتنفيذُ الطعام إلى الأعضاء، وإيصاله إليها أتمَّ تنفيذ.

والماء البارد رطب يقمع الحرارة، ويحفظ على البدن رطوباته الأصلية، ويرد عليه بدل ما تحلَّل منها، ويُرقِّقُ الغِذاء ويُنفِذه في العروق.

واختلف الأطباء: هل يُغذِّى البدن؟ على قولين: فأثبتت طائفةٌ التغذية به بناءً على ما يشاهدونه من النمو والزيادة والقوة في البدن به، ولا سِيَّما عند شدة الحاجة إليه.

قالوا: وبينَ الحيوانِ والنبات قدرٌ مشترك مِن وجوه عديدة منها: النموُّ والاغتذاءُ والاعتدال، وفى النبات قوةُ حِسٍّ تُناسبه، ولهذا كان غِذاءُ النبات بالماء، فما يُنكر أن يكون للحيوان به نوعُ غذاء، وأن يكون جزءا من غذائه التام.

قالوا: ونحن لا ننكر أنَّ قوة الغذاء ومعظمه في الطعام، وإنما أنكرنا أن لا يكون للماء تغذية ألبتة. قالوا: وأيضا الطعام إنما يُغذِّى بما فيه من المائية، ولولاها لما حصلت به التغذيةُ.قالوا: ولأن الماء مادة حياة الحيوان والنبات، ولا ريب أنَّ ما كان أقربَ إلى مادة الشيء، حصلت به التغذية، فكيف إذا كانت مادته الأصلية، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شيء حَىٍّ}[39]، فكيف ننكِرُ حصولَ التغذية بما هو مادة الحياة على الإطلاق؟

قالوا: وقد رأينا العطشان إذا حصل له الرِّىُّ بالماء البارد، تراجعت إليه قواه ونشاطُه وحركته، وصبرَ عن الطعام، وانتفع بالقدر اليسير منه، ورأينا العطشانَ لا ينتفِعُ بالقدرِ الكثير مِن الطعام، ولا يجد به القوة والاغتذاءَ، ونحن لا ننكِرُ أنَّ الماءَ يُنفِذُ الغذاء إلى أجزاء البدن، وإلى جميع الأعضاء، وأنه لا يتم أمر الغذاء إلا به، وإنما ننكر على مَن سلب قوةَ التغذية عنه ألبتة، ويكاد قولُه عندنا يدخُل في إنكار الأُمورالوجدانية.

وأنكرت طائفةٌ أُخرى حصولَ التغذية به، واحتجَّت بأُمور يرجعُ حاصِلُها إلى عدم الاكتفاء به، وأنه لا يقومُ مقام الطعام، وأنه لا يزيد في نموِّ الأعضاء، ولا يخلف عليها بدل ما حلَّلتْه الحرارةُ، ونحو ذلك مما لا ينكره أصحاب التغذية، فإنهم يَجعلون تغذيته بحسب جوهره، ولطافته ورقته، وتغذيةُ كل شيء بحسبه، وقد شُوهد الهواءُ الرَّطب البارد اللَّين اللَّذيذ يُغذِّى بحسبه، والرائحة الطيبة تُغذِّى نوعا من الغذاء، فتغذية الماء أظهر وأظهر.

والمقصودُ: أنه إذا كان باردا، وخالطه ما يُحليه كالعسل أو الزبيب، أو التمر أو السكر، كان من أنفع ما يدخل البدن، وحفِظَ عليه صحته، فلهذا كان أحبُّ الشرابِ إلى رسولِ الله البارِدَ الحلوَ. والماءُ الفاتِرُ ينفخ، ويفعل ضدَّ هذه الأشياء.

ولما كان الماء البائت أنفعَ من الذي يُشرب وقتَ استقائه، قال النبي وقد دخل إلى حائط أبى الهيثم بن التيهان: «هَلْ من ماءٍ بات في شَنَّة»؟ فأتاه به، فشرب منه، رواه البخاري ولفظُه: «إنْ كان عِنْدَكَ ماءٌ باتَ في شَنَّة وإلاَّ كَرَعْنَا».والماء البائت بمنزلة العجين الخمير، والذي شُرِب لوقته بمنزلة الفطير، وأيضا فإنَّ الأجزاء الترابية والأرضية تُفارقه إذا بات، وقد ذُكِر أنَّ النبي كان يُسْتَعْذَبُ له الماء، ويَختار البائت منه. وقالت عائشة: كان رسول الله يُستقى له الماء العذب مِن بئر السقيا.

والماء الذي في القِرَب والشنان، ألذُّ من الذي يكون من آنية الفَخَّار والأحجار وغيرهما، ولا سِيَّما أسقيةَ الأدمَ، ولهذا التَمسَ النبي ماءً بات في شَنَّة دون غيرها من الأوانى، وفى الماء إذا وُضع في الشِّنان، وقِرب الأدم خاصةٌ لطيفةٌ لما فيها من المسامِّ المنفتحةِ التى يرشَح منها الماء، ولهذا كان الماء في الفَخَّار الذي يرشح ألذُّ منه، وأبردُ في الذي لا يرشَح، فصلاةُ الله وسلامه على أكمل الخلق، وأشرفهم نفسا، وأفضلهم هَدْيا في كل شيء، لقد دَلَّ أُمته على أفضل الأُمور وأنفعها لهم في القلوب والأبدان، والدُّنيا والآخرة

قالت عائشةُ: كان أحبُّ الشرابِ إلى رسول الله الحُلوَ البارِدَ. وهذا يحتمل أن يريد به الماءَ العذبَ، كمياه العيون والآبار الحلوة، فإنه كان يُستعذَب له الماء. ويحتملُ أن يريد به الماءَ الممزوجَ بالعسل، أو الذي نُقِعَ فيه التمرُ أو الزبيبُ. وقد يُقال وهو الأظهر: يعمُّهما جميعا

وقولُه في الحديث الصحيح: «إن كان عندكَ ماء باتَ في شَنٍ وإلا كَرَعْنَا»، فيه دليلٌ على جواز الكَرْع، وهو الشرب بالفم من الحوضِ والمِقْراةِ ونحوها، وهذه والله أعلم واقعةُ عَيْن دعت الحاجةُ فيها إلى الكَرْع بالفم، أو قاله مبيِّنا لجوازه، فإنَّ مِن الناس مَنْ يكرهُه، والأطباءُ تكادُ تُحَرِّمُه، ويقولون: إنه يَُضرُّ بالمَعِدَة، وقد رُوى في حديث لا أدرى ما حالُه عن ابن عمر، أنَّ النبي نهانا أنْ نشرب على بطوننا، وهو الكَرْعُ، ونهانا أنْ نغترِفَ باليد الواحدة وقال: «لا يَلَغْ أحدُكُم كَمَا يَلَغُ الكلبُ، ولا يَشْرَبْ باللَّيْلِ مِن إنَاءٍ حَتَّى يَختبِرَه إلا أنْ يكونَ مُخَمَّرا»

وحديثُ البخاري أصحُّ من هذا، وإن صحَّ، فلا تعارُضَ بينهما، إذ لعلَّ الشربَ باليد لم يكن يمكن حينئذٍ، فقال: «وإلا كَرَعْنا»، والشربُ بالفم إنما يضرُّ إذا انكبَّ الشارِبُ على وجهه وبطنه، كالذي يشربُ من النهر والغدِير، فأمَّا إذا شرب مُنتصِبا بفمه من حوض مرتفع ونحوِه، فلا فَرْقَ بين أن يشرب بيده أو بفمه.

صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]

فصل وكان من هديه الشرب قاعدا هذا كان هديه المعتاد

وصحَّ عنه أنه نهى عن الشُّرب قائما، وصحَّ عنه أنه أمر الذي شرب قائما أن يَسْتَقيء، وصَحَّ عنه أنه شرب قائما.

فقالت طائفةٌ: هذا ناسخٌ للنهى، وقالت طائفةٌ: بل مبيِّنٌ أنَّ النهىَ ليس للتحريم، بل للإرشاد وتركِ الأوْلى، وقالت طائفةٌ: لا تعارُضَ بينهما أصلا، فإنه إنما شَرِبَ قائما للحاجة، فإنه جاء إلى زمزمَ، وهم يَستَقُون منها، فاستَقَى فناولُوه الدَّلوَ، فشرب وهو قائم، وهذ كان موضعَ حاجة.

وللشرب قائما آفاتٌ عديدة منها: أنه لا يحصل به الرِّىُّ التام، ولا يستَقِرُّ في المَعِدَة حتى يَقْسِمَه الكبدُ على الأعضاء، وينزلُ بسرعة وَحِدَّة إلى المَعِدَة، فيُخشى منه أن يُبردَ حرارتَها، ويُشوشها، ويُسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج، وكلُّ هذا يَضُرُّ بالشارب، وأمَّا إذا فعله نادرا أو لحاجة، لم يَضره، ولا يُعترض بالعوائد على هذا، فإنَّ العوائد طبائعُ ثوانٍ، ولها أحكامٌ أُخرى، وهى بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء.

فصل وفي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك، قال: كان رسولُ الله يَتنفَّسُ في الشَّراب ثلاثا، ويقولُ: «إنه أرْوَى وأمْرَأُ وأبْرَأُ».الشراب في لسان الشارع وحمَلَةِ الشرع: هو الماء، ومعنى تنفُّسِه في الشراب: إبانتُه القَدَح عن فيه، وتنفُّسُه خارجَه، ثم يعود إلى الشراب، كما جاء مصرَّحا به في الحديث الآخر: «إذا شَرِبَ أحَدُكُم فَلا يَتنفَّسْ في القَدَحِ، ولكنْ لِيُبِنِ الإناءَ عن فيهِ»

وفي هذا الشرب حِكمٌ جَمَّة، وفوائدٌ مهمة، وقد نبَّه على مَجامِعها، بقوله: «إنه أروَى وأمرَأ وأبرأ» فأروَى: أشدُّ ريَّا، وأبلغُه وأنفعُه، وأبرأُ: أفعلُ من البُرء، وهو الشِّفاء، أي يُبرىء من شدة العطش ودائه لتردُّدِه على المَعِدَة الملتهبة دفعاتٍ، فتُسَكِّن الدفعةُ الثانية ما عجزت الأُولى عن تسكينه، والثالثةُ ما عجزت الثانية عنه، وأيضا فإنه أسلمُ لحرارة المَعِدَة، وأبقَى عليها من أن يَهجُم عليها الباردُ وَهْلةً واحدة، ونَهْلةً واحدة.وأيضا فإنه لا يُروِى لمصادفته لحرارة العطش لحظةً، ثم يُقلع عنها، ولما تُكسَرْ سَوْرتُها وحِدَّتُها، وإن انكسرتْ لم تبطل بالكلية بخلاف كسرِها على التمهُّل والتدريج.

وأيضا فإنه أسلمُ عاقبةً، وآمنُ غائلةً مِن تناوُل جميع ما يُروِى دفعةً واحدة، فإنه يُخاف منه أن يُطفىء الحرارة الغريزية بشدة برده، وكثرةِ كميته، أو يُضعفَها فيؤدِّى ذلك إلى فساد مزاج المَعِدَة والكَبِد، وإلى أمراض رديئة، خصوصا في سكان البلاد الحارة، كالحجاز واليمن ونحوهما، أو في الأزمنة الحارة كشدة الصيف، فإن الشرب وَهْلَةً واحدةً مَخُوفٌ عليهم جدا، فإنَّ الحار الغريزى ضعيف في بواطن أهلها، وفى تلك الأزمنة الحارة.

وقوله: «وأمْرَأُ»: هو أفعلُ مِن مَرِئ الطعامُ والشرابُ في بدنه: إذا دخله، وخالطه بسهولة ولذة ونفع. ومنه: {فَكُلُوهُ هَنِيئا مَّرِيئا}[40]، هنيئا في عاقبته، مريئا في مذاقه. وقيل: معناه أنه أسرعُ انحدارا عن المَرِىء لسهولته وخفته عليه، بخلاف الكثير، فإنه لا يسهُل على المرىء انحدارُه.

ومن آفات الشرب نَهْلَةً واحدة أنه يُخاف منه الشَّرَق بأن ينسدَّ مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه، فيغَصَّ به، فإذا تنفَّس رُويدا، ثم شرب، أمِنَ من ذلك.

ومن فوائده: أنَّ الشارب إذا شرب أول مرة تصاعد البخارُ الدخانىُّ الحارُّ الذي كان على القلب والكبد لورود الماء البارد عليه، فأخرجَتْه الطبيعةُ عنها، فإذا شرِب مرةً واحدةً، اتفق نزولُ الماء البارد، وصعودُ البخار، فيتدافعان ويتعالجان، ومن ذلك يحدُث الشَرقُ والغصَّة، ولا يهْنأ الشاربُ بالماء، ولا يُمرئُه، ولا يتم رِيُّه.

وقد روى عبد الله بن المبارك، والبَيْهَقىُّ، وغيرُهما عن النبي : «إذا شَرِبَ أحدُكُم فَلْيَمَُصَّ الماءَ مَصَّا، ولا يَعُبَّ عبَّا، فإنَّه مِن الكُبَادِ».والكُبَاد بضم الكاف وتخفيف الباء هو وجع الكبد، وقد عُلم بالتجرِبة أنَّ ورود الماء جملةً واحدة على الكبد يؤلمها ويُضعفُ حرارتَها، وسببُ ذلك المضادةُ التى بين حرارتها، وبين ما ورد عليها من كيفية المبرود وكميته. ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا، لم يضاد حرارتَها، ولم يُضعفْها، وهذا مثالُه صَبُّ الماء البارد على القِدْر وهى تفور، لا يضرُّها صَبُّه قليلا قليلا.

وقد روى الترمذي في جامعه عنه : «لا تَشْرَبُوا نَفَسا واحدا كَشُرْبِ البَعيرِ، ولكن اشرَبُوا مَثْنَى وثُلاثَ، وسمُّوا إذا أنتم شَرِْبُتم واحْمَدُّوا إذَا أنتُمْ فَرَغْتُمْ».

وللتسمية في أول الطعام والشراب، وحمد الله في آخره تأثيرٌ عجيب في نفعه واستمرائه، ودفع مَضَرَّته.

قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام أربعا، فقد كَمُل: إذا ذُكِرَ اسمُ الله في أوله، وحُمِدَ اللهُ في آخره، وكثرتْ عليه الأيدى، وكان من حِلٍّ.

فصل وقد روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله يقول: «غطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، فإنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً ينزِلُ فِيهَا وِباءٌ لا يَمُرُّ بإناءٍ ليس عليه غِطَاءٌ، أو سِقاءٍ ليس عليه وِكاءٌ إلا وَقَعَ فيه من ذلك الدَّاء».

