حينما تحَدَث الدُكتور آنتوني روبينز أخصائي التربية النفسية و تَطوير الذات في كِتابهِ قُدرات غير محدودة عَن الفَرق بينَ الأحلام و التمَنيات , و كَيفَ أنّ الناجِحون يَنفِضون غُبار الأحلام و يَنهَضون في كُلِ هِمة و إجتمهاد لِتَحقيق تَطَلُعاتِهِم و تنمياتَهُم و كَيفَ أنّ المُخفِقين لا يَبرَحون الأسِرة و الغيُ و العَمَه في الأحلام .. فكــــــان الفَرق أن تَكوني فتــاةُ أحلامي و حَتماً ســأنهَضُ بــاكِراً حتى أُلاقيـــك ... ستولَدين في مُخَيلَتي قَبل أن تطـــأ قداماكِ الكَريمَتين على وَجه الثرى و اليوم يولَدُ ألف حُب وريف ...
كــانتِ السماءُ صافيةً كــ صفاءِ نفسِها و بعَد تفكيرٍ عَميق قررَ أن يَخطو خطواتٍ جــادة حتى يَفوزُ بِحُبِهــا , و ما كانَ مِنهُ إلا أن يتساءَل كيفَ لي أن أجِدَ الطَريق , و عَلّ الطَريق يبدأ بالإستِشارة و بدأ التساؤل مع إبن خــالَتِهِ المُهَندِس المُلتَزِم الوَقور , يا باشا بِصراحة كِدا انا بَفَكِر في الزواج و حَبيت أستشيرك في أن تُرَشِح لي إحدى الحَسناوات , فَكَر المُهندِس و قُدِرَ أن يَنطِق بالفَرَح أن رَشحتُ إليكَ إحدى إبنتي خالَتِك فُلانة , و هذا ما كانَ يَنتَظِرَهُ فقَط التَشجيع لأن الأقدار كما جِئ بهِ في كِتاب The Secret هي عِبارة عن تفاعُل كوني مع الأفكار الإنسانية بمقادير و تدابير رَبانية , و كعادتهِ طأطأ رأسهُ خَجلاً لأنّ جُلّ ما يُلإَكِر فيهِ في شَريكــة زواجية كانت تتمثل في هيكل إنسانة ساندتهُ الأيام في ان تَكون أولى المُرشحات , و كانَ قد فَكَرَ فيها كَثيراً في حُسنِها و أدَبِها و أخلاقياتِها , حَسَبِها و نَسَبِها و تميُزِها الأكاديمي و الإجتماعي و سِر بزوغ نَجِمها بينَ بنات الأهل كان أنها فقَط إبنة بِكر لِوالِدين عَرِفــا معاني التَربية الأخلاقية و القيم الإنسانية النَبيلة فصبغاها على هيئة بَشر تمثلت في إبنتيهُما , و بعدَ أن أخذ نفساً عميقاً سأل إبنُ خالتِهِ المُهَندِس و باللهِ عَليك كيفَ إستطعت أن تقرأ أفكاري فــ هذهِ الفتاة لَم تَبرَح خَيالي مُنذُ ان رأيتُها و هي ذات 7 سَنوات و أنا لا أثِق في تخاريف كِبار السِن حينما تغنوا يَومَ وِلداتِها بأنها شَريكتي بالزواج , و ما كانَ مِن لإبنُ خالَتِهِ إلا ان رَدَ بــ زولة ما فيها كلام .. إذاً صِف لي مِن أينَ أبدأ .. ما عَليكَ سِوى الإتِصال بــ خالَتِك و إبداء رغبتِك الجِدية في أن تُكَرِم صِلة الدم بينَكُما ب زوآج إبنتها البِكر .. و هو كذلِك دَعني أستَخيرُ الله و أرى كيفَ ستَسيرُ الأُمور ... و في هذهِ المِساحة أُهديهــا هذهِ الكَلِمات لــ مُحي الدين الفاتِح ...
