مشروع السودان الجديد .. مخطط التآمر الغربي والصهيوني

كل ما يتعلق باخبار السودان اليومية من داخل وخارج الوطن

المشرف: بانه

أضف رد جديد
سكون الليل
مشاركات: 1121
اشترك في: الثلاثاء 2008.9.23 4:29 pm
مكان: sudan

مشروع السودان الجديد .. مخطط التآمر الغربي والصهيوني

مشاركة بواسطة سكون الليل »

محمد عثمان عبدالحفيظ


الأخ .. الطيب مصطفى .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لك التحية والتقدير وأنت تتصدى لأخطر مشروع وهو مشروع السودان الجديد الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من مخطط التآمر الغربي والصهيوني على المنطقة بأكملها بغرض الهيمنة والسيطرة وتحقيق مصالح سياسية واقتصادية وأمنية وهي مصالح في مجملها تتقاطع مع مصالح شعوب المنطقة..

ولذلك فالمشروع الذي يستهدف وجودنا وهُويتنا وعقيدتنا وتشترك فيه عدة دول خارجية وتنفذه الحركة الشعبية بالوكالة ليس هو قاصراً على السودان الشمالي فحسب وانما يستهدف أيضاً مصر.. مصر التي لا تقرأ التاريخ جيداً ولا تدرك مآلات الأمور في المستقبل القريب.. فهي ما زالت تقيم تحليلاتها على فرضية وهي أن الحركة الشعبية حركة سياسية انفصالية وبالتالي وجود دولة في الجنوب قد يؤثر على حصتها في مياه النيل ومن هنا كان دعمها للوحدة دون أن تدرك أن مشروع السودان الجديد مشروع صهيوني توسعي عسكري «سياسي اجتماعي» يراد له التغيير في ديمجرافية المنطقة السكانية في الشمال وانتشار الجنوب فيها وتعتبر الحركة الشعبية هي الذراع والتي لابد أن تتمدد شمالاً لتطويق مصر وإحكام القبضة عليها ومن ثم شلها تماماً.. ومن هنا يعتبر الانفصال السياج الآمن لعروبة الشمال وعقيدته بل وحدة له وهي وحدة لا تعني سوى ضمانة إستراتيجية لأمن مصر القومي ككل وهو بذلك يتعدى النظرة الضيقة في «صحة المياه» لما هو أشمل وأعمق.. فمصر إذن تقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه ليبيا القذافي من قبل في فهم ماهية الحركة الشعبية وأهدافها.. ولنرَ ماذا يقول بشأنها في بداية تخلقها.. يقول القذافي في خطاب تاريخي بمناسبة طرد القواعد الأمريكية والخطاب موجود في السجل القومي أوائل الثمانينيات يقول.. إننا عندما نريد أن نؤدب الذيل نميري على تنفيذ جريمته بتدريب الإرهابيين وإرسالهم إلى ليبيا نؤدبه بتأييدنا للثورة التي تزحف من الجنوب إلى الخرطوم..