وهذا مما لا تنالُه علوم الأطباء ومعارفُهم، وقد عرفه مَن عرفه من عقلاء الناس بالتجربة. قال اللَّيث بن سعد أحدُ رواة الحديث: الأعاجمُ عندنا يتَّقون تلك الليلة في السنة، في كانُونَ الأول منها.

وصَحَّ عنه أنه أمرَ بتخمير الإناء ولو أن يَعرِضَ عليه عُودا. وفى عرض العود عليه من الحكمة، أنه لا ينسى تخميرَه، بل يعتادُه حتى بالعود، وفيه: أنه ربما أراد الدُّبَيِّب أن يسقط فيه، فيمرُّ على العود، فيكون العودُ جسرا له يمنعه من السقوط فيه.

وصَحَّ عنه أنه أمرَ عند إيكاءِ الإناء بذكر اسم الله، فإنَّ ذِكْر اسم الله عند تخمير الإناء يطرد عنه الشيطان، وإيكاؤُه يطرد عنه الهَوامَّ، ولذلك أمر بذكر اسم الله في هذين الموضعين لهذين المعنيين.

وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس، أنَّ رسولَ الله نهى عن الشُّرب مِنْ في السِّقاء.

وفي هذا آدابٌ عديدة، منها: أنَّ تردُّدَ أنفاس الشارب فيه يُكسبه زُهومة ورائحة كريهة يُعاف لأجلها. ومنها: أنه ربما غلب الداخِلُ إلى جوفه من الماء، فتضرَّر به. ومنها: أنه ربما كان فيه حيوان لا يشعر به،فيؤذيه. ومنها: أنَّ الماء ربما كان فيه قَذاةٌ أو غيرُها لا يراها عند الشرب، فتَلِج جوفه. ومنها: أنَّ الشرب كذلك يملأ البطن من الهواء، فيضيقُ عن أخذ حظَّه من الماء، أو يُزاحمه، أو يؤذيه، ولغير ذلك من الحِكَم.

فإن قيل: فما تصنعون بما في جامع الترمذي: أنَّ رسولَ الله دعا بإداوة يومَ أُحُد، فقال: «اخْنُثْ فَمَ الإدَاوَة»، ثُمَّ شَرِبَ منها مِن فَيّهَا.قلنا: نكتفى فيه بقول الترمذي: هذا حديثٌ ليس إسناده بصحيح، وعبد الله ابن عمر العُمرىُّ يُضعَّفُ من قِبلِ حفظه، ولا أدرى سمع من عيسى، أو لا... انتهى. يريد عيسى بن عبد الله الذي رواه عنه، عن رجل من الأنصار.

فصل وفي سنن أبي داود من حديث أبى سعيد الخُدرىِّ، قال: «نهى رسولُ الله عن الشُّرب من ثُلْمَةِ القَدَحِ، وأن ينفُخَ في الشَّراب». وهذا من الآداب التى تتم بها مصلحةُ الشارب، فإن الشُّرب من ثُلْمِة القَدَح فيه عِدَّةُ مفاسد:

أحدها: أنَّ ما يكون على وجه الماء من قَذىً أو غيره يجتمع إلى الثُّلْمة بخلاف الجانب الصحيح.

الثاني: أنَّه ربما شوَّش على الشارب، ولم يتمكن من حسن الشرب من الثُّلْمة.

الثالث: أنَّ الوسخ والزُّهومة تجتمِعُ في الثُّلْمة، ولا يصل إليها الغَسلُ، كما يصل إلى الجانب الصحيح.

الرابع: أنَّ الثُّلْمة محلُّ العيب في القَدَح، وهى أردأُ مكان فيه، فينبغي تجنُّبه، وقصدُ الجانب الصحيح، فإنَّ الرديء من كل شيء لا خير فيه، ورأى بعض السَّلَف رجلا يشترى حاجة رديئة، فقال: لا تفعل، أما عَلِمتَ أنَّ اللهَ نزع البركة من كل رديء.

الخامس: أنَّه ربما كان في الثُّلْمة شقٌ أو تحديدٌ يجرح فم الشارب، ولغيرِ هذه من المفاسد.

وأما النفخ في الشراب.. فإنه يُكسِبُه من فم النافخ رائحةٌ كريهةٌ يُعاف لأجلها، ولا سِيَّما إن كان متغيِّرَ الفم. وبالجملة: فأنفاس النافخ تُخالطه، ولهذا جمع رسولُ الله بين النهى عن التنفُّس في الإناء والنفخ فيه، في الحديث الذي رواه الترمذي وصحَّحه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله أن يُتنفَّسَ في الإناء، أو يُنْفَخَ فيه.

فإن قيل: فما تصنعون بما في الصحيحين من حديث أنس، «أنَّ رسول الله كان يتنفَّسُ في الإناء ثلاثا»؟.

قيل: نُقابلُه بالقبول والتسليم، ولا مُعارضة بينه وبين الأول، فإن معناه أنه كان يتنفس في شربه ثلاثا، وَذَكَرَ الإناءَ لأنه آلة الشرب، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح: أنَّ إبراهيم ابن رسول الله مات في الثَّدْى، أي: في مُدة الرَّضاع.

فصل وكان يشرب اللَّبن خالصا تارةً، ومُشَوبا بالماء أُخرى. وفى شرب اللَّبن الحلو في تلك البلاد الحارة خالصا ومَشوبا نفعٌ عظيم في حفظ الصحة، وترطيبِ البدن، ورَىِّ الكبد، ولا سِيَّما اللبنَ الذي ترعى دوابُّه الشيحَ والقَيْصومَ والخُزَامَى وما أشبهها، فإن لبنها غذاءٌ مع الأغذية، وشرابٌ مع الأشربة، ودواءٌ مع الأدوية.

وفي جامع الترمذي عنه : «إذا أكل أحدكم طعاما فيلقُلْ: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه، وأطْعِمنا خيرا منه، وإذا سُقى لبنا فليقل: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه، وزِدْنا منه، فإنه ليس شيء يُجْزِئُ منَ الطعام والشرابِ إلاَّ اللبنُ». قال الترمذي: هذا حديث حسن.

فصل وثبت في صحيح مسلم أنه كان يُنْبَذُ له أوَّل الليل، ويشربُه إذا أصبح يومَه ذلك، والليلةَ التى تجىءُ، والغَد، واللَّيلةَ الأُخرى، والغَد إلى العصر، فإن بقى منه شيء سقاه الخادِمَ، أو أمر به فَصُبَّ.

وهذا النبيذ: هو ما يُطرح فيه تمرٌ يُحليه، وهو يدخل في الغذاء والشراب، وله نفع عظيم في زيادة القوة، وحفظِ الصحة، ولم يكن يشربه بعدَ ثلاث خوفا من تغيُّره إلى الإسكار.

صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]
فصل في التحذير من الجمع بين البيض والسمك

وقال ابن بَخْتَيَشُوع: «احذرْ أن تجمعَ البَيْضَ والسَّمكَ، فإنهما يُورثان القُولنْج والبواسير، ووجعَ الأضراس»

وإدامةُ أكل البَيْض يُوَلِّد الكَلَف في الوجه، وأكلُ الملوحة والسَّمَك المالح والافتصاد بعد الحمَّام يُولِّد البَهَق والجَرَب.

إدامةُ أكل كُلَى الغنم يَعقِرُ المثانة.

الاغتسالُ بالماء البارد بعد أكل السَّمَكِ الطري يُولِّدُ الفالج.

وطءُ المرأة الحائض يُولِّدُ الجُذام.

الجماعُ من غير أن يُهَرِيقَ الماء عقيبَه يُولِّد الحصاة.

«طولُ المُكث في المَخْرج يُولِّد الداءَ الدَّوِىَّ».

وقال أبقراط: «الإقلال مِن الضار، خيرٌ مِن الإكثار من النافع»، وقال: «استديموا الصحة بتركِ التكاسل عن التعب، وبتركِ الامتلاء من الطعام والشراب».

وقال بعضُ الحكماء: «مَن أراد الصِّحة، فليجوِّد الغِذاء، وليأكل على نقاء، وليشرب على ظمإٍ، وليُقلِّلْ مِن شُرب الماء، ويتمدَّدْ بعد الغداء، ويَتَمشَّ بعدَ العَشاء، ولا ينم حتى يَعْرِضَ نفسَه على الخَلاء، وليحذر دخول الحمَّام عقيبَ الامتلاء، ومرةٌ في الصيف خيرٌ من عشرٍ في الشتاء، وأكلُ القديد اليابس بالليل مُعِينٌ على الفناء، ومجامعةُ العجائز تُهْرِمُ أعمارَ الأحياءِ، وتُسقِم أبدان الأصحاء».

ويُروى هذا عن علي رضي الله عنه، ولا يَصِحُّ عنه، وإنما بعضُه مِن كلام الحارث بن كلَدَةَ طبيبِ العرب، وكلامِ غيره.

وقال الحارث: «مَن سَرَّه البقاء ولا بقاء فليُباكِرِ الغَداء، وليُعَجِّل العَشَاء، وليُخفِّف الرِّداء، وليُقِلَّ غِشيان النساء».

وقال الحارث: «أربعةُ أشياءَ تهدِمُ البدن: الجِماعُ على البِطْنة، ودخولُ الحمَّام على الامتلاء، وأكلُ القديد، وجِماعُ العجوز».ولما احتُضِرَ الحارث اجتمع إليه الناسُ، فقالوا: مُرْنا بأمر ننتهى إليه مِن بعدك. فقال: «لا تتزوجوا من النساء إلا شابةً، ولا تأكلوا من الفاكهة إلا في أوان نُضجها، ولا يتعالجَنَّ أحدُكم ما احتمل بدنه الداء، وعليكم بتنظيف المَعِدَة في كل شهر، فإنها مُذيبة للبلغم، مُهلكة للمِرَّة، مُنبتة للحم، وإذا تَغدَّى أحدكم، فلينم على إثر غدائه ساعة، وإذا تعشَّى فليمشِ أربعين خطوةً».

وقال بعض الملوك لطبيبه: لعلَّك لا تبقَى لى، فصِفْ لى صِفة آخذُها عنك، فقال: «لا تنكِحْ إلا شابةً، ولا تأكُلْ مِن اللَّحم إلا فَتِّيا، ولا تشربِ الدواء إلا من عِلَّة، ولا تأكُلِ الفاكهةَ إلا في نُضجها، وأجِدْ مضغَ الطعام، وإذا أكلتَ نهارا فلا بأس أن تنامَ، وإذا أكلتَ ليلا فلا تنم حتى تمشىَ ولو خمسين خطوة، ولا تأكلنَّ حتى تجوع، ولا تتكارَهَنَّ على الجِمَاع، ولا تحبِس البَوْل، وخُذ مِن الحَمَّام قبلَ أن يأخُذَ منك، ولا تأكلَنَّ طعاما وفى مَعِدَتِك طعامٌ، وإياكَ أن تأكل ما تعجز أسنانُك عن مضغِه، فتعجِزَ مَعِدَتُك عن هضمه، وعليك في كل أسبوعٍ بقيئة تُنقِّى جسمَك، ونِعْمَ الكنزُ الدمُ في جسدك، فلا تُخْرِجْه إلا عند الحاجة إليه، وعليك بدخول الحمَّام، فإنه يُخرج مِن الأطباق ما لا تَصِلُ الأدوية إلى إخراجه».

وقال الشافعي: «أربعةٌ تُقوِّى البدن: أكلُ اللَّحم، وشمُّ الطِّيب، وكثرةُ الغسلِ مِن غير جِماع، ولُبْسُ الكَتَّان»

وأربعةُ تُوهِن البدن: كثرةُ الجِماع، وكثرةُ الهم، وكثرةُ شرب الماء على الرِّيق، وكثرةُ أكل الحامِض.

وأربعةُ تُقوِّى البصر: الجلوسُ حِيالَ الكعبة، والكحلُ عند النوم، والنظرُ إلى الخُضرة، وتنظيف المجلس.

وأربعةُ توهِنُ البصر: النظرُ إلى القذَرِ، وإلى المصلوبِ، وإلى فَرْجِ المرأة، والقعودُ مستدبِرَ القِبْلَة.

وأربعةُ تزيدُ في الجِمَاع: أكلُ العصافير، والإطْرِيفل، والفُسْتُق، والخرُّوب.

وأربعةُ تزيد في العقل: تَرْكُ الفُضول مِن الكلام، والسِّواكُ، ومجالسةُ الصَّالحين، ومجالسةُ العلماء».

وقال أفلاطون: «خمسٌ يُذبنَ البدنَ وربما قتلن: قِصَرُ ذاتِ اليد، وِفراقُ الأحِبَّة، وتجرُّع المغايظ، وردُّ النصح، وضحكُ ذوى الجهل بالعُقلاء».

وقال طبيبُ المأمون: «عليك بخصالٍ مَنْ حَفِظَها فهو جديرٌ أن لا يعتلَّ إلا عِلَّة الموت: لا تأكُلْ طعاما وفى مَعِدَتِك طعام، وإيَّاكَ أن تأكل طعاما يُتْعِبُ أضراسكَ في مضغه، فتعجزُ مَعِدَتُك عن هضمه، وإياكَ وكثرةَ الجِماع، فإنه يُطفىء نور الحياة، وإياك ومجامعة العجوز، فإنه يُورث موت الفَجْأة، وإياكَ والفصدَ إلا عند الحاجة إليه، وعليك بالقيء في الصَّيف».

ومن جوامع كلمات أبقراط قوله: «كُلُّ كثيرٍ فهو مُعادٍ للطبيعة».

وقيل لجالينوسَ: ما لَكَ لا تمرَضُ؟ فقال: «لأنى لم أجمع بين طعامَين رديئين، ولم أُدْخِلْ طعاما على طعام، ولم أَحْبِسُ في المَعِدَة طعاما تأذَّيتُ به».
فصل في أن أربعة أشياء تمرض الجسم

وأربعةُ أشياء تُمرض الجسم: الكلامُ الكثير، والنومُ الكثير، والأكلُ الكثير، والجِماعُ الكثير.

فالكلامُ الكثير: يُقلِّل مخَّ الدِّماغ ويُضعفه، ويُعجِّل الشيب.

والنومُ الكثير: يُصفِّرُ الوجه، ويُعمى القلب، ويُهيِّجُ العَيْن، ويُكسِلُ عن العمل، ويُولِّد الرطوباتِ في البدن.

والأكلُ الكثيرُ: يُفسِدُ فمَ المَعِدَة، ويُضْعِفُ الجسم، ويُولِّدُ الرياح الغليظة، والأدواء العَسِرة.

والجِماعُ الكثير: يَهُدُّ البدن، ويُضعفُ القُوَى، ويُجفِّف رطوباتِ البدن، ويُرخى العصبَ، ويُورث السُّدد، ويَعُمُّ ضررُه جميعَ البدن، ويخصُّ الدماغ لكثرة ما يتحلَّل به من الروح النفسانىِّ، وإضعافُه أكثر من إضعاف جميع المستفرِغات، ويَستفرغ مِن جوهر الروح شيئا كثيرا.

