الوحدويون والانفصاليون.. الحوار باللكمات!!

كل ما يتعلق باخبار السودان اليومية من داخل وخارج الوطن

المشرف: بانه

أضف رد جديد
سكون الليل
مشاركات: 1121
اشترك في: الثلاثاء 2008.9.23 4:29 pm
مكان: sudan

الوحدويون والانفصاليون.. الحوار باللكمات!!

مشاركة بواسطة سكون الليل »

شئ شبيه بالخوف بدأ ينسرب إلى دواخل البعض منذ يوم السبت قبل الماضي خشية أن يتحول السجال بين الإنفصاليين والوحدويين من الكلمات، إلى اللكمات.
فقد بات واضحاً حتى لغير المراقبين، إن حالة الإحتقان السياسي ظلت آخذة في منحى تصاعدي مع إقتراب موعد الإستفتاء، لدرجة يصعب التكهن بمآلاتها. وهو ما يرجح أن يسلك كلا الفريقين، إنفصاليين كانوا أو وحدويين، منعطفات غير سلمية للتعبير عن رؤيتهم على غرار ما حدث في ذات السبت من مناوشات وضجيج بينهم بحدائق الشهداء قبالة القصر الجمهوري.
لامس ذلك الضجيج، آذان وفد مجلس الأمن الزائر وقتها. كما لامس بالضرورة آذان الشرطة التي تدخلت على وجه السرعة لضبط الإيقاع الأمني في قلب الخرطوم، وكأنها كانت تتحسب مسبقاً لما حسمته من مناوشات بين الجانبين.
القصة معلومة، لكن لا بأس من الإشارة إليها على نحو مقتضب.. فأثناء زيارة وفد مجلس الأمن المرحب بها جداً في الجنوب، خرج المئات بإيعاز من جهة ما فيما يبدو إلى شوارع جوبا وهم يهتفون (بإستقلال) دولة الجنوب، ويطالبون بمحاكمة قيادة البلاد وبأشياء أخرى أغضبت نحو ثلاثة آلاف من الجنوبيين الوحدويين في الخرطوم ممن أحسوا فجأة بسرقة لسانهم، فسيروا بدورهم مسيرة أكبر نهار السبت عبروا فيها عن تضامنهم مع رئيس الجمهورية، ودعمهم لوحدة البلاد بعد أن إتهموا الحركة بممارسة عمل سياسي منظم ضد رئيس الجمهورية وهو الأمر الذي لم يرق لجنوبيين إنفصاليين تصدوا لمسيرة الوحدويين وحاولوا عرقلتها الأمر الذي أفضى في النهاية إلى إعتقال (10) من الجنوبيين من جملة (25) فتحت في مواجهتهم بلاغات تتعلق بالإخلال بالأمن والسلامة العامة والشغب ومخالفة قانون الإستفتاء.
ما حدث في حدائق الشهداء بالخرطوم، إذا قرأناه مع الأنباء التي ترشح في صحف الخرطوم هذه الأيام عن تحركات الجيش الشعبي بمحاذاة الحدود مع الشمال، فإنه يوفر حيثيات موضوعية لتوجس البعض، ويطرح في الآن ذاته تساؤلات من قبِيل هذا الذي طرحته على العميد (م) ساتي محمد سوركتي عما إذا كان يتوقع تطور السجال بين الإنفصاليين والوحدويين من الكلمات إلى اللكمات مع تقاصر السقف الزمني للإستفتاء، وتطاول سقوف التوتر السياسي المنبعث بسبب هذه القضية؟، قال إنه لا يخشى ذلك وإنما يخشى أن تتطور اللكمات نفسها، إلى ذخائر و(جبخانات).
وهذا التطور المحتمل، في حال حدوثه فإن أصابع الإتهام بإزكاء ناره ستتجاوز بالضرورة الإنفصاليين، إلى الحركة التي تدعمهم. والوحدويين، إلى المؤتمر الذي يقف وراءهم . فلكل حساباته السياسية التي ربما إستدعت خلط الأوراق وإعادة تقسيمها من جديد.