وكلام القذافي كان دعوة مبطنة لقرنق بدعمه في قتاله لنميري عدوهما المشترك وقرنق يتلقف الدعوة التي هبطت عليه فجأة وهو في أمس الحاجة لها ويزور ليبيا ويجد القذافي عند وعده الذي قطعه ويقيمان الاثنان حلفًا.. يقول القذافي: نحن عند الوعد الذي قلناه وقطعناه على أنفسنا، أن نتحالف مع الثورة في الجنوب السوداني رغم أنف أمريكا.. ثم يكشف بعد ذلك علاقته بقرنق حينما يقول لمجلة الموقف العربي العدد 251.. ص 89: يقول جاءني «جارنج» ويقصد قرنق وقال لي إن السودان يجري تحويله الآن الى قاعدة أمريكية وكان هذا صحيحاً وأن الشعب السوداني تُقطع أطراف أفراده وينكَّل به باسم الإسلام والإسلام بريء من هذه الترهات وأن مسؤوليته هي تحرير الشعب السوداني، والحقيقة أنني وجدت هذا الرجل ثورياً وهو من الجماهيريين المؤمنين بالنظرية العالمية الثالثة والنظام الجماهيري الكتاب الأخضر، وهذه حقيقة، لقد حضر معي عدة لقاءات آيدلوجية ودربنا رجاله في إثيوبيا وسلحناهم في إثيوبيا بكل أنواع الأسلحة ودخل جارنج القتال بدعمنا القوي وبإثيويبا كقاعدة انطلاق.. ولولا ليبيا ما استطاع جارنج أن يعمل شيئاً في السودان.. وجارنج لا يمكن أن يكون رجعياً ولا يمكن أن يكون عميلاً للإمبريالية.. بل هو ثوري.. انتهى كلام القذافي.. والكتاب الأخضر الذي آمن به قرنق بل واعتبره إنجيل العصر الحديث يقول إن السود سيسودون العالم.. إن آخر عصر من عصور الرق كان استرقاق الجنس الأبيض للجنس الأسود.. وهذا العصر سيظل ماثلاً في ذهن الإنسان الأسود حتى يشعر بأنه قدر رد اعتباره.. إن الحدث التاريخي المأساوي والشعور المؤلم به والبحث النفسي عن حالة الشعور بالرضا لرد الاعتبار لجنس بحاله هو سبب نفسي لا يمكن تجاهله في حركة الجنس الأسود ليثأر لنفسه ويسود.. ويواصل القذافي في كتابه الأخضر ليقول إن الجنس الأصفر قد ساد العالم عندما زحف من آسيا على بقية القارات ثم جاء دور الجنس الأبيض عندما قام بحركة استعمار واسعة شملت كل قارات العالم، والآن جاء دور الجنس الأسود ليسود.. ويتحدث القذافي بعد ذلك عن الوضع الاجتماعي المتخلف للسود وهو وضع يعمل لصالح تفوقهم عددياً ويشير إلى أن عاداتهم الاجتماعية المتخلفة لا تجعل حدوداً للزواج وبالتالي تساعدهم على تكاثرهم في الوقت الذي يتناقص فيه عدد الأجناس الأخرى بسبب تحديد النسل والانشغال بالعمل الدائم .. خلافاً للسود الذين يمارسون الخمول في جو صار دائمًا.. ويؤكد القذافي أن العامل الاجتماعي هو الذي يحرك التاريخ.. والغريب في الأمر أن النميري يسقط بعد أيام قليلة من خطاب ألقاه القذافي وأكد فيه أن نظام الخرطوم يلفظ أنفاسه الأخيرة ولا ينسى أن يقول إن الثورة الزاحفة من الجنوب لن يوقفها أحد وستصل الخرطوم رغم أنف أمريكا.. ولكن القذافي وبعد سقوط نميري يكتشف خدعة قرنق له ويدرك أن له أهدافًا أخرى لا علاقة لها بسلطة نميري وتقطيع الأيادي وإلا فلماذا يواصل قرنق الحرب؟ وحينما يصل إلى أن الحركة الشعبية تريد أن تسود وتثأر وترد اعتبارها من الشمال يقول قولته المشهورة «الجنوب زنجي وليس عربياً والجنوب مسيحي وليس مسلماً والجنوبيون يتحدثون بالإنجليزية وليس العربية.. ولقد زرت جنوب السودان ولاحظت أنني في محيط غير عربي.. وفي واو عاصمة مديرية بحر الغزال شعرت أنني في مجاهل إفريقيا وأن هذه المناطق الزنجية لا علاقة لها على الإطلاق بالوطن العربي.. انتهى القذافي..

والقذافي بكلامه السابق يندهش من وجود شعبين في بلد واحد لا رابط بينهما ويختار الانفصال الذي يرى فيه «سداً» للانتشار الذي يحلم به قرنق شمالاً..

وبعد مجيء الإنقاذ التي قامت ومن فترة قصيرة باسنتهاض جهادي شعبي أدى إلى أن يتراجع مشروع السودان الجديد وهنا لجأ قرنق إلى أن يتحالف مع نفس القوى التي كان يحاربها في السابق «الصادق.. الميرغني» وهي تحالفات هشة لم يستفد منها قرنق كثيراً فلجأ أخيراً إلى السياسة، وكانت نيفاشا التي لم تكن سوى معركة سياسية أنهت وجود الشمال في الجنوب وقفزت بمشروع إقصاء الشمال وسلطته في الشمال.. ولكن فطنة الإنقاذ والتكتيك السياسي العالي الذي مارسته ضد هذا المشروع هو الذي أدى إلى أن يفشل وربما أودى بحياة قرنق نفسه.. ويجب أن تفهم مصر أن السياسات التي اتبعتها الحركة الشعبية مؤخراً لا تعبِّر عن كونها حركة انفصالية وإنما هي دليل على هزيمة مشروعها التوسعي وهي في نفس الوقت إعادة ترتيب وتنظيم لتحقق سيادتها شمالاً لأنه انفصال في غير حدود.. وعلى ذلك كان على مصر أن تدعم بقوة انفصالنا.. وأن تدخل في «وحدة» مع الشمال ضماناً لأمنها القومي بدلاً من أن تدخل في مشروعات تنموية في الجنوب مشاركة بريطانيا وأمريكا وإسرائيل في تعميره واستنهاضه وهي بذلك تخنق نفسها بنفسها مستقبلاً..
أضف رد جديد

العودة إلى ”اخبار السودان“