في ذكر فضيلة الجمال
وميل النفوس إليه على كل حال*
وميل النفوس إليه على كل حال*
اعلم أن الجمالَ ينقسم قسمين : ظاهرُ وباطنُ ، فالجمالُ الباطن هو المحبوب لذاته ، وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة ، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته ، كما في الحديث الصحيح : (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [أحمد 2/285] ، مسلم [2564/34] ، أبن ماجه [4143] .
وهذا الجمال الباطن يُزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمالٍ فتكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما أكتسب روُحه من تلك الصفات ، فإن المؤمن يُغطى مهابةً وحلاوةً بحسب إيمانه ، فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبَّه . وهذا أمر مشهود بالعيان ، فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورةً وإن كان أسودَ أو غير جميل ، ولاسيما إذا رُزق حظاً من صلاة الليل فإنها تُنوّر الوجه وتحسْنُه.
وقد كان بعضُ النساء تكثرُ من صلاةَ اللَّيل ، فقيل لها في ذلك ، فقالت : إنها تحسّن الوجه وأنا أحبّ أن يحسنَ وجهي . ومما يدُل على أن الجمال الباطنَ أحسنُ من الظاهر : إن القلوبَ لا تنفكّ عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه.
ودمتم في خير ونعمة وجمال...[/
color]* روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن قيم الجوزية ص174 ، دار ابن حزم