وهو ما يجعل التساؤل الذي يلح في طرح نفسه هنا: ما هي مصلحة الحركة في هكذا حراك وهي قاب قوسين أو أدنى من الإستفتاء الذي بات لا يعني في الجنوب غير الإنفصال، خاصة وأنها تديره بعناصرها المدسوسة حسبما يقول البعض!؟.
الإجابة عند العميد سوركتي هي أن بعض قيادات الحركة مربوطون بإرادات أجنبية ولا تعمل بالضرورة لمصلحة جنوبية أو وطنية، فهي - برأيه- وكما قادت في السابق حرباً بالوكالة، فإنها ستمضي في إتجاه خلق فوضى لهدم كيان الدولة في الشمال بكل قيمه وإعادة تشكيله حتى يأتون ببدائلهم. ويرى أن لا خوف من عنف ينجم من القواعد سواء أكان ذلك مسيرات أو مظاهرات، وإنما الخوف من عنف تحركه الحركة وفق ترتيب سياسي وعسكري يرتبط بالخارج ويجعل الأمور تمضي في إتجاه الفوضى.
في المقابل، يرى البعض إن فكرة الفوضى المتوقع ميلادها بسبب إحتكاكات الوحدويين والإنفصاليين ما هي في الواقع سوى فكرة تعشعش في أذهان بعض الصحافيين لكنها تبدو بعيدة جداً عن الواقع الذي أثبتت تجربة الإنتخابات في أبريل الماضي، أن له حصانة عالية ضد الإختراقات الأمنية. هذا، في وقت ذهبت فيه الكثير من التكهنات حينها، إلى توقع تكرار تجربتي الإنتخابات الكينية والزيمبابوية.
وفيما طمأن الرئيس البشير في الأيام الفائتة المواطنين بجهوزية الأجهزة المختصة لتأمين عملية إستفتاء الجنوب، قال الفريق أحمد إمام التهامي الناطق الرسمي باسم الشرطة: إن كل قوات الشرطة بمختلف تكويناتها وكامل عتادها جاهزة تماماً لتأمين عملية الإستفتاء.
ولم يستبعد التهامي في حديثه لـ (الرأي العام) وجود نشاط وصفه بالقذر لأجهزة مخابرات خارجية لخلق سيناريوهات لما يسمى بالفوضى الخلاقة، ولكنه عاد ليقول ليست لدينا أية معلومات تؤيد التوجس بوجود عنف ولكننا نتوقع أي شئ.
وبعث التهامي بتطمينات قوية للمواطنين بأن إستعدادات الشرطة في ولاية الخرطوم وبقية الولايات بلغت ذروتها ولن تتوانى في بسط الأمن والقانون، ووصف الإحتكاكات بين الإنفصاليين والوحدويين التي شهدتها الخرطوم مطلع الأسبوع الماضي، بأنها حوادث فردية يتم فيها توقيف المتهمين وتقديمهم لمحاكمات فورية.
ومع صمت الوحدويين غير البليغ بمدن الجنوب، ينشط الإنفصاليون في التبشير بالإنفصال، متخذين من شوارع مدينة جوبا مسرحاً يستعرضون فيه عضلاتهم الإنفصالية عبر مسيرات وتظاهرات تردد فيها هتافات إنفصالية بعضها يحتاج إلى إجراء عملية فلترة دقيقة حتى يصلح للنشر.
ومهما يكن من أمر، فمنذ قيام الإنتخابات في الجنوب أبريل الماضي، وما صاحب ذلك من إعتقالات لبعض الكوادر السياسية الناشطة في غير الحركة الشعبية، بات البعض يؤثر السلامة ولا يغامر بحريته، أو يجاهر برأيه السياسي إذا كان مخالفاً للحركة الشعبية.
وعلى خلفية ذلك، كان مفهوماً أن يتبع كل تقدم للإنفصاليين بالجنوب المستفيدين من الغطاء السياسي الذي توفره لهم الحركة، تأخر للوحدويين فيه. إما إن تقدما سوياً على النحو الذي دعا له سلفاكير في فاتحة الحوار الجنوبي الجنوبي وتعهد بحمايته موخراً، فإن ذلك سيفضي إلى إحتكاكات لا محالة.

تقرير.. فتح الرحمن شبارقة.
أضف رد جديد

العودة إلى ”اخبار السودان“