وأنفعُ ما يكون إذا صادف شهوةً صادقة مِن صورة جميلة حديثةِ السِّنِ حلالا مع سِنِّ الشُّبوبية، وحرارةِ المزاج ورطوبته، وبُعدِ العهد به وخَلاءِ القلب من الشواغل النفسانية، ولم يُفْرطْ فيه، ولم يُقارنه ما ينبغي تركُه معه مِن امتلاء مفرط، أو خَوَاء، أو استفراغ، أو رياضة تامة، أو حَرٍّ مفرِط، أو بردٍ مفرِط، فإذا راعى فيه هذه الأُمور العشرة، انتفعَ به جدا، وأيُّها فُقِدَ فقد حصلَ له من الضرر بحسبه، وإن فُقِدَتْ كلُّها أو أكثرها، فهو الهلاك المعجَّل.
فصل في أن الحمية المفرطة في الصحة كالتخليط في المرض

والحِمْيَةُ المفرطة في الصحة، كالتخليط في المرض. والحِمْيَةُ المعتدلة نافعة. وقال جالينوسُ لأصحابه: «اجتنِبوا ثلاثا، وعليكم بأربع، ولا حاجةَ بكم إلى طبيب: اجتنبوا الغُبار، والدخان، والنَّتن، وعليكم بالدَّسم، والطِّيب، والحَلْوى، والحمَّام، ولا تأكلوا فوقَ شِبعكم، ولا تتخلَّلوا بالباذَرُوج والرَّيحان، ولا تأكلوا الجَوزَ عند المساء، ولا ينمْ مَن به زُكمةٌ على قفاه، ولا يأكل مَن به غَمٌ حامِضا، ولا يُسرعِ المشىَ مَن افتَصد، فإنه مخاطرةُ الموت، ولا يتقيَّأ مَن تؤلمه عينُه، ولا تأكلُوا في الصيف لحما كثيرا، ولا ينمْ صاحبُ الحُمَّى الباردة في الشمسِ، ولا تقرَبُوا الباذَنجان العتيق المبزر، ومَن شرب كُلَّ يوم في الشتاء قدحا من ماء حار، أمِنَ من الأعلال، ومَن دَلَكَ جسمه في الحمَّام بقشُور الرُّمَّان أمِنَ مِنَ الجرَب والحِكَّة، ومَن أكل خمسَ سَوْسنات مع قليل من مُصْطَكى رومى، وعودٍ خام، ومسك، بقى طولَ عمره لا تضعُفَ مَعِدَتُه ولا تفسُد، ومَن أكل بِزر البطِّيخ مع السكر، نظَّف الحَصَى مِن مَعِدَته، وزالت عنه حُرْقة البَوْل».
صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »

[align=center]
فصل في بعض المحاذر والوصايا الطبية

أربعةٌ تَهدِم البدن: الهمُّ، والحزنُ، والجوعُ، والسهرُ.

وأربعةٌ تُفرح: النظرُ إلى الخُضرةِ، وإلى الماءِ الجارى، والمحبوب، والثمار.

وأربعةٌ تُظلم البصر: المشىُ حافيا، والتصبُّحُ والتمسى بوجه البغيض والثقيل والعدو، وكثرةُ البكاء، وكثرةُ النظر في الخط الدقيق.

وأربعةٌ تُقوِّى الجسم: لُبْسُ الثوب الناعم، ودخولُ الحمَّام المعتدل، وأكلُ الطعام الحلو والدَّسم، وشَمُّ الروائح الطيبة.

وأربعةٌ تُيبس الوجه، وتُذهب ماءه وبهجته وطلاوته: الكَذِبُ، والوقاحةُ، وكثرةُ السؤال عن غير علم، وكثرةُ الفجور

وأربعةٌ تَزيد في ماء الوجه وبهجتِهِ: المروءةُ، والوفاءُ، والكرمُ، والتقوى. وأربعةٌ تَجلِبُ البغضاء والمقت: الكِبرُ، والحَسَدُ، والكَذِبُ، والنَّميمةُ.

وأربعةٌ تَجلِبُ الرِّزق: قيامُ اللَّيل، وكثرةُ الاستغفار بالأسحار، وتعاهُدُ الصَدَقة، والذِكْرُ أولَ النهارِ وآخرَه.

وأربعةٌ تمنع الرِّزق: نومُ الصُّبْحة، وقِلَّةُ الصلاة، والكَسَلُ، والخيانةُ. وأربعةٌ تَضُرُّ بالفهم والذهن: إدمانُ أكل الحامض والفواكه، والنومُ على القفا، والهمُّ، والغمُّ.

وأربعةٌ تَزيد في الفهم: فراغُ القلب، وقِلَّةُ التملِّى من الطعام والشراب، وحُسنُ تدبير الغذاء بالأشياء الحُلوة والدَّسِمة، وإخراجُ الفَضلات المُثْقِلَةِ للبدن.

وممَّا يضرُّ بالعقل: إدمانُ أكل البصل، والباقِلا، والزَّيتون، والباذِنجان، وكَثرةُ الجِماع، والوحدةُ، والأفكارُ، والسُّكْرُ، وكَثْرةُ الضَّحِك، والغم.

قال بعضُ أهل النظر: «قُطِعتُ في ثلاث مجالسَ، فلم أجِد لذلك عِلَّةً إلاَّ أنى أكثرتُ من أكل الباذنجان في أحد تلك الأيام، ومن الزيتون في الآخر، ومن الباقِلا في الثالث».
فصل في أسرار وحقائق لا يعرف مقدارها إلا من حسن فهمه

قد أتَيْنا على جُملة نافعة من أجزاء الطبِّ العلمىِّ والعملىّ، لعلَّ الناظرَ لا يظفرُ بكثير منها إلا في هذا الكتاب، وأرَيْناك قُربَ ما بينها وبينَ الشريعة، وأنَّ الطبَّ النبوي نسبةُ طِبِّ الطبائعيين إليه أقلُّ مِن نسبة طب العجائز إلى طبهم.

والأمر فوق ما ذكرناه، وأعظمُ مما وصفناه بكثير، ولكن فيما ذكرناه تنبيهٌ باليسير على ما وراءه، ومَن لم يرزُقه اللهُ بصيرة على التفصيل، فليعلمْ ما بيْنَ القوَّةِ المؤيَّدةِ بالوحى من عند اللهِ، والعلومِ التى رزقها اللهُ الأنبياءَ، والعقولِ والبصائر التى منحهم الله إياها، وبين ما عند غيرهم.

ولعل قائلا يقولُ: ما لهَدْىِ الرسولِ ، وما لِهذا الباب، وذكْرِ قُوى الأدوية، وقوانين العلاج، وتدبيرِ أمر الصحة؟ وهذا مِن تقصير هذا القائل في فهم ما جاء به الرسولُ ، فإنَّ هذا وأضعافَه وأضعافَ أضعافه مِن فهم بعض ما جاء به، وإرشادِه إليه، ودلالته عليه، وحُسنُ الفهم عن الله ورسوله مَنٌ يَمُنُّ اللهُ به على مَنْ يشاءُ من عباده.

فقد أوجدناك أُصولَ الطِّب الثلاثة في القرآن، وكيف تُنكر أن تكونَ شريعةُ المبعوث بصلاح الدنيا والآخرة مشتملةً على صلاح الأبدان، كاشتمالها على صلاح القلوب، وأنها مُرشدة إلى حِفظ صحتها، ودفع آفاتها بطُرق كُليَّة قد وُكِلَ تفصيلُها إلى العقل الصحيح، والفِطرة السليمة بطريق القياس والتنبيه والإيماء، كما هو في كثير من مسائل فروع الفقه، ولا تكن ممن إذا جهل شيئا عاداه. ولو رُزِقَ العبدُ تضلُّعا مِن كتاب الله وسُنَّة رسوله، وفهما تاما في النصوص ولوازمها، لاستغنَى بذلك عن كُلِّ كَلامٍ سواه، ولاستنبَطَ جميعَ العلومِ الصحيحة منه.

فمدارُ العلوم كلها على معرفة الله وأمره وخَلْقِه، وذلك مُسْلَّم إلى الرُّسُل صلوات الله عليهم وسلامه، فهم أعلمُ الخلق بالله وأمرِه وخَلْقِه وحِكمته في خلقه وأمره.

وطبُّ أتباعهم: أصحُّ وأنفعُ مِن طبِّ غيرهم، وطِبُّ أتباع خاتمهم وسيدهم وإمامهم محمَّد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم: أكملُ الطِّب وأصحُّه وأنفعُه.

ولا يَعْرِفُ هذا إلا مَن عرف طبَّ الناسِ سواهم وطِبَّهم، ثم وازن بينهما، فحينئذٍ يظهُر له التفاوتُ، وهم أصَحُّ الأُمم عقولا وفِطَرا، وأعظمُهم علما، وأقربُهم في كل شيء إلى الحَقِّ لأنهم خِيرة الله من الأُمم، كما أنَّ رسولهم خيرتُه مِن الرُّسُل، والعلمُ الذي وهبهم إيَّاه، والحلمُ والحكمةُ أمرٌ لا يدانيهم فيه غيرُهم.

وقد روى الإمامُ أحمد في مسنده: من حديث بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : «أنتُمْ تُوَفُّون سبعين أُمَّةً أنتُم خَيرُها وأكْرَمُها على اللهِ». فظَهَر أثرُ كرامتها على الله سبحانه في علومهم وعقولهم، وأحلامهم وفِطَرهم، وهم الذين عُرِضَتْ عليهم علومُ الأُمم قبلَهم وعقولهم، وأعمالُهم ودرجاتُهم، فازدادوا بذلك عِلما وحلما وعقولا إلى ما أفاض اللهُ سبحانه وتعالى عليهم مِن علمه وحلمه

ولذلك كانت الطبيعة الدمويَّةُ لهم، والصفراويَّةُ لليهود، والبلغميَّةُ للنصارى، ولذلك غَلَبَ على النصارى البلادةُ، وقِلَّةُ الفهم والفِطنةِ، وغَلَبَ على اليهود الحزنُ والهمُّ والغمُّ والصَّغار، وغَلَبَ على المسلمين العقلُ والشجاعةُ والفهمُ والنجدةُ، والفرحُ والسرور.

وهذه أسرار وحقائق إنما يعرف مقدارها من حسن فهمه، ولطف ذهنه، وغزر علمه، وعرف ما عند الناس.. وبالله التوفيق.
صورة[/align]
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


الوقاية وحفظ الصحة عند العرب


عرفَ العلماءُ العرب والمسلمون أنَّ العنايةَ الصحِّية للإنسان تشمل العنايةَ بالإنسان السَّليم والعنايةَ بالإنسان المريض، وأطلقوا على الأولى حِفظَ الصِّحَّة، وعلى الثَّانية إعادةَ الصحَّة، وقدَّموا حفظَ الصحَّة على إعادتها، فقالوا: إنَّ حفظَ صحَّة الشيء الموجود أجلُّ من طلب الشيء المفقود.

وقد شملت العمليَّاتُ الوقائية Preventive medicine عندَ الأطبَّاء العرب، كما حدَّدها ابنُ سينا، معالجةَ الأسباب من المآكل والمشارب والأهوية والمياه والبلدان والمساكِن والاستفراغ والاحتقان والصناعات والعادات والحركات البدنيَّة والنفسيَّة والسُّكونات والأسنان والأجناس والواردات على البدن من الأمور الغريبة.

ويمكننا أن نُصنِّفَ تدابيرَ حِفظ الصحَّة التي وردت عند الأطباء العرب والمسلمين كما يلي:

أوَّلاً ـ تَدابير إصلاح البيئَة: وتشتمل على إصلاح المياه، وإصلاح الهواء، وإصلاح المساكن، ومكافحة الهوامِّ والحشرات.

ثانياً ـ التَّدابير الخاصَّة بعادات الإنسان من المأكل والمشرب والنَّوم والرياضة والاستحمام والجِماع.

ثالثاً ـ التَّدابير الخاصَّة بالأعمار المختلفة من الولادة وحتَّى الشَّيخوخة.

رابعاً ـ التَّدابير الخاصَّة بالفصول.

خامساً ـ التَّدابير الخاصَّة بمكافحة الأمراض الوبائية.

سادساً ـ التَّدابير الخاصَّة بحفظ صِحَّة الأعضاء: كالعين والأذن والأسنان ... إلخ.

ونذكر باختصار بعضَ الأمثلة على هذه التَّدابير الوقائيَّة التي وردت في السنَّة النبويَّة وعندَ أعلام الطبِّ العربِي؛ حيث أنَّ المرءَ ليقف مَبهورًا أمامَ عظمة التَّوجيه النَّبوي الذي يَحدُّ من انتشار الأمراض في المجتمع، إذا يقول صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه البُخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: {لا يُورِدنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ} (رَقم الحديث 5437 في البُخاري). كما يَقولُ في أمر مرض الجُذام الخطير مثلاً، مثلما جاء في البُخاري ومُسنَد الإمام أحمد عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه: {فِرَّ من المَجذوم فِرارَك من الأَسَد} (رقم الحَديث 9429 في مُسنَد الإمام أحمد، واللفظُ لأحمد)، ثمَّ يضع أعظمَ قواعِد الحَجر الصحِّي بالنسبة للأوبئة الخَطيرة كالطَّاعون، وذلك كما روى مُسلِم عن أُسامة بن زيد رضيَ الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يتحدَّث عن الطَّاعون فقال: {إذا كانَ بأرضٍ وأنتم بها فلا تَخرُجوا منها، وإذا بلغكم أنَّه بأرضٍ فلا تَدخلوها} (رقم الحديث 2218 في صَحيح مُسلِم)، فهو بذلك يوضح لنا أبسطَ وسائل الوقايَة من الأمراض وأنجحها في ذات الوقت.

وقد صنَّفَ البَلخيُّ ـ الذي يُعدُّ أوَّلَ من تَكلَّم عن حِفظ الصحَّة في عصر التَّأليف الطبِّي ـ كتاباً خاصاً في حفظ الصحَّة سَمَّاه "مصالحَ الأبدان والأنفس"، قسَّمه إلى مقالتين: مصالح الأبدان، ومصالح الأنفس. وابتدأ بابَ الاستحمام - الذي تكلَّم عنه في المقالة الأولى - بذكر فوائد الحمَّام، فقال: "والحمَّامُ قد جمعَ إلى مرافقِ الماءِ الحارِّ مرافقَ الهواءِ الحارِّ الذي يفتحُ مسامَّ الجسدِ، ويُجري معها بالعَرَقِ الرُّطوبةَ الفجَّةَ المتولِّدةَ عن فضولِ الطعامِ والشرابِ، ويحتاجُ إلى معونةٍ مِن خارجٍ ليجتذبَها وينقِّيَها عَن البَدَنِ، لئلاَّ يبقى فيه فيؤدِّي إلى ضربٍ مِن ضُروبِ العللِ. والحمَّامُ مِن أعونِ الأشياءِ على إخراجِ تلك الفضولِ، ولذلك يجدُ الإنسانُ الخفَّةَ في بدنِهِ عندَ خروجِهِ منه لانفشاشِها عن جسدِهِ بالأبخرةِ والعَرَقِ اللَّذينِ يخرجانِ مِن مسامِّهِ؛ فالحمَّامُ - كما قلنا - يجمعُ إلى مَنفعةِ الماءِ الحارِّ منفعةَ الهواءِ الحارِّ الذي يَفتحُ مسامَّ البدنِ ويُحلِّلُ فضولَه، وبهذينِ المرفقينِ يكونُ تَمامُ نقاءِ البدنِ مِن داخلٍ. وهو يَجمعُ إلى نقاءِ البدنِ مِن داخلٍ نقاءَهُ مِن خارجٍ، وتنظيفَهُ منَ الأدرانِ التي تجتمعُ، والأوساخِ التي تتركَّبُ عليهِ، فتخلُصُ إليه لذَّةٌ نفسانيَّةٌ ..." (البلخيُّ ـ مَصالِحُ الأبدان والأنفُس).

وقد حدَّد الرَّازي في تدبير المطعم الوقتَ المناسب للطعام فقال: "ينبغي أن يطعمَ الإنسانُ إذا نزل ثقلُ الطعام المتقدِّم، وخفَّت الناحيةُ السفلى من البطن ولم يبقَ فيها تمدُّد ... وثارت الشَّهوة؛ وينبغي ألاَّ يدافع بالأكل إذا هاجت الشهوة، إلاَّ أن تكونَ شهوةً كاذبة كالتي تَهيج بالسُّكارى والمُتَخمين" (الرَّازي ـ المَنصوري).

ثمَّ أضافَ قائلاً: "وممَّا يَسوء به الهضمُ ويفسد أن تُؤكَلَ أغذيةٌ مختلفة في وقتٍ واحد، وأن يُقدَّم الغذاءُ الأغلظ قبلَ الأرقِّ الألطف، أو أن يُكثِر الألوان ويَطول الأكلُ جِداً حتَّى يَسبقَ أوَّلُه آخرَه بوقتٍ طويل" (الرَّازي ـ المَنصوري).

ويتكلَّم ابنُ سينا عن الأثر المفيد للرياضة فيقول: "الرياضةُ هي حركةٌ إرادية، تضطرُّ إلى التنفُّس العظيم المتواتر، والموفَّقُ لاستعمالها على جهةِ اعتدالها في وقتِها به غَناءٌ عن كلِّ عِلاج تقتضيه الأمراضُ المادِّية والأمراضُ المزاجية التي تَتبعها وتحدث عنها ..." (ابنُ سينا ـ القَانون).

ويُضيف مُفصِّلاً فوائدَ الرياضة: "ثمَّ الرياضةُ أمنعُ سببٍ لاجتماع مبادئ الامتلاء ـ إذا أصبتَ في سائر التَّدبير معها ـ مع إنعاشها الحرارةَ الغريزيَّة وتعويدها البدنَ الخفَّة، وذلك لأنَّها تثير حرارةً لطيفة، فتحلِّل ما اجتمعَ من فضل كلَّ يوم، وتكون الحركةُ مُعينةً في إزلاقها وتوجيهها إلى مَخارِجها، فلا يجتمع على مرور الأيَّام فضلٌ يُعتدُّ به. ومع ذلك، فإنَّها تُنمِّي الحرارةَ الغريزية وتُصلِّب المفاصلَ والأوتار، فيقوى على الأفعال فيأمَن الانفعال، وتعتدُّ الأعضاءُ لقبول الغذاء بما يُنقِص منها من الفضل فتلين الأعضاءُ وترقُّ الرُّطوبات وتتَّسع المسام ..." (ابنُ سينا ـ القَانون).

أمَّا ابنُ رضوان فيتكلَّم عن أسباب الوباء قائلاً: "ومعنى المرض الوافِد أن يعمَّ خلقاً كثيراً في بلدٍ واحد وزمان واحد. ومنه نوعٌ يُقال له المُؤتان، وهو الذي يكثر معه الموتُ. وحدوثُ الأمراض الوافدة يكون عن أسبابٍ كثيرة تُجمَع في الجملة في أربعة: تغيُّر كيفيَّة الهواء وكيفيَّة الماء وكيفيَّة الأغذية وكيفيَّة الأحداث النَّفسية" (ابنُ رَضوان ـ رسالةٌ في الحيلَة في دفع مضارِّ الأبدان بأرض مصر).

ثمَّ يُفصِّل في هذه الأسباب فيقول مثلاً عن الهواء: "وإمَّا أن يكونَ تغيُّرها تَغيُّراً خارجاً عن العادة، فيحدث المرض الوافد. وخروجُ تَغيُّر الهواء عن عادته يكون إمَّا أن يسخنَ أكثرَ أو يبرد أو يرطب أو يجفِّف أو يخالطه حالةٌ عفنيَّة، والحالةُ العفنيَّة إمَّا أن تكونَ قريبةً أو بعيدة ... وقد يتغيَّر أيضاً مزاجُ الهواء عن العادة بأن يصلَ وفدٌ كثير قد أنهك أبدانَهم السَّفرُ وساءت أخلاطُهم، فتخالط الهواءَ منها شيءٌ كثير ويقع الوباءُ في الناس ويَظهَر المرضُ الوافد" (ابنُ رَضوان ـ رسالةٌ في الحيلَة في دفع مضارِّ الأبدان بأرض مصر).

ثم يُخصِّص فصلاً يتكلَّم فيه عن إصلاح رداءة الهواء والماء والغذاء بأرض مصر.

وأخيراً، فإنَّ المكانةَ البارزة التي أعطاها الأطبَّاءُ العرب والمسلمون لشؤونِ الوقاية وحِفظ الصحَّة لتدعو إلى الفَخر من جهةٍ وإلى الدَّهشة من جهةٍ أخرى، لاسيَّما في عصرٍ لا تزال ترتفع فيه الأصواتُ التي تنادي بحماية صحَّة الإنسان ووقايتها من الأخطار البيئيَّة والآفات الجسميَّة والنَّفسية والأخلاقية التي نتجت عن تَسارُع التطوُّر الحَضاري.

صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية

أحوال الرقبة وتشوهاتها


● الرَّقَبَةُ neck (trachelos, collum, cervix) (أو العُنُق)، والجمعُ أَعْناق، هي الجُزءُ الذي يَجْمَع ما بين الرَّأس والجِسْم. والرَّقَبَةُ: مُؤخَّرُ أصْل العُنُق. وذَكَر ابنُ منظور صاحِبُ مُعجَم لِسان العَرَب ما يلي: العُنْقُ والعُنُقُ وَصْلةٌ ما بين الرَّأس والجسم، يُذكَّر ويُؤنَّث؛ والرَّقَبَةُ العُنُقُ، وقيل أَعلاها، وقيل مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ. أمَّا الجيدُ فهو العنقُ، وقيل مُقَلَّدُه (أي ما يُعلَّق فيه)، وقيل مُقدَّمه، وقد غلبَ على عُنُق المرأَة. والأَغْلب أنَّ لفظةَ العُنْق أو العُنُق تُطلَق على أيِّ جُزءٍ يَصِل بين شَيْئين، مثل الرَّأس والجِسْم، وهي أعمُّ وأَشْمل من الرَّقبَة، حيث يُقال عنق الرَّحِم uterine neck (cervix uteri) وعُنق السنِّ dental neck (cervix dentis, collum dentis) مثلاً؛ أمَّا الرقبةُ فهي الجزءُ الخَلْفي من العُنُق، بينما يُشير الجيدُ إلى عُنُق المَرْأة.

● رجلٌ أعْنَقُ طويلُ العُنق، ومُعْنِق أيضاً، والأنثى عَنْقاءُ ومُعْنِقَة طويلةُ العُنق.

● الغُلُّ ما أحاطَ بالعنق، والجمعُ أَغْلال، وقد غَللتُه أَغُلُّه غَلاًّ.

● عانقتُ الرَّجلَ مُعانقةً وعِناقاً، إذا التزمتُه فأَدْنَيتُ عُنقي من عُنقه.

قال الله تَعالَى: {فِي جِيدِها حَبْلٌ مِن مَسَد}؛ {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ _ فَكُّ رَقَبَةٍ _ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}؛ {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً}.

● القَصَرَةُ أَصْلُ العُنُقِ؛ واللَّبَّة باطِنُ العُنُق.

● المِخْنَقُ مَوضعُ الخِناقِ من العُنُق.

● القَفا nape (nucha, nucha) (والجمعُ أَقفيَة) هو الجزءُ وراءَ العُنُق، عندَ اتِّصالِها بالرَّأس.

● الكاهِل مَوْصِلُ الظَّهْر في العُنُق؛ وقيل الكاهِل ما بين الكَتِفين.

● الثَّبَجُ مَوصلُ الظَّهر في العُنُق، وقيل الثَّبَج ما بين الكاهِل إلى الظَّهر.

● الدَّسيعُ مغرزُ العُنُق في الكاهِل.

● السَّالِفَةُ أَعْلَى العُنُقِ.

● الفَهْقة موضِعُ الفَقْرة من العُنق عند المَقَذِّ (والمَقَذُّ أَصْلُ الأُذُنِ. ولكنَّ المعجمَ الطبِّي الموحَّد يذكر أنَّ المَقَذَّ napex هو منطقةُ فَرْوَة الرَّأس تحت النَّاشِزَة القَذاليَّة occipital protuberance مُباشَرة)، وهي أَوّلُ فِقرة في العُنُق، أو هي عَظْمٌ عند فائِقِ الرأس مُشرِفٌ على اللَّهاة والجمعُ فِهَاق. ولقد استخدمَ المعجمُ الطبِّي الموحَّد لفظةَ فَهْقة atlas للدَّلالة على هذه الفقرة الرقبيَّة أو ما يُسمَّى الفقرةَ الحامِلَة للرَّأس.

● الفائِقُ عَظمٌ صَغيرٌ في القَفا في مَغْرِزِ الرأس مِن العنُق، ولقد استخدمَ المعجمُ الطبِّي الموحَّد لفظةَ فَائِق dens axis (dens epistrophei, tooth of epistropheus) للدَّلالة على الفقرة الرقبيَّة الثَّانية أو ما يُسمَّى سِنَّ المِحْوَرِ.

● النَّصِيلُ هو ما بين العُنُق والرَّأس تحت اللَّحْيين (أو عظمي الفكِّ السُّفلي).

● الجَيَدُ طولُها. والجِيدُ العُنُق. والجَيَد: طولُ العُنُق؛ ورجلٌ أَجيَدُ وامرأة جَيْداءُ حسنةُ الجِيد، إذا كانت طَويلةَ العُنُق في اعتِدال. والسَّطْن طولُها مع ارتِفاعِها، ورجلٌ أُسْطُوانٌ طَويلُ العُنق. والسَّطَعُ طولُ العُنُق أيضاً، ورجل أسْطَعُ وامرأة سَطْعاءُ.

● التَّلَعُ إشْرَافُها. تَلِعَ الرجلُ يتلَع تَلَعاً، إذا طالت عُنُقُه، فهو أَتلعُ والأنثى تَلْعاء؛ وعُنُق تَلِعَةٌ وأعناق تَلِعات، أي طِوال.

● الهَنَعُ تَطَامُنُها أو قِصَرُها، وقَصِيرُ العُنُقِ أَهْنَعُ. ورجلٌ أهْنَعُ وامرأة هَنْعاءُ. والهُناع داءٌ يصيب الإنسانَ في عُنْقه.

● الغَلَبُ غِلَظهَا، حتَّى لا يَقدر صاحبُها أن يلتفتَ.

● البَتَعُ شِدَتُهَا؛ ورجلٌ أَبْتَع وامرأةٌ بَتْعاء.

● الصَّعَرُ torticollis (cephaloxia, loxia, wryneck, rhaebocrania, trachelocyllosis, trachelodynia)، مَيْلُها، مثل الصَّعَرِ التَّشَنُّجِيِّ spasmodic torticollis (spastic torticollis)، وقيل أَلمُها الذي يُسبِّي مَيلَها إلى الجانِب. قال تعالَى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ، وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}. وكأنَّ الذي مالتُ عنقُه من الأَلَم مثل الذي يُميلها تَكبُّراً وتَعالياً.

● الوَقَصُ قِصَرُها ودخولها في المنكِبين؛ والوَقْص‏: دَقُّ العُنُق؛‏ ومَقْط العُنُق أو مَقْرها يعني كَسْرَها. والقَعَس دُخولُ العُنق في الصدر، ورجلٌ أقْعَسُ وامرأةٌ قَعْساءُ. وقد استخدمَ المعجمُ الطبِّي الموحَّد لفظةَ قَعَس مقابِل lordosis (ithylordosis) للدَّلالة على اِنْحِناء الظَّهر للأمام بسبب التَّشَنُّج، مثلما يُشاهَد في داءِ الكُزاز tetanus.

● الشَّخَتُ دِقَّتُها.

● الخَضَعُ خُضُوعُها، وعنقٌ أَخضَعُ مُتَطامِن، أي مُتَهدِّل.

● الحَدَلُ عِوَجُها؛ والرَّجلُ أَحْدَلُ، والمرأةُ حَدْلاءُ.

● الغَيَد لينٌ مُعْتَدل في العُنُق؛ وجاريةٌ غَيْداء بيِّنة الغَيَد.

● القَبْع والقَبَع من قولهم: قَبَعَ الخِنْزيرُ، إذا أدخل رأسَه في عنقه.

● الجَنَأ إِقْبالُ العُنُق إلى الصَّدر؛ ورجلٌ أَجنَأ.

● الهَدَأ اطمئنانٌ أو اِعْتِدالٌ في العنق؛ ورجلٌ أهدأُ وامرأة هَداءُ.

● الصَّعْلُ والصَّعْلةُ صِغَرُ الرأس ودقَّة العُنُق. وقد استخدمَ المعجمُ الطبِّي الموحَّد لفظةَ صَعَل للدَّلالة على صِغَرُ الرَّأْس microcephalia (microcephalism, microcephaly).

● الخَنَازِيرُ scrofula أَشْبَاهُ الغُدَدِ في العُنُقِ. ولقد استخدمَ المعجمُ الطبِّي الموحَّد لفظةَ الخَنَازِير للدَّلالَة على التورُّمِ الالتهابِي السُلِّيُّ المنشأ في العُنُق.

● العُطْبول والعُطْبولة الطويلةُ العُنُق؛ فإذا كَانَتْ طَوِيلة العُنُقِ في اعْتِدَال وحُسْنٍ فَهِيَ عُطْبُولٌ.

● رجلٌ رَقَبان ورَقَبانِيٌّ غَليظُ الرقبة. والأرْقَب: الغليظُ الرَّقبة؛ رجل أرْقبُ وامرأة رَقْباءُ.

● رجلٌ أَغْلَب بَيِّنُ الغَلَب من قَوْمٍ غُلْب، إذا كان غليظَ العُنُق، والأسدُ أغلبُ، والأنثى غَلْباءُ.

● رَجلٌ أجْوَقُ، وهو الغليظُ العُنُق؛ والمرأةُ جَوْقاء.

● نَضِيُّ العُنُق عَظْمُها. وقَوْمٌ طِوالُ الأَنْضِية، أي الأَعْناق.

● الطُّلى، جمع طُلاة من العُنُق، وهي جانبه

● امرأةٌ عَيْطَلٌ طويلةُ العُنُق في حُسْن جِسْم؛ وكلُّ ما طالَ عُنُقه من البَهائم فهو عَيْطَلٌ.

● الدَّنّاءُ من النِّسَاءِ القَصِيْرَةُ العُنُقِ.

صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية

بعض من تسميات ما بين الأعضاء في الجسم


● البَرزَخُ isthmus ما بَينَ كُلِّ شَيئَين.

● الصُّدغُ tempus (temple) ما بَينَ لِحَاظِ العَينِ canthus إلى أصلِ الأذُن.

● الوَتيرَةُ أو الوَتَرة (الحَاجِزُ الأَنْفيُّ) nasal septum (septum nasi) مَا بين المِنخَرَين naris.

● النَّثرَةُ philtrum فُرجَةٌ ما بَينَ الشَّارِبين حِيَالَ وَتَرَةِ الأنف.

● البادِلُ ما بين العُنُقِ إلى التَّرقُوَة.

● الكَتَدُ والثَّبَجُ ما بين الكَاهِلِ والظَّهر.

● الخَاصِرَةُ flank النَّاحيةُ ما بين أسفل الأضلاع وفوق الحَرقَفة على جانبي الظَّهر.

● الطَّفطَفةُ ما بَينَ الخَاصِرَةِ والبَطن.

● القَطَنُ loin (lumbus) ما بين الوِركَين.

● المُرَيطاءُ urachus مَا بين السُّرَّةِ والعَانَة. ويذكر المعجمُ الطبِّ الموحَّد أنَّ المُرَيطاءَ هي قناةٌ جنينية تصلُ المثانةَ بالسِّقاء أو السُّرَّة.

● العِجَانُ perineum ما بَينَ الخُصيَةِ والفَقحَة (فتحة الشَّرج).

● اليَسَرَةُ فُرجةٌ ما بَينَ أسرَارِ الرَّاحَةِ يُتَيَمَّنُ بِهَا، وَهي مِن عَلامَاتِ السَّخاءِ.

● الشِّبرُ مَا بين طَرَفِ الخِنصَرِ إِلى طَرَفِ الإِبهام وَطَرَفِ السَّبَابَة.

● الرَّتَبُ ما بين طَرَفِ السَّبَّابَةِ والوُسطَى.

● العَتَبُ مَا بين طَرَفِ الوَسطى والبِنصِر.

● البُصمُ أو الأُسَيلِمُ هو ما بين البِنصِرِ والخِنصِر .

● الفَوتُ interdigit ما بين كُلِّ إصبَعَينِ طُولاً. ويذكر المعجمُ الطبِّ الموحَّد أنَّ الفوت هو ما بَينَ الإِصبَعَينِ المُتَجاوِرَتَين.

● التقطيبُ أو القُطُوبُ والعُبوس تَزَوِّي مَا بَينَ العَينَين.

● الكَتَفُ انفِراجُ مَا بَينَ الكَتِفَينِ.

● الفَحَجُ (تقوُّس السَّاقين) bowleg هو انحناءُ الساقين إلى الخارِج، ويُطلَق الفَحَجُ varus على فرَط التَّبَاعُد ما بينَ جُزئين في الجِسم.

● الرَّوَح valgus فرَطُ التَّقارُب ما بينَ جُزئين في الجِسم.
صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية
في أحوال الأذن ومشاكلها

● الأُذُن والأُذْن ear (auris)، تُثنَّى على أُذنين، وجمعُها آذانٌ، وهي عضوُ السَّمع وأَحَدُ أعضاء التَّوازُن في جِسْم الإنسان؛ وهما اثنَتان تَصْطفَّان على جانبَي الرَّأس بمحاذاةِ العَيْنين.

● الخُشَّاءُ mastoid العَظْمُ النَّاتِئُ خَلْفَ الأذُنِ.

● كفَافُ contour الأُذُن مَضَمُّ أو مَجْمَعُ حُروفها وأَطْرافها، والجمعُ أَكِفَّة، وكل مَضَمِّ شيءٍ كِفَافُه. وعِرَاقُ الأُذُنِ كفَافُها؛ والوَشائِجُ عُروقُ الأذنين، واحدتها وَشِيجَة.

● صيوانُ الأُذُن auricula (auricle, pinna, pavilion) هو الجزءُ الظَّاهِرُ من الأُذُن.

● مَحارَةُ الأُذُن concha auricularis (concha of auricle) جَوْفُها الظاهر المتَقَعِّر، أو صَدَفتُها أو صَحْنُها.

● الحِتَار verge (helix) (في الأُذُن) هو كِفَافُ حُروِف غَضارِيفها، وحِتَارُ كلِّ شيء كِفَافهُ. والحِتَارُ في المعجم الطبِّي الموحَّد حافةُ الأُذُن الظَّاهِرَة.

● المِصْباب scapha وَهْدَةٌ في صِيوان الأُذُن الظَّاهرة.

● ذُبَابُ الأُذُن ما حَدَّ من طَرَفِهَا.

● الرَّانِفَةُ طَرَفُ غُضْرُوفِ الأذن، وقيلَ هو ما لانَ عن شدَّة الغُرْضُوف أو الغُضْروف.

● الشَّحْمَةُ ear-lobe وهو ما لانَ من أسفلها، وفيها مُعَلَّقُ القُرْط.

● عَمُودُ الأُذُن ما ارتفع فَوْقَ الشَّحْمة.

● الوَتِدُ والوَتِدَة، وهو النَّاشِزُ في مُقَدَّمتها مثل الثُّؤْلولِ يلي العارضَ من اللِّحية.

● الأُصْمُوخ أو الصِّمَاخ external auditory meatus وجمعه أَصْمِخَة وصُمُخ، وهو الخَرْق الباطِنُ الذي يُفْضِي إلى الرأس أو المِسْمَع (يُسمِّيه المعجمَ الطبِّي الموحَّد external auditory meatus. ما يُسمَّى الغارَ الأُذُنِيَّ antrum auris.

● الزَّنَمَة tragus هَنَةٌ (بُروز) تَلِي الشَّحْمةَ، وتُقابِل الوَتَرة.

● الزُّنَيمَى tragion نقطةٌ على الحافةِ العلويَّة للزَّنمة.

● المَرْزَة antitragus بُروزٌ يُقابِل الزَّنَمَة في الأُذُن الظَّاهرة أو الصِّيوان.

● الغَفيرَةُ tragic (barbula hirci) والغَفْر والحَصِيصَة شَعْرُ الأُذُن.

● الطَّبْل tympanum تَجْويفُ الأُذُن الوسطى.

● طَبْلَةُ الأُذُن myrinx (membrana tympani) هي غِشَاءُ الطَّبْل الفاصِلُ بين الأُذُن الظَّاهرة والأُذُن الوسطى.

● الصِّمْلاخُ والصُّمْلُوخ (في الأذن)، والجمعُ صَمَالِيخ، وهو الوَسَخُ والقُشُور التي تَخرج منها.

● السَّمْعُ hearing حِسُّ الأذن، سَمِعه سَمْعاً وسَمَاعاً وسَمَاعَةً وسَماعِيَةً. والسَّامِعَةُ والمِسْمَعُ والمَسْمَع الأُذُنُ. وقيل المَسْمَعُ خَرْقُها، وأذنٌ سَمْعة وسَمِعة وسَمِيعة. والسَّمْعُ ما قَرَّ فيها، والسَّمَاع ما الْتذَّت به من غِنَاءٍ وغيرِه. والسَّمِيعُ المُسْمِع.

● رَجلٌ آذَنُ طَويلُ الأُذُنين، والأُنثى أَذْنَاءُ أو خَطْلاء؛ ورجلٌ أُذَانِيٌّ آذَنُ أو أَخْطَل، وقولهم أذِنْتُ له، أي استمعْت مُشْتَق من الأَذَن، ومنه التَّأْذِين والإيذانُ، وتُستعمَل الأُذُن في غير الإنسان، فيُقال أُذُن الكُوز وأُذُن الدَّلو. وتَصْغيرُ الأُذُن أُذَيْنَة auricular (auricle). ومن قالَ أُذْن فهُو تَخفيفٌ من أُذُن، مثل عُنُق وظُفُر، وكلُّ ذلك يَجيء فيه التَّخْفيف.

● الخُرُّ والمَقَذُّ أَصْلُ الأُذُنِ. ولكنَّ المعجمَ الطبِّي الموحَّد يذكر أنَّ المَقَذَّ napex هو منطقةُ فَرْوَة الرَّأس تحت النَّاشِزَة القَذاليَّة occipital protuberance مُباشَرة.

● الصَّمَعِّ microtia صِغَرُ الأُذُنِ؛ ورجلٌ أصْمَعُ وامرأة صَمْعاءُ. ورجلٌ حُذُنَّة وحُذُنُّ، صَغيرُ الأذنين خَفِيف الرَّأس.

● السَّكَكُ صِغَرُ الأُذُنِ الشَّديد ولُزوقُها وقِلَّة إشرافِها؛ وأصلُ السَّكَكِ السَّدُّ، سكَكْت الشيءَ أسُكُّه سَكَّاً فاسْتَكَّ. ورجلٌ أَسَكُّ واِمْرأة سَكَّاءُ بيِّنة السَّكَك.

● الوَقْرُ ثقلُ السَّمْع، ومنه وَقْرٌ اِجْتماعيُّ المَنْشَأ socioacusis.

● الصَّمَمُ فَقدُ السَّمع deafness (hearing loss, surditas, surdity, anacousia, anacusis, anakusis)؛ ورجُل أَصَمُّ والأُنْثى صَمَّاءُ.

● الطَّرَشُ ما زَادَ على الصَّمَم.

● فإذا زَادَ حَتَّى لا يَسمَعَ صاحبُه الرَّعْدَ فَهُوَ صَلَخ.

● الدَّوِيُّ صَوْتُ النَّحْلِ والأُذُنِ والمَطَرِ والرَعْدِ.

● الطَّنِينُ tinnitus صَوْتٌ في الأُذُن، لا يسمعُه إلاَّ صاحبَه.

● الصَّلَمُ والبَتْكُ قَطْعُ الأُذُن؛ وأُذُنٌ صَلْماءُ قد لَزِقَت بشَحْمَتها، وعبد مُصَلَّمٌ وأصْلَمُ، مقْطُوعُ الأذُنِ.

● الخَضْرَمَةُ قَطْعُ إحْدَى الأذُنيْنِ.

● الخَرَبُ اِنشْقاقُ الاُذُنِ أو سَعَة خَرْقِها؛ والرَّجُلُ أخْرَب (مَشْقُوق الأذُن) والأنثى خَرْباءُ؛ خُرْبَةُ الأُذُنِ ثُقبُها؛ وقيلَ: الصِّمَاخُ external auditory meatus في الأذُنِ مِن فِعْلِ الخَالِقِ، والخُرْبَةُ فِيها مِنْ فِعْلِ المَخْلُوق. ويمكن إطلاقُ الخُرْبَة على المُنْخَفَضِ الأُذُنِيِّ otic depression (وَهْدَة الأُذُن auditory pit).

● القَفَعُ انزِوَاءُ الأُذُن من أَعاليها وأسافلها كأنما أصابتها نارٌ، وكلُّ ما تَقَبَّض فقد قَفِعَ قَفَعاً وتَقَفَّع.

● الخَذَا والفَرَك استِرْخاءُ الأُذُن من أصلِها وانكسارُها على وجْهِها، وأذُنُ خَذْوَاءُ وخُذَاوِيَّة، وأذُنٌ فَرْكاءُ وفَرِكةٌ؛ ورجلٌ أخْذَى وامرأة خَذْوَاءُ.

● الغَضَفُ في الأُذُن إقْبالها على الوجه؛ ورجُلٌ أغْضَفُ وامرأة غَضْفاءُ.

● القَنَفُ macrotia عِظَمُ الأذن واسْترْخَاؤُها وإقْبالُها على الوَجْه وتبَاعُدُها من الرأس، مع تَثَقُّب فيها؛ ورجلٌ أقْنَفُ وامرأة قَنْفاءُ بَيِّنة القَنَف.

● أُذُنٌ لَزْقَاءُ إذا التَزَقَ طرَفُها بجانب الرَّأس.

● أذُنٌ حَجْنَاءُ إذا مالَ أحدُ طرفَيْها على الآخر من قِبَلِ الجَبْهة سُفْلاً.

● أذُنٌ هَطْلاءُ طويلةٌ مُضْطرِبة.

● أُذُن كَشْمَاءُ لم يُبْقِ القَطْعُ منها شَيْئاً؛ والاسم كُشْمة.

● أُذُن كَزْماءُ صغيرةٌ، وهي القَصِيرةُ اللازقَةُ.

● أُذُنٌ مُصَعَّنة لطيفةٌ دَقيقَة.

● أذُنٌ دَفْواءُ وهي التي تُقْبِل على الأُخْرى حتَّى تَكادَ أطرافُها تَماسُّ في انْحِدارٍ قِبَل الجَبْهة ولا تَنْتَصب وهي شديدةٌ في ذلك

● الأُذُن الشَّرْفاءُ والشُّرَافِيَّة والشُّفَارِيَّة هي المُشْرِفة، وقيل إنَّ في الشُّفارِيَّة عِرضَاً وضِخمَاً، وأذنٌ شُفَارِيَّة طويلةٌ عَرِيضة واسِعة الغُضْروف لَيِّنة الفَرْع كأذُن الأرنب؛ وقيل الشُّفارِيُّ الطويلُ الأذُنين الكَثِيرُ شَعَرِ الرِّجْلين، والأشْرَفُ الطَّويلُ الأذنين.

● أُذنٌ بَسْطاءُ عريضَةٌ عَظِيمَة.

● أُذُنٌ رَبَعْداة ورَبَعْدة غَليظةٌ كثيرةُ الشَّعَر، وكذلك غَضَنْفَرة.

● أُذُنٌ نَصْباءُ مُنْتَصِبة.

● أُذُنٌ خَثْماء وهي التي عَرُض رأسُها ولم يُطَرَّف، وهو الخَثَمُ، وقد خَثِمَ فهو أخْثَمُ والأنثى خَثْماءُ.

● إذا كانت إحْدَى الأُذُنين نَصْباءَ والأُخْرى خَذْواء، قيل رجلٌ أخْيَصُ وامرأة خَيْصاءُ، وقد خَيِصَ خَيَصاً.

● أُذُنٌ خَطْلاء، وهي الطَّويلةُ، وإنَّما سُمِّي الأَخْطل الشَّاعر لطُول لسانه، والخُطْل والخَطَل الاستِرْخاءُ، ومنه قيل هو يَتَخَطَّل في مِشْيَته، أي يَسْترخي ويَضْطَرِب.

● أُذُنٌ مَقْذُوذة، وهي المُدَوَّرةُ التي خُلِقت على مثال قُذَّة السَّهم؛ والقُذَّتانِ الأُذُنانِ.

● الأُذُنُ المُؤَلَّلة أو المُرْهَفة وهي المُحَدَّدة الطرَفِ، وكلُّ شيء كان طرَفُه حَدِيداً فهو مُؤَلَّل.

● الأُذُنُ الزَّبَّاءُ الكثيرَةُ الشَّعر من الزَّبَبِ hypertrichosis pinnae auris، والوَطْفاءُ (والاِسْم الوَطَف) وهو أهْونُ من الزَّبَب.

● أُذُنٌ مُهَوْبَرة عليها شعر أو وبَر، وبه سُمِّي الرجلُ هَوْبَراً.

● أذُنٌ هَدْبَاءُ طَوِيلة الشعْر، الرزاحي، وقد عَمَّمت به فيما تقدَّم، وقال صاحب العين، الرِّيشُ، شَعْر الأُذنِ خاصَّة رجل راشٌ ورائِشٌ كثِيُر شعرِ الأُذُن، ثابت، وفي الأُذُن الصَّمَمُ، أبو عبيد، صَمَّ الرجُلُ وأصَمَّ وأنشد:

● أُذُن شَرْماءُ ومُشَرَّمَة، قُطِع من طَرَفها شَيْء؛ وشَرْقَاءُ، مَشْقُوقة؛ وأُذُن حَذْفاءُ، كأنَّها حُذِفَت من طَرَفها، أي قُطِعت.
صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية
في أحوال الأنف ومشاكله


● الأَنْفُ nose جَميعُ المَنْخَر nostril (nares, prenaris, naris)، سُمِّي بذلك لتَقَدُّمه، ومنه قيلَ للشَّيء المُحَدَّد مُؤَنَّف fastigatum (mucronate, piked, acuminate). وقالت العَربُ أَنْفُ القَصْعة يعني أعْلى الثَّرِيد، وأَنْفُ الرَّوضَة، حتَّى اشتقُّوا منه صفةً وأَفْردوها بِصيغةٍ ما، فقالوا رَوْضة أُنُف. وجَمعُ الأَنْف آنُفٌ وأُنُوف، وحَكَى سيبويه آنَاف.

● رَجلٌ أُنَافِيٌّ عَظيمُ الأنْف من ضَخامَةِ الأَنْف macrorhinia (أُنافَة)، وهو نَسَبٌ على غير قِياس. والأَنْوُفُ من النِّساء الطِّيبةُ رِيحِ الأنْفِ.

● المخْطَمُ أو الخَطْم snout هو الأنفُ؛ ضَرَبه على خَطْمه ومِخْطَمِه. ورجُلٌ أخْطَمُ، طَويلُ الأنْفُ، وقد يُسْتعمل ذلك في غَيْر الإنْس، وقيل: أَصْلُ المَخاطِمِ في الإبل، ثمَّ استُعْمل في الناس وغيرهم.

● المَعْطِسُ هو الأنفُ، وهو المَعْطَس. وقد عَطَسَ يَعْطِس ويَعْطُس عَطْساً، وهو العُطاس sneezing (sternutatio, sternutation). وذهب بعضُ العربِ إلى أنَّ المَعْطِسَ من يَعْطِس، والمَعْطَسَ من يَعْطُس، وهو القِياسُ.

● الأَطْخَمُ مُقَدَّمُ الأَنْف أو ذروتُه tip of nose (summit of nose, apex nasi) من الإنسان والدابَّة، ويُقال أيضاً الخُرْطُوم، وقيل الخُرْطُومُ هو الأَنْف، ويُستعمَل في غير الإنْس ، والرَّاعِفُ هو الأنفِ أيضاً، لتَقَدُّمه، وقِيل لأنَّه يَرْعَف بالدَّم. ويمكن أن يُطلَق ذلك على البارِزَةِ الأَنْفِيَّة nasal eminence.

● المَلْثَم الأنْفُ وما حَوْله، ويُقال للأَنْف الفِرْطِيسَة وذلك عندَ الشَّتْم للرجل، وإنَّما الفِرْطِيسة للخِنْزير.

● العِرْنِينُ (الأَنْفُ العَظْمِيُّ أو الجُزء العَظْمِيُّ من الأنف) nasus osseus (nasal bone, os nasale)، وهو ما صَلْب من عَظْم الأنف، وقيل العِرْنِينُ هو الأنفُ، وقد تُستعمَل العَرَانِين في غير الأَناسِيِّ. وذكرَ المعجمُ الطبِّ الموحَّد لفظةَ عَرَن مُقابلاً للمُصْطَلح الإنكليزي exostosis [ج. أَعْران exostoses]. كما يُقال القَصَبة عن العَظمِ الصُّلْب منه؛ وفيه المارنُ وهو الجُزءُ اللَّيِّن الذي إذا عَطَفته تَثَنَّى، وجَمعُه المَوَارنِ، وأصلُها من المُرُون وهو اللِّينُ؛ وقيل المارِنُ عامَّة الأَنْف؛ وفيه الأَرْنَبَةُ ala nasi (wing of nose) أو العَرْتَمَة أو الخَوْرَمَة وهي طَرَفُ الأَنْف. وقد أشار إليها المعجمُ الطبِّي الموحَّد بلفظةِ جَناح الأَنْف.

● الغُضَاضُ بالغَيْن المُعجَمة، ما بين أَرْنَبَةِ الأنف إلى أَصْله، وقيل عِرْنينُ الأنف.

● العُرْضانِ هما مُبْتدآ ما انْحَدر من قصبة الأنْف من جانِبَيْه.

● الغُرْضُوف، ويُقال الغُضْرُوف، وهو بين الأرنبَة والقَصَبة، رَقِيقٌ ليس بلحم ولا عظم بين ذلك.

● الرَّقِيق، وهو مُسْتَرِقُّ المَنْخِر، حيث لانَ من جانبِيَه.

● الرَّانِفَة طَرَف الأَرنبَة، وقد استَعملَ المعجمُ الطبِّ الموحَّد لفظةَ رانِفَة thenar للدَّلالةِ على المنطقة اللحميَّة من راحَةِ اليَد عندَ قاعدةِ الإِبْهام.

● المَنْخِرانِ والمِنْقران، وبعضهم يَقول المِنْخِران، وقالوا مِنْخِر، ، وهما الخَرْقان اللذان يَخرُج منهما النَّفَس؛ والنُّخْرَتانِ، مفردها النُّخْرةُ مُقَدَّم الأنف، وهي ما بين المَنْخِريْن.

● الخِنَّابتَانِ وهما حَرْفا المَنْخِرين عن يمينٍ وشِمال من عُرْض الأنف، وهما وَحْشِيا الأنْف، وقيل الخِنَّابة agger nasi طَرَفُ الأَرْنبة من أعلاها بينها وبيْنَ النُّخْرة. وقد أطلق المعجمُ الطبِّي الموحَّد على الخِنَّابة لفظة الحَرْف الأَنْفِيِّ (نابِرَة الأَنْف) ridge of nose.

● الوَتَرةُ والوَتيرَة antihelix (anthelix, column of nose, columna nasi) وهي الحاجِزُ بين المَنْخِريْن (الحاجِزُ الأَنْفِيُّ) nasal septum (septum nasi)، ووَتِيرَةُ الأنف حِجابٌ ما بين المَنْخِرين.

● وفي الأَنْفِ الخَيَاشِيم branchia، وهي العِظامُ فيما بين أعْلَى الأنف إلى الرأس، والواحدُ خَيْشُوم branchius؛ وقيل خَيْشُومُ الأَنْف ما فوقَ نُخْرته من قَصَبة أنفه وما تَحْتها من خَشَارِمِ رَأْسه.

● الخَشْمُ كَسْرُ الخَيْشوم، وخَشَمْتُه وأَخْشمِه ضربتُ خَيْشُومَه، وقيل: خَشِم خَشَماً وخُشُوماً وهو أخْشَمُ، أي واسِعُ الأَنْف. والخَشَمُ داءٌ تَتَغيَّر فيه حاسَّة الشمِّ أو فُقْدَانُ حاسَّةِ الشَّمِّ، ورجلٌ أَخْشَمُ وامرأة خَشْماءُ، ولا يَكاد الأَخْشَمُ يَشَمُّ شيئاً. والخُشَامُ سَدُّ المُتَنَفَّس وهو داء فيه سُدَّة وصاحِبه مَخْشُوم. وقد استعملَ المعجمُ الطبِّ الموحَّد لفظةَ خُشام للدَّلالة على فَقْدِ الشمِّ anosphresia (anosmia).

● رَجلٌ خُشَارِمٌ وعُنَابٌ وقُبَابٌ وقُنَاف عظِيمُ الأنف، وأنفٌ خُشارِمٌ عظيم، وهو العظيم الأَرنبة خاصَّة.

● النُّعَرُ الخَيْشوم، نَعَر الرَّجلُ يَنْعِر ويَنْعَر نَعِيراً ونُعَاراً، وهو صَوْتُ الخَيْشوم، والنُّعَرةُ ريحٌ تأخُذ في الأنف يَتَحرَّكُ منه. والمَنْعَر choana قِمْعُ الأَنْف infundibulum nasi.

● أَنفٌ فِنْطاسٌ وأَفْطَس عَرِيض، ورجلٌ فِنْطِيس وفِرْطِيس عظِيمُ الأنف. والفِرْطِيسُ أنفُ الخِنْزير. والفَطَس عَراضَة الأنف في قُبحٍ، أو تَطَامُنُ (اِنْخِساف) قَصَبَتِه مَعَ ضِخَمِ أَرْنَبَتِه.

● الشَّمَمُ ارتفاعُ القَصَبة وحُسْنُها واستواءُ أعلاها وإشْرافٌ في الأرْنَبة قليلاً. ورجلٌّ أَشَمُّ oxyrhine وامرأة شَمَّاءُ، وقيل الأشَمُّ من الأُنُوف الذي طالَ ودَقَّ في غير حَدَب، وكُلُّ مرتفع أَشَمُّ ومنه قُنَّة أو قِمَّة شَمَّاءُ.

● أَنفٌ مُصَفَّح، وهو المُعْتدِلُ القَصَبة المُسْتَويها بالجَبْهة.

● القَنَا، وهو الذي يَرتَفع وسَطه من طَرفَيْه، وتَسْمو أَرنبتُه وتَدِقُّ، أو طُولُ الأنْفِ ودِقّةُ أرْنَبَتِهِ وحَدْبٌ في وَسَطِهِ؛ ورجلٌ أَقْنَى dolichorrhine وامرأة قَنْوَاءُ.

● الذَّلَفُ microrhinia، وهو قِصرَ الأنف وصِغَر الأرنبة أو شُخُوصُ طَرَفِهِ مَعَ صِغَرِ أرْنَبَتِه؛ ورجلٌ أذْلَفُ وامرأة ذَلْفاءُ.

● الخَنَسُ غِلَظٌ واستِواء في طَرَف الأرنبة، أو تَأَخُّرُ الأنْفِ عَنِ الوَجْهِ؛ وبذلك سُمِّيت الخَنْساء. والدَّلَف هو ما دون الخَنَس (أقل منه).

● القَعَم، وهو تَطامُنٌ (اِنْخِساف) في وَسَط الأَنف أو اعْوِجَاج الأنْفِ؛ ورَجلٌ أَقْعَمُ وامرأةٌ قَعماءُ.

● القَعَنُ brachyrhinia هو قِصَر شَديد في الأنْف فاحِش.

● الخَرَمُ شَقٌّ في المِنْخَرَين؛ وَهُوَ دُونَ الجَدْع. والأَخْرمُ هو الذي انْشَقَّ غُرْضُوف مَنْخِيريْه، فبانَ، وقد خَرِم خَرَماً.

● الخَثَمُ platyrrhiny عِرَضُ الأنْفِ، ورجلٌ أخْثَمُ وامرأة خَثْماءُ؛ وقيل الأخْثَمُ والأَفْطَس واحِد.

● الحَجَنُ وهو إقْبال أرنبةِ الأنف نحوَ الفَم.

● الفَطَحُ عِرضَ في الأرنبة؛ وأنْفٌ أفْطَحُ .

● الكَزَم، وهو قِصرَهُ أجْمَع وانْفتاحُ مَنْخريه؛ ورجل أَكْزَمُ وامرأة كَزْماءُ؛ وقيل الكَزَمُ قِصَرُ الأنف والأُذُن والشَّفَة واللَّحْى واليَدِ والقَدَم وتَقَلُّصها.

● القَعَا رَدَّةٌ في الأنف، وذلك أن تُشْرِفَ الأرنَبَة، ثم تُقْعِى نحوَ القصبة؛ وقد قَعِيَ الرجلُ فهو أَقْعَى والأنثى قَعْواءُ.

● الخَنَنُ والخُنَانُ والخَنَب سُقوطُ الخَيَاشِيم؛ والرَّجل أَخْنَى (وهو المَسْدُود الخَيَاشِيم) والأنثى خَنَّاءُ. والخَنْخَنَةُ والخُنَّة rhinism (nasal emission, rhinolalia, rhinophonia, hyponasality, denasality, nasality, stomatolalia, nasal breath) أن يَتَكَلَّمَ المرءُ مِن لَدُنْ أنْفِهِ، وُيقالُ: هيَ أنلاَّ يبيِّنَ الرَّجُل كَلامَهُ فَيُخَنْخِنَ في خَيَاشِيمِه.

● الجَدَعُ rhinectomy والكَشَم، وهو قَطْعُ الأنف من مَقَادِيمه إلى أقْصاه أَخْرَم، وقد استعملَ المعجمُ الطبِّ الموحَّد لفظةَ anaplastia (anaplasia) للدَّلالةِ على انعِدام أو فقدان التَّمايُز الخلوي في الخَلايا، لاسيَّما الخَلايا السَّرطانيَّة أو الخَبيثَة.

● الشَّرَم cleft nose، وهو مِثْلُ الخَرَم، شَرَم أنْفُه يَشْرِمُه شَرْماً؛ ورجل أَشْرَمُ وامرأة شَرْماءُ، ومنه شَرِيم ومَشْرُوم.

● الذَّنِينُ والذُّنَان ما يَسِيل من الأَنف. والذَّنِينُ snuffles (rhinorrhea) سَيَلانُ الأنف من بَرْد أو داء؛ ورجلٌ أذَنُّ وامراة ذَنَّاءُ؛ وقد ذنَّ أنفُه يَذِنَ ذَنِيناً.

● المُخَاطُ في الأنف كاللُّعَابِ في الفَمِ، مَخَطَه يَمْخُطه مَخْطاً وامْتَخَطه.

● النَّغَفُ ما يُخْرِجه الإنسانُ من أنفه من مُخَاط يابِس. وقد استعملَ المعجمُ الطبِّ الموحَّد لفظةَ نَغَف myasis (myiasis) للدَّلالة على مرضٍ ناجِم عن العَدوى بيَرقات الذُّباب.

● الرُّعَافُ nosebleed (epistaxis) دَمُ الأَنْفِ.

● رَمَعَانُ الأنْفِ اهتزازُه من مَرَضٍ.

● هَشَمَ الأَنْفَ كَسْرُه.

● الدَّغْمُ كَسْرُ الأَنْفِ إِلى بَاطِنِهِ هَشْماً.
صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية
في أحوال الحمل والولادة عند المرأة


● اِمرَأَةٌ بِكر أو عَذراء Virgin، لم تَتَزوَّج ولم تُنجِب، باقيةٌ بخاتَمِ ربِّهَا.

● ما ظَهَرَ من الأَشياء فهو حِمْلٌ load، وما بَطَنَ فهو حَمْلٌ pregnancy أو حَبَل gravidism (graviditas, gravidity). ويُقال: امْرَأَةٌ حامِلَةٌ وحامِلٌ pregnant، واِمرأةٌ جامِعٌ أو عالِق كحَامِلٍ، واِمرأةٌ حُبْلَى gravid؛ ومنه التَّحْبيل ingravidation (impregnation) أو إِحداث الحَمْل أو الحَبَل.

● المرأةُ عَديمَةُ الحَمْل nulligravid عَقيم أو عاقِر (اِمرأةٌ لم يَسبق لها أن حَملت). وامرأةٌ عاقِرٌ وجارِز لا تَلِدُ، وقد عَقَرتْ تَعْقِر وعُقِرتْ عُقَارا وفي التَّنْزيل: {وكانَتِ امْرَأتي عاقِراً}. ويوصَف به الرجُلُ ويُقال حَرْب عاقِرٌ. وامرأةٌ عَاقِرٌ وعُقَرَةٌ : لا تَحْمِل، والمصدر: العُقْر، والفعل: عَقِرَتْ وَعَقُرَتْ وعُقِرَتْ.

● المرأةُ عَديمَةُ الوِلاَدَة nullipara (nulliparous) (إمرأةٌ لم يَسبق لها أن وَلدت طفلاً حَياً). وامرَأةٌ مُقْلِتٌ ومِقْلاتٌ ورَقُوبٌ: وهي مِنَ النِّسَاءِ التي لا يَبْقَى لها وَلَد، ونِسْوَةٌ مَقَالِيْت.
والمُقْلِتُ: التي ماتَ وَلَدُها.

● مُتَكَرِّرَةُ الحَمْل multigesta (multigravida). ضَنَأَت المرأةُ: كثُر وَلدُها، وهي ضانِئ وضانِئَة. وتَقول: سَرَأتِ المرأةُ، إذا كثرَ ولدُها، فهي تَسرَأ سَرْءاً. والمرأةُ المتعدِّدة الولادَة وَلُوْدٌ أو مَرْغُوسَة viviparous (zoogonous, parous).

● المرأةُ التي تَحمل بِولدَها الأوَّل هي خَروسٌ أو أُحادِيَّةُ الحَمْل primigravid (primigravida, unigravida)، والتي تَلِد ولدَها الأوَّل هي بِكرِيَّة I-para (primipara).

● المرأةُ ثانِيَةُ الحَمْل secundigravida.

● المرأةُ التي تَلِد التَّوائم أو ولدَت تَوأماً هي مِتئام ومِتأم II-para (secundipara) ، فإذا ولدت ثلاثةَ توائم فهي مُثْلِثَة III-para (tertipara). وأتأمتِ المرأةُ إتاماً، إذا جاءت بتوأم.

● المرأةُ ثالِثَةُ الحَمْل tertigravida (gravida III).

● المرأةُ سادِسَةُ الحَمْل sextigravida.

● المرأةُ سادسةُ الإِنْجَاب؛ مُسْدِسَة (من وَلدت ستَّةَ مواليد أحياء) sextipara.

● المرأةُ سابِعَةُ الحَمْل (مُسْبِعَة) septigravida.

● المرأةُ ثامِنَةُ الحَمْل octigravida (حامِلٌ لِلمَرَّةِ الثامِنَة)، ومُثْمِنة octipara (para VIII) (امرأةٌ وَلدت ثَمانيةَ مَواليد أَحياء).

● المرأةُ تاسِعَةُ الحَمْل nonigravida (حامِلٌ لِلمَرَّةِ التاسِعَة)، والمُتْسِعَة nonipara (امرأةٌ وَلدت تسعةَ أطفال أَحياء).

● امْرَأةٌ مُسْقِطٌ تُسقط ولدَها قبل أن يصبحَ قادِراً على الحياة. ويُقال: سَقَطَ الوَلَدُ من بَطْنِ أمِّه، ولا يُقال وَقَع. ومَسْقِطُه: حيْثُ وُلدَ. وامرأة مُسْقِط وامرأة مُسْلِب: قد ماتَ ولدُها. وامرأةٌ مُجْهِض abortive فقدت ولدَها بالإِجْهاض abortion. وهناك فَرْقٌ بين الإسقاط والإجهاض؛ فالإسقاطُ أن تلدَ المرأةُ جَنينَها ميتاً قبل أن يَكْتَمِلَ، والإجهاضُ أن تَلدَه ميتاً وقد اكتَملَ. يقول ابنُ سيدَه في المخصَّص: "فإذا ألقت وَلدَها لغير تَمامٍ، فهو سِقْط وسُقْط وسَقْط ... وهي امرأةٌ مُسْقِط؛ فإذا كان ذلك عادةً لها فهي مِسْقاط ... والجِهضُ والجَهيضُ السِّقْطُ الذي قد تَمَّ خلقُه ونُفِخ فيه الرُّوحُ من غير أن يَعيشَ".

● اِمرأةٌ واضِعٌ (وَلاَّدة) delivered قد وَضَعتْ حملَها.

● اِمرَأَةٌ نَثُورٌ أو ناتِقٌ أو ماشِيَةٌ كَثِيرَةُ الأَولاد.

● اِمرأَة نَزُور قَلِيلَةُ الوَلَد oligogenesis، والتَّنَزُرُ: التَقَلُّل.

● اِمرَأَة نُفَسَاء puerpera أو puerperant دخلت في فَترة ما بعدَ الولادَة.

● امرأةٌ مِذْكارِ ومُذْكر إذا كانت تلِدُ الذُّكور، وامْرَأةٌ مُصْبٍ: كثيرةُ الصبْيَانِ. وأَصْبَت المرأةُ: إذا كان لها ولد صبيٌّ.

● امرأةٌ مِينَاث أو مِئناث ومُؤنِث إذا وَلدت الإناث. وأجزَأَت المرأة: وَلَدت الإناث، فهي مُجزِئةٌ ومُجزِىء.

● اِمرأةٌ مُتِمٌّ، إذا أتَمَّت أيَّامُ حملها.

● الضَّهْياء (مُنْقَطِعَةُ الحَيْضِ) amenorrheal: المرأةُ التي لا تَحيض، وكأنَّها من ضاهَيْت، فكأنَّ المرأةُ التي لا تَحيضُ تُضاهي الرجل فيه. ومنه الضَّهى menostasia (=amenorrhea) أو menostasis أو amenia. والقَسْوَر والقُبشور: المرأة التي لا تَحيض. وامرأةٌ قاعِدٌ قَعَدت عن الحَيْض وكذلك عن الولَد، ويَئِستْ منه. قال الله عز وجل: {والقَوَاعِدُ من النِّساء اللّلاتي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً}. فأمَّا القاعِدَةُ من القُعُود الذي هو الجُلُوس فبالهاء قالُوا امْرأةٌ قاعِدةٌ كما قالوا جالِسَةٌ، وكذلك قاعِد من الحَبَل وقاعدةٌ من القُعود.

● اِمرأة حائِضٌ menstruant إذا دَخلت فترةَ طمثها وحَرُمت عليها الصَّلاةُ، وقد حاضَت حَيْضاً ومَحِيضاً. وطَمَثَت المرأةُ تَطمِث طَمثاً وطَمِثَت، دخلت في دورتِها الشَّهريَّة. وامْرأة طامِثٌ في معنَى حائِضٍ، وقد طَمَثَتْ تَطِمث بالكَسْر لا غيْرُ، فأمَّا في الجِمَاع فَطَمَثها يَطْمِثُها ويَطْمُثها، وامراةٌ عارِكٌ حائِضٌ. وقَرَأَت المرأَةُ: رأت الدَّمَ، وأقرَأت: حاضت وطَهُرَت أو استقرَّ الماءُ في رحمها. وهناك فرقٌ بين الطَّمْث والحيض، مع أنَّهما يُسْتعملان مكانَ بعضهما بَعضاً في بَعض الأَحْيان؛ فالحيضُ هو فترةُ الدَّورة الشَّهريَّة لدى المرأة، أمَّا الطَّمثُ فهو دمُ الحَيْض.

● امرأةٌ عانِسٌ تُعَجِّز في بُيُوت أَبَويْها لا تَتَزَّوج، وقد عَنَست تَعْنُس عُنُوساً، وقيل لا يُقال عَنَست ولا عَنَّست، ولكن عُنِّست.

● امرأةٌ جُمْع إذا ماتت وولدُها في بطنها.

● امرأةٌ رَحوم إذا اشتكَت رَحِمَها في عقب الولادة.

● امرأةٌ ضَهول إذا قلَّ لبنُها.

● وامْرَأةٌ مِخْيَافٌ: تَلِدُ عاماً غُلاماً وتَلِدُ جارِيَةً أخرى. وخَيَّفَت المَرْأةُ: أتَتْ بأولادِها أخيافاً. وامْرَأَةٌ مُحَوِّلٌ: إذا عَاقَبَتْ في الوِلادِ بَيْنَ جارِيَةٍ وغُلامٍ. ولا تَضَعُ إلاّ تَحَاوِيْلَ: أي تُخْطِئُ حَوْلاً وتُصِيْبُ حَوْلاً، وهي مِعْقَاب

● نسِئَتِ المَرْأةُ فهي نَسِيْءٌ: إذا تَأخَّرَ حَيْضُها عن وَقْتِه ورُجِيَ أنَّها حُبْلى، وُيقال: امْرَأةٌ نُسْءٌ بضَمِّ النُّوْنِ.

● عُقِمَتِ المَرْاَةُ إِذَا انْقَطَعَ حَيْضُها، ونُسِئَت المرأة إِذَا تأخَّر حَيْضُها.

● أَسْبَعتْ المرأةُ: وَلدت لسبعةِ أشهر.

● أَشْهَرت المرأةُ: دخلت في شَهرِ وِلادتِها.

● أَعْسَرَت المرأة: عَسُر عليها وِلادُها. وعُسْرُ الوِلادَة dystocia

● أَرْضَعَت المرأةُ: كان لها ولدٌ رَضيع، ومنه مُرضِع (ظِئر) wet-nurse أو nutrix.

● أغالَت أو أَمْغَلَت المرأةُ وَلَدَها: أَرْضَعَته وهي حامِل. وامرأة مُغْيِل: تُرضع الغيلَ، وهو أن تُرضع ولدَها وهي حامِل؛ واسم اللبن: الغَيْل.

● أَكاسَت المرأة وأَكيَسَت: وَلدت الأكياس.

● طَهَرَت المرأةُ تَطهُر طهارةً وطُهْراً. وامْرَأةٌ طاهِرٌ إذا أردْتَ الطُّهْر من الحَيْض، وقد طَهَرتْ وطَهُرتْ وطَهُرتْ طُهْر أو طَهَارةً، فإن أردْتَ أنها نَقِيَّة من الذُّنُوب والدَّنَس قلتَ طاهِرةٌ ويقولون: امرأةٌ طاهِر من الحيض، لأنَّ الرجل لا يَشْرَكها في الحيض. وطاهرةٌ من العُيُوب لأنَّ الرجل يَشْرَكها في هذه الطَّهارة. وتعلّت المرأةُ من نِفاسها وتعالت، إذا خرجت منه وطَهَرَت وحلَّ للزَّوج أن يَطأَها.

● إذا كَانَتْ المرأةُ تُلْقي وَلَدَها وَهوَ مُضْغة فَهِيَ مُمْصِل.

● وإذا كَانَ يَنْزِلُ لَبَنُها من غير حَبَلٍ فَهِيَ مُحْمِلٌ، ومنه ثَرُّ اللَّبَن lactorrhea (galactorrhea).

0pt;mso�� if��H 8�I 13.0pt;font-family:"Traditional Arabic"; mso-ascii-font-family:Arial;mso-hansi-font-family:Arial'> الشِّعْرَةُ pubic hair (hairs of pubis, crinis pubis) شَعَرُ العَانَةِ.



● الإسْبُ شعر الإسْتِ.

● الغُسَنُ شَعْر النَّاصِيَةِ.

● العُثْنُون barbula الشَّعَرُ عندَ قمَّة الذَّقن.

● المَقَذُّ مُنتَهى مَنْبِت الشَعر من مؤخَّر الرأس.

● القُصَاص مُنْتَهى مَنْبِتِ الشعر في الرَّأس ممَّا يَلي الوَجْه.

● العِذَاران جانِبَا اللَّحْية.

● القَرَنُ اتِّصالُ شَعْر الحاجبين.

● الزَّجَجُ دِقَّةُ الحاجِبيْنِ وامتدادُهما حَتَّى كَأنَهُمَا خُطَّاَ بِقَلَم.

● البَلَجُ أنْ تَكُونَ بَيْنَ شَعْر الحاجِبَيْن فُرْجَة.

● خَدٌ أمْرَدُ، وبَدَن أمْلَطُ، لَيْسَ عَلَيْهِ شَعْر.
صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية
في أشكال الحمى وأصنافها


● إِذَا أخَذَتِ الإنسانَ الحُمَّى fever (febre, febris, fieber, fievre, fire, pyrexy, pyrexia) بِحَرَارَةٍ وإقلاقٍ، فَهيَ مَلِيلَةٌ، ومنها ما قيلَ: فُلاَنٌ يَتَمَلمَلُ على فِرَاشِه.

● فإذا كَانَت مَعَ حَرِّها قِرَّة، فَهِيَ العرَوَاء chill (نافِض، كما في المعجم الطبِّي الموحَّد).

● فإِذا اشتَدَّت حَرَارَتُها، ولَم يكن مَعَهَا بَرد، فَهِيَ صَالِبٌ.

● فإِذا أعرَقَت فَهِيَ الرُّحَضَاء.

● فإذا أَرعَدَت فَهِيَ النَّافِض chill.

● فإِذا كَانَ مَعَهَا بِرسَام (صُدَاع أو ثِقَلِ في الرَّأسِ وحُمرَة في الوَجهِ وَكَرَاهَةِ للضَّوءِ) فَهِيَ المُومُ.

● فإذا لازَمَتهُ الحُمَّى أيَّاماً ولم تُفَارِقهُ قيلَ: أَردَمَت عليه وأغبَطَت.

● إِذَا كَانَتِ الحُمَّى لا تَدُورُ، بَل تكونُ نَوبَةً واحِدةً، فَهِيَ حُمَّى يَوم.

● فإذا كانت نائِبةً كُلَّ يوم فَهِيَ الوِردُ quotidian fever.

● فإذا كانَت تَنُوبُ يوماً ويوماً لا فَهِيَ الغِبُّ tertian fever.

● فإذا كَانَت تَنُوبُ يوماً ويومينِ لا، ثُمَّ تَعُودُ في الرَّابعِ فهي الرِّبعُ quartan fever، وهذهِ الأسمَاءُ مُستَعَارَةٌ مِن أَورَادِ الإِبِلِ.

● فإذا دَامَت وَأَقلَقَت ولم تُقلِع فهي المُطبِقَة continued fever (monoleptic fever).

● فإذا قَوِيت واشتدَّت حَرَارَتُها ولم تُفَارِقِ البَدَنَ فَهِيَ المُحرِقَةُ hyperpyrexial fever (sthenic fever).

● فَإِذا دَامَت مع الصُّدَاعِ أو الثِّقَلِ في الرَّأسِ والحُمرَةِ في الوَجهِ وَكَرَاهَةِ الضَّوءِ فَهِيَ البِرسَامُ.

● فإذا دَامَت ولَم تُقلِع، ولَم تَكُن قَوِيَّةَ الحَرَارَةِ ولا لَهَا أعرَاضٌ ظَاهِرَة، مِثلُ القَلَقِ وعِظَمِ الشَّفَتَينِ ويُبسِ اللِّسَانِ وَسَوَادِهِ وانتَهَى الإنسَانُ منها إلى ضَنىً وذَبُول، فهي دِقٌّ cachexial fever (حُمَّى دَنَفِيَّة، كما في المعجم الطبِّي الموحَّد).
صورة
صورة العضو الرمزية
ناجي عثمان عبد الرازق
مشاركات: 31498
اشترك في: الخميس 2010.3.4 7:12 pm
مكان: السعودية

رد: الطـبّ النـــبوي

مشاركة بواسطة ناجي عثمان عبد الرازق »


فقة اللغة العربية الطبية
في أمراض الأسنان وتشوهاتها وأحوالها


● المَضْغُ mastication (manducation, chewing) هو عَمليَّةُ تَقْطيعِ الطَّعام في الفَم قبلَ ابتِلاعِه، ويَقومُ على المَضْغ بأَطْرافِ الأَسْنان (القَضْم gnawing)، والمَضْغ بأقْصى الأَضراس أو بِها جَميعاً (الخَضْم)‏.‏

● الحَفَر dental excavation، وهو فَسادٌ في أصولِ الأسنان أو تَكهُّفها.

● اليَلَلُ والأَلَل إِقبالُ الأَسنان على باطِن الفَم (اعْوِجَاجُ الأَسْنَان odontoloxy، odontoloxia)‏.‏

● اللَّصَصُ: الْتِزَاقُ الأسْنَانِ بَعْضِها إلى بَعْضٍ أو شِدَّةُ تَقَارُبِها وانْضِمَامِهَا.

● والنَّهْس والنَّهْش‏:‏ وهو أخْذُ اللَّحْم بمقدِّم الأَسنان‏.

● الرَّصَص crowding تَداخُل الأَسْنان، أو الكَوْمَحة‏ُ تَراكُبُ الأسنان imbrication. والثَّعَلُ تَرَاكُبُها وَزِيَادَةُ سِنٍّ فيها.

● الكَوْسجة‏ hypodontia (oligodontia) ‏نَقْصُ الأَسْنان أو قِلَّةُ الأَسْنان.

● الإِثْغارُ odontiasis بُزُوْغُ الأَسْنان.

● الدَّرَدُ والدَّرَم انْعِدامُ الأَسْنان anodontia (anodontism, edentia, agomphiasis, agomphiasis)؛ والأَدْرَدُ أو الأَدرَمُ عَدِيمُ الأَسْنان nefrens (edentate).

● الكَسَسُ microdontia صِغَرُ الأَسْنان.

● الفَقَمُ prognathism تَقَدُّمُ الأسنان السُّفليَّة على العلويَّة؛ والأَسْنَانُ المُتَصالِبَةُ الإِطْباق cross-bite teeth هي نوعٌ من الفَقَم جزئياً أو كلِّياً.

● قَلَحُ الأَسْنان odontolithiasis، lapis dentalis، tophus، concretion، tartar، calculus هو الصُّفْرَة التي تَعلوها. والنَّعْتُ: أقْلَحُ وقَلِحٌ، والمَرْأةُ قَلْحَاءُ وقَلِحَةٌ. وجاءَ في الحديث: [لِمَ تَدخلون عليَّ قُلْحاً] (اصْفِرارُ الأَسْنان xanthodontia).

● الكُلُوحُ: بُدُوُّ الأسْنانِ عندَ العُبُوْس.

● الواضِحَة: الأسْنَانُ تَبْدُو عند الضَّحِكِ.

● عَارِضَةُ الوَجْهِ: ما يَبدو منه عِنْدَ الضَّحِك؛ وتُسَمَّى الضَوَاحِكُ من الأسْنَانِ: العَوَارِض.

● ارتَصَعَتْ أسْنَانُه: تقارَبَتْ والْتَزَقَت.

● نَخَر [الأَسْنان] decay.

● الألْطَعُ: الذي ذَهَبَتْ أسْنانُه وبَقِيَتْ في الدُرْدُرِ أَسْناخُها.

● الرَّوَلُ polydontia (hyperdontia) كَثْرَةُ الأَسْنان؛ والأَرْأَل كَثُوْرُ الأَسْنَان polyodont.

● الحَبَبُ اِرْتِصَافُ الأَسْنان alinement؛ والرَّتَلُ حسْنُ تَنْضِيدِها واتِّساقِها.

● الرَّوَقُ طُولُ الأَسْنان؛ والأَرْوَق أو الأَفْوَه طَويلُ الأَسْنانِ العُلْيا brochus.

● الضَّرَس أَلَمُ الأسنان dentalgia (dentagra).

● الاسْتِنْيَاب cynodontism أن تكونَ الأسنانُ ذات جذورٍ طَويلة وتاج صَغير.

● اصْطِكاكُ الأَسْنان (القَفْقَفَة) odontosynerismus ارتطامُها ببَعْضِها بَعْضاً. والقَفْقَفَةُ مِنَ الحَنكَيْنِ عِنْدَ اضْطِرَابِهِمَا واصْطِكَاكِ الأسْنَان.

● الضَّزَزُ trismus (lockjaw) لُصُوقُ الحَنَكِ الأَعْلى بالحَنَكِ الأَسْفَلِ؛ ويُستعمَل هذا المُصطلَح حالياً للإشارَة إلى انعِقال حركة الفكِّ السُّفلي، كما في الكُزاز.

● الثَّرَم: انكسارُ سنٍّ من الأَسنان، ولا يكون إلاَّ من الأَسنان المتقدِّمة مثل الثَّنايا والرُّباعِيَّات، يقال: ثَرِمَ يثرَم ثَرَماً، والرَّجلُ أَثرَم والأنثى ثَرْماء.

● اللَطْلِطُ: الغَلِيْظُ من الأسنان.

● نَسَعَتْ أسْنانُه: اِسْتَرْخَتْ أصوُلُها.

● الدَّوائِمُ هي الأَسْنانُ الدَّائِمَة dentes permanentes (permanent teeth).

● الرَّواضِع [ف. راضِعَة] هي الأَسْنانُ السَّاقِطَة أو الأَسْنانُ اللَّبَنِيَّة dentes decidui (deciduous teeth) أو الأَسْنانُ الأَوَّلِيَّة primary teeth أو أَسْنانُ الطِّفْل baby teeth.

● الدُرْدُرُ مَوْضِعُ مَنَابِتِ الأسْنَانِ قَبْلَ نَبَاتِها وبَعْدَ سُقُوْطِها.

● الأَظْرَابُ: أسْنَاخُ الأسْنَانِ، الواحِدُ ظَرِبٌ phatnoma (tooth socket).

● لِثَةٌ مُنْشَمِرَةٌ وشامِرَةٌ: لازِقَةٌ بأسْنَاخِ الأسْنَانِ.

● الشُّخَاسُ والمُشاخَسَة في الأسنان، وهو أن يَميلَ بعضُها ويسقط بعضُها الآخر.

● الأَشْرُ تَحزيزٌ في أطْرَافِ الثًّنَايَا يَدلُّ على حَدَاثَةِ السِّنِّ وقُرْبِ المَوْلِدِ. والوُشُرُ: لُغَةٌ في الأُشُرِ. وفي الحَدِيثِ: [لَعَنَ اللّهُ الواشِرَةَ والمُؤْتَشِرَة] وهي الآشِرَةُ تَأْشِرُ أسْنَانَها: أي تُصَيِّرُها ذَوَاتُ أُشُرٍ، وهو تَحْزِيْزٌ في أطْرَافِها. وأُشُرُ الأسْنَانِ وأُشَرُها.

● الكَزَمُ brachydontia قِصَرُ الأسنان.

● فَرَق الأَسنان diastem، diastema؛ والتَّفْلِيجُ تَفرُّجُ ما بَيْنَها؛ والشَّتَتُ تفرُّقُها في غَيْرِ تباعُدٍ، بلْ في اسْتِوَاءٍ وحُسْنِ . وُيقالُ مِنْهُ: ثَغْرٌ شَتِيتٌ إِذَا كَانَ مُفَلَّجاً أَبْيَضَ حَسَناً.

● ضَخامَةُ الأَسْنان megadontism megadontia (macrodontia) megalodontia (macrodontia.

● الشَّغا أن تَختلفَ نَبتةُ الأسنان، فيَطول بعضُها ويَقْصر بعض، يُقال: رَجلٌ أَشْغَى وامرأة شَغْواء.

P�����H ��G �ُبْقِ القَطْعُ منها شَيْئاً؛ والاسم كُشْمة.



● أُذُن كَزْماءُ صغيرةٌ، وهي القَصِيرةُ اللازقَةُ.

● أُذُنٌ مُصَعَّنة لطيفةٌ دَقيقَة.

● أذُنٌ دَفْواءُ وهي التي تُقْبِل على الأُخْرى حتَّى تَكادَ أطرافُها تَماسُّ في انْحِدارٍ قِبَل الجَبْهة ولا تَنْتَصب وهي شديدةٌ في ذلك

● الأُذُن الشَّرْفاءُ والشُّرَافِيَّة والشُّفَارِيَّة هي المُشْرِفة، وقيل إنَّ في الشُّفارِيَّة عِرضَاً وضِخمَاً، وأذنٌ شُفَارِيَّة طويلةٌ عَرِيضة واسِعة الغُضْروف لَيِّنة الفَرْع كأذُن الأرنب؛ وقيل الشُّفارِيُّ الطويلُ الأذُنين الكَثِيرُ شَعَرِ الرِّجْلين، والأشْرَفُ الطَّويلُ الأذنين.

● أُذنٌ بَسْطاءُ عريضَةٌ عَظِيمَة.

● أُذُنٌ رَبَعْداة ورَبَعْدة غَليظةٌ كثيرةُ الشَّعَر، وكذلك غَضَنْفَرة.

● أُذُنٌ نَصْباءُ مُنْتَصِبة.

● أُذُنٌ خَثْماء وهي التي عَرُض رأسُها ولم يُطَرَّف، وهو الخَثَمُ، وقد خَثِمَ فهو أخْثَمُ والأنثى خَثْماءُ.

● إذا كانت إحْدَى الأُذُنين نَصْباءَ والأُخْرى خَذْواء، قيل رجلٌ أخْيَصُ وامرأة خَيْصاءُ، وقد خَيِصَ خَيَصاً.

● أُذُنٌ خَطْلاء، وهي الطَّويلةُ، وإنَّما سُمِّي الأَخْطل الشَّاعر لطُول لسانه، والخُطْل والخَطَل الاستِرْخاءُ، ومنه قيل هو يَتَخَطَّل في مِشْيَته، أي يَسْترخي ويَضْطَرِب.

● أُذُنٌ مَقْذُوذة، وهي المُدَوَّرةُ التي خُلِقت على مثال قُذَّة السَّهم؛ والقُذَّتانِ الأُذُنانِ.

● الأُذُنُ المُؤَلَّلة أو المُرْهَفة وهي المُحَدَّدة الطرَفِ، وكلُّ شيء كان طرَفُه حَدِيداً فهو مُؤَلَّل.

● الأُذُنُ الزَّبَّاءُ الكثيرَةُ الشَّعر من الزَّبَبِ hypertrichosis pinnae auris، والوَطْفاءُ (والاِسْم الوَطَف) وهو أهْونُ من الزَّبَب.

● أُذُنٌ مُهَوْبَرة عليها شعر أو وبَر، وبه سُمِّي الرجلُ هَوْبَراً.

● أذُنٌ هَدْبَاءُ طَوِيلة الشعْر، الرزاحي، وقد عَمَّمت به فيما تقدَّم، وقال صاحب العين، الرِّيشُ، شَعْر الأُذنِ خاصَّة رجل راشٌ ورائِشٌ كثِيُر شعرِ الأُذُن، ثابت، وفي الأُذُن الصَّمَمُ، أبو عبيد، صَمَّ الرجُلُ وأصَمَّ وأنشد:

● أُذُن شَرْماءُ ومُشَرَّمَة، قُطِع من طَرَفها شَيْء؛ وشَرْقَاءُ، مَشْقُوقة؛ وأُذُن حَذْفاءُ، كأنَّها حُذِفَت من طَرَفها، أي قُطِعت.
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”منتدى الطب و الصحة“