و مَضت ساعات تِلك الأُمسية ثَقيلةً على قَلبِهِ و باتَ مضجعه متأرِقاً ما بَين التَفكير في ميكانيزم الوصول إليها و صعوبة الطريق و وعورََتِهِ و التَفكير في أبجدية الخطوة و أولَويتَها لِحياتهِ و هو إبنٌ لـــ ثلاث و عُشرون سنةً مِن الأوجـــاع , إذ أنّ أخاهُ البِكر لَم يَكن حتى يُفَكِر في تَجرِبة الزواج و كنا جُل تَفكيرَهُما في الكيفية التي سيَعينون بِها أُسرَتهُما في بِناء مُستقبل مُشرِق لشقيقِهِم و شقيقاتِهِم و العَمَل معاً لإرضاء والديهِما ... على كُلٍ أمضى تِلك الليلة في أزمة ضميرية متوجِساً مِن الشعور بالأنانية في أن يتخطى شقيقِهِ بهكذا خطوة و لكِن عقلانيتهُ في التَفكير قادتهُ إلى أن التَجبرِبة بِكُل محتوياتِها ستكون بُشارة خَير و فــال فَرَح على الجَميع ... و بعدَ أن أخذ قسطاً مِن التوجُس الفِكري بعد عناء الليلة و كعادتهِ المُنضَبِطة في كُل شئ نَظَر إلى ساعتهِ التي أعلنت وَقت النهوض إلى العَمَل و كما العادة قد إبتدر يَومهُ بالإستِحمام و اداء الواجِبات الدينية , و لكِن كَيفَ لهُ ان يَظهَر بِهكذا مَظهر هزيل مِن أثر السَهَر و عَناؤ التَفكير أمام جَدهُ الذي يُشارِكُه إرتِشاف كوب الحليب عند السابِعة صباحاً .. تحلى بمزيدٍ من الشجاعة و إرتسمت على وَجهِهِ إبتسامَتهِ الجذابة المعهودة و توجه إلى مكان تجمُع الأُسرة لمُشارَكتِهِم كوب الحليب و مِن ثم الخروج إلى العَمَل .. و لكِن قوة مُلاحَظة جَدهِ كانت أقوى مِن توقاعتِهِ و بادرهُ بالحَديث مــا بِكَ اليَوم تتصنَع الإبتِسام و يبدو عليك شئ مِن التوَتر .. و جاء الرَد مُتعجِلاً ( شوية إرهاق يا جَدي ) , و مَضى مُسرِعاً في حالهِ شاقاً طَريقهُ إلى العَمل يُصاحِبهُ شئٌ مِن الوتينة التي أحبها بدأت بإنتظار التَرحيل بالمكان و الزمان المُحددين مِن جانِبِهِ و التِمِلِق و عدم الإنضِباط مِن السائِق .. و يبدو أنّ الوقت تآمَر عليهِ في أن وَهَبهُ هُنيهــات إضافية للتَفكير قَبل وصول التَرحيل و قد كان .. و مضَت اللحظات سريعة إلى أن وَصَل مقَر عملِه الذي يُحِبهُ .. و لكِنهُ بدا يَوماً طَويلاً و هو مَن قرر في أن يَتَصِل بِخالَتِهِ مساء نَفس اليوم لإبداء الرغبة في مُشارَكة إبنتها الحياة الزواجية .. و كانَ يَحسِب في اللحظات ليُنهي مُعاناتِهِ و يتَوِجها بِخطوة إيجابية في الطَريق الصَحيح ...
و هـــــــا قد جـــــــاءَ المَســــــاء .. و أطبق مُمسِكاً بهاتِفهِ الجوال لِطَلَب رَقَم خالَتِه .. و بَعد سمــاع أجراس رَنين مُتعدِدة جــاءهُ الرَد و دار بينهُما الحِوار التلالي :-
هو: السلام عليكُم خالتو عواطف , كيف حالك و أخبارِك
هي : أهلاً خلودي, بخيــــــــر الحمد لله في أحسن الأحوال, كيف حالك و أخبارك مع الخُرطوم و الشُغُل يا رب تكون مَبسوط
هو: الحمدُ لله كُل الأمور بِخَير , و حقيقةً اليوم مُتَصِل عَليك لي موضوع بيهمَني رأيك فيهو لكِن الآن أنا مُتوتِر شويتين و ما بقدر أتكلم عَنُه فياريتك تحددي لي وَقت مُناسِب أقدر أتصِل فيهِ تــاني ..
هي : ما عِندك مُشكلة يا خلودي إتصل في أيي وقت يريحك
هو : خلاص إتفقنا , و حا أتَصِل عَليك بعد ساعتين , السلام عليكم
هي : و عليكم السلام , حا أكون منتظراك ...
بعدَ أن أغلق المُحادثة في رِفق بدأت الدُنيا تَضيق امام نــاظِرَيه و بدت الأرض تدور بِشَكل عَكسي لِحركة دورنَها الطَبيعية ... و يبدوا أنها بداية التآمر الكَيدي بَينَ الحياة و الزَمن ضِد المشاعِر و التطَلُعــات , حينما تَعجِز الألسِنة عَن البَوح بِما يَجيش بالخــاطِر و إستطرد مُستذكِراً مَقولة الكاتِب غابرييل غارسيا ماركيز التي تحدَث فيها قائِلاً ( فَكِر بِكُل ما تَقول , و لا تَقُل كُلِ ما تُفَكِر فيه ) و يا لهُ مِن مــأزِق حَقيقي زَجّ بهِ نَفسهُ وسَط أمواجٍ عــاتية تتلَطَخُهُ يُمنَةً و تارَةً يُسرى و لكِن جمالُ الغـــايات بِكُلِ تــأكيد يَعمَل على تيسير مرارة الوسائِل و البِدايات التي تَكون عَقيمة , مؤلِمة و قاسية أيضاً ...
و بعدَ أن أمضى بِضع تِلك اللحظات جيئةً و ذهاباً و أحياناً غرِق في التَفكير قادتُهُ أفكارُه إلى الإرتِكان إلى الله و سوفَ لَن يَضيع أو يَخيب رجاؤهُ في صورةٍ أكيدة .. و بِالفِعل إرتَكَنَ إلى صلاة رَكعَتين و دُعــــــــاء طَويل سائِلاً الله أن يُسهِل أمرُهُ و يدَبِره أيضاً .. و بَعدَ أن إنقضى مِن الصلاةِ و الدُعاء قرر أن يستَرخي قليلاً حتى يستَجمِع بعضاً مِن قواه المُتشَتِتة حتى يستطيع التَعبير عما يُريدهُ بصورة تتخطى حواجِز النِسبية و المُطلق في الحقــائِق و كانَ لهُ أن إرتمى على فِراشِهِ موَلياً وجههُ صوب الحائِط يشكوا إليه مُعاناتُه علهُ يَقِف بِجانِبهِ و يَمنَحُهُ بعضاً مِن الثبات الذي يمتَلِكُهُ و هو واقِفٌ لم يمَل و لَم يَشكوا لِطولِ سِنين ..
إنها الثواني تَركُض بِسُرعة تُسابِقها فيها الدقائِق و الساعات و أصبحَ يُراقِب ساعتهُ السويسرية مُتشَوِقاً لِلحظة الصِفر ... و الصِفر يبدو رقماً عادياً لا قيمَةَ لهُ للأشخاص العاديين و لكِن لِمَن خَبِرَ ضروب الهندسة الميكانيكية يعلمُ جَيداً بــأهمية و قيمة هذا الصِفر في بِداية مُشوارهُ و أنّ ما يُمَثِلهُ ذاك الصِفر سيكون بِمثابة البداية الحَقيقية نَحو بِناء أُسرة سَعيدة كانَ يُمَني بِها نَفسُه تُمثِل أقصى تطلُعاتِهِ و تمنياتِهِ .. و هـــا قَد حانت ساعةُ ما قَبل الصِفر و إزداد القلب في الخَفقان مُعلِناً ضَخ كمية إضافية من التشويق و اللهفة لعالَمِهِ القَريب و أمسَك بِهاتِفهِ طالِباً رَقَم خالَتِهِ مُجدداً و دارَ بينهُما الحِوار التالي :-
هوَ : السلامُ عَليكُم خالتو
هي : و عليكُم السلام خلودي
هوَ : بِضراحة كِدا أنا مُتوَتِر شويتين لأن الموضوع اللي عايزِك فيه حساس شديد و أول شئ خليني أبدأ بي طَلَب بسيط
هي : إتفضل ما عِندَك مُشكِلة
هو : أول شئ خلينا نِتَفِق على إن الموضوع دا يكون بينا و ما يتعدانا لحدود أيي شَخص
هي : جِدا مافي مانِع
هو : طيب كتر خيرك ...
هو : الموضوع اللي عايزك فيه يا خالتو إني بفَكِر في الزواج منِ بِنتِك ( x ) و حا أكون سعيد إذا خدمتني الأيام في إني أتزوجا
هي : خلودي , بالجد أنا سعيدة بالكلام دا و تأكد إني حا أكون أول الناس واقفين معاك في الموضوع دا , إنت شاب كتير اللي بيتمناك لكِن إنتَ عارِف إن البنت لسة صَغيرة و المُستقبل الدِراسي في إنتِظارها و إنت كمان لِسة المشوار قِدامك طويل
هو : أكيد يا خالتو و أنا ما مُستعجِل للزواج بس عايز أحسِم موضوع الإختيار دا لأن فيه تخبُط كَتير بالنِسبة لي علشان أقدر أستفيد من الوقت اللي بيشغلني فيه التَفكير في الموضوع دا في نواحي أخرى في حياتي
هي : ما عِندَك مُشكِلة و أبشِر بالخَير إن شاء الله الفيها الخَير ربنا يسَويها
هو : بإذن الله , و يا ريتك تسأليها عن رأيها في الموضوع دا و أنا بَتَصِل عَليك بعد إسبوع إن شاء الله
هي : ما عِندَك مُشكِلة خلي الموضوع دا علي و كُلُه لي خَير
هو : طيب حاضِر , يلا أستأذَنِك
مع السلام .. مع السلامة ... السلامُ عَليكُم , و عليكُم